«وشوشات الروح» يزاوج الكلمة والريشة في «كتارا» اليوم
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
تحتضن المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) اعتباراً من اليوم الاثنين معرض (وشوشات الروح)، الذي يُقام لأول مرة في قطر؛ حيث تلتقي القصة القصيرة جداً للدكتور أحمد عبدالملك مع ريشة الفنانة القطرية مريم الملا، التي قامت بتصميم لوحاتٍ تعبيريةٍ عن مضامين القصص التي استوحاها الكاتب من تضاعيف الحياة ومنعرجاتها.
وقال الدكتور أحمد عبدالملك في تصريحات
لـ «العرب»، إن فكرة المعرض اعتمدت على كتابهِ الذي نُشر عام 2012 بعنوان (وشوشات الروح)، الصادر عن مؤسسة الرحاب الحديثة في بيروت، والذي حوى أكثر من 180 قصة قصيرة.
وأضاف، إن القصة القصيرة جداً، التي بدأت تنتشر في العالم العربي منذ حوالي خمسة وعشرين عاماً، رغم ظهورها في العشرينيات من القرن الماضي، اتخذت من النموذج الياباني (الهايكو) طريقاً نحو الاختصار والتكثيف، مع محاولة إشراك القارئ في تفسير معنى أو معاني القصة القصيرة جداً.
وعن اللوحات المُشاركة في معرض (وشوشات الروح)، قال الدكتور عبدالملك: جرى اختيار 22 قصة قصيرة، بالتعاون مع (كتارا)، وقامت الفنانة مريم الملا، برسم اللوحات المعبّرة عن مقاصد تلك القصص، بهدف فتح الآفاق نحو مزيد من التلاحم بين الثقافة وجمهور المتذوقين للقصة القصيرة جداً، وكذلك الفن التشكيلي، فالمعرض رحلةٌ في أعماق الذات الإنسانية.
وتوجه الدكتور أحمد عبد الملك بالشكر إلى «كتارا» على هذه المبادرة الجديدة، منوهاً بدورها في تقديم كل ما من شأنه رفع مستوى التذوق الثقافي الفني، وتقديم الأفكار الجديدة، خدمةً للجمهور الكريم، معرباً عن أمله في أن يستمتع الجمهور بالمعرض.
وفي السياق ذاته تنشر «العرب» نماذج من القصص التي سوف يحتويها المعرض، ومنها « آلافُ القصص تحتلُّ عينيها، تتسربلُ العينان بكفن الأسر.. لكنَّ قلبَها يُغني بلحنِ حُرية».
و»تتهادى كالنسيم بخفةِ الريشة.. وبانثناءات الوجد المفقود في صباحٍ ملائكي الوقار.. إنها امرأةٌ تُمارسُ حريتها» و»تاجُ المرأةِ ليس في شِعرها.. بل في عقلها. كم من المجنونات يضعن (باروكات) مزيّفة!» و»عيناها بحرٌ من دموع وبحرٌ من غموض.. لكنها تبتسم، وتُحيّي الزوايا الميتة»، و«التسامحُ ليس خضوعاً... إنه كنزُ كبرياء».
وقالت الفنانة مريم الملا إن الدويتو الذي يجمع الفن بالكلمات من خلال رسوماتها وكتابات الدكتور أحمد عبد الملك، كان فرصة لتجربة جديدة وفريدة تستلهم فيها أفكارها الفنية ورسوماتها من قصص كتبت بالهام ورؤية تختلف قد تكون تختلف عن رؤيتها لكنها استطاعت أن تجمع فكرة المؤلف ورؤية الفنان في عمل موحد حيث سأعرض في وشوشات الروح أعمالا تصاحبها مقتطفات من القصص التي كتبها الدكتور عبدالملك والتي ألهمتني لكتابتها.
وعن أعمالها السابقة قالت مريم الملا في تصريحات لـ «العرب»: جسدت من خلالها أفكارا مكتوبة في أعمال فنية وسبق أن عرضت ترنيمة الصمود والتي تعد أكبر لوحة عرضتها، وأضافت: أردت أن أوضح أن الصمود هو حكاية تشكل لها بعدٌ آخر في قطر. فرغم كل ما أريد بهذه الأرض من شرور وكل ما أحيطت به من نوايا، توحدت إرادة الشعب مع حكمة القيادة لتنطلق هذه السفينة إلى الأمام والأمان. فقطر كما قال قائدها الفذ والذي برهن للعالم أن قطر دولة مواقف ومبادئ ولن تكون هناك مساومة على سيادتها..
المصدر: العرب القطرية
إقرأ أيضاً:
حين ترتجف “تل أبيب” من وقع الكلمة.. المصطلحات سلاح والأسماء جبهة مقاومة
محمد عبدالمؤمن الشامي
في زمن يتزاحم فيه الزيف لتشويه الحقائق وتزييف الوعي، تصبح الكلمة المبدئية والمصطلح الصادق طلقات وعي تصيب قلب العدو وتفكك أركان روايته المصطنعة.. من هذا المنطلق، تتجلى أهمية ما أكّده قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته بتاريخ 26 شوال 1446هـ، عندما عرّى توتر الكيان الصهيوني من مجرد تسمية الطائرة اليمنية المسيّرة بـ”يافا”، ووصف المدينة، كما سائر المدن الفلسطينية، بأنها “محتلة”.
ليس هذا الانزعاج تفصيلًا ثانويًا؛ بل هو نافذة كاشفة على طبيعة الصراع، فالمعركة ليست محصورة في ميادين القتال أو الأجواء، بل امتدت إلى الميدان الأخطر: ميدان المصطلحات.. الكلمات لم تعد مجرد أدوات وصف، بل باتت خنادق مقاومة.. وعندما نُطلق على الأمور مسمياتها الحقيقية، نزعزع ركائز شرعية العدو المزعومة، ونفضح زيفه أمام العالم.. نحن لا نصف واقعًا فحسب، بل نمارس فعل المقاومة بالنطق.
العدو الصهيوني، منذ أن زرع كيانه على أرض فلسطين، وهو يشن حربًا نفسية ومعرفية ممنهجة: تحويل فلسطين إلى “إسرائيل”، والمسجد الأقصى إلى “جبل الهيكل”، والاحتلال إلى “دولة ذات سيادة”، ويافا إلى “تل أبيب”.. لكن حين تعود الأسماء إلى حقيقتها، يعود التاريخ إلى مساره، وتُستعاد الجغرافيا من بين أنياب التحريف.
“يافا المحتلة” ليست مجرد تركيب لغوي، بل هي قنبلة وعي. هي جرس إنذار بأن ذاكرة الأمة لم تُمحَ، وأن حقوقها لم تُفرَّط.. تسمية الطائرات المسيّرة بأسماء المدن الفلسطينية المحتلة ليس إجراءً شكليًا، بل عمل مقاوم محض، يبعث برسالة سياسية وعقائدية: هذه الأرض لنا، اسمًا ورسمًا، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
وعليه، فإن من أوجب واجبات الإعلام المقاوم، والخطاب العربي والإسلامي عمومًا، أن يلتزم الصدق في المصطلح، والصلابة في التوصيف.. لا مكان للغة التطبيع، ولا حيز لتزوير الجغرافيا.. فالكلمة المقاومة ترهب العدو أكثر من السلاح أحيانًا، ومسيّرة “يافا” خير شاهد على ذلك.
نحن في قلب معركة تحرر شاملة، أحد أعمدتها هو ميدان الوعي.. والمصطلح فيه ليس ترفًا بل ذخيرة، ليس تزيينًا بل سلاحًا.. وكل من يحمل وعيًا، يحمل مسؤولية استخدام المصطلح كمن يقبض على الزناد.