بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و ما من إنسانٍ سوداني تسأله عن الأحوال و أخبار الأهل و الأقارب و الجيران و الأصدقآء و المعارف في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و تأثيرات الحرب عليهم إلا و يأتيك الرد التفصيلي بأن أنفساً عديدة قد أُزهِقَت ، و أن أجساداً قد أُعِيقَت ، و أن أطرافاً قد بُتِرَت ، و أن جميع أو أغلب البيوت قد أُحتُلَّت و دُمِّرَت و خُرِّبَت ، و أن كل أو الكثير من المقتنيات و المدخرات قد سُلِبَت و نُهِبَت ، هذا عدا حالات الإغتصاب و الإهانة و الإذلال ، و أن الأنفس من كل المجموعات العمرية قد أُرهِقَت كثيراً و أقامت فيها الإضطرابات و استوطنها الإكتئاب جرآء الإعتدآءات و الإنتهاكات ، و أن الأضرار و الآثار السالبة قد إمتدت لتصيب أعداد لا تحصى من الأنفس في دول الإغتراب و المهاجر ، و أن الفاعل/الجاني/المعتدي في كل و جميع الأحوال و الحالات هم مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و آخرين من دونهم!!!.

..
و قد لُوحِظَ و رُصِدَ أن أعداد و هجمات مليشيات الجنجويد و إرتكازاتهم في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم في تصاعد مستمر ، و أنهم في تناسل متوالي تصاعدي كما تناسل الأليات و خلايا و أنسجة الجنود المبرمجين في أفلام و مسلسلات الخيال العلمي ، و ذلك على الرغم من إدعآءات البَلْ و الجِغِمْ المتواصلين دون إنقطاع من قبل ”أشاوس“ القوات المسلحة السودانية و كتآئب المجاهدين المدعومة بالصور و الڨيديوهات المزعجة و المخيفة!!!...
و نتيجة لهذه الإجابات و الملاحظات تبادرت إلى الذهن عدة أسئلة:
هل المحتلون للدور و المدمرون/المخربون لها و الناهبون السالبون للممتلكات و المقتنيات هم مليشيات الجنجويد؟
أم هم أناس آخرون؟
أم هم الجنجويد و الأناس الآخرون؟
و كم هي أعداد مليشيات الجنجويد و الهؤلآء الآخرين؟
و هل أعداد الجنجويد و الهؤلآء الآخرين ، و كما يقال ، سَلَك سَلَك قدر الله ما خلق؟
و من هم الهؤلآء الآخرون؟
و من أين يأتي المدد الجنجويدي؟
هل يأتي من داخل العاصمة المثلثة؟ أم من خارجها؟
أم من خارج حدود جمهورية السودان؟
أم من خارج كوكب الأرض؟
أم من خارج مجرة درب التبانة؟
و السؤال الأخير يقود إلى ختام الأسئلة:
الجنجويد ديل إِنِسْ و لا جِنِسْ (جن)؟
و الأسئلة كثيرة و سيلها لا ينقطع و الإسترسال فيها مغري جداً ، و لكن صاحبنا قد آثر عدم الإسترسال فيها تجنباً للخرمجة و الصَّب و تفادياً للإستثقال و حتى لا يتسلل الملل و الضجر أو يَدِب إلى أنفس و مزاجات القرآء الإعزآء...
و يعتقد صاحبنا و كثيرون أن الإجابات على هذه الأسئلة التي تبدو في ظاهرها بسيطة ليست بالبسيطة أو المستقيمة ، و أن القضية كبيرة ، معقدة و مركبة و مَلَولَوَة ، و أَنَّ المسألة برمتها غير مفهومة و فيها إِنَّ ، و يرجح صاحبنا و كثيرون أن حلفآء عَاصَمِيين (محليين) و إقليميين و عالميين قد أمدوا مليشيات الجنجويد بالرجال و المعلومات و أشيآء أخرى ، و أن الحلفآء جميعهم كانوا دوماً حاضرين/مباركين/فاعلين/مساعدين و مساهمين في الأحداث الغير إيجابية التي ألمت بالأنفس و الأمزجة و الدور و الممتلكات و المقتنيات في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و ما ورآءهم...
و قد تلاحظ أن أكثر حلفآء مليشيات الجنجويد نشاطاً و همةً في عمليات السلب و النهب كانوا من جماعات المهمشين أولئك الذين تَعَصَّمُوا ، أي الذين أصبحوا من سكان العاصمة المثلثة و ضواحيها ، لأسباب و دواعي شتى من بينها: الحروب و النزوح و الجفاف و التصحر و التهميش و الرغبات في معيشة أفضل و قلة الشَّغَلَة ، و قد أكد ذلك الكثير من المتضررين و الرواة الذين عايشوا أحداث الحرب و الإنتهاكات و نقلوها و تداولوها شفاهةً و تدويناً و وثقوها إلكترونياً عبر تقنيات وسآئل التواصل الإجتماعي...
و قبل ذلك و بأعوامٍ عديدةٍ سبقت الحرب كانت الشواهد و الدلآئل تشير أو قد أشارت إلى أن جماعات/قطاعات من مهمشي الشعوب السودانية ، و ربما شعوب إفريقية أخرى ، تقدر بالألاف و ربما بالملايين كانوا ينتظرون/يسبتون في مرجلٍ يغلي في صمتٍ و أحياناً في غير ذلك ، و أنهم قد كَيَّفوا أوضاعهم على العيش و التعايش مع سكان العاصمة المثلثة و الكثير من مدن الشريط النيلي و الأقامة بين الظهرانين في علاقة عيشٍ إقتصادية طفيلية تقبع على حافة/هامش المجتمع و الإقتصاد و في منطقة تقع ما بين خط الفقر الأدنى و المسغبة ، و كان أكثرهم/غالبيتهم و لأسباب و دواعي شتى قد لجأوا إلى السكن العشوآئي في أطراف العاصمة المثلثة و ضواحيها و وسطها ، و أقاموا في العمارات الغير مكتملة البنآء و داخل الخرآئب و الخيران و الأوكار و الجَخَانِين و أماكن و جهات مختلفة ، و كانوا يتغذون الفتات و يتناسلون و يخرجون فضلاتهم أنى شآءوا...
و خلال الأعوام كانت تلك الجماعات من المهمشين المُتَعَصِّمِين يعاينون و يتابعون نشاطات و تحركات الأغنيآء من سكان العاصمة و المدن النيلية من الجَلَّابَة الرافلين في النعيم و الملابس النظيفة الزاهية ، و كانت أعينهم ترصد و تراقب و ذاكراتهم تسجل و تدون بدقة تفاصيل التفاصيل حتى إمتلأت الذاكرات من فيض المعلومات و حتى نضب معين الغدد اللعابية من كثرة التَّمَطَغ و التمعن في جماعات الأغنيآء و الجَلَّابَة و هم يخرجون مهرولين من داخل مراكز التسوق ذات الوجهات الزجاجية حاملين ما يفوق الحاجة من المواد الغذآئية الشهية المغرية و غيرها من الحلويات و الكماليات يحشرونها حشراً في أجواف سياراتهم الفارهة المكيفة ذات الدفع الرباعي قبل أن ينطلقوا مسارعين إلى حيث أماكن إقاماتهم في الأحيآء الراقية حيث العمآئر الفخيمة ذات الهندسة و الطرز ، و يعتقد الكثير من المهمشين أن الأغنيآء المترفين و الجَلَّابَة النيليين يفعلون ما يفعلون و يمارسون ما يمارسون فشخرةً و حَندَقَةً و إغاظةً لهم!!!...
و قد داومت و واظبت تلك الأعين المهمشة و المحرومة على مراقبة المشاهد المذكورة أعلاه و غيرها من النشاطات و كذلك طقوس و مراسم المناسبات و الأعراس الفاخرة في الصالات ذات البريق و الأضوآء و الأسمآء ، و كانت تراقب الأحداث من خلف موآئد المعازيم الممتلئة بما لذ و طاب من المأكل و المشروب ، و كانت ترصد كل ما يمارس فيها من الترف و البذخ الغذآئي و الكسآئي و كذلك التنقيط للمغنيين و المغنيات بالعملات الصعبة ، و كانت تراقب و ترصد عَوِين (نسآء) الأغنيآء و الجَلَّابَة المترفين و قد تَزَيَّنَ و تَنَعمَنَ بالحلي و الحلل ، و كانوا و هم في أثوابهم المتسخة و أحذيتهم البالية يتابعون العيال في غدوهم و إيابهم من المدارس و النوادي الخآصة و الجامعات و هم في أجمل و أبهى الملابس المستوردة التي تساير آخر خطوط الموضة و ما أنتجته بيوت الأزيآء العالمية ذات العلامات المشهورة ، تراقبهم و هم ينتعلون أفخر الأحذية و ينتقلون بالسيارات الخآصة و في أياديهم الهواتف المحمولة الفاخرة المترعة/المتخمة بالأرصدة التي تتيح التحدث و الفرجة في أسافير الشبكة العنكبوتية بحرية و للساعات الطوال...
و تعتقد قطاعات و شرآئح عريضة من المهمشين ، إعتقاداً جازماً يتجاوز اليقين ، أن أغنيآء العاصمة المثلثة و المدن الغير مهمشة و جَلَّابَة الشريط النيلي مترفون و فاسدون و مغتصبو سلطة و حقوق و ثروات ، و أنهم قد نهبوا و استولوا على حقوق الغلابة المهمشين في السلطة و الثروات بغير حق ، و أنهم هم الذين سببوا لهم الفقر و المسغبة و فرضوا عليهم التهميش و الحرمان!!! ، و ذلك ما ذهب إليه و أكده لهم الزملآء و الكُومرِدس Comrades/الرفاق في حركات الكفاح المسلح ذات المسميات و الأنشطة المتعددة ، و هو ما وافقهم عليه مؤخراً قادة العمليات و مستشارو مليشيات الجنجويد المتعددون في رسآئلهم العديدة المبثوثة ، من مختلف عواصم دول الإقليم و العالم ، على الشاشات التلڨزيونية ، و المتاحة في شتى الوسآئط الإجتماعية...
و الغالب أن جماعات المهمشين كانت تكتم مرارات الحرمان و الغيظ في دواخلها ، و كانت تحاول جاهدةً أو على مضصٍ إخفآء الفضول و الغضب الإجتماعي ، و أنهم كانوا يتحرقون شوقاً و يتحينون الفرص التي تتيح لهم البوح و الإفصاح عما يفور و يمور في دواخلهم من الغل الطبقي و الحقد العنصري/القبلي/الجهوي ، و كانوا يتحرون ساعة الهجوم و الإنقضاض على مغتصبي حقوقهم من الأغنيآء العاصميين و جميع جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين الفاسدين و إسترداد ما نُهِبَ و سُلِبَ من حقوقهم و ثرواتهم...
و يعتقد الكثير من جماهير المهمشين/المحرومين أن الهجمة الجنجويدية الحالية قد جعلت من فرصة الإنقضاض على الدولة السودانية القديمة الفاسدة و الفاشلة و إسترداد الحقوق المسلوبة و الثروات المنهوبة و الإنتقام من الفاسدين من أغنيآء و جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين واقعاً متاحاً و ممكناً ، و لذلك لم يكن من المستغرب أن يستغل المهمشون الفرصة/السانحة و يصفوا حساباتهم و يَسَوُّوا الدَّايرِينُو ، و أهي البَهَلَة جاتهم لحدي عندهم و لِقُوها باردة ، و ها هي جماعات من المهمشين/المحرومين قد خَشَّوا في الشقق و العمارات الخالية زرافاتٍ و وحداناً و استردوها عنوةً و إقتداراً من أيادي المغتصبين الفاسدين/المترفين ، ثم من بعد ذلك أقاموا فيها و رَطَّبُوا ترطبباً تجاوز مرحلة الإنتعاش ، ثم استكانوا داخلها إستكانةَ من لا يخشى الفقر أو الإخلاء أو الإجلآء ، ثم من بعد ذلك جَهَّزُوا و عَرَّسُوا لعيالهم بيوت المال و الأثاث في ”الممتلكات المستردة“ ، و قد تم ذلك حسب طقوس العديل و الزين المعهودة و المتعارف عليها مع بعضٍ من التعديلات و بما يناسب العرق و القبيلة و الجهة الإقليمية ، و من غير شقآء أو تعب يذكر سوى المجهود الذي بُذِلَ في القتل و الأذى و إغتصاب النسآء و إسترداد ”الممتلكات المغتصبة“ من قبل الاغنيآء و الجلابة الفاسدين/المترفين!!! ، و ها هم الآن في إنتظار ما تغيض به الأرحام من العيال ، و أهو كلو مدد!!!...
و لقد إضطربت الأحوال في بلاد السودان و جاطت بصورة عظيمة حتى ظَنَّ/تَوَهَّمَ كثيرون أن هذه هي نهاية الدولة السودانية (دولة الجلابة/دولة ستة و خمسين) و بداية عصر الدولة الدقلوية الجنجويدية ، و قالوا و ما الضير في ذلك و قد فعلها من قبل: معاوية بن أبي سفيان و عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و القرامطة و الحشاشون و الإخشيديون و الحمدانيون و الأيوبيون و كثير من المماليك و عثمان بن أَرطُغْرُلْ بن سليمان التركماني و محمد بن علي المسعود بن إبراهيم آغا القوللي الألباني و عمارة دنقس و عبدالله جماع و عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود و زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط آل نهيان و غيرهم من الأفراد و الأقوام ممن أقاموا الدول و الممالك و الأنظمة فإشمعنى يعني مليشيات الجنجويد و جماعات المهمشين/المحرومين و محمد بن حمدان آل دقلو (حميدتي)!!! الذي أشار ، قبل الإنتقال ، إلى أن الشَّلَّاقِي ما خَلَّا عميان!!!...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الکثیر من

إقرأ أيضاً:

في البدء كانت الكلمة

في البدء كانت الكلمة:
منذ فترة طويلة أقوم بحظر حسابات مشبوهة أحيانا بمقدار أكثر من عشرة في اليوم. وهذا دليل علي إهتمام الحلف الجنجويدي بالعمل الإعلامي والتمويل السخي الذي يصرفه عليه. تقدير الحلف الجنجويدي لغسيل المخ الإعلامي سليم لان السيطرة علي العقول أكثر أهمية من السيطرة علي الفعل والجسوم. فمن سيطرت علي عقله سيرقص علي أنغامك حتى بدون أن تطلب منه التثني.

من ناحية أخري، إن المقاومة الإعلامية للغزو الجنجويدي لم تقل أهميتها عن المقاومة الفعلية على الأرض. فلولا الإسناد الوطني الإعلامي لتضعضعت المقاومة علي الأرض وانتشرت البلبلة وسادت أكاذيب أبواق الغزاة لتي تهدف إلي دحر الوطنيين وتمكين الغزاة حتى يعود الكرزايات لسدة الحكم.

كلنا لاحظنا ألاف الحسابات الوهمية التي تدعم أبواق الجنجويد باللايك والإعجاب والتعليق وهذا ليس بعبث بل تاثير محسوب يقوده خبراء إعلام. بإختصار العمل على منصات التواصل الإجتماعي فعل مناصر للجنجويد أو فعل مقاومة أصيل يجب التعامل معه بكامل المسؤولية والوعي الإستراتيجي.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/05 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة المستوطنون الجدد… مخطط خطير يهدد ديمغرافية السودان وهويته2025/12/05 حرب مفروضة وهُدنة مرفوضة!2025/12/05 شركاء في الجريمة2025/12/04 عندما يصبح المعلق الرياضي مراسلاً حربياً !!2025/12/04 من يدفع دم الوطن… ومن يحصد ثماره؟2025/12/04 إبراهيم شقلاوي يكتب: القاعدة الروسية وتكتيكات عض الأصابع2025/12/04

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • حضرموت: مليشيات الانتقالي تعترض موكب اللواء القحطاني والمحافظ الخنبشي
  • مزايدات كتاب الجنجويد البائسة
  • عمرو أديب عن بشار الأسد: الجنود بتوعه كانوا بيبوسوا إيده وده هو الديكتاتور
  • حكم دفع مال الزكاة أو الصدقة للأبناء أو أبنائهم إذا كانوا محتاجين
  • حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
  • هل كانت الهدنة في غزة مجرد مقلب؟
  • التقلبات الجوية: إنقاذ 54 شخصا كانوا عالقين داخل حافلة بتيكجدة
  • في البدء كانت الكلمة
  • بدأها أبو شباب.. مليشيات مسلحة تتموضع خلف الخط الأصفر بغزة
  • اختفاء حقيبة مليونيّة كانت مع أبو الشباب