الخليج الجديد:
2025-06-27@03:47:26 GMT

«طوفان الأقصى»: الأفق والتوقّعات

تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT

«طوفان الأقصى»: الأفق والتوقّعات

«طوفان الأقصى»: الأفق والتوقّعات

ستدفع أميركا، والغرب عموماً، ثمناً معنوياً سيّئ العواقب بسبب الدعم الأعمى للانتقام الجماعي الذي مورس على أهالي قطاع غزة.

هذه الحرب قد تشفي غليل المهزومين الحاقدين بالانتقام من الشعب، لا سيما النساء والأطفال وكبار السن، لكنها لا تُكسبهم حرباً ولا تردّ لهم هيبة مدمَّرة.

إنّها مرحلة صنعت انتصاراً تاريخياً لقضية فلسطين، وهزيمة تاريخية لجيش الكيان الصهيوني ولأميركا. بل لكل الغرب الذي اعتبرها، ظالماً لنفسه ومتطوعاً، هزيمة له!

اقتحام قطاع غزة سوف يفقد الجيش الصهيوني نقطة قوّته الوحيدة، وهي القتال من خلال القصف الجوي والبحري والبري، بعيداً من أي اشتباك مع أسود المقاومة.

هذه الحرب ستنتهي وبالاً وكارثة ليس على الجيش الصهيوني وقيادته السياسية فقط، وعلى مستقبل الكيان الصهيوني، وعلى الدول التي ناصرته، ووضعت أقدامها في حذائه.

الارتكاز على ما أبدته قيادة محمد ضيف وإخوانه، واضعي خطة الهجوم بالمرحلة الأولى تسمح بوضع أعلى ثقة بها بمواجهة دحر الهجوم البري على ووحدة المقاومة والشعب.

الهجوم البري يعني أن المعركة أصبحت على الأرض، والاشتباك من نقطة الصفر. وهنا ستحسم المعركة وسيذوق الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية، وسيكون مداها بالقدر الذي يدخل فيها.

* * *

ثلاث مراحل حتى الآن للحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، وقد انطلقت بخطاب مهيب بصوت القائد الفذّ محمد ضيف (أبو خالد). وحملت عنواناً رئيسيّاً من كلمتين «طوفان الأقصى». وبهذا ابتدأت المرحلة الأولى من الحرب. وقد اتّسمت بما شاهدناه في الأيام الثلاثة أو الأربعة الممتدة من 7 إلى عشرة أكتوبر. وهي مشاهد لا تنسى.

ليس ثمة ثلاثة أيام في تاريخ دفاع الفلسطيني عن وطنه وشعبه ومستقبله يشبهها، من حيث العبقرية العسكرية في القيادة، والإتقان الحرفي التكتيكي الميداني في الخطة، والتنفيذ. وأخيراً، وليس آخراً، من حيث إنزال هزيمة عسكرية بالجيش الصهيوني على يد المقاومة الفلسطينية الأقل عدّة وعديداً وتسلحاً.

ما يجب أن يقال في هذه المرحلة يمكن أن يتذكره كل فرد فلسطيني وعربي ومسلم، كما كل حر في هذا العالم، وهو يشاهد وينفعل ويتفاعل، غير مصدّق ما يرى ويحدث. ودعك من الدموع التي ذرفتها ملايين العيون والقلوب.

إنّها المرحلة التي صنعت انتصاراً تاريخياً لقضية فلسطين، وهزيمة تاريخية لجيش الكيان الصهيوني ولأميركا. بل لكل الغرب الذي اعتبرها، ظالماً لنفسه ومتطوعاً، هزيمة له، وقد أطارت صوابه، وذلك كما عبّر عنه من مواقف عدائية، وردود فعل، وتحريك حاملات طائرات إلى المتوسط.

دخلت المرحلة الثانية بقرار صهيوني أميركي، يبدأ باستعادة السيطرة على ما سمّي بغلاف غزة، وباستراتيجية قصف جوّي وصاروخي ومدفعي لقطاع غزة، مستهدفاً المدنيين وبيوتهم، وقد وصل به، هذا الذي اعتبر ويعتبر جريمة حرب وإبادة بشرية، إلى أن يضرب المشافي المكتظة بالجرحى والجثث في غرفها، وردهاتها ومداخلها وساحاتها.

إنّها مرحلة الانتقام الجماعي من أهل غزة تحت شعار القضاء على «حماس» و«الجهاد» اللتين لن تصابا بالمرحلة الثانية إلّا بالقليل النادر، فيما راح يتواصل إطلاق الصواريخ، بقوّة، والتسلل إلى ما وراء السياج.

المرحلة الثانية، هي حرب الانتقام من المدنيين، والمساكن والمشافي، والبنى التحتية. أي هي الجانب القذر الذي تحمله الحرب المضادة ضد أهالي قطاع غزة. وقد أثبتوا، بدورهم، صموداً أسطورياً وبطولة، وصبراً جميلاً ما بعده من صبر.

على أنّ هذه الحرب قد تشفي غليل المهزومين الحاقدين في الانتقام من الشعب، ولا سيما النساء والأطفال وكبار السن، لكنها لا تُكسبهم حرباً، ولا تردّ لهم هيبة مدمَّرة.

ولهذا راحوا يعدّون للمرحلة الثالثة. وهي اقتحام قطاع غزة. وهو الشرط الوحيد للوصول إلى «قوات القسام»، وقوات «سرايا القدس»، وكل من يحمل السلاح من فصائل مقاومة في الميدان.

المرحلة الثالثة ستبدأ باقتحام قطاع غزة، وهي التي ستحسم نتيجة الحرب. لأن الحرب لا تُكسب إلّا على الأرض، وفي ميدان القتال، كما حدث في المرحلة الأولى مثلاً.

إنّ اقتحام قطاع غزة من قبل الجيش الصهيوني بالدبابات والطوافات والمسيّرات وبالمشاة سوف يفقده نقطة قوّته الوحيدة، وهي القتال من خلال القصف الجوي والبحري والبري، بعيداً من أي اشتباك مع المقاتلين من أسود المقاومة.

إنّ الهجوم البري يعني أن المعركة أصبحت على الأرض، والاشتباك من نقطة الصفر. وهنا ستحسم المعركة، وسيذوق الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية، وسيكون مداها بالقدر الذي يدخل فيها.

أي إذا جعلها معركة حسم فاصلة، وهُزم فيها، فسيكون أمام القوات التي انقضّت عليه في المرحلة الأولى، مضاعفة عديدها أضعافاً، طريق مفتوحة حتى الخليل وبيت لحم وربما القدس. فالجيش الذي يُهزم في المعركة الفاصلة، ويولي الإدبار، ما على خصمه إلّا أن يلحقه بسرعة، لا تسمح له بالتقاط الأنفاس.

إنّ الارتكاز على ما أبدته قيادة محمد ضيف وإخوانه، واضعي خطة الهجوم، في المرحلة الأولى، تسمح بوضع أعلى ثقة بتلك القيادة في مواجهة دحر الهجوم البري على قطاع غزة. وأضف: وحدة المقاومة والشعب.

وإنّ التجربة مع القيادة العسكرية والسياسية الصهيونية في تلقيها حرب المرحلة الأولى، وكيفية التعاطي مع الهجوم، ولو كان مفاجئاً، تسمح بانتظار أخطاء القيادة نفسها، وكيفية مواجهتها للصدمات. لأننا ما زلنا أمام الحالة نفسها. ففي الحرب والسياسة تجد الأخطاء تجرّ بعضها، والصواب يجرّ بعضه. إنّها مسألة منهج وعقلية في الحالتين. وكما يقول المثل الشعبي: «المال يجرّ المال والقمل يجرّ السيبان».

على أن نقطة أخرى مهمة يجب التوقّف عندها، ونحن نلقي نظرة على المراحل الثلاث المذكورة؛ وهي المتعلقة بالمرحلة الثانية، وهي مرحلة الانتقام الجماعي، وارتكاب جرائم الحرب، بحق أهالي قطاع غزة.

وذلك ما راحت تشكّله من سوء سمعة للكيان الصهيوني، ولأميركا وحكومات الغرب، في نظر الرأي العام العالمي. وهو ما يمكن أن يُلمس بتعاظم حجم التظاهرات في كل عواصم العالم. وما أخذت جرائم قتل المدنيين تفعله من أثر في وجدان شعوب العالم، وضمائر أحرار العالم.

إنّ التقاء الانتصارين الميدانيين في المرحلتين الأولى والثالثة، مع التقاء الخسائر الفادحة في شعب يتحلّى بالصبر العظيم، مع انتشار الغضب الشعبي العالمي من الارتكابات الصهيونية، يشكّل النتيجة الكلّية لهذه الحرب التي ستنتهي وبالاً وكارثة، ليس على الجيش الصهيوني وقيادته السياسية، فحسب، وإنما أيضاً على مستقبل الكيان الصهيوني، وعلى الدول التي ناصرته، ووضعت أقدامها في حذائه.

وبكلمة أخرى، ستدفع أميركا، والغرب عموماً، ثمناً معنوياً سيّئ العواقب بسبب الدعم الأعمى للانتقام الجماعي الذي مورس على أهالي قطاع غزة.

*منير شفيق كاتب وسياسي فلسطيني

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب غزة طوفان الأقصى 7 أكتوبر قوات القسام محمد ضيف سرايا القدس اقتحام قطاع غزة الكيان الصهيوني الجيش الصهيوني المرحلة الثانیة الکیان الصهیونی الجیش الصهیونی المرحلة الأولى أهالی قطاع غزة الهجوم البری هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

كيف انتصرت إيران على أمريكا في المرحلة الأولى من المواجهة؟

كان من المفترض أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بالرد على هذا الاستهداف، لا سيما وأنها انخرطت في العدوان على إيران مع كيان العدو الإسرائيلي لتحقيق جملة من الأهداف، وفي مقدمتها تدمير المنشآت النووية الإيرانية وإجبار النظام على الاستسلام، لكن ترامب اتخذ موقفاً مغايراً، حيث ادعى أن الهجوم الإيراني على القاعدة الأمريكية في قطر لم يحقق الأهداف، وأنه تم اعتراض الصواريخ، وسقط بعضها في أماكن آمنة، مهنئاً العالم بالسلام، ثم تسارعت الأحداث بعد ذلك، ليعلن ترامب وقفاً لإطلاق النار، ويعلن المجرم نتنياهو ترحيبه بهذه الدعوة ووقف العدوان على إيران.

 في المقابل، لم تكن إيران تستجدي حلاً، وكانت الصواريخ حتى الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء تدك مغتصبات العدو، وآخرها ما حدث في بئر السبع من تدمير مبنى مكون من 7 طوابق، ما يعني أن الجمهورية الإسلامية كانت في ذروة قوتها وتصعيدها، وكانت على استعداد للمواجهة لفترات طويلة للتصدي للعدوان الصهيوني الأمريكي.

وبقراءة سريعة، هناك مجموعة من الأسباب التي سارعت في الانكفاء الأمريكي، والهروب من المواجهة، والهزيمة أمام إيران، من أبرزها ما يلي:

- فشل مخطط الفوضى داخل إيران الذي كان يهدف إلى تغيير النظام من خلال الجواسيس والعملاء الذين تم تدريبهم على مدى سنوات كثيرة لمثل هذا اليوم، وكان بحوزتهم مسيرات انتحارية ومتفجرات وغيرها من الأساليب التي تسعى إلى تحقيق هذا الهدف.

- الإخفاق الصهيوني والأمريكي في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، والدليل على ذلك عدم تسرب إشعاعات نووية، وحتى إن ادعى المجرمان نتنياهو وترامب بأنهما دمرا هذه المنشآت، إلا أن الحقيقة تقول عكس ذلك، وهي أن إيران لا تزال تحتفظ حتى الآن ببرنامجها النووي السلمي، وهي قادرة على تخصيب اليورانيوم، والصواريخ الأمريكية لم تؤثر على الإطلاق في تحصيناتها.

- قوة الردع الإيراني، وتوجيه ضربات مسددة ودقيقة ضد المنشآت الصهيونية في عمق كيان العدو بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وفشل الدفاعات الجوية للعدو في التصدي للصواريخ الإيرانية، وخلال أيام فقط تحولت عدد من الأحياء في يافا المحتلة التي يطلق عليها كيان العدو الإسرائيلي تسمية [تل أبيب] إلى ما يشبه غزة، وهذا شكل حالة من الصدمة لدى الصهاينة.

- تزايد مؤشرات الهجرة العكسية من كيان العدو إلى الخارج، فالمغتصبون الصهاينة، وعلى الرغم من إغلاق المطارات، إلا أنهم سارعوا في الهروب عبر البحر من قبرص، وبأعداد كبيرة جداً.

- انتقال المعركة إلى القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، مع المخاوف من إغلاق مضيق هرمز، وتأثير ذلك على حركة التجارة العالمية.

- دخول اليمن كلاعب قوي في هذه المواجهة، وإعلان القوات المسلحة اليمنية بأنها ستستهدف السفن الأمريكية في البحر الأحمر في حال تم العدوان الأمريكي على إيران.

وأمام كل هذه الوقائع، كان لا بد للأمريكيين والصهاينة من التراجع وعدم الاستمرار في المعركة، وهذا في حد ذاته شكل هزيمة مدوية لأعداء إيران، لا سيما وأن المواجهة لا تزال في بداياتها أو في مرحلتها الأولى، فماذا لو طال أمدها لعدة أشهر؟ بالتأكيد، فإن الكيان لن يتحمل وكذلك الأمريكيون.

لقد انتصرت الجمهورية الإسلامية سريعًا، وهذا الانتصار له تبعاته على المنطقة وعلى المحور برمته، وعلى كيان العدو. فالمخطط الخبيث لنتنياهو الساعي إلى السيطرة على المنطقة واستباحتها سيتوقف، وحلم الصهاينة بتحقيق دولتهم المزعومة (إسرائيل الكبرى) تحطم على الصخرة الإيرانية، وبات من مصلحة الدول العربية أن تسارع بالتحالف مع إيران، لخلق جبهة قوية موحدة في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، فهذه هي الفرصة المواتية.

في المجمل، لم تتمكن أمريكا وكيان العدو من تدمير المنشآت النووية السلمية الإيرانية، ولا من تفجير الوضع الداخلي وتغيير النظام، كما لم تتمكن من التأثير والحد من الترسانة الصاروخية المهولة لإيران، والتي لم تستخدم سوى القليل منها في هذه المواجهة، في حين خسرت "إسرائيل" دفاعاتها الجوية، وخسرت أمريكا مكانتها وهيبتها في المنطقة، وهذا درس كبير للدول العربية والإسلامية بأن تتفوق من غفلتها، وأن تتصدى لمشاريع الاستكبار العالمي في المنطقة، فقد ظهرت ضعيفة وهشة وغير قادرة على الصمود أمام إيران.

المسيرة

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الهجرة النبوية وطوفان الأقصى.. ملامح التعبئة وبناء الوعي في وجه الطغيان الأمريكي الصهيوني
  • فعاليات ثقافية في صنعاء بذكرى الهجرة النبوية وتدشين الجولة الثانية لدورات طوفان الأقصى
  • تدشين المرحلة الثامنة من دورات التعبئة في محافظة حجة
  • من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني
  • برعاية ولي عهد الفجيرة.. انطلاق «تحدّي الحساب الذهني»
  • خريجو “طوفان الأقصى” في إب يتقدمون بمسيرين عسكريين ويؤكّدون الجهوزية الكاملة
  • “سار” تدشّن المرحلة الأولى من مشاريع توسعة مجمع الصيانة بالنعيرية لدعم عمليات قطارات الشحن
  • المرحلة الأولى.. "سار" تدشّن مشاريع توسعة مجمع الصيانة بالنعيرية
  • مسيران لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في عزلتين بمديرية المشنة بإب
  • كيف انتصرت إيران على أمريكا في المرحلة الأولى من المواجهة؟