في "عيد العرش".. تحضيرات لاقتحامات مكثفة وإدخال قرابين نباتية للأقصى
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
القدس المحتلة - خاص صفا
"صلوات واقتحامات واسعة، زيادة أعداد المقتحمين، وإدخال القرابين النباتية".. هكذا تستعد "جماعات الهيكل" المزعوم لتكثيف عدوانها على المسجد الأقصى المبارك طوال ما يسمى "عيد العُرش" اليهودي، الذي بدأ يوم السبت بأداء طقوس وصلوات تلمودية ورقصات استفزازية قرب الأقصى وفي البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
و"العُرش" أحد أعياد "الحج الثلاثة لدى اليهود"، التي تتركز طقوسها في "المعبد" المزعوم، وتُقام فيه "العُرش" قرب البيوت أو على السطوح لمحاكاة حال اليهود.
وهذا العام، تُخطط "منظمة جبل الهيكل في أيدينا" لكسر كل الأرقام السابقة لأعداد المقتحمين للأقصى خلال العيد التوراتي، مؤكدة أنها ستوفر مواصلات مجانية من مختلف المناطق لتحقيق ذلك، كما ستوفر الضيافة للمقتحمين والتدريب المجاني على أداء الطقوس.
ولم يتوقف العدوان على الأقصى عند ذلك، بل دعت "جماعات الهيكل" إلى صلاة صباحية مضافة في الأقصى للدعاء "لتطهير الهيكل"، أي لإزالة الأقصى من الوجود، تسبقها صلوات ترافقها الموسيقى في منطقة القصور الأموية يوم الاثنين المقبل.
وستبدأ تلك الطقوس في نقطة التجمع التي تعرف بـ"مركز ديفيدسون" في القصور الأموية، ثم تنتقل إلى داخل الأقصى في تمام التاسعة والربع من صباح الاثنين الذي يوافق ثاني أيام اقتحامات العيد، وذلك بقيادة "حاخام مدرسة جبل الهيكل الدينية إليشا وولفسون".
وتتخذ الجماعات المتطرفة من "عيد العرش" مناسبة سنوية لرفع أعداد المقتحمين السنوي، باعتباره أحد "أعياد الحج" الثلاثة وفق النصوص الدينية، ويشكل ذروة موسم الأعياد الطويل؛ ما يجعل تعويل تلك الجماعات عليه مضاعفًا للتقدم في أجندتها لتهويد المسجد الأقصى.
واستعدادًا للاقتحامات التي تبدأ غدًا الأحد، من المتوقع أن تفرض شرطة الاحتلال إجراءات مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين للأقصى، عبر تحديد أعمار الوافدين إليه، وفرض حصار على مدينة القدس وبلدتها القديمة تحديدًا.
وقائع جديدة
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن حكومة الاحتلال و"جماعات الهيكل" يُوظفون "عيد العُرش" لمزيد من الاقتحامات للأقصى وتغيير الوضع القائم فيه، كورقة رابحة تدعم بشكل كبير تسهيل وحماية وجود المستوطنين في مدينة القدس.
ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا"، أن القدس في هذا العيد تشهد إجراءات أمنية غير مسبوقة، يتخللها تضييق الخناق على المقدسيين، وتنغيص حياتهم، عبر خنق التجارة والاقتصاد، وإعاقة حركة التنقل، في سبيل تسهيل اقتحامات المتطرفين.
ويشير إلى أن المستوطنين نصبوا "مظلة كبيرة" في ساحة البراق غربي الأقصى، وعلى أسطح منازلهم وأمامها، احتفالًا بالعيد التوراتي، وهناك مطالبات متطرفة بضرورة إدخالها إلى المسجد، بالإضافة إلى محاولة إدخال القرابين النباتية أيضًا، باعتبار هذا المكان هو "المعبد".
وتحاول الحكومة اليمينية المتطرفة- كما يؤكد أبو دياب- استغلال كل المناسبات الدينية لأجل تحقيق مزيد من المكاسب السياسية والتدرج خطوة خطوة نحو تهويد الأقصى، وفرض وقائع جديدة عليه.
والاثنين المقبل، من المتوقع وصول عشرات آلاف المستوطنين من مختلف أنحاء فلسطين المحتلة إلى حائط البراق، لأداء طقوس "بركة الكهنة"، حيث سيتم تسيير حافلات لنقلهم إلى تلك المنطقة، مع تشديد الخناق في محيط المسجد الأقصى ومنع دخول المسلمين إليه.
عدوان خطير
ويتابع الباحث المقدسي أن "القدس والأقصى على موعد مع عدوان خطير وغير مسبوق طوال عيد العرش، يتخلله مزيد من الانتهاكات الإسرائيلية، ومحاولات ترسيخ الوجود اليهودي، وتغيير هويتهما الإسلامية".
ويؤكد أن "منظمات الهيكل" تستغل هذا العيد للانقضاض على المسجد الأقصى، في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني بشكل كامل، وأن يكون لها موطئ قدم دائم فيه.
والأخطر على الأقصى خلال "العُرش"، يقول أبو دياب "محاولة منظمة أمناء جبل الهيكل وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم فعليًا داخل المسجد المبارك، كما حدث في الثامن من تشرين أول/ أكتوبر عام 1990، واندلعت على إثر ذلك مجزرة الأقصى".
ويعتبر هذا العيد من أخطر الأعياد اليهودية، ويشكل كابوسًا على الأقصى والقدس، نظرًا لأن الاحتلال وجماعاته المتطرفة يحاولون فرض وقائع تهويدية جديدة على المسجد.
ويشدد على ضرورة تكثيف شد الرحال للمسجد والرباط الدائم فيه، وإن لم يكن بداخله، بسبب قيود الاحتلال المشددة، فليكن في محيطه وعند أبوابه، لأجل الدفاع عنه وحمايته من مخططات الاحتلال ومستوطنيه.
ويطالب أبو دياب المؤسسات الفلسطينية والمقدسية بضرورة وضع خطط واستراتيجيات قابلة للتنفيذ من أجل الدفاع عن الأقصى، ورفع الوعي الفلسطيني بمخاطر الاقتحامات ومخططات تهويده.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: المسجد الأقصى جماعات الهيكل قرابين اقتحام الأقصى اقتحام المسجد الأقصى عيد العرش القدس المسجد الأقصى أبو دیاب
إقرأ أيضاً:
الواقع الاقتصادي في القدس: اختناق يتصاعد في ظلال العدوان
تسعى سلطات الاحتلال إلى ضرب صمود المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، وتهدف إلى إفقاره، وربطه بشكلٍ كامل بمنظومات الاحتلال الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وقد أظهرت الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال في عام 2023، نية الاحتلال تحويل الفلسطينيين في القدس المحتلة إلى "عمالة رخيصة" في مشاريع الاحتلال المختلفة، والتقنية منها على وجه الخصوص. وتحاول سلطات الاحتلال استغلال حالة الفقر المستشرية في القدس المحلة لتمرير هذه المخططات، ونسلط الضوء في هذا التقرير على الواقع الاقتصادي في القدس المحتلة، وتفاقم المعاناة الفلسطينية في ظلّ العدوان المتصاعد على الفلسطينيين وخاصة في غزة.
تفاقم الفقر في المدينة المحتلة
أدت سياسات الاحتلال إلى تصاعد نسب الفقر بشكلٍ كبير جدا، إذ يُقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن نحو 80 في المئة من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، ويُشير المركز إلى أن الوصول إلى هذه الأرقام جاءت نتيجة مخططاتٍ إسرائيلية على مدار السنوات الماضية هدفت إلى إفقار المقدسيين، وخفض دخلهم بشكلٍ ممنهج(1).
ولا تقف الصعوبات الاقتصادية في القدس عند حدّ تنامي الفقر فقط، أو قلة فرص العمل في ظل هيمنة الاحتلال وشركاته الخاصة على الجزء الأكبر من اقتصاد القدس المحتلة، بل تمتدّ إلى ازدياد تكاليف المعيشة، والتي وصلت إلى أرقامٍ مرتفعة جدا، لا تتناسب مع دخل الفلسطينيّ.
فبحسب جهاز الإحصاء المركز الإسرائيلي، فإن 44 في المئة من سكان شطري القدس المحتلة يجدون صعوبة في تغطية نفقات الأسرة الشهرية، ومن بين هؤلاء يشكل الفلسطينيون الأغلبية، إذ يشكلون نحو 78 في المئة ممن يعاني صعوبة في تغطية نفقات الأسرة(2)، بسبب غلاء المعيشة والارتفاع غير المسبوق للإيجارات، وهو ما يضطر الكثير من المقدسيين إلى الاستدانة، فتتراكم عليهم الديون، أو لا يستطيعون دفع الضرائب التي تفرضها عليهم دوائر الاحتلال.
وتُشير المعطيات إلى أن الحياة الكريمة في القدس تتطلب دخلا يوازي 3 آلاف دولار أمريكي، بينما يعمل جلّ المقدسيين برواتب قريبة من الحد الأدنى للأجور يبلغ حاليا نحو 5880 شيكلا (نحو 1630 دولارا أمريكيا)(3).
تفاقم المعاناة في ظلال العدوان
وفاقمت إجراءات الاحتلال من الواقع الاقتصادي للمقدسيين، فتزامنا مع العدوان على القطاع، فصل الاحتلال كثيرا من المقدسيين من أعمالهم تعسفيّا، بذرائع واهية من بينها التضامن مع غزة، ونشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تعدّها سلطات الاحتلال "تحريضيّة وداعمة للإرهاب"، وباتت عوائل هؤلاء من دون معيل.
وأدى ذلك وفقا للمنظمات الحقوقية إلى ارتفاع نسبة المقدسيين الباحثين عن وظيفة من 140 في المئة قبل اندلاع الحرب على غزة، إلى نحو 300 في المئة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي بزيادة قدرها 340 في المئة. ويؤثر فقدان العمل بطبيعة الحال على نمط حياة الأسرة، وتراجع قدرتها على تأمين الحاجات الأساسية والغذائية منها على وجه الخصوص. وتُشير البيانات إلى أن نحو 80 في المئة من الشركات والمصالح الاقتصادية في القدس توقفت عن العمل جزئيا أو كليا بالتوازي مع تصعيد العدوان الإسرائيلي، وتشديد القيود التي تفرضها قوات الاحتلال في أزقة القدس المحتلة، وما يتصل بالعدوان على الضفة الغربية، ومنع الفلسطينيين من التنقل وغيرها(4).
أدوات جديدة لسرقة أموال الفلسطينيين
وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات الاقتصاديّة، إلا أن أذرع الاحتلال تصعّد من محاولات إفقار المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، مستخدمة أداة الضرائب. ففي 28 تموز/ يوليو 2024 أعلنت بلدية الاحتلال عن رفع "ضريبة الأرنونا" على الشقق الجديدة ما بين 20 و40 في المئة بداية العام القادم 2025. وبحسب قرار البلدية ستطال الزيادة الشقق السكنية التي بُنيت منذ بداية عام 2020 في القدس المحتلة، كما سيتم طرح القرار للمصادقة عليه في اجتماع المجلس البلدي الإسرائيلي القادم، بعد أن صادقت عليه اللجنة المالية في البلدية. وتعتبر "الأرنونا" من أدوات الضغط على الفلسطينيين، وتستخدم كأداة قمعية بحق المقدسيين، خاصة أنها تتراكم وتتحول إلى ديون كبيرة(5).
انهيار القطاع السياحي في القدس
ومن أبرز القطاعات التي تضررت في القدس المحتلة وهو القطاع السياحي، نتيجة اعتداءات الاحتلال، والإجراءات المشددة التي تفرضها في البلدة القديمة، وأجواء العدوان على غزة وجنوب لبنان. وبحسب أمين سر الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس حجازي الرشق، يشكل القطاع السياحي نحو 34 في المئة من مجمل القطاع التجاري المقدسي، وقد أصيب بشللٍ شبه كامل بسبب توقف السياحة، وهو ما أثر على أكثر من 1150 مقدسيا يعملون في القطاع، وينقسمون ما بين أصحاب للمحال التجارية وعاملين فيها. ويُشير الرشق إلى أن توقف السياح أثر على نحو 462 متجرا متخصصا ببيع التحف الشرقية في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، ويضيف الرشق أن 9 في المئة فقط من القطاع التجاري استطاع الاستمرار(6).
__________
(1) الجزيرة نت، 23/2/2024.
(2) المرجع نفسه.
(3) الجزيرة نت، 8/12/2024.
(4) الجزيرة نت، 1/5/2025.
(5) موقع مدينة القدس، 31/7/2024.
(6) القدس البوصلة، 21/7/2024.ف