متابعة بتجــرد: يُعتبر  فيلم “زاحف” أول تحفة سينمائية حديثة من إبداع المخرج غرانت سينغر، وهو عمل يترك انطباعًا لا ينسى بأداء ساحر من قبل النجم الكبير بينيسيو ديل تورو.

ويقدم ديل تورو في هذا العمل أداءً يصعب تفويته، حيث ينغمس بمهارة في شخصية غامضة تتيح للجمهور تجربة مشاعر متنوعة وعميقة. لا شك في أن هذا الأداء يُعتبر إحدى أبرز مميزات الفيلم.

تعتري بعض القضايا التي تتعلق بتطوير الشخصيات الثانوية فراغات إيقاعية، وهو ما يلوح بأثره السلبي على تقدم السرد. يبدو أن الفيلم يستهلك تفاصيل معقدة بزيادة، مما يتيح للشخصيات الثانوية فرصة أقل للتألق بأدوارها الفنية. هذا الجانب يمكن أن يكون محط قلق للمشاهدين الذين يتطلعون إلى تصوير شخصيات فرعية مميزة ومعقدة.

ويبرز تأثير غرانت سينغر بجلاء، حيث يبدو وكأنه يتَّبع خطى المخرج العبقري ديفيد فينشر. حيث يتميز هذا المنتوج الفني بإنتاج متقن وعناية دقيقة بالصورة والإخراج، ولكن يمكن أن يلفت انتباه تركيز المشاهد الزائد على تعقيدات الحبكة على حساب التطور السردي.

تظهر شخصية ويل غرادي، التي يقوم بتجسيده ببراعة الممثل جاستن تيمبرليك، كمستثمر عقاري متعامل مع وكيلة عقارية تُدعى سومر، تمثلها ماتيلدا لوتز. تقوم هذه الثنائية بشراء منازل مستأجرة بأسعار مخفضة وبعد ذلك يتم تجديدها وإعادة بيعها في المنطقة نفسها، وكل ذلك تحت إشراف الأم الحاضنة لويل كاميل، التي تؤدي دورها بإقناع فرانسيس فيشر.

 في مشهد مأساوي يتغير مجرى الأحداث، يلتقيها ويل سومر في منزل عقاري وتظهر علامات وحشية على وفاتها. يتم تحقيق الأمور بسرعة تحت إشراف المحقق توم نيكولز ديل تورو وشريكه دان كليري آتو إيساندوه، ويبدو أن ويل غرادي يخفي أسرارًا غامضة وغير معروفة تعزز من توتر القصة. بينما تكشف اللقطات عن طيات قصة ويل، يبدو أنه يبحث دائمًا عن الحب والاقتراب من حبيبته المتوفاة بشغف.

 يُظهر ويل مارك لوفري بجلاء أنه متورط في أمور مشبوهة، لكنه يجد الجثة لأول مرة في المستنقع، ويُعتقد في البداية أن الجثة تعود إلى زوجته السابقة ماريما شارلوت غينسبورغ، وهذا ما يزيد التشويق في القصة.تظهر شخصية ويل بشكل غريب الأطوار في  العديد من المشاهد، حيث تُظهره لقطات فيديو مراقبة وهو يقوم بقص شعر شخص غريب مما يثير الاستفسار حول طبيعته الغامضة وسلوكه الغريب.

بالنسبة لإيلي فيليبس مايكل بيت، يعتبر مشتبهًا به آخر في القائمة المتوالية من الأشخاص الغامضين في الفيلم. يتبين أن والده تضرر في صفقة تعامل مع ويل غرادي، مما يشير إلى احتمال قيام إيلي بالانتقام من ويل. هذه التفاصيل تزيد الغموض في الفيلم، وتضفي عناصر الجريمة والتحقيق تعقيدًا إضافيًا على الحبكة العامة.

يتم تقديم ثلاثة مشتبه بهم رئيسيين بشكل غير عادي، حيث يتصاعد التوتر في حبكة السيناريو الذي أُلفه بمهارة كل من السيناريست بنجامين بروير وديل تورو وسينغر. يشارك هؤلاء الممثلون مع طاقم كبير من الشخصيات الثانوية، والذين يأخذون توم نيكولز، المحقق الرئيسي الذي يُجسد ببراعة عن طريق ديل تورو، في رحلته المثيرة.

أليشيا سيلفرستون تقدم أداءً فعّالًا في دور زوجة توم نيكولز، جودي، حيث تؤدي دورًا حيويًا في الكشف عن لغز الجريمة. إنها شخصية شجاعة ومشاركة بشكل فعّال في البحث عن الحقيقة.علاوة على ذلك، يتم تقديم شخصية الكابتن روبرت آلن بأداء رائع من قبل إيريك بوغوسيان، وهو رئيس توم نيكولز، الذي يُشخص بمرض متلازمة التصلب العصبي المتعدد.

يعكس هذا الفيلم بشكل مثير أشكالًا مختلفة من الشخصيات، ويقدم رؤية جديدة تمامًا عن الأدوار التقليدية. تجد نفسك مشغولًا بكل شخصية ومشهد، مما يمنح الفيلم أجواءً مميزة تذكرك دائمًا أنك تشاهد عملًا سينمائيًا يشكل مزيجًا معقدًا بين الأسلوب والرؤية، حيث يبدو أن هناك تحديًا في توازن الأسلوب والغموض الرئيسي.

ويتقن المخرج التصوير بشكل جميل ويأتي بمشاهد مهيبة في الفيلم، ولكن يبدو أن هذا الجمال بعض الشيء فارغ من ناحية الرسالة أو المعنى.

تمتلئ متتاليات المشاهد بالعديد من العناصر والشخصيات الفرعية، ولكنها لا تبدو متماسكة بشكل جيد وتترك بعض الأسئلة دون حل. ومع ذلك، يبرز أداء ديل تورو على نحو استثنائي، حيث يؤدي دور توم نيكولز بشكل مدهش. تتقاطع المأساة والبساطة في أدائه بطريقة مميزة، ويظهر الشعور بالتوتر والرغبة اليائسة في السلام من خلال لغة جسده وتعابيره العينية.

غرانت سينغر يبرز لأول مرة بشكل واضح اهتمامه البالغ بتصوير أول فيلم بجمالية فائقة. يقدم للجمهور مشاهد مذهلة من خلال استخدامه المهارات الفنية في التكوين والإضاءة والتصميم البصري. تُخلق هذه المكونات معًا جوًا من الغموض والتوتر يضفي على الفيلم زاحف طابعًا سينمائيا خاصًا. كما  يوجه الممثلون بمهارة، مما يساعدهم على تقديم أداءات استثنائية.

ويتميز الأداء الرائع للممثلين مثل بينيسيو ديل تورو وجاستن تيمبرليك بتجسيدهم لشخصياتهم بشكل متقن.

 ينسج  سينغر  خيوط القصة بمهارة ليحافظ على تشويق الجمهور طوال الفيلم.  ويكشف عن الأحداث ببطء مدروس، مما يحافظ على الحبكة ويحفز التفكير.فضلا عن ذلك، يُظهر مهارات استثنائية في التحكم في الإيقاع والتوقيت. يستخدم التوقيت بشكل ممتاز لإبراز اللحظات الرئيسية والمفاجآت في نفق الأحداث. كما  يبرز بمهارة على الرمزية والميتافيزيقا لإضافة عمق إلى أعماله السينمائية، ويختار الموسيقى والصوت بعناية لتعزيز المشاهد والمشاعر.

 على الرغم من بعض العناصر الجيدة في الفيلم مثل أداء سيلفرستون وبوغوسيان، إلا أن ديل تورو يتألق على نحو خاص ويضيف طابعًا فريدًا إلى العمل. إن زاحف يعرض قصة معقدة مع أداءات مميزة، ويثير الكثير من الأسئلة والتفكير، مما يجعله جديرًا بالمشاهدة.

main 2023-10-06 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: فی الفیلم یبدو أن

إقرأ أيضاً:

موقع إيطالي: الهند وإسرائيل وستارلينك من يُدير لعبة التجسس الرقمية الكبرى؟

أورد موقع إيطالي أن "نظرية مؤامرة" مثيرة للجدل اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تزعم أن برنامجا هنديا مستخدما في إيران ودول الخليج مزروع ببرمجيات تجسس إسرائيلية، مع دور غامض لشبكة "ستارلينك" التابعة للملياردير إيلون ماسك.

وأوضح موقع "شيناري إيكونوميشي" في تقرير للكاتب فابيو لوغانو أن هذه القصة انتشرت بشكل واسع وأنها تبدو وكأنها مقتبسة من روايات التجسس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: ترامب تجاوز الخط الأحمر بتدخله في محاكمة نتنياهوlist 2 of 2صحف عالمية: ترامب يريد إنهاء حرب غزة ويتجنب الضغط على نتنياهوend of list

وذكر الكاتب أن القصة تزعم أن هذا البرنامج الهندي مليء بأبواب خلفية إسرائيلية. وتساءل عن سر جاذبية هذه الإشاعة التي تجمع بين "ستارلينك" لإيلون ماسك وعالم التجسس، رغم أنها لا تستند إلى أي دليل موثوق.

صورة مقلقة

وقال إن السرد، الذي ينتشر في مختلف المنتديات ومنصات التواصل الاجتماعي، من تلغرام على قناة "كلاش ريبورت"، إلى "منصة إكس"، يرسم صورة مقلقة عن دسائس جيوسياسية وتجسس إلكتروني وخيانات دولية مزعومة.

وأشار إلى أن من ضمن من يروجون لهذه القصة على منصة "إكس"، يبرز اسم نجيب خان، الذي "يدّعي" أنه متعاون مع شبكة الجزيرة الإعلامية.

وتفيد النظرية، وفقا للكاتب، بأن السلطات الإيرانية، عقب تحقيقات مشتركة مع الصين وروسيا، اكتشفت أن مبرمجين هنودا يعملون في إيران كانوا على تواصل مع الهند عبر خدمة "ستارلينك".

وتتضمن القصة الرائجة اعتقالات واستجوابات، وأن البرنامج ذو أصل إسرائيلي، مزوّد بأبواب خلفية مخفية، وهذه الثغرات الأمنية ستسمح بنقل البيانات الحساسة في الوقت المناسب إلى إسرائيل، بما في ذلك السجلات المدنية، وبيانات جوازات السفر، وحتى المعلومات الصادرة عن أنظمة المطارات.

وتمضي النظرية أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن هذا البرنامج قد يكون قادرا حتى على التدخل في الأجهزة العسكرية وتمكين عمليات تحكّم عن بُعد.

ولفت الكاتب إلى أن هذه المؤامرة المزعومة لم تقتصر على إيران فحسب؛ إذ تقول إن نفس البرنامج مستخدم في عدة دول خليجية ما يعني أن البيانات المتعلقة بكل شخص يدخل أو يغادر هذه البلدان، بما في ذلك المواطنون المصريون، تتم مراقبتهم ومشاركة المعلومات عنهم مع وكالات الاستخبارات الإسرائيلية.

إعلان

الحد الفاصل بين الواقع والخيال

ووفقا للكاتب، فإنه على الرغم من أن الحبكة مثيرة للغاية، فمن الضروري فصل الحقائق عن الادعاءات غير المُثبتة، خاصةً وأنّ الأكاذيب الجيدة غالبا ما تستند في النهاية إلى أجزاء من الحقيقة، ولا توجد أي مصادر صحفية أو تقارير استخباراتية موثوقة ومعتمدة تؤكد هذه القصة.

ومع ذلك، فإن بعض العناصر الجانبية تجعل هذه القصة قابلة للتصديق وجذابة، مما يسهم في انتشارها، مثل:

وجود الهنود في إيران: من الحقائق الثابتة أن عددا كبيرا من المواطنين الهنود يعملون في إيران. وقد أكدت تقارير حديثة أن آلاف الهنود، بمن فيهم مبرمجون وفنيون، قد تم إجلاؤهم من البلاد بسبب تصاعد التوترات الإقليمية والهجمات الإسرائيلية. هذه الحقيقة تضفي مسحة من الصدق على سياق القصة. استخدام ستارلينك في إيران: من المعروف أن خدمة ستارلينك، على الرغم من القيود الحكومية، قد استُخدمت في إيران لتجاوز الرقابة على الإنترنت خلال الاحتجاجات وفترات الأزمات. هذا التفصيل التقني، وإن لم يثبت العملية التجسسية المزعومة، يضيف بُعدا من الحداثة والواقعية إلى السرد. العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل: قامت عدة دول خليجية بتطبيع أو هي بصدد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، كما أن بعض هذه الدول تشتري وتستخدم بشكل مباشر برمجيات تجسس إسرائيلية مثل بيغاسوس وريجن. تفنيد القصة

هذه الحقيقة تجعل من غير الضروري -واحتماله أقل- اللجوء إلى وسطاء مثل شركات البرمجيات الهندية لتنفيذ عمليات تجسس. فدول الخليج ليست بحاجة إلى أبواب خلفية مخفية في برامج أطراف ثالثة ما دام بإمكانها شراء أدوات التجسس الأكثر تطورا مباشرة من المصدر الأصلي.

وخلص الكاتب إلى أن هذه القصة ورغم افتقارها إلى أدلة ملموسة، فإنها تستمد زخمها من أرض خصبة من الحقائق الجيوسياسية والتكنولوجية.

واختتم الكاتب مقاله بأن طبيعة هذه السردية الدرامية وتركيزها على موضوعات شديدة المعاصرة خلق لها انتشارا كالنار في الهشيم، لكنها، ما لم تظهر مصادر موثوقة تؤيدها، ستظل محصورة في نطاق النظريات الساحرة، ولكن غير المثبتة.

مقالات مشابهة

  • مهندس ديكور.. تفاصيل شخصية أحمد فهمي في أحمد وأحمد
  • شحاتة السيد يكتب: الأسرار المناخية في الأمطار الصيفية
  • مشاهدة مسلسل لعبة الحبار الموسم الثالث.. يعرض على نتفليكس
  • تجديد حبس المتهم بقتل شقيقه بسبب لعبة مراهنات فى إمبابة 15 يوما
  • بالاسماء.. إعلانات توظيف ومقابلات شخصية في عدد من المؤسسات اليوم
  • المندوس.. خزانة الأسرار والكنوز من قلب التراث والذاكرة الجماعية
  • سجل إجرامي للمستوطنين بالضفة ضمن لعبة تبادل الأدوار
  • أحمد خالد صالح: أقدم شخصية مصور جنائي ذكي في «فلاش باك»
  • موقع إيطالي: الهند وإسرائيل وستارلينك من يُدير لعبة التجسس الرقمية الكبرى؟
  • المقاصد - بيروت أيّدت موقف المفتي دريان: مصلحة لبنان تعلو فوق كل مصلحة شخصية