تحرير القدس وقد تحول إلى وسيلة للتضليل
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
فيلق القدس لم يوجه طلقة واحدة في اتجاه إسرائيل، فيما كانت الميليشيات التابعة له والتي يتم تزويدها بالأموال والأسلحة الإيرانية، قد قتلت مئات الألوف من العرب الذين لم يكونوا أعداء لإيران.
لن تتمكن إيران من الدفاع عن حزب الله إذا ما تسبب باندلاع حرب جديدة
مَن قال إن حزب الله يرغب في شن حرب على إسرائيل؟ كل تلك المناوشات الخفيفة على الحدود هي أمر نبالغ فيه إلى درجة الجنون إذا ما رأينا فيه تمهيداً لحرب جديدة سيشهدها لبنان المتهالك من غير حروب.
صحيح أن لبنان لا يملك حتى إرادة الدفاع عن النفس بسبب هيمنة حزب الله على مقدراته غير أن الحزب نفسه لا يقوى على جره إلى حرب جديدة لا خوفاً عليه فهو بالنسبة إلى الحزب لا يعني شيئاً في مقابل الخضوع لتعليمات الولي الفقيه وتنفيذ أوامره، ولكن الحزب نفسه يعرف أن دمه سيضيع بين القبائل كما يُقال إن أقدم على خطوة من ذلك النوع، وأن الجميع وليست إسرائيل وحدها سيقومون باجتثاثه من جذوره في ظل تعاطف غربي غير مسبوق مع الدولة العبرية.
لن تتمكن إيران من الدفاع عن حزب الله إذا ما تسبب في اندلاع حرب جديدة.. ذلك لأنها غير مستعدة على الإطلاق لا اليوم ولا غداً للدخول في حرب مباشرة ضد الغرب وبالأخص الولايات المتحدة، تلك حرب خاسرة، نتائجها هي أكثر وضوحاً مما كان عليه الأمر عام 2006، يوم ألحق حزب الله بنفسه هزيمة كان يمكن تفاديها لو أن قيادته تمتعت بشيء قليل من الحكمة وكانت تقديراته الواقعية صائبة.. أما أن تكون جبهة جنوب لبنان ساخنة دائماً بمناسبة أو من غيرها فذلك ما يدخل في حسابات حزب الله عامل إنقاذ من المسؤولية التي يجب عليه تحملها عن تردي الأوضاع الداخلية على المستويين السياسي والاقتصادي، فبعد أن فشل الحزب في إقناع اللبنانيين بأن يستظلوا بالحماية الإيرانية وجد أن عليه أن يلقنهم درساً مستمراً في الخوف من إمكانية وقوع خطأ في مكان ما، يكون سبباً لاشتعال نار حرب، يعرفون مسبقا أنها ستقضي هذه المرة على البلد وليس الدولة وحدها.. خوف الشعب له ما يبرره.
ولكن تأملاً لا يستغرق إلا وقتاً قصيراً للحكاية يمكنه أن يفكك عناصرها ويضع كل واحد منها بمفرده على الطاولة من غير أن يتعرض المرء للتضليل الذي تتسبب به وسائل الدعاية، سواء التابعة لحزب الله أو المعادية له.. كلاهما تميلان إلى الفكرة التي تشد الحزب إلى حلم تحرير القدس، ولا ينتبه الكثيرون في حمى السباق الارتجالي إلى أن ذلك الحلم إنما يتم ترتيب مشاهده وفق رؤية إيرانية، كان الإمام الخميني وضعها في أعناق الإيرانيين يوم دعاهم إلى تحرير كربلاء في العراق تمهيداً للذهاب إلى القدس.. وعلى أساس تلك الرؤية تم إنشاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والذي تزعمه قاسم سليماني زمناً طويلاً قبل أن يقتله الأمريكان برفقة أبو مهدي المهندس، ترى ما الذي فعله فيلق القدس تنفيذاً لرؤية الإمام من أجل تحرير القدس؟
باختصار يمكنني القول إنه احتل أربع دول عربية بعد تدميرها.. ولم تجد إيران مانعاً في أن يقوم الأمريكان بغزو العراق وتحطيم بيئته السياسية والاقتصادية والخدمية سعياً وراء حلم الهيمنة عليه، ولولا سقوط النظام الوطني في العراق على الرغم من تهالكه لما كان في إمكان إيران أن تتمدد في سوريا واليمن ولبنان.. كان الشعار الإيراني "الموت لإسرائيل" تحول على يد قاسم سليماني إلى "الموت للعرب"، ذلك لأن فيلق القدس لم يوجه طلقة واحدة في اتجاه إسرائيل ولم يقتل إسرائيلياً واحداً فيما كانت الميليشيات التابعة له والتي يتم تزويدها بالأموال والأسلحة الإيرانية قتلت مئات الألوف من العرب الذين لم يكونوا أعداء لإيران.. لن نتوقف عند حدود تلك المقارنة.
حين دخل حزب الله طرفاً في الحرب السورية وعمل على الانحراف بجزء منها طائفياً من خلال عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي فإنه كان كلما اقترب بقواعده من الحدود الإسرائيلية أو تسلم شحنات أسلحة إيرانية جديدة يتعرض لضربات عسكرية تحرق معسكراته ومخازن أسلحته حتى لو كانت تلك المخازن في مطار دمشق.. لم ترد سوريا ولا إيران ولا حزب الله على تلك الضربات، لا إيران ولا حزب الله على استعداد للدخول في حرب مع إسرائيل.. أما سوريا فلا حسابات لها في الربح والخسارة، ذلك لأنها دولة خسرت كل شيء في صراع سياسي لم يدره نظامها بحكمة.
بعد كل هذا أيمكن أن يكون حزب الله صادقاً في حديثه عن تحرير القدس وأن شعار "طوفان الأقصى" يمكن أن يجره إلى حرب، يعرف أنه سيكون مهزوماً فيها؟ يكفي أن نعود إلى مرجعيته التاريخية والدينية لنتأكد أنه يستعمل القدس وسيلة للتضليل، من أجل الوصول إلى أهدافه في التحول إلى ميليشيا إقليمية تستعملها إيران في تهديد المنطقة مستثنية إسرائيل من ذلك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل لبنان الحرس الثوري الإيراني فيلق القدس تحریر القدس فیلق القدس حرب جدیدة حزب الله
إقرأ أيضاً:
الجزائري أنور مالك : البوليساريو ذراع إيران الإرهابي في شمال أفريقيا
زنقة 20. الرباط
قدم الكاتب الصحفي الجزائري أنور مالك، اليوم السبت بالرباط، كتابه الجديد المعنون “البوليساريو وإيران : أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”، الذي يسلط الضوء على الصلات المثبتة بين النظام الإيراني وميليشيات “البوليساريو”، وكذا تواطؤ الانفصاليين مع الجماعات الإرهابية المسلحة ومختلف أنواع المهربين الذين ينشطون في منطقة الساحل والصحراء.
وأوضح السيد مالك، خلال ندوة نظمت بمبادرة من حزب جبهة القوى الديموقراطية، أن مؤلفه الذي سيصدر قريبا في المغرب، يقدم أدلة دامغة مستمدة من وثائق استخباراتية سرية تم تسريبها من سورية، تكشف تجنيد مئات من عناصر “البوليساريو” في صفوف ميليشيات إيرانية.
وأوضح الكاتب الجزائري، الذي يعد عمله ثمرة سلسلة من التحقيقات الصحفية التي أجراها على مدى سنوات، أن عناصر البوليساريو هذه، لم تقاتل إلى جانب قوات نظام بشار الأسد المخلوع فحسب، بل أيضا مع ميليشيات إيرانية تتمثل، أساسا، في حزب الله.
وفي هذا الصدد، توقف السيد مالك عند زيارات مطولة لقيادات من حزب الله وقيادات من فيلق القدس التابع للحرس الثوري في إيران إلى مخيمات تندوف، مؤكدا أن هذه الزيارات تندرج في إطار جهود الاستقطاب الإيديولوجي والديني الذي تقوم به إيران في شمال إفريقيا.
وشدد على أن “البوليساريو” وميليشياتها ليسوا مجرد عملاء للحرس الثوري، بل باتوا يشكلون “أذرعا مسلحة” للنظام الإيراني في شمال إفريقيا، وفي الجزائر بالتحديد”، مضيفا أن البوليساريو أصبحت أيضا أداة في يد فيلق القدس لاختراق منطقة الساحل والصحراء.
كما أشار إلى أن قادة ومقاتلي “البوليساريو” سافروا إلى معاقل حزب الله في جنوب لبنان، حيث تلقوا تدريبات على حرب العصابات، واستخدام المتفجرات لأغراض الاغتيال، وغيرها من أشكال القتال التي تستخدمها الجماعات الإرهابية.
وكشف السيد مالك أن ميليشيات “البوليساريو” تقف وراء تجارة الأسلحة “المربحة” في منطقة الساحل والصحراء، لتساهم بذلك هذه الميليشيات في عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة.
وبحسب الكاتب، فإن هذا الاتجار يتعلق بالأسلحة والذخائر التي تتلقاها “البوليساريو” من رعاتها، والتي يتم تحويلها بعد ذلك وإعادة بيعها “بملايين الدولارات” إلى الجماعات والمنظمات الإرهابية.
وسجل أن كتاب “البوليساريو وإيران : أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”، الذي سيصدر بالعربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية، موثق ومدعم بسلسلة من الاكتشافات والوثائق السرية المسربة من المخابرات السورية، خاصة في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد.
وخلص السيد مالك إلى أن محتوى الكتاب يشكل “دليلا ملموسا على أن البوليساريو هي منظمة إرهابية إيرانية بامتياز”.
إيرانالإرهابالبوليساريوالجزائرتندوف