الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي في الخليل
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
القدس المحتلة-سانا
أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمام المصلين الفلسطينيين.
وذكرت وكالة وفا أن قوات الاحتلال أغلقت جميع الحواجز العسكرية والبوابات الإلكترونية المؤدية إلى الحرم، لتأمين اقتحامات المستوطنين، وكثفت تواجدها على جميع مداخل البلدة القديمة، وأغلقت بعض أسواقها.
وأشار مدير عام أوقاف الخليل نضال الجعبري إلى أن الاحتلال سيغلق الحرم حتى الساعة العاشرة من مساء الغد، مشدداً على أن ذلك تعد سافر على حرمة الحرم وانتهاك لحق المسلمين في الوصول إلى أماكن العبادة الخاصة بهم.
وطالب الجعبري المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته المعنية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” بوضع قراراتها موضع التنفيذ لخطورة ما يحصل في القدس والمسجدين الأقصى والإبراهيمي.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
كيف احتلت الهاغاناه القدس في إطار الخطة دال؟
"الخطة دال" خطة عسكرية وضعتها منظمة الهاغاناه الصهيونية عام 1948 لاحتلال مختلف مدن فلسطين، بينها القدس وضواحيها، وتكونت الخطة من ثلاث مراحل عسكرية متتالية بقيادة لواء "عتسيوني"، حملت كل مرحلة منها اسما خاصا، وانتهت باحتلال غربي القدس كله وأجزاء من شرقي المدينة. إلا أن تدخل الجيش العربي في اللحظة الحاسمة حال دون سقوط البلدة القديمة والأجزاء الشرقية، التي بقيت تحت السيادة العربية حتى نكسة يونيو/حزيران 1967.
التسمية والمراحلهي خطة عسكرية وضعتها قيادة "الهاغاناه"، برئاسة ديفيد بن غوريون، بهدف السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بالقوة أثناء نكبة عام 1948. وقد عُرفت هذه الخطة باسم "الخطة دال" لكونها رابع خطة في سلسلة حملت كل منها حرفا من الحروف الأبجدية العبرية.
كان من المقرر أن يبدأ تنفيذ "الخطة دال" في نهاية فترة الانتداب البريطاني، في أوائل النصف الثاني من شهر مايو/أيار 1948، إلا أن تسارع الأحداث مثل التحول في موقف الولايات المتحدة الأميركية من قرار تقسيم فلسطين والانسحاب التدريجي للقوات البريطانية من فلسطين، إضافة إلى تمكن القوات العربية من السيطرة على طرق المواصلات في شهر مارس/آذار، كل ذلك دفع بقيادة الهاغاناه إلى تقديم موعد التنفيذ إلى الأسبوع الأول من أبريل/نيسان.
كانت الخطة تهدف إلى السيطرة العسكرية الكاملة على الأراضي المخصصة "للدولة اليهودية" بموجب قرار التقسيم، واتخاذ هذه الرقعة قاعدة للانطلاق نحو السيطرة على مناطق واسعة داخل حدود "الدولة العربية" المقترحة، إما لأسباب إستراتيجية اعتبرتها القيادة الصهيونية ضرورية للدفاع عن "الدولة اليهودية"، أو لأن القيادة رفضت خروج هذه المناطق عن نطاق الدولة.
وقد تضمنت "الخطة دال" 17 عملية عسكرية، خُصص لكل منها اسم محدد، وحددت أهدافا تفصيلية لكل من ألوية الهاغاناه العشرة، بحيث تُنفذ كل واحدة مهمتها وفق خطة منسقة وشاملة.
أُوكلت إلى لواء "عتسيوني"، المؤلف من ثلاث كتائب، مهمة احتلال مدينة القدس وضواحيها بالكامل، إضافة إلى حصار الخليل وبيت لحم وبيت جالا.
وفي الأول من أبريل/نيسان 1948، تقرر في اجتماع عُقد في منزل بن غوريون تشكيل قوة خاصة مكونة من ثلاث كتائب يبلغ قوامها حوالي 1500 مقاتل، بهدف احتلال القرى الواقعة على الطريق العام بين الساحل والقدس، لا سيما تلك التي تقع عند بداية صعود الطريق نحو جبال القدس، مثل باب الواد وسائر القرى الممتدة شرقا وصولا إلى ضواحي مدينة القدس.
إعلانوأوكلت إلى هذه القوة الخاصة مهمة بدء تنفيذ "الخطة دال" ("دالت" بالعبرية) من خلال عملية افتتاحية حملت اسم "نحشون".
ويشير هذا الاسم إلى نَحْشُون بن عميناداب، الشخصية التوراتية التي كانت أول من خاض مياه بحر القُلزم لتمهيد الطريق أمام بني إسرائيل، في دلالة رمزية واضحة، فكما فتح نَحْشُون الطريق هدفت العملية إلى فتح الممر نحو القدس.
وتعكس التسمية أيضا "روح الريادة والشجاعة"، إذ كانت "نحشون" أول عملية هجومية كبرى ضمن الخطة، وتقول الهاغاناه إنها أطلقتها "بروح المبادرة والاستباق".
تقرّر أن تبدأ العملية في 5 أبريل/نيسان 1948 بهجوم على القريتين العربيتين خلدة ودير محيسن الواقعتين غرب باب الواد، على الطريق الرئيسي المؤدي إلى القدس.
وكان من المقرر أن يسبق هذه العملية احتلال قرية القسطل، الواقعة في منتصف الطريق بين باب الواد والقدس، والتي شهدت معركة حاسمة انتهت بخسارة القوات الفلسطينية وسقوط القرية في 9 أبريل/نيسان. عقب ذلك، وقعت مجزرة دير ياسين، التي كانت بداية سقوط المدن الفلسطينية الواحدة تلو الأخرى.
وبعد 5 أيام من مجزرة دير ياسين، أي في 14 أبريل/نيسان، أرسلت قوات الهاغاناه قافلة مكونة من عشر مركبات إلى جبل المشارف عبر حي الشيخ جراح الغربي، غير أن المناضلين الفلسطينيين نصبوا كمينا للقافلة، واندلعت معركة عنيفة أسفرت عن مقتل 77 من ركابها وجرح 20 آخرين، وأُسر الباقون.
المرحلة الأولى من "الخطة دال": عملية "يبوسي"سُميت العملية العسكرية المخصصة لاحتلال القدس بـ"يبوسي"، واسمها مأخوذ من "يبوس"، وهو الاسم التوراتي للقدس قديما، نسبة إلى سكانها الذين كانوا يسمّون اليبوسيين، وفي هذه التسمية إشارة تاريخية/دينية للصلات اليهودية القديمة بالمدينة، للتذكير بتاريخ غزو الملك داود لها من سكانها القدامى، وفيها أيضا دلالة ضمنية على الرغبة في "استعادة" أو "تحرير" القدس من سكانها العرب بطرق عسكرية، بعد آلاف السنين من بداية "يبوس".
وقد تقرر بدء تنفيذها في 23 أبريل/نيسان 1948. وفي ذلك اليوم شنت قوات الهاغاناه وتنظيم الأرغون هجوما من 4 محاور رئيسية:
المحور الأول (شمالي): باتجاه قرية النبي صموئيل، التي تشرف من مرتفعاتها على كامل مدينة القدس، وتتحكم بطريق المواصلات بين القدس وشمال فلسطين. المحور الثاني (شرقي): انطلق من جبل المشارف جنوبا باتجاه جبل الزيتون وقرية الطور، المطلّين على البلدة القديمة من الشرق، وعلى طريق المواصلات المؤدي إلى شرق الأردن. المحور الثالث (شمالي البلدة القديمة): استهدف حي الشيخ جراح، الواقع شمالي البلدة القديمة. المحور الرابع (غربي): انطلق من الأحياء اليهودية في غربي القدس باتجاه حي القطمون، أحد أهم الأحياء العربية في الجزء الغربي من المدينة، في تمهيد لاحتلال سائر الأحياء العربية في غربي القدس.وقد فشل الهجوم على المحورين الأول والثاني، في حين نجح جزئيا في المحور الثالث، لكن القوات البريطانية تدخلت وأجبرت القوات الصهيونية على الانسحاب من حي الشيخ جراح، لأنه يقع على خط انسحابها الرئيسي مع اقتراب نهاية الاحتلال البريطاني.
ورغم ذلك، تم الاتفاق بين الطرفين على أن يسلم الجيش البريطاني الحي لقوات الهاغاناه يوم انسحابه الرسمي، مقابل انسحاب فوري مؤقت من الحي.
إعلانأما أعنف المعارك فقد دارت على المحور الرابع، إذ استمر القتال دون توقف حتى 30 أبريل/نيسان، حين تمكنت القوات اليهودية من احتلال حي القطمون كله، وبدأت بعد ذلك بالتوسع نحو باقي الأحياء العربية في غربي القدس.
جاءت المرحلة الثانية الكبرى من تنفيذ "الخطة دال" لاحتلال القدس عشية انسحاب الجيش البريطاني في 14 مايو/أيار 1948، إذ كانت قوات الاحتلال البريطاني لا تزال تحتل مناطق أمنية إستراتيجية وسط المدينة حتى ذلك التاريخ. وكانت هذه المناطق تفصل بين الأحياء العربية واليهودية في كل من شرقي القدس وغربها، ما منحها أهمية عسكرية كبيرة.
كما كانت هذه المناطق تضم عددا من أهم المرافق الحيوية في المدينة، بما في ذلك مقر الشرطة العامة والمستشفى الحكومي ومباني الهاتف والبريد والمصارف الرئيسية والمحاكم.
وقد أطلقت قوات "الهاغاناه" على هذه العملية اسم "كيلشون"، وتعني "المذراة"، وهي أداة زراعية تُستخدم لنثر القشّ وفصل الحَبّ عن التبن.
ويُجسّد هذا الاسم رمزية واضحة: ضربة مباغتة وسريعة، تشبه حركة الطرح الحادة بالمذراة نحو هدف محدد، كما يُشير إلى "تطهير الأرض بقوة"، من خلال السيطرة على الأحياء وطرد سكانها، ضمن خطة تهدف إلى "تنظيف" مناطق إستراتيجية في القدس.
ويعكس الاسم البُعد العسكري المباشر للعملية، باعتبارها ضربة حاسمة نحو إحكام السيطرة على المدينة، ونفذت تزامنا مع الانسحاب النهائي للجيش البريطاني من القدس، في 14 مايو/أيار، واستندت إلى هجوم من 3 محاور رئيسية:
المحور الأول: باتجاه حي الشيخ جراح، وأدى الهجوم إلى قطع الاتصال بين عرب القدس وشمال فلسطين، وإحكام الحصار على البلدة القديمة من الجهة الشمالية. المحور الثاني: استهدف مناطق الأمن وسط المدينة، والتي سلمها الجيش البريطاني مباشرة إلى قوات الهاغاناه، ما سهّل السيطرة عليها دون قتال كبير. المحور الثالث: انطلق باتجاه سائر الأحياء العربية في غربي القدس، خصوصا حي البقعة الفوقا، والبقعة التحتا، وحي الطالبية، التي كانت تعد من أبرز المناطق السكنية العربية في الجزء الغربي من المدينة. المرحلة الثالثة من "الخطة دال": محاولة اقتحام البلدة القديمةبدأت المرحلة الثالثة الكبرى من تنفيذ "الخطة دال" بهدف إكمال السيطرة على مدينة القدس كلها، وذلك عبر اقتحام البلدة القديمة. وكانت قوات الهاغاناه تحتفظ بحامية قوامها نحو 250 مقاتلا داخل البلدة القديمة، يتمركزون في الحي اليهودي قرب حائط البراق والمسجد الأقصى، تحت حماية الجيش البريطاني التي انتهت بانسحابه.
مع اقتراب هذا الانسحاب شرعت قيادة الهاغاناه في التخطيط لتعزيز هذه الحامية، ووضعت خطة عسكرية حملت اسم "شفيفون"، وهو اسم يطلق على أفعى سامة مثلثة الرأس، وتضمنت الخطة 3 خطوات رئيسية:
احتلال مواقع الجيش البريطاني القريبة من الحي اليهودي فور إخلائها. الانطلاق من هذه المواقع لاحتلال مواقع عربية محددة داخل البلدة القديمة. نسف المنازل العربية المحيطة بالحي اليهودي، بهدف حرمان أي قوة عربية من إمكانية استخدامها غطاء أو قواعد هجومية.وفي الوقت نفسه، بدأت قوات الهاغاناه والبلماح بالاحتشاد خارج أسوار البلدة القديمة استعدادا لاقتحامها، وتقرر أن تهاجم قوات الهاغاناه باب الخليل، أحد المداخل الغربية الرئيسة للقدس، بينما تتولى قوات البلماح، بقيادة إسحق رابين، احتلال تلة مقام النبي داود الواقعة إلى الجنوب الغربي من الأسوار، والتي تُشرف على البلدة القديمة من الخارج.
وقد فشل الهجوم على باب الخليل، إذ تصدت له القوات العربية، لكن قوات البلماح نجحت في 17 مايو/أيار، بعد قتال عنيف، في احتلال مقام النبي داود، مما منحها موقعا إستراتيجيا مشرفا على البلدة القديمة.
إعلانفي 18 مايو/أيار تقرر أن تقتحم قوات البلماح أسوار مقام النبي داود للاتصال بالحامية في الداخل، وفعلا تمكنت من ذلك بعد أن نسفت بوابة السور المعروفة ببوابة النبي داود واستطاعت أن تدخل.
كانت القدس على وشك السقوط في يد القوات الصهيونية أثناء الحرب التي اندلعت مع انتهاء الاحتلال البريطاني. وفي تلك الأثناء أطلق أحمد حلمي باشا، عضو اللجنة القومية الوحيد المرابط في القدس، نداء استغاثة عاجلا إلى هزاع المجالي، أحد كبار الموظفين في القصر الملكي الأردني قائلا "إن لم تنجدونا، سقطت القدس نهائيا في أيدي اليهود".
أبلغ المجالي الملك عبد الله الأول بالأمر، ثم تلقى اتصالا ثانيا من حلمي باشا يناشده بشكل عاجل "أناشدكم الله أن تنجدونا وتنقذوا المدينة وأهلها من سقوط مؤكد".
استجاب الملك عبد الله على الفور واتصل عبر الهاتف بأحمد حلمي باشا مستفسرا عن تفاصيل الأوضاع في القدس، ثم أمر بتدخل الجيش العربي لإنقاذ القدس، رغم تحفظ رئيس الوزراء توفيق أبو الهدى، الذي عبر عن تردده بسبب اتفاق بريطانيا مع الأردن على عدم التدخل العسكري في القدس، إلا أن إصرار الملك عبد الله كان حاسما.
بناء على ذلك، جرى اتصال بين أبو الهدى ورئيس أركان الجيش العربي الجنرال البريطاني جون غلوب (غلوب باشا)، وتم الاتفاق على عقد جلسة رسمية برئاسة الملك في القصر، وعقد مجلس الوزراء بحضور الملك ورئيس الأركان ومساعده عبد القادر الجندي، وقرر المجلس التدخل العسكري في القدس.
استجاب الملك عبد الله لنداء النجدة واتصل بقائد الكتيبة السادسة عبد الله التل، الذي كان قد حقق انتصارا في معركة كفر عصيون، وطلب منه التوجه فورا إلى القدس لإنقاذها.
قبل وصول تلك الكتيبة النظامية، كانت هناك قوات تطوعية من رام الله وبيت لحم، إضافة إلى متطوعين من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الذين شنوا هجمات لتخفيف الضغط عن البلدة القديمة.
وصلت الكتيبة السادسة إلى القدس فجر 18 مايو/أيار 1948، وبدأ الجيش الأردني هجومه من مواقع إستراتيجية مهمة مثل رأس العامود وجبل الزيتون، مدعوما بمدفعية ثقيلة شملت مدافع من عيار 6 أرطال ومدافع هاوزر من عيار 80 ملم، مستهدفا مواقع القوات الصهيونية المتحصنة داخل البلدة القديمة.
في المقابل ضاعفت القوات الصهيونية تعزيزاتها في القدس، وتجاوز عدد أفرادها 15 ألف جندي مسلح بأسلحة حديثة.
شهدت الأيام التالية معارك عنيفة في مناطق عدة، تمكن فيها الجيش الأردني من السيطرة على أحياء حيوية حول البلدة القديمة، مثل الشيخ جراح وباب الواد، وفرض حصارا محكما على الحي اليهودي داخل الأسوار، ومع ذلك لم يستطع اقتحام عمارة النوتردام الإستراتيجية بعد هجمات متكررة تكبد فيها خسائر كبيرة في صفوف جنوده.
في باب النبي داوود دارت معارك شرسة تمكن فيها الجيش الأردني من صد هجمات متكررة من قوات "الهاغاناه"، وأحكم السيطرة على مواقعه حتى داخل البلدة القديمة، مما عزز الحصار على الحي اليهودي.
استمر الحصار والتصعيد العسكري حتى 28 مايو/أيار 1948، حين استسلمت القوات الصهيونية داخل الحي اليهودي بعد حصار عنيف، وسلمت أسلحتها وتم أسر 340 من مقاتليها.
ويستعيد الجيش العربي السيطرة الكاملة على البلدة القديمة وشرقي القدس، وظلت القدس تحت السيادة الأردنية حتى سقوطها في يد جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب يونيو/حزيران 1967.