د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
منذ أن بدأنا في تعلم أبجديات القراءة والكتابة في المراحل الدراسية الأولى ما زلنا نحفظ أناشيد وبقيت عالقة في الذهن حتى اللحظة مثل "فلسطين داري.. ودرب انتصاري"، ورغم أننا لم نكن نعرف شيئًا عن فلسطين آنذاك، إلّا أنها حُفرت في مخيلتنا، وصرنا نتغنى بها ونتتبع أخبارها ومع الوقت باتت هذه القضية واضحة ولا تحتاج إلى معاجم لتفسيرها.
ومن القصائد التي ظلت محفورة في الذاكرة كذلك قصيدة إيليا أبو ماضي "وطن النجوم" التي تحمل صورة مثالية للحنين إلى الوطن وترابه؛ إذ يقول في مطلعها وطن النجوم أنا هنا .. حدّق أتذكر من أنا؟. بيد أن هذه القصائد غيبت عن المناهج الدراسية التي أنتجت أجيالًا لا يعرفون شيئًا عن فلسطين، وأحيانًا قد تصلهم الصورة ضبابية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بل ومغلوطة؛ مما أدى إلى ضعف الهمة تجاه هذه القضية الإنسانية العادلة قبل أن تكون عربية وإسلامية، وحق الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه وطرد المحتل الغاشم.
فهل يُلام الفلسطيني إن حّن إلى أرضه وتمسك بها ودافع عنها بكل بسالة، وضحى في سبيل ذلك بالغالي والنفيس؟! والأحداث الأخيرة التي تشهدها غزة العزة ليست سوى حلقة أخرى من مسلسل الظلم والقهر الذي يتعرض له الفلسطينيون وسط تآمر دولي فاضح، وتخاذل عربي واضح، ولن تكون الأخيرة ما لم يصحو ضمير المجتمع الدولي، ويتخلص من الهيمنة الغربية التي تكيل بمكيالين؛ فازدواجية المعايير لديها لم تعد تخفى على أحد، وتسيس المنظمات الدولية لصالح القوى العالمية لا يحتاج إلى دليل أو برهان وليس يصح في الأذهان شيء .. إذا احتاج النهار إلى دليل.
ومن كان على عينيه غشاوة فالعدوان الغاشم الذي تتعرض له غزة عرّى دعاويهم الباطلة، وفضح مؤامراتهم الدنيئة، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها واستشهاد من فيها من الأطفال والنساء والشيوخ هل يُعد هذا دفاعًا عن النفس كما يزعمون؟ ومن الذي يدافع عن نفسه أساسًا هل هو المحتل؟ أم صاحب الأرض المحتلة؟
وبالتالي لا يمكن التعويل على هؤلاء الذين كانوا سبب نكبة فلسطين منذ عام 1948م بدعمهم اللامحدود لإسرائيل شاهرًا ظاهرًا، وانحيازهم لها في كل محفل، كما لا يمكن التعويل على من أصبحت فلسطين ليست قضيته وباعها بثمن بخس في سوق السياسة مقابل منافع آنية وذاتية ولله الأمر من قبل ومن بعد. وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والشعوب القوية تفرض نفسها في نهاية المطاف فمهما طال الاحتلال فإنِّه لا محالة سيرحل صاغرًا ذليلًا ومن لديه شك في ذلك فليقرأ التاريخ جيدًا.
ختامًا.. لا نملك سوى الدعاء بأن ينصر الله إخواننا المستضعفين في فلسطين، وأن يوحد صفهم ويجمع كلمتهم على الحق. وعلى كل حرّ شريف أن يُساهم بما يستطيع لنصرة هذا الشعب الفلسطيني الأبي "نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (الصف: 13).. صدق الله العظيم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مقتل 6 أشخاص في غارة أمريكية جديدة قرب فنزويلا.. وواشنطن تقول إنها استهدفت مهربي مخدرات
في أحدث فصول التصعيد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قوات بلاده نفّذت غارة على قارب يُزعم أنه كان ينقل مخدرات قرب السواحل الفنزويلية، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص. اعلان
جاءت العملية، وفق ترامب، في المياه الدولية، مشيرًا عبر منصته "Truth Social" إلى أن "ستة رجال من الإرهابيين المتاجرين بالمخدرات قُتلوا في الغارة، من دون إصابة أي من أفراد القوات الأمريكية".
وتأتي هذه الغارة ضمن سلسلة ضربات نفذتها القوات الأمريكية خلال الأسابيع الماضية ضد قوارب في المياه الدولية تتهمها بنقل شحنات مخدرات من أمريكا اللاتينية، ما أثار إدانات دولية واسعة ومخاوف من تصعيد عسكري في المنطقة.
سلسلة من الغاراتفي 3 تشرين الأول/أكتوبر، نفذت القوات الأمريكية ضربة مماثلة على قارب قبالة فنزويلا أدت إلى مقتل أربعة أشخاص. كما أعلن ترامب في مطلع أيلول/سبتمبر عن مقتل 11 شخصاً في غارة استهدفت سفينة يُعتقد أنها كانت تحمل المخدرات في جنوب الكاريبي، أعقبتها غارتان أخريان خلال الشهر نفسه أسفرتا عن مقتل ستة أشخاص.
وكان ترامب قد وقّع، في تموز/يوليو، أمراً يوجّه وزارة الدفاع إلى استخدام القوة العسكرية ضد المجموعات المصنفة "إرهابية"، ما فتح الباب أمام توسيع نطاق العمليات خارج الأراضي الأمريكية.
ولكن، قوبلت هذه الهجمات بانتقادات حادة من دول في المنطقة مثل فنزويلا وكولومبيا، ووصفتها بأنها انتهاك واضح للقانون الدولي.
تعتبر السلطات الفنزويلية أن التحركات العسكرية الأمريكية قرب سواحلها تمثل "استفزازاً وتوغلاً غير قانوني"، فيما حذّر وزير الدفاع فلاديمير بادرينو في وقت سابق من "تجرؤ الإمبريالية الأمريكية على الاقتراب من السواحل الفنزويلية" وفق تعبيره، مشيراً إلى رصد خمس مقاتلات أمريكية في المنطقة.
وفي موازاة ذلك، أدانت الأمم المتحدة الضربات الأمريكية على القوارب الصغيرة التي تقول واشنطن إنها تهرّب المخدرات، معتبرة أنها عمليات قتل خارج القانون.
أما الولايات المتحدة، فتبرر الغارات بأنها موجهة ضد أعضاء شبكة "Tren de Aragua"، التي صنفتها كمنظمة إرهابية أجنبية. ويصرّ ترامب على أن بلاده تخوض "صراعاً مسلحاً" مع عصابات المخدرات، مشيراً في رسالة إلى الكونغرس عقب ضربة 3 تشرين الأول/أكتوبر إلى أن هذه الجماعات تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي.
جدل قانوني حول "الحرب على المخدرات"رغم تبرير واشنطن عملياتها بأنها دفاع عن النفس، يشكك العديد من خبراء القانون الدولي في شرعيتها، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة لم تقدّم أي أدلة على مزاعمها، ولم تكشف هوية القتلى الذين كانوا على متن القارب المستهدف.
ويرى هؤلاء أن الحديث عن "نزاع مسلح" مع كارتلات المخدرات يفتقر إلى الأساس القانوني، إذ لم يمنح الكونغرس الأمريكي تفويضاً باستخدام القوة، كما أن تلك الجماعات لا تمتلك هيكلاً مركزياً يرقى إلى مستوى "طرف متحارب" وفق القانون الدولي.
في هذا السياق، تتزايد المخاوف من أن تكون هذه الغارات مؤشراً على مرحلة جديدة من المواجهة بين الولايات المتحدة والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي سبق أن وجّهت إليه وزارة العدل الأمريكية في الولاية الأولى لترامب اتهامات بالاتجار بالمخدرات والفساد، ما يعمّق الخلافات ويزيد من احتمالات الانزلاق نحو صدام مباشر بين البلدين.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة