منذ لحظة ولادة الطفل، يبدأ تكوين ملامح مستقبله النفسي والوجداني. وإن كنا نطمح إلى أن نُنشئ رجلًا حقيقيًا، لا نكتفي فقط بأن نلبي احتياجاته المادية من مطعم وملبس، بل يجب أن نُربيه: على المسؤولية، على الاحترام، على القوة الداخلية لا الهيمنة الخارجية.

وعلينا أن نعلم جيداً بأن الرجولة لا تأتي فجأة مع البلوغ، بل تُبنى مع كل كلمة يسمعها الطفل، وكل موقف يمرّ به، وكل قدوة يعيش معها.

ومع الأسف، كثير من الأسر تُربي أبناءها الذكور ليكونوا "أقوياء شكليًا"، لا ناضجين عاطفيًا ولا مسؤولين سلوكيًا. وهنا تأتي أهمية التربية الواعية. التي يجب أن يلتزم بها كل أب وأم من خلال تعريف الطفل بمن هو "الرجل الحقيقي" بلغة تناسب سنه

فالرجل الحقيقي ليس من يتحكّم، بل من يتحمّل. ليس من يعلو صوته، بل من يسمو بخُلُقه.
ويتم تنمية هذا المفهوم من خلال استخدام القصص، والمواقف اليومية، والنماذج الإيجابية من الدين (مثل سيرة النبي ﷺ وصحابته) لشرح معاني الرجولة: الرحمة، الحزم، الصدق، الإحسان، الوفاء.
وتوعيته بأن  الرجولة تبدأ من قول الحقيقة، ومن الاعتذار عند الخطأ، من الدفاع عن الضعيف، ومن احترام الفتاة وليس السيطرة عليها.

ولكن في  نفس الوقت  لا نحرمه من التعبير عن مشاعره فكثير من الأسر يقولون للصبي: "لا تبكي … خليك راجل!"
وهذا مخالف تماما لنظريات النمو النفسي، التي تُجمع على أن كبت المشاعر منذ الصغر  يصنع رجالًا عنيفين، أو منطويين، أو فاقدي التعاطف.
 فالبكاء لا يُنقص من كرامته، و الاعتراف بالحزن لا يُضعفه.

لذلك يجب تشجيعه علي أن يُعبّر بالكلمات لا بالصراخ، وبالحوار لا بالعنف.
و غرس مفهوم "المسؤولية" منذ الطفولة وأن تنتبه الأسرة إلى أن الرجولة الحقيقية لا تنمو في بيئة التدليل المفرط. فالطفل يجب أن يتحمّل مسؤوليات تتناسب مع عمره.
ويتم تعريفه بها من خلال مشاركته  في المهام اليومية: ترتيب غرفته، الاهتمام بأغراضه، مساعدة أحد الوالدين. ليغرس بداخله منذ الصغر أن الرجولة تعني "أن تقوم بواجبك حتى لو لم يرك أحد".

كذلك العمل على إلقاء الضوء على أهمية  احترام الآخر والدور الذي يقوم به في المجتمع وخاصة دور الفتاة والمرأة  فالأنثى ليست كائنًا أقل منه، بل شريك في الحياة والعمل والكرامة.

وهنا يأتي دور الأب القدوة الأولى للطفل في الحياة.
وكيف يراعي تصرفاته وافعاله امام طفله من خلال  تدرّيبه على احترام حدود الآخرين، ورفض التنمر أو العنف اللفظي أو الجسدي، ولا يقل ما لا يفعل.

فالطفل يُقلد أكثر مما يسمع. وإن أردت أن تُربيه على الرجولة، كن أنت الرجل الذي تُريد أن يكونه.
كن صادقًا، ملتزمًا، متزنًا أمامه. احترم والدته، واعتذر إن أخطأت، وكن حنونًا بلا ضعف، حازمًا بلا قسوة.

وفي الختام: تربية الرجل تبدأ من الطفولة لا المراهقة،  تبدأ من اللحظة التي ننظر فيها لطفلنا على أنه مشروع إنسان، لا مجرد "ولد لازم يكبر ويبقى راجل".
فالرجل الحقيقي لا يُولد، بل يُصنع بالتربية.
وغدًا، حين يكبر ابنك، ويكون زوجًا صالحًا، وأبًا رحيمًا، وسندًا لغيره ولك .. ستدرك أنك لم تُربِّ ولدًا فقط، بل أنشأت ركنًا من أركان المجتمع السليم.

طباعة شارك ولادة الطفل الرجولة البلوغ

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ولادة الطفل الرجولة البلوغ من خلال

إقرأ أيضاً:

بعد عقدين من الشلل: أميركية تكتب اسمها باستخدام شريحة في دماغها

وكالات

في لحظة اختلط فيها العلم بالعاطفة، تحول حلم راودها لعشرين عاماً إلى واقع مبهر، بعدما تمكنت أودري كروز، وهي سيدة أميركية مشلولة منذ مراهقتها، من كتابة اسمها مجدداً عبر شاشة حاسوب، مستخدمة إشارات دماغها فقط، بفضل شريحة عصبية مزروعة طوّرتها شركة “نيورالينك” التابعة للملياردير إيلون ماسك.

كروز، التي فقدت قدرتها على الحركة في سن الـ16 بسبب إصابة في النخاع الشوكي، أصبحت أول امرأة في العالم تُزرع في دماغها شريحة ضمن تجربة “نيورالينك برايم”، وهي دراسة سريرية لاختبار واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) على البشر. وتتيح التقنية للمستخدم التحكم بجهاز كمبيوتر باستخدام التفكير فقط.

وفي منشور مؤثر على منصة X، كتبت كروز:”حاولت كتابة اسمي لأول مرة منذ 20 عاماً”، وأرفقت منشورها بصورة تظهر اسمها مكتوباً بخط بنفسجي عريض على شاشة جهازها.

الفيديو حقق ملايين المشاهدات وتصدر التريند العالمي، فيما علّق إيلون ماسك بالقول:”إنها تتحكم بجهاز الكمبيوتر الخاص بها بمجرد التفكير، معظم الناس لا يدركون أن ذلك ممكن.”

وفي شرحها لتفاصيل التجربة، أوضحت كروز أن الأطباء أجروا جراحة دماغية دقيقة، حيث تم حفر ثقب في جمجمتها وزراعة 128 خيطاً رقيقاً في القشرة الحركية، متصلة بشريحة صغيرة بحجم ربع دولار أميركي.

ورغم هذا التطور المذهل، أوضحت أن الغرسة لا تعيد لها الحركة الجسدية، لكنها تمكّنها من “التحكم العقلي” بالأجهزة.

كروز وجهت شكرها للفريق الطبي في مركز جامعة ميامي الصحي، واصفةً إياهم بـ”الأكثر مهنية ولطفاً”، واعدةً بمشاركة مقاطع فيديو لاحقة تتناول التقنية بالتفصيل.

مقالات مشابهة

  • 13 لجنة تبدأ عمليات الفرز بانتخابات الشيوخ للمصريين بالخارج
  • مناقشة قضايا حقوق الطفولة باليمن
  • إلهام ابو الفتح تكتب: انزل .. شارك
  • بنك عدن المركزي يكشف السبب الحقيقي لتوقف انهيار الريال اليمني
  • «يذهب العقل.. الرجولة مش سيجارة».. حسام موافي يحذر الشباب من الحشيش
  • بعد عقدين من الشلل: أميركية تكتب اسمها باستخدام شريحة في دماغها
  • “الإحصاء”: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ينمو بمعدل 3.9% خلال الربع الثاني من عام 2025
  • “الإحصاء”: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ينمو بمعدل 3.9% خلال الربع الثاني من 2025
  • "الإحصاء" : نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بالمملكة 3.9% خلال الربع الثاني من 2025