موقع 24:
2025-07-31@15:55:17 GMT

حرب سيئة في الوقت السيء

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

حرب سيئة في الوقت السيء

تفجرت الأحداث في غزة بين إسرائيل وحماس، منذ أكثر من أسبوع ورافقتها دماء كثيرة، من الجانبين دون مفاضلة بين دماء المعسكرين، رغم أن دماء الفلسطينيين الكثيرة كان يمكن تجنبها، لو كان رد إسرائيل كما تدعي دفاعياً أو شرعياً، ذلك أن العقاب الجماعي والقصف العشوائي، لا يدخل بالتأكيد تحت مظلة هذا التعريف.

وعلى عكس حروب و اشتباكات سابقة، يختلف القتال اليوم عن كل ما سبق، ويجمع بين أطراف كثيرة متورطة فيه أو معنية به، في توقيته السيء، إسرائيلياً، وفلسطينياً، وعربياً، ودولياً أيضاً.


إسرائيلياً، جاء الصراع في توقيت سيء لنتانياهو، الذي كان يصارع للإفلات من المحاسبة والملاحقة القضائية، بإصلاحاته التي قسمت إسرائيل، كما لا تنقسم منذ عهد المملكتين في التوراة، بين يمين متطرف ويمين أكثر تطرفاً، وبين يسار ممزق، ودعاة سلام لا تُسمع أصواتهم. ومن سوء حظ نتانياهو الذي كان يرى نفسه ملك إسرائيل غير المتوج، وداوود الجديد، أن ينتهي به الأمر بعد الحرب، مهما كان مآلها، منبوذاً بسبب الأخطاء الفادحة التي ارتكبها والتي أفضت إلى 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ولن تفلح محاولاته العسكرية وإنجازاته، وإن تحققت بعد الحرب، في ترميم صورته ومصالحة الرأي العام الإسرائيلي معه، وربما مع حزبه الليكود نفسه الذي ستعصف به الملاحقات والمساءلات حتماً.
أما فلسطينياً، فهي حرب في وقت سيء، كما كل الحروب السابقة، التي عمقت المأساة الفلسطينية، إذ ربما تنتهي بنكبة جديدة، مع سيطرة اليمين الفاشي على السلطة في إسرائيل، ووضعه مشروع الترانفسير القديم موضع تنفيذ، إما إلى مصر، أو إلى الأردن، أو إلى أرض الله الواسعة، لو تشكل في إسرائيل تحالف جديد بقيادة بن غفير، وسموتريتش والصهيونية الدينية المتطرفة، على أنقاض عرش نتانياهو.
حماس أيضاً، احتلت أيضاً مكانها على قائمة الخاسرين، فبعد نشوة المفاجأة، وفرحة المواجهة وربما بعد الانتصارات التي يمكن أن تحققها في غزة، إثر الاجتياح الإسرائيلي المنتظر، فهي ربما لن تجد أرضاً أو شعباً، ولا لاجئين تحكمهم، وتتذرع بالدفاع عنهم لتستمر لاعباً مؤثراً على الساحتين الفلسطينية والإقليمية، وربما تنتقل إلى جنوب لبنان، أو إلى معسكرات في إيران، أو في العراق، تماماً كما حصل بعد احتلال بيروت في 1982، لقوات الرئيس الفلسطيني الراحل التي تفرقت بين تونس، والجزائر، وعدن، وغيرها من العواصم العربية، بعيداً عن خطوط المواجهة، والجبهات.
أما أمريكا، وبايدن تحديداً فهو ليس أفضل حالاً، فهذه الحرب تضعه في ورطة فعلية، وهو المُقدم على سنة انتخابية حاسمة، والمعلوم أن على كل رئيس أمريكي في السلطة أو مرشح لها، أن يعرب عن التزامه بإسرائيل وأمنها مهما كلف الأمر، وأن يضع في اعتباره، أن إسرائيل مقدمة على غيرها من الملفات، والنقاط في برنامجه الانتخابي. لذلك كان على بايدن، أن يُكرر هذا التعهد، فأرسل الطائرات، والقنابل، والدبابات، وحاملات الطائرات، لتهدئة الناخبين في بلاده، والمناوئين في حزبه، والمعارضين في الحزب الجمهوري بقيادة ترامب، ما حرمه ولا شك من أي هامش ممكن للمناورة، أو الاعتدال، إسرائيل أولاً ثم البقية تأتي...
أما أوروبا فهي بدورها، ليست في وضع أفضل من بايدن، وهي التي تستعد كذلك إلى سنة انتخابية ينتظر أن تشهد مداً يمينياً متطرفاً أكبر، في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو (حزيران) المقبل، ولانتخاب برلمانات ما لا يقل عن 7 دول أخرى، بينها دول كبرى مثل بريطانيا، أو ألمانيا، مهددة بطفرة يمينية متشددة، فضلاً عن دول تستعد لتعزيز نفوذ أقصى اليمين فيها، مثل الدنمارك، أو تشيكيا، أو فنلندا، فضلاً عن رومانيا، وأيرلندا، حيث تسعى كل الحكومات في هذه الدول، وهي في أغلبها على يمين المشهد السياسي، إلى مواجهة هذه المد اليميني المعادي للمهاجرين، ولليهود والسامية أيضاً، إضافة إلى فتح الجرح الغائر الذي حاولت أوروبا على امتداد 7 عقود نسيانه، جريمة الإبادة لليهود في أوروبا، بسبب المسألة اليهودية، قبل التوصل إلى حل الدولة اليهودية في 1948.
ولكن عندما تنقل قنوات التلفزيون صور انهيار، أو صور تهديد المشروع القديم جدياً، مع انتشار الفيديوهات "لإبادة" اليهود في فلسطين، فإن دم قادة أوروبا، يغلي، لأن في ذلك تهديد بعودة المسألة اليهودية إلى قلب المشهد السياسي في أوروبا، مع ما يعنيه من إطلالة شبح النازية والفاشية من جديد في القارة العجوز، مُضافاً إليه عنصر ضاغط آخر، يتمثل في المهاجرين وأبناء المهاجرين الذين يشكلون اليوم ملايين الأوروبيين الجُدد، الذين لن يقفوا على الحياد، إذا تفجرت قنبلة العنصرية والتطرف في أوروبا مرة أخرى.
ولذلك كان رد أوروبا على الأحداث في غزة وإسرائيل صادماً، فتأييد إسرائيل الأعمى والمطلق، يكشف حجم الرعب من تفجر رمانة معاداة السامية من جديد في وجه أوروبا التي تكافح شرقاً لوقف التهديد الروسي، وجنوباً لوقف خطر الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.. وأيضاً موجات المهاجرين العاتية، وتسونامي الإرهاب الإسلامي الهادر، كما حصل منذ يومين في فرنسا مثلاً، لتجد القارة العجوز نفسها، بعد ثلاثة أرباع قرن من الزمن، في ذات المربع الذي كانت فيه ذات 1939-1945.
وعربياً أيضاً، يأتي تفجر الصراع في وقت غير مناسب، فهو يهدد بنسف المكاسب القليلة التي تحققت بعد كارثة "الربيع العربي" وما تبعها، وبعد محاولات عقلنة القرار السياسي العربي، بتحولات سياسية واستراتيجية تركز على التنمية والتعاون، والتضامن الدولي، فإذا بالأحداث تأخذ دولاً كثيرة أو تقربها من العودة إلى بيانات "هنا القاهرة" عن الانتصارات والغنائم، مع تبعها لاحقاً من خسائر بشرية وحضارية وثقافية واقتصادية مدمرة.
إنها حرب سيئة في الوقت السيء.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة

إقرأ أيضاً:

هولندا تحظر دخول بن غفير وسموتريتش وتدعو إسرائيل لـ تغيير مسارها

في أول رد فعل، علّق إيتمار بن غفير، على القرار الهولندي قائلًا إنه سيواصل العمل من أجل إسرائيل "حتى لو مُنعت من دخول كل أوروبا"، على حد وصفه. اعلان

أعلنت الحكومة الهولندية، مساء الإثنين، حظر دخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى أراضيها، على خلفية مواقفهما بشأن الاستيطان وتصريحاتهما المتعلقة بقطاع غزة، وفق ما نقلته وسائل إعلام هولندية وإسرائيلية، من بينها صحيفة "جيروزاليم بوست".

وفي بيان رسمي، قال وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب إن مجلس الوزراء قرر تصنيف الوزيرين الإسرائيليين "شخصيتين غير مرغوب فيهما"، والبدء بإجراءات إدراجهما في نظام شنغن للممنوعين من الدخول.

وأوضح فيلدكامب أن القرار يعود إلى "تحريضهما المتكرر على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، ودعوتهما المستمرة لتوسيع المستوطنات غير القانونية، فضلًا عن التصريحات التي تضمنت دعوات للتطهير العرقي في غزة"، بحسب تعبيره.

استدعاء السفير الإسرائيلي

وأضاف الوزير أن سفير إسرائيل لدى لاهاي سيتم استدعاؤه رسميًا، لإبلاغه بضرورة "دعوة حكومة نتنياهو إلى تغيير مسارها الحالي في غزة"، واصفًا الوضع القائم بأنه "لا يُحتمل ولا يمكن الدفاع عنه". كما أشار إلى توافق أوروبي على "مواصلة الضغط على حركة حماس من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار".

Related خليل الحية ينتقد انسحاب إسرائيل من مفاوضات الدوحة رغم التقدم الذي تحقق ويدعو العرب للزحف نحو فلسطينبين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزةبسبب الوضع الكارثي في غزة.. المفوضية الأوروبية تقترح تعليق تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة

رد بن غفير

وفي أول رد فعل، علّق إيتمار بن غفير، صباح الثلاثاء، على القرار الهولندي قائلًا إنه سيواصل العمل من أجل إسرائيل "حتى لو مُنعت من دخول كل أوروبا"، على حد وصفه.

وكتب بن غفير: "سأواصل المطالبة بتفكيك حماس ودعم جنودنا. القتلة والمغتصبون هم أعداؤنا، ولكن في أوروبا، كما هو معتاد، يُلقى اللوم على الضحية". وأضاف في منشور على وسائل التواصل: "في مكان يُستقبل فيه الإرهابيون بحرارة، يُمنع وزير يهودي من إسرائيل من الدخول، بينما يُطلق سراح الإرهابيين ويُقاطع اليهود".

بدوره، قال سموتريتش تعليقًا على القرار: "أوروبا لم توفر الأمان لليهود في الماضي ولن تفعل ذلك مستقبلًا".

توتر بين هرتسوغ ورئيس وزراء هولندا

وفي سياق متصل، شهدت العلاقات بين الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ورئيس الوزراء الهولندي ديك شوف توترًا علنيًا، بعد نشر الأخير بيانًا حادًا حول الوضع الإنساني في غزة وتلويحه بإجراءات أوروبية ضد إسرائيل.

وقال شوف، في منشور عبر منصات التواصل، إنه عقد اجتماعًا طارئًا مع نائبيه ووزيري الخارجية والدفاع لمناقشة "الوضع الكارثي في غزة"، مؤكدًا دعم بلاده لتقديم مساعدات إنسانية فورية ودون قيود للقطاع.

وأشار رئيس الوزراء الهولندي إلى أن بلاده ستدعم تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج "أفق أوروبا" للبحث والابتكار، إذا خلص الاتحاد الأوروبي إلى أن إسرائيل تنتهك الاتفاقات الإنسانية. كما لمّح إلى إمكانية فرض إجراءات تجارية إضافية أو خطوات وطنية مستقلة "لتعزيز الضغط".

وردّ الرئيس هرتسوغ على التصريحات بتغريدة قال فيها: "عذرًا، دولة الرئيس، مع كامل الاحترام، هذه التغريدة لا تعكس روح أو مضمون مكالمتنا الهاتفية"، مضيفًا: "كما أنها لا تعكس موقفي الواضح تمامًا: سيكون خطأ جسيمًا أن يتخذ الاتحاد الأوروبي مثل هذه الإجراءات، خاصة في ظل الجهود الإنسانية التي تبذلها إسرائيل وتعمل على تعزيزها".

وكانت حكومة سلوفينيا قد أعلنت، في وقت سابق من هذا الشهر، اتخاذ إجراءات لمنع بن غفير وسموتريتش من دخول أراضيها.

وبحسب البيان الصادر عن الحكومة حينها، فإن الويزيرين الإسرائيليين سيعلنان شخصين "غير مرغوب فيهما" بسبب "تصريحاتهما الداعية إلى الإبادة والتي تشجع عنفا متطرفا وانتهاكات خطيرة للحقوق الإنسانية للفلسطينيين".

ونددت الحكومة السلوفينية بتأييد الوزيرَين لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتشجيعهما على "التطهير العرقي" هناك، كما يحدث في قطاع غزة، بحسب البيان.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • السويد تطالب أوروبا بتجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • كيف تنظر إسرائيل إلى عقوبات أوروبا على المستوطنين؟ وما تأثيرها؟
  • أوروبا تعاقب إسرائيل.. إجماع بشأن الضفة وتباين بخصوص غزة
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • أوروبا تصعد لهجتها الصدامية تجاه إسرائيل
  • والد جندي أسير في غزة يدعو أوروبا لفرض عقوبات على "إسرائيل"
  • بن جفير ردا على قرار هولندا: حتى لو منعت من دخول أوروبا سأدعم إسرائيل
  • هولندا تحظر دخول بن غفير وسموتريتش وتدعو إسرائيل لـ تغيير مسارها
  • بن غفير تعليقاً على قرار هولندا منعه من الدخول: حتى لو تم منعي من دخول كل أوروبا سأواصل الدفاع عن إسرائيل