لجريدة عمان:
2025-08-01@11:57:06 GMT

هي الصوت مهما تلوّنت الأصداء

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

أجيال من الشباب العربي ولدت وكبرت وتفرقت بها السبل فلم تعرف لمفهوم القضية معنى سوى فلسطين، ولم تحمل هذه المفردة «القضية» ارتباطا بسياق إلا استحضرنا فلسطين، كما لم يكن للمقاومة ارتباط دلالي في ذاكرة الشباب العربي إلا وجاء متصلا بالدفاع عنها في استنكار ورفض للتسليم بنسيانها أو تناسيها، ولا لمفردة العدوان ارتباط إلا بإسرائيل احتلالا غاشما وتهجيرا قسريا لأهل الأرض من سكانها الأوائل، رغم مرور الوطن العربي بالكثير من القضايا الفارقة والمؤثرة على الصعيدين السياسي والاجتماعي إلا أن فلسطين تبقى صوت الوحدة العربي والإسلامي مهما تلونت الأصوات وتشعبت السبل.

رغم كل جهود إسرائيل العالمية للتطبيع وتوجيه الشعوب العربية لنسيان القضية بشغلهم بقضايا مصطنعة وحروب عبثية، وأعداء وهميين تماما كمراوح «دون كيشوت» الهوائية التي ظنها عمالقة مهاجمين، وتمر العقود فتتضاعف جهود إسرائيل في التركيز على انتزاع فلسطين بكاملها وتهجير أهلها بكل ما قد تحمل تلك الجهود من تجييش إعلامي مدعوم مكثّف لكافة الوسائل التقليدية وغير التقليدية، وعلاقات دولية ثنائية أو جماعية؛ إقليمية أو دولية، معلنة أو مستترة، وتوظيف صريح لطاقات القوى الناعمة ثقافيا كاللغة والرياضة وغيرها من جسور ثقافية دولية معلومة، وتحالفات أمنية عسكرية وأخرى اقتصادية معلنة أو مستترة كذلك.

وتمر السنوات وتتوالى العقود لتتبدل مستويات وعي الشعوب بقضية فلسطين وحق شعبها في وطنه، ومن عجب أننا نجد أن تعاطفا دوليا نشأ وتنامى بشكل جلي في أماكن مختلفة من العالم الغربي الذي كان مع إسرائيل برمته، وما ذلك التعاطف إلا تأسيس من قبل المعنيين بالقضية سواء من أهلها أو من القرّاء والباحثين الذين وصلوا انفعالهم الآني بفضول معرفي قادهم للبحث والتقصي بلوغا لمفاد من واقع القصة الحقيقية تاريخيا وإنسانيا، وواقعا منطقيا لا يقبل الشك أو الإنكار، ومن عجب أنه حين تكبر القضية غربيا فيتزايد مناصروها، ويكثر مؤيدوها تصغر أصداؤها في العالم العربي الإسلامي بين أجوف متسلق على مصداقيتها وتعاطف الناس معها ليصل إلى منافع شخصية، أو جاهل استجاب لآلة الترويج الإسرائيلية بأدوات عربية فمُسِخَ متحولا -لا إلى صامت أو ميت- بل إلى بوق مردد أكاذيب العامة في إسرائيل من أنها قضية فردية وليست جماعية، قضية شعب واحد لا أمة كاملة، والحق أقول: لم يَعْدُ هذا قصة «الثور الأبيض» الذي أُكِلَ حقيقة يوم تصفيقه لتصفية باقي أصحابه.

وتأتي لحظة مواجهة مدويّة صادمة لتختبر عقودا من التعاطف الشعبي الغربي، والاتحاد الشعبي العربي لتسقط قامات وترتفع هامات، وما تلك إلا لحظة إعلان المواجهة بين حماس وإسرائيل في إحدى تصادمات الواقع العربي (لا أقول الفلسطيني وحسب) يوم السبت الماضي مع الحرب التي أعلنتها إسرائيل في قطاع غزة ردا على هجوم حماس الذي أسمته «طوفان الأقصى» حاملا معه طوفانا حقيقيا من كل شيء، بين تكهنات عربية أو غربية، وتحليلات غربية وأخرى شرقية، عربية أو عبرية، مهاجمة أو متعاطفة أو مشككة في الهجوم وإمكانياته في تجاوز قدرات إسرائيل العسكرية والأمنية الاستخباراتية بأن ما هو إلا طعم تقدمه إسرائيل للعالم تبريرا لما تحاوله وتريده من تجريف للأرض تماما وتهجير أهالي غزة في ما تريد له أن يكون مشهدا لردة فعل لفعل سابق، متناسية ذاكرةً حقيقيةً لأمة بأكملها، ثم لشعب فلسطين بأن الحكاية لم تبدأ من هنا، وإنما بدأت منذ ما يزيد عن ربع قرن من المآسي المتوالية في محاولات مستمرة لخلق كيان حقيقي لمتغيرات زائلة لا محالة.

ومع التكهن بالمؤامرة وتحليل تشكلات الحرب من قبل أحلافها في كل مكان تتزايد الأطروحات وتتبدل درجات الوعي، وتتغير التعاقدات لما قد يظهر أو يتراءى أو يتماهى، أو حتى يخفى من تقنع الساسة بألف وجه، وتلبس الإقطاعيين بألف زي سعيا لمنالهم الشخصي ومصالح دولهم أو مؤسساتهم المرسومة.

سواء كانت مواجهة السبت كمينا مصنوعا أم مقاومة حقيقية، فإن اليقين في أن القضية قضية حقيقة أمر لا جدال فيه ولا مراء، ولم يبق حينها لأي متلوّن إلا الخباء حتى يعبر الرعاء فـ(لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)، أما الجهر بالجهل أو التجاهل من عربي في مثل هذا التوقيت ما هو إلا عداء معلن، واستلاب مستهجن لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال؛ إذ يمكننا مناقشة أساليب الدعم إنسانيا واجتماعيا وثقافيا أو حتى عسكريا إن أمكن مع الاستفادة من دروس العقود الماضية في ضرورة الحذر من إغناء الأفراد على حساب قضية إنسانية جماعية، ويمكننا اقتراح وسائل للتحليل أو طرق للتعبير، كما يمكننا الاختلاف أو الاتفاق مع الحاصل من واقع الحرب الحالية، أما المأمول فلا يمكن أن يكون أقل من نصرة كاملة لقضية عادلة مهما تقادمت أو تبدلت أشكال وألوان وأصداء معتنقيها أو أسلحة مناهضيها.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

منظمات حقوقية وخبراء ألمان: "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية بغزة

برلين - صفا أكدت منظمات حقوق الإنسان وخبراء في ألمانيا، أن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في برلين بشأن الوضع الإنساني في غزة، ودور الاتحاد الأوروبي وألمانيا حيال ذلك. وقال مسؤول شؤون الشرق الأوسط في جمعية "ميديكو إنترناشيونال رياض عثمان: إن "إسرائيل" وحكومتها وجيشها يجب أن يحكم عليهم من خلال أفعالهم لا بياناتهم الصحفية. وأضاف أن الطرق الآمنة التي وعدت بها لإيصال المساعدات لا تزال غير واضحة وأن قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعرضت لهجوم. وأكد أن عدد الشاحنات المسموح لها بالعبور حتى الآن ضئيل بشكل مثير للسخرية. وأشار إلى أنه من المستحيل تلبية الاحتياجات اليومية بـ600 شاحنة فقط، حيث تم تدمير البنية التحتية الأساسية والخدمات الصحية والزراعة في غزة بشكل ممنهج. ولفت إلى أن وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول وصف الوضع في غزة بأنه غير مقبول. وتابع "مع ذلك، لم يتم قبول هذا الوضع بوضوح من قبل الحكومات الألمانية السابقة والحالية منذ أكثر من 20 شهرًا، بل إنهم دعموا بنشاط حلفاءهم الإسرائيليين في استمرار هذا الوضع وتفاقمه بشكل خطير". وأوضح أن منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل" التي تتعاون معها منظمة ميديكو إنترناشيونال منذ سنوات طويلة، خلصت في تقرير نشرته أمس إلى أن الحكومة الإسرائيلية ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية بغزة. بدورها، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في ألمانيا، جوليا دوخرو إن تجويع المدنيين عمدًا يعد جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأضافت "هناك أدلة كافية على أن إسرائيل تستخدم التجويع سلاح حرب". وأكدت دوخرو أن التجويع قد يشكل جريمة ضد الإنسانية إذا حدث كجزء من هجوم واسع النطاق أو ممنهج على المدنيين، وأن وتابعت "عندما يتم استخدام التجويع عمدًا سلاح حرب من أجل توفير ظروف معيشية قد تؤدي إلى الإبادة الكاملة أو الجزئية لمجموعة ما من الناحية الجسدية فإن ذلك يُعد جريمة إبادة جماعية".

مقالات مشابهة

  • متحدث الحكومة الفلسطينية: هناك أطراف تحاول استغلال القضية الفلسطينية لتفتيت الموقف العربي
  • البرلمان العربي يدعو إلى إطلاق مبادرة تحالف البرلمانات من أجل عدالة دولية بلا تمييز
  • صدمة في تل أبيب: نخبة إسرائيلية تتهم دولتهم بارتكاب إبادة جماعية وتدعو لعقوبات دولية
  • خبراء أمميون: أفعال إسرائيل بغزة همجية وترقى إلى جرائم إبادة جماعية
  • رئيس البرلمان العربي: الحراك الدولي الحالي يؤكد للعالم أجمع عدالة القضية الفلسطينية
  • إعلان نيويورك: اتفقنا على اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في غزة
  • منظمات حقوقية وخبراء ألمان: "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية بغزة
  • منظمات حقوقية وخبراء ألمان: "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية في غزة
  • باحث علاقات دولية: خطاب الرئيس السيسي أكد محورية الدور المصري في القضية الفلسطينية | خاص
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تقوم بـ حملة إبادة جماعية ممنهجة في غزة