المؤلف النرويجي يون فوسه يحصل على جائزة نوبل للآداب لعام 2023
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
السومرية نيوز – فن وثقافة
فاز الكاتب النرويجي يون فوسه بجائزة نوبل للآداب 2023، وقالت الأكاديمية السويدية -التي تمنح الجائزة- إنها اختارته "لمسرحياته المبتكرة ونثره الذي يعطي صوتا لما لا يمكن قوله".
وأضافت الأكاديمية أن أعمال فوسه "تمزج بين طبيعة خلفيته النرويجية مع التقنية الفنية-الأدبية"، وأثنت عليه "لكشفه عن القلق الإنساني والتناقض في الجوهر البشري" في أعماله التي ناهزت 40 عملا.
ويكتب فوسه بلغة نينوشك (اللغة النرويجية الجديدة)، وتعيش شخصياته في عوالم شعرية مجردة تعاني واقعا باردا وقاسيا يشبه الملاحم الشهيرة شمالي أوروبا، وتتحدث شخصياته قليلا في نصوصه، لكنها تكشف عن مشاعرها الداخلية الدفينة.
كذلك يغيب الوصف الخارجي المكثف عن أدب فوسه، لكنه يستعيض عنه بكشف العواطف عبر الشعر والموسيقى اللذين يعتمد عليهما في إنجاز الحبكة، وهو بذلك يخرج عن المسرح والرواية السردية التقليدية.
وعلق فوسه على فوزه قائلا إنه "مرهق، وخائف إلى حد ما" بحصوله على هذه الجائزة المرموقة.
سيرة أديب نرويجي
ولد يون فوسه في مدينة هاوجيسوند بالنرويج، وتعرض لحادث خطير وهو في السابعة من عمره جعله على وشك الموت. وأثرت هذه التجربة بشكل كبير على كتاباته لاحقا.
التحق فوسه بجامعة بيرغن ودرس الأدب المقارن، ونُشرت روايته الأولى "أحمر، أسود" عام 1983، مكتوبة بلغة نينوشك، وعرضت مسرحيته الأولى "ولن نفترق أبدًا"، ونشرت عام 1994.
وكتب فوسه عددا من الروايات والقصص القصيرة والشعر وكتب الأطفال والمقالات والمسرحيات، وترجمت أعماله إلى أكثر من 40 لغة. ويجيد عزف الموسيقى (الكمان)، وحصل على وسام الاستحقاق الوطني من فرنسا عام 2003.
ويستخدم فوسه مقر إقامة فخريا مملوكا للدولة النرويجية، ويقع في مبنى القصر الملكي وسط مدينة أوسلو، منحه إياه ملك النرويج تقديرا لمساهماته في الفنون والثقافة النرويجية.
وكان فوسه من بين المستشارين الأدبيين لترجمة نرويجية للكتاب المقدس نُشرت عام 2011، وفي أبريل/نيسان 2022، وصلت روايته "اسم جديد"، التي ترجمها إلى الإنجليزية داميون سيرلز، إلى القائمة المختصرة لجائزة البوكر الدولية.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
المؤلفون الأوائل بين النقل والانتحال
بداية، لا أكتب هذا المقال تعريضًا بكتاب، أو تشهيرًا بأحد من المؤلفين، إنما أشير فقط إلى ملاحظات وقفت عليها، أثناء قراءتي لبعض الكتب التراثية العمانية، والوقوف على منهجها التأليفي، وإذا كنت مضطرًا إلى الحديث عن بعضها، فللاستشهاد بها فقط، كأنموذج لتلك المؤلفات، التي أكثر فيها مؤلفوها من النقل من كتب غيرهم، دون الإشارة إلى المصدر الأم، حد الانتحال في بعضها، ولعل عادة بعض المؤلفين الأوائل النقل من بعضهم، فيقتطعون صفحات من كتب مختلفة، يلحقونها بكتبهم، ويدبِّجون كتابًا «توْليفًا» وليس «تألِيفًا»، ولا يجدون في ذلك حرجًا ولا غضاضة، وليس في حسبانهم أنَّ فعل النقل هذا يصل بهم إلى الانتحال، وكل ما يقومون به إضافة كلمات رابطة بين تلك الفصول، ليبدو الكتاب في ظاهره تأليفًا كله، وفي الحقيقة ما هو إلا منحول أو منخول من كتب أخرى.
في زيارة للأستاذ المرحوم عبدالله بن سلطان المحروقي (ت: 2021م)، وهو من مثقفي مدينة سناو بالمضيبي، يوم أن كان يعمل في مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية، مُشْرفًا على مشروع نشر الكتب وطباعة المخطوطات، التي كانت تصدر من مكتب المستشار، في ذلك اللقاء بمكتبه أواخر التسعينات، تحدث معي عن شيخ عُماني مشهور بإجادته العلوم الرُّوحانية، وأن له كتابًا في «علم الرَّمل»، وكان الأستاذ المحروقي في حديثه عنه، مشوب بإعجاب وتقدير لهذا المؤلف، وأنه متمكن من هذا العلم.
وحين رجعت إلى ذلك الكتاب، وجدت أنَّ المؤلِّف أبحر كثيرًا، في تقديم كتاب طبق الأصل، من كتاب «منبع أصول الرَّمل»، لمؤلفه المصري عبدالفتاح السيِّد الطوخي، حتى أنه نقل مقدمة الطوخي كلها، ولم يقم بأية إضافة، عدا أنه ذكر في تمهيده للكتاب هذا النص: (مما قاله العلامة الرَّباني الفقيه عامر بن علي بن مسعود العبَّادي النزوي العماني، المتوفى في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، في كتابه ديوان «أنوار الأسْرار ومنار الأفكار»، وفيه منظومتان تشتملان على أصول علم الرَّمل)، فنقل منه المؤلف ما يوثق به حجته، أن العمانيين لهم في هذا العلم منظومات ومؤلفات.
بعد تلك الفقرة، يعود المؤلف إلى كتاب الطوخي، فينقله نقلًا كاملًا، بعناوين فصوله الفرعية، والعجيب أنه حين يأتي ذكر لاسم أحد المستشفيات المصرية في كتاب الطوخي، يبدله المؤلف العماني باسم مستشفى في عُمان، وفي الغالب يكون «مستشفى خولة» بمسقط هو الأقرب، لينتهي الكتاب المنحول عند جدول حرف الطاء، بعد أن بدأها هجائيًا من الألف حتى الطاء، وهو ذات الحرف الذي توقف عنده الطوخي في كتابه، ولم يضمنه «منظومة الهمزاني» المكونة من 419 بيتًا، التي ضمنها الطوخي في كتابه، ولم ينهه بخاتمة كما أنهى الطوخي كتابه، فنُشِر الكتاب على أنه من تأليف الشيخ العُماني كله، وفي الحقيقة هو ليس له، إنما نسخة منحولة من كتاب الطوخي، وبالتأكيد لم يكن ناشر الكتاب قد قصد إجازة كتاب منحول، وكذلك أحسن الظن بمؤلف الكتاب رحمه الله، أنه لم يقم بعمله هذا، إلا بعد أن طُلب منه تأليف كتاب في علم الرَّمل، ذاكرًا هذا الطلب في مقدمته، ما يعني أنه لم يؤلفه بدافع شخصي، إنما استجابة للواجب، وقدَّم كتابًا كما طُلِب منه، وهو ليس له في حقيقة مادته.
الحديث ذو شجون حول هذا الجانب، حتى أنها طالت مؤلفين كبار، لهم باع في التأليف، وأجدني مضطرًا إلى الحديث عن بعضهم، ولكن ليس من باب التشهير والتعريض، فهم في أعزِّ مكانة وأجلِّ قدرًا، وقد ينقل أحدهم فصلًا أو فصولًا، يضمنها كتابه، ولا يرى في ذلك انتحالًا، وهذا ما قام به الشيخ السلوكي ناصر بن أبي نبهان الخروصي (ت: 1262هـ/ 1847م) عليه رحمة الله، وهو أعز من أن ينتحل كتابًا ليس له، ناهيك أن له مؤلفات كثيرة بلغت ذروة من الإبداع في التأليف، لكنه وللأسف الشديد نقل فصولًا من كتب أخرى، في كتابه الأدبي المهم «فَلَكُ الأنْوار ومَحَكُّ الأشْعار»، الصادر عن وزارة التراث والثقافة عام 2020م، بتحقيق أ. د. عبدالمجيد بنْجلَّالي، ومحمد بن علي الهنائي، ومن مقدمة الكتاب، نفهم أن المُحقِّقَيْن بذلا جهدًا في تحقيقهما وترتيب أبواب الكتاب، وإرجاع أصل مادته إلى الكتب التي نقل منها المؤلف، يؤكد هذا النقل كاتب مقدمة التحقيق الدكتور بنْجلَّالي، مشيرًا إلى أنَّ النساخ عاثوا فسادًا في مخطوطة الكتاب، فلم يفرِّقوا في بعض الأحيان بين حديث نبوي شريف وقرآن كريم، أو نسبة شعر إلى غير قائله، أو قائل لشعر ليس له وإنما لغيره، وأشكال متنوعة من عبث النساخ، ظهرت في مخطوطة الكتاب.
يكتب بنْجلَّالي في تقديم تحقيقه لفلك الأنوار: أنَّ الكتاب (يكشف عن الرؤية النقدية للكاتب، غير أن هذه الرؤية لم يقدمها من خلال دراسة قام بها الكاتب من دراسات خاصة به، وإنما من خلال الآخرين، أي أنه قام بنقل ما كان يتصوره في مخيلته، عبر وسيط جاهز وجده في الكتب، وأن الباب الأول من الكتاب يقع في حدود 34 صفحة، فلا يشير الشيخ ناصر فيه إلى أي مصدر من المصادر التي نقل منها، فيما نقل بعد ذلك من كتاب «إيساغوجي» في علم المنطق، للمفضل بن عمر الأبهري، و«نَظْم متن إيساغوجي» لأبي الفتح المالكي، و«شَرْح نَظْم المَتْن إيساغوجي»، لم يذكر اسم الشارح، وإنما اكتفى بوصفه أحد المنطقيين فقط.
ونقل كذلك من كتاب «تلخيص المفتاح» للقزويني في علم البلاغة، ومن كتاب «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» لابن أثير الجزري، وغيرها من الكتب، يكتب المحقق في ذلك: (غير أن النقل من هذه الكتب، هو ما أتعبنا في التحقيق، لأن الخروصي يتنقل بين صفحات الكتب، التي ينقل عنها بطريقة غريبة، يأخذ ما يشاء، ويتصرَّف كيف يشاء، ويقفز على صفحات متى شاء، ويغيِّر في العبارات، ويضيف كلمات، ويحذف أخرى، إلى حد يتغيَّر معه المعنى تمامًا، وقد يعطي معنى عكسيًا)، ويضيف أيضًا: (ولكن يُحسَب للخروصي أنه جمع في كتابه ما يُعَدُّ دستورًا للنقاد والبلاغيين، في اختياره لمعايير يؤول إليها الناقد والبلاغي، ليزن به سُلَّم الرفعة في المنظوم والمنثور).
ومن حسن حظ هذا الكتاب، أن وقع بين يدي ناقد حصيف، استطاع أن ينخله ويضبط نصه، ويرجع كل نص لصاحبه، ليبدو الكتاب كما أراد له المؤلف، تحفة أدبية، تضاف إلى المكتبة العُمانية، وإلى قائمة مؤلفات العلَّامة السلوكي، والمكتبة العمانية مليئة بالمؤلفات، ولعلها مليئة بالكتب المنقولة عن كتب الآخرين، لذلك بلغت بعض المصنفات الفقهية عشرات الأجزاء، وفي بعضها نقْلٌ من كتب المؤلفين السابقين، فيخترم منه المؤلف ما يشاء، ويضيفه إلى كتابه الجديد ليكون باسمه، والمندوحة في ذلك هو نشر العلم.
إن تحقيق الكتب التراثية عملية مضنية، لا يكفي تصحيح مادتها لغويًا، والاشارة إلى عناوين المصادر القرآنية والحديثية والشعرية وغيرها، ولكن الالتفات بذكاء إلى أصل مَتْن الكتاب، فقد يكون نقلًا من كتب أخرى، دون الإشارة إليها، أو يشار إليها تلميحًا، بذكر اسم الكتاب المنقول عنه دون ذكر اسم المؤلف، أو اسم المؤلف دون ذكر اسم الكتاب، مع التأكيد والتركيز على العبث الذي قام به بعض النساخ في نسخهم للمخطوطات، حيث يغلطون كثيرًا في نسخ الكتب إلى حد التشويه.