مَجلِسُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.. يا دَولةَ الرَّئيسِ..!
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
مَجلِسُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.. يا دَولةَ الرَّئيسِ..!
د. مَفضي المُومِني
2025/10/14
كَتبتُ مُنذُ سَنواتٍ خَلَت، وأُكرِّرُ لِصاحِبِ القَرار (رَئيسِ الحُكومة) ضَرورةَ إِنشاءِ مَجلِسٍ لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ، لِأنَّ هذا المَوضوعَ هامٌّ جِدًّا، لعلَّ وَعَسى..!
التَّعليمُ التِّقَنيُّ (لا أَبَ لَهُ…!) قالَها وَزيرُ تَعليمٍ عالٍ سابِقٌ في نَدوةٍ مُنذُ زَمَنٍ، وَبِصَراحةٍ سُرِرتُ كَثيرًا، لِأنَّ رَسائلي بِهذا الخُصوصِ وَمِن خِلالِ مَقالاتٍ عِدَّةٍ كَتَبتُها في هذا الشَّأن، وَصَلَت صانِعَ القَرارِ في حِينِه، وَأدرَكَ أنَّ ما نَقولُه مَطلَبٌ وَطنيّ، فَقَد أَشَرتُ مِرارًا في مَقالاتي أنَّ لَدَينا إِمكاناتٍ وَلَدَينا طاقاتٍ، وَلَكِنَّ مُشكِلَتَنا غالِبًا، لا بَل دائِمًا، مُشكِلَةُ إِداراتٍ وَسِياساتٍ.
وَأَضَفتُ مُتَفائِلًا في حِينِه: (حَسَنًا فَعَلَ مَجلِسُ التَّعليمِ العالِيِّ، أَن وَضَعَ يَدَهُ مُتَلَمِّسًا جُرحَ التَّعليمِ التِّقَنيِّ، وَالَّذي بَقِيَ يَتيمًا لا أَبَ لَهُ مُنذُ سِنين، فَلنَنتَظِرْ ماذا سَتَفعَلُ اللَّجنةُ الَّتي سَتَتَوَلّى دِراسةَ واقِعِهِ وَتَحدِّياتِهِ وَسَتَضَعُ التَّوصِياتِ المَطلوبةَ بِنَاءً على ذلِكَ… وَلِلأَسَفِ لَم نَرَ أَو نَسمَعْ بِقَراراتِها إِلى حِينِه..! )
مقالات ذات صلة “ابدأ بفكرتك… والأردن سيكمل معك الطريق” 2025/10/14وَلا يَجوزُ أَن يَبقَى التَّخطيطُ وَالاستِراتيجياتُ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ تائهًا بَينَ أَيدي مُوَظَّفينَ عُموميّينَ… وَأَقسامٍ إِداريّةٍ تَنفيذِيّةٍ وَبِيروقراطيّاتٍ مُتَعَدِّدةٍ (وَكُلٌّ يُغَنِّي على لَيلَاه..! ).
قُلتُها مُنذُ سَنواتٍ وَكُنتُ على أَمَلٍ أَن تَظهَرَ النَّتائجُ وَنُؤَسِّسَ لِمَجلِسِ تَعليمٍ تِقَنيٍّ وَمِهنيٍّ يَضَعُ الاستِراتيجياتِ المُلزِمَةَ وَيُخَطِّطُ وَطنيًّا لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ…بشكل خاص، وَلَكِن لَم تَظهَرِ النَّتائجُ وَلَم نَرَ على الواقِعِ ما يُشيرُ إِلى تَلَمُّسِ الوَضعِ وَالانطِلاقِ نَحوَ المُستَقبَل.
وَمَعَ دَمجِ وِزارَتَيِ التَّربيةِ وَالتَّعليمِ العالِيّ، وَاستِحداثِ مَنصِبِ أَمِينٍ عامٍّ لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ، وَإِدماجِ التَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيِّ مَع أَنواعِ تَعليمٍ أُخرى لَن ذلك بِالغَرَض، لِأَنَّ الوِزارَةَ مُزَوِّدٌ وَمُنفِّذٌ لِلتَّعليمِ المِهنيّ، وَلا يَجوزُ أَن تَكونَ (خَصمًا وَحَكَمًا..! ).
وَقَد أَشَرتُ في مَقالاتي، وَمُنذُ سَنواتٍ خَلَت، إِلى ضَرورةِ تَأسيسِ وَاستِحداثِ مَجلِسٍ عالٍ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ، مَع ضَرورةِ (فَصلِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ عَن جامِعَةِ البَلقاء التَّطبيقِيَّة، وَالتَّعليمِ المِهنيِّ عَن وِزارَةِ التَّربيةِ وَالتَّعليمِ وَمَجلِسِ التَّربيةِ؛ مِن حَيثُ السِّياساتُ وَالاستِراتيجياتُ)، لِأَنَّها جِهاتٌ مُزَوِّدةٌ وَمُنفِّذَةٌ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
وَيَجِبُ أَن يُؤَطَّرَ عَمَلُها وَبَقِيَّةُ مُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ وَطنيًّا بِمَجلِسِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، حَيثُ إِنَّ حاكِميَّةَ هذَينِ القِطاعَينِ ما زالَت مُشتَّتةً، وَلا تُوجَدُ جِهَةٌ واحِدَةٌ وَطنيَّةٌ تَضَعُ سِياساتها وَتُوَحِّدُها لِتَتَكامَلَ مَع بَعضِها وَتَعمَلَ نَحوَ أَهدافٍ وَاستِراتيجياتٍ وَطنيَّةٍ مُحكَمةٍ.
وَالمَجلِسُ المُقتَرَحُ سَتَكونُ مَهمَّتُهُ وَواجِباتُهُ (مُناظِرةً لِمَهامِّ مَجلِسِ التَّعليمِ العالِيِّ فِيمَا يَخُصُّ التَّعليمَ العالِيّ)، إِذ يَجِبُ أَن يَكونَ ضِمنَ مَنظومَةِ التَّعليمِ العالِيِّ وَالعامِّ كَمَجلِسٍ مُستَقِلٍّ، يُشكَّلُ مِن مُتَخصِّصينَ فِي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، إِضافَةً إِلى أَعضاءٍ مِن جِهاتٍ حُكوميَّةٍ مُختَصَّةٍ وَالقِطاعِ الخَاصِّ بِشِقَّيهِ الخِدمِيِّ وَالإِنتاجِيّ.
إِذ لا يَجوزُ أَن تَبقَى استِراتيجياتُ وَخُطَطُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ مَعُومَةً لِعِدَّةِ جِهاتٍ لا يُوجَدُ تَناسُقٌ بَينَها، وَهِيَ مُزَوِّدةُ تَعليمٍ وَتَدرِيبٍ وَواضِعَةُ استِراتيجياتٍ بِذاتِ الوَقت..!
إِذ يَجِبُ أَن تَخضَعَ لِضَوابِطَ وَاستِراتيجياتٍ وَطنيَّةٍ مُوحَّدةٍ، لِأَنَّ تَعَدُّدَ المَراجِعِ الحَالِيَّ شَكَّلَ حالَةً مِنَ العَشوائيَّةِ وَالتَّخَبُّطِ وَعَدَمِ التَّناسُقِ، أَدَّت إِلى اختِلالاتٍ كَبيرةٍ فِي العَرضِ وَالطَّلبِ، وَكَذلك التَّخصُّصاتِ المَطلوبةِ وَغَيرِ المَطلوبةِ، مِمَّا يُمكِّنُنا القَولَ وَبِكُلِّ ثِقةٍ: (إِنَّ قِطاعَ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ غَيرُ مُنَظَّمٍ).
وَهذَا الوَضعُ المَعُومُ حَدَّ العَشوائيَّةِ لِانعِدامِ التَّخطيطِ وَالتَّشارُكِيَّةِ فِي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ يَجِبُ أَلَّا يَستَمِرّ..! وَلا يُسنَدُ هذا الدَّورُ لِلوِزارَةِ الجَديدة..!
مِن هُنا، فَمِن الأَولَوِيّاتِ لِوِزارَةِ التَّعليمِ العالِيِّ وَالحُكومةِ إِنشاءُ هذا المَجلِسِ المُعنَى بِالتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، وَالَّذي يَحمِلُ خُصوصِيَّةً وَأهمِّيَةً تَجعَلُهُ غَيرَ قابِلٍ لِلإِلحاقِ بِغَيرِه.
فِي كُلِّ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ هُناكَ جِسمٌ وَطنيٌّ (وِزارَةٌ، أَو مَجلِسٌ، أَو هَيئةٌ) لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، وَيُترَكُ ذلِكَ لِلحُكومةِ وَأَدَواتِ التَّشريعِ لِإِعطاءِ صِفَةٍ قانونيَّةٍ لِلمَجلِسِ الَّذي سَتَكونُ مَهامُّهُ بَعدَ تَشكِيلِهِ:
1️⃣ وَضعُ تَشريعاتٍ تُنظِّمُ التَّعليمَ التِّقَنيَّ وَالمِهنيَّ وَطنيًّا، لِلقِطاعَينِ العامِّ وَالخَاصّ.
2️⃣ وَضعُ استِراتيجياتٍ وَخُطَطٍ مُستَقبَلِيَّةٍ قابِلَةٍ لِلتَّنفيذِ تُلبِّي مُتَطَلَّباتِ الاقتصادِ الوَطنيِّ وَالإِقليميّ.
3️⃣ وَضعُ مُتَطَلَّباتِ الإِنشاءِ وَالاعتمادِ لِمُؤسَّساتِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ عامَّةً أَو خاصَّةً، وَكَذلك الإِشرافُ وَالمُراقَبَةُ على التَّرخيصِ وَتَحقيقِ مُتَطَلَّباتِهِ وَإِدامَتِها.
4️⃣ التَّخطيطُ الاستِراتيجِيُّ لِلقُوَى البَشَرِيَّةِ التِّقَنيَّةِ وَالمِهنيَّةِ على الصَّعيدِ الوَطنيِّ كَمًّا وَنَوعًا.
5️⃣ اعتمادُ التَّخصُّصاتِ وَالبَرامِجِ وَالخُطَطِ لِمُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.
6️⃣ الإِشرافُ الفَنِّيُّ على مُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ فِي المَملكةِ.
7️⃣ وَضعُ خُطَطٍ تَطوِيرِيَّةٍ طَموحَةٍ لِرَفعِ سَوِيَّةِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ نَحوَ العَالَميَّةِ.
8️⃣ تَنظِيمُ وَتَفعِيلُ الشَّراكَةِ مَع القِطاعِ الخَاصِّ فِي مَجالاتِ التَّدرِيبِ وَالتَّشغِيلِ وَالتَّخطيطِ.
9️⃣ إِنشاءُ قاعِدَةِ بَياناتٍ وَطنيَّةٍ شامِلَةٍ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
10️⃣ استِقطابُ شَراكاتٍ عالَميَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَإِدماجُها مَع المُؤسَّساتِ الوَطنيَّةِ.
11️⃣ تَأمِينُ التَّموِيلِ الحُكومِيِّ وَالدُّولِيِّ وَالاستِثماريِّ أَو الوَقفِيِّ لِلقِطاعَينِ.
12️⃣ تَنظِيمُ طَرحِ البَرامِجِ وَالتَّخصُّصاتِ وَإِيقافُها أَو تَعلِيقُها تَبَعًا لِمُتَطَلَّباتِ سُوقِ العَمَلِ.
13️⃣ إِدارَةُ دِراسَاتٍ تَتبُّعِيَّةٍ وَقواعِدِ بَياناتٍ لِخِرِّيجي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
وَغَيرُ ذلِكَ مِنَ النِّقاطِ وَالمَهامِّ الَّتي لَم تَحضُرني وَيُمكِنُ اقتِراحُها لاحِقًا.
وَهُنا لا بُدَّ مِنَ التَّأكِيدِ على تَفعِيلِ دَورِ المَركَزِ الوَطنيِّ لِتَنمِيَةِ المَوارِدِ البَشَرِيَّةِ وَتَطوِيرِهِ تَشريعيًّا وَمِهنيًّا، لِيُصبِحَ المَركَزَ أَو الهَيئةَ الَّتي تُنظِّمُ القُوَى البَشَرِيَّةَ كَمًّا وَنَوعًا بِالشَّراكَةِ مَعَ الوِزارَةِ المُدمَجَةِ، حَيثُ يُرَبَطُ مُخرَجُ التَّعليمِ وَالتَّدرِيبِ بِمُتَطَلَّباتِ سُوقِ العَمَلِ ما أَمكَنَ، لِنَتَخَلَّصَ مِنَ التَّخصُّصاتِ غَيرِ المَطلوبةِ وَنُخَفِّفَ نِسَبَ البَطالَةِ بَينَ الخِرِّيجينَ، وَنَوقفَ الهَدرَ الحاصِلَ فِي التَّعليمِ وَالتَّدرِيبِ لِتَخصُّصاتٍ غَيرِ مَطلوبةٍ أَو مُكرَّرةٍ.
مِنَ المُؤسِفِ أَنَّنا جَميعًا، وَفِي المُقدِّمَةِ جَلالَةُ المَلِكِ، نَتَحَدَّثُ عَنِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ وَأَهمِّيَّتِهِ كرافِعَةٍ لِأَوضاعِنا الاقتِصاديَّةِ وَالاجتِماعيَّةِ، وَفِي الواقِعِ ما زِلنا نُراوحُ فِي ذاتِ المَكانِ وَذاتِ التَّصريحاتِ، وَلا نُؤَسِّسُ لِلخُطوَةِ الأُولى لِتَطوِيرِهِ وَهِيَ: مَجلِسُ تَعليمٍ تِقَنيٍّ وَمِهنيٍّ يَضَعُ الاستِراتيجياتِ وَيُخَطِّطُ وَطنيًّا لِلتَّغييرِ وَالانطِلاقِ نَحوَ المُستَقبَلِ وَمُجاراةِ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ.
نَنتَظِرُ أَن يَتِمَّ ذلِكَ وَبِأَسرَعِ وَقتٍ، وَأَلَّا نَبقَى نُشبِعُ التَّعليمَ المِهنيَّ وَالتِّقَنيَّ (جَعجَعَةً وَلا نَرَى طَحنًا)… فَعَجَلَةُ التَّقَدُّمِ وَالتَّطوُّرِ لا تَنتَظِرُ المُتَرَدِّدينَ وأصحاب مبدأ سكن تسلم… قطاع التعليم المهني والتقني في الأردن بحاجة لكل الجهود المخلصة… وليس منها التصريحات المرسلة.. أو التسكين..! … حمى الله الأردن.
#التعليم_المهني #التعليم_التقني #د_مفضي_المومنيالمصدر: سواليف
كلمات دلالية: التعليم المهني التعليم التقني الم هنی العال ی إ نشاء ت علیم
إقرأ أيضاً:
مَجلِسُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.. يا دَولةَ الرَّئيسِ..!
مَجلِسُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.. يا دَولةَ الرَّئيسِ..!
د. مَفضي المُومِني
2025/10/14
كَتبتُ مُنذُ سَنواتٍ خَلَت، وأُكرِّرُ لِصاحِبِ القَرار (رَئيسِ الحُكومة) ضَرورةَ إِنشاءِ مَجلِسٍ لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ، لِأنَّ هذا المَوضوعَ هامٌّ جِدًّا، لعلَّ وَعَسى..!
التَّعليمُ التِّقَنيُّ (لا أَبَ لَهُ…!) قالَها وَزيرُ تَعليمٍ عالٍ سابِقٌ في نَدوةٍ مُنذُ زَمَنٍ، وَبِصَراحةٍ سُرِرتُ كَثيرًا، لِأنَّ رَسائلي بِهذا الخُصوصِ وَمِن خِلالِ مَقالاتٍ عِدَّةٍ كَتَبتُها في هذا الشَّأن، وَصَلَت صانِعَ القَرارِ في حِينِه، وَأدرَكَ أنَّ ما نَقولُه مَطلَبٌ وَطنيّ، فَقَد أَشَرتُ مِرارًا في مَقالاتي أنَّ لَدَينا إِمكاناتٍ وَلَدَينا طاقاتٍ، وَلَكِنَّ مُشكِلَتَنا غالِبًا، لا بَل دائِمًا، مُشكِلَةُ إِداراتٍ وَسِياساتٍ..!
وَأَضَفتُ مُتَفائِلًا في حِينِه: (حَسَنًا فَعَلَ مَجلِسُ التَّعليمِ العالِيِّ، أَن وَضَعَ يَدَهُ مُتَلَمِّسًا جُرحَ التَّعليمِ التِّقَنيِّ، وَالَّذي بَقِيَ يَتيمًا لا أَبَ لَهُ مُنذُ سِنين، فَلنَنتَظِرْ ماذا سَتَفعَلُ اللَّجنةُ الَّتي سَتَتَوَلّى دِراسةَ واقِعِهِ وَتَحدِّياتِهِ وَسَتَضَعُ التَّوصِياتِ المَطلوبةَ بِنَاءً على ذلِكَ… وَلِلأَسَفِ لَم نَرَ أَو نَسمَعْ بِقَراراتِها إِلى حِينِه..! )
مقالات ذات صلة “ابدأ بفكرتك… والأردن سيكمل معك الطريق” 2025/10/14وَلا يَجوزُ أَن يَبقَى التَّخطيطُ وَالاستِراتيجياتُ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ تائهًا بَينَ أَيدي مُوَظَّفينَ عُموميّينَ… وَأَقسامٍ إِداريّةٍ تَنفيذِيّةٍ وَبِيروقراطيّاتٍ مُتَعَدِّدةٍ (وَكُلٌّ يُغَنِّي على لَيلَاه..! ).
قُلتُها مُنذُ سَنواتٍ وَكُنتُ على أَمَلٍ أَن تَظهَرَ النَّتائجُ وَنُؤَسِّسَ لِمَجلِسِ تَعليمٍ تِقَنيٍّ وَمِهنيٍّ يَضَعُ الاستِراتيجياتِ المُلزِمَةَ وَيُخَطِّطُ وَطنيًّا لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ…بشكل خاص، وَلَكِن لَم تَظهَرِ النَّتائجُ وَلَم نَرَ على الواقِعِ ما يُشيرُ إِلى تَلَمُّسِ الوَضعِ وَالانطِلاقِ نَحوَ المُستَقبَل.
وَمَعَ دَمجِ وِزارَتَيِ التَّربيةِ وَالتَّعليمِ العالِيّ، وَاستِحداثِ مَنصِبِ أَمِينٍ عامٍّ لِلتَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيّ، وَإِدماجِ التَّعليمِ المِهنيِّ وَالتِّقَنيِّ مَع أَنواعِ تَعليمٍ أُخرى لَن ذلك بِالغَرَض، لِأَنَّ الوِزارَةَ مُزَوِّدٌ وَمُنفِّذٌ لِلتَّعليمِ المِهنيّ، وَلا يَجوزُ أَن تَكونَ (خَصمًا وَحَكَمًا..! ).
وَقَد أَشَرتُ في مَقالاتي، وَمُنذُ سَنواتٍ خَلَت، إِلى ضَرورةِ تَأسيسِ وَاستِحداثِ مَجلِسٍ عالٍ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ، مَع ضَرورةِ (فَصلِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ عَن جامِعَةِ البَلقاء التَّطبيقِيَّة، وَالتَّعليمِ المِهنيِّ عَن وِزارَةِ التَّربيةِ وَالتَّعليمِ وَمَجلِسِ التَّربيةِ؛ مِن حَيثُ السِّياساتُ وَالاستِراتيجياتُ)، لِأَنَّها جِهاتٌ مُزَوِّدةٌ وَمُنفِّذَةٌ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
وَيَجِبُ أَن يُؤَطَّرَ عَمَلُها وَبَقِيَّةُ مُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ وَطنيًّا بِمَجلِسِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، حَيثُ إِنَّ حاكِميَّةَ هذَينِ القِطاعَينِ ما زالَت مُشتَّتةً، وَلا تُوجَدُ جِهَةٌ واحِدَةٌ وَطنيَّةٌ تَضَعُ سِياساتها وَتُوَحِّدُها لِتَتَكامَلَ مَع بَعضِها وَتَعمَلَ نَحوَ أَهدافٍ وَاستِراتيجياتٍ وَطنيَّةٍ مُحكَمةٍ.
وَالمَجلِسُ المُقتَرَحُ سَتَكونُ مَهمَّتُهُ وَواجِباتُهُ (مُناظِرةً لِمَهامِّ مَجلِسِ التَّعليمِ العالِيِّ فِيمَا يَخُصُّ التَّعليمَ العالِيّ)، إِذ يَجِبُ أَن يَكونَ ضِمنَ مَنظومَةِ التَّعليمِ العالِيِّ وَالعامِّ كَمَجلِسٍ مُستَقِلٍّ، يُشكَّلُ مِن مُتَخصِّصينَ فِي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، إِضافَةً إِلى أَعضاءٍ مِن جِهاتٍ حُكوميَّةٍ مُختَصَّةٍ وَالقِطاعِ الخَاصِّ بِشِقَّيهِ الخِدمِيِّ وَالإِنتاجِيّ.
إِذ لا يَجوزُ أَن تَبقَى استِراتيجياتُ وَخُطَطُ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ مَعُومَةً لِعِدَّةِ جِهاتٍ لا يُوجَدُ تَناسُقٌ بَينَها، وَهِيَ مُزَوِّدةُ تَعليمٍ وَتَدرِيبٍ وَواضِعَةُ استِراتيجياتٍ بِذاتِ الوَقت..!
إِذ يَجِبُ أَن تَخضَعَ لِضَوابِطَ وَاستِراتيجياتٍ وَطنيَّةٍ مُوحَّدةٍ، لِأَنَّ تَعَدُّدَ المَراجِعِ الحَالِيَّ شَكَّلَ حالَةً مِنَ العَشوائيَّةِ وَالتَّخَبُّطِ وَعَدَمِ التَّناسُقِ، أَدَّت إِلى اختِلالاتٍ كَبيرةٍ فِي العَرضِ وَالطَّلبِ، وَكَذلك التَّخصُّصاتِ المَطلوبةِ وَغَيرِ المَطلوبةِ، مِمَّا يُمكِّنُنا القَولَ وَبِكُلِّ ثِقةٍ: (إِنَّ قِطاعَ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ غَيرُ مُنَظَّمٍ).
وَهذَا الوَضعُ المَعُومُ حَدَّ العَشوائيَّةِ لِانعِدامِ التَّخطيطِ وَالتَّشارُكِيَّةِ فِي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ يَجِبُ أَلَّا يَستَمِرّ..! وَلا يُسنَدُ هذا الدَّورُ لِلوِزارَةِ الجَديدة..!
مِن هُنا، فَمِن الأَولَوِيّاتِ لِوِزارَةِ التَّعليمِ العالِيِّ وَالحُكومةِ إِنشاءُ هذا المَجلِسِ المُعنَى بِالتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، وَالَّذي يَحمِلُ خُصوصِيَّةً وَأهمِّيَةً تَجعَلُهُ غَيرَ قابِلٍ لِلإِلحاقِ بِغَيرِه.
فِي كُلِّ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ هُناكَ جِسمٌ وَطنيٌّ (وِزارَةٌ، أَو مَجلِسٌ، أَو هَيئةٌ) لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ، وَيُترَكُ ذلِكَ لِلحُكومةِ وَأَدَواتِ التَّشريعِ لِإِعطاءِ صِفَةٍ قانونيَّةٍ لِلمَجلِسِ الَّذي سَتَكونُ مَهامُّهُ بَعدَ تَشكِيلِهِ:
1️⃣ وَضعُ تَشريعاتٍ تُنظِّمُ التَّعليمَ التِّقَنيَّ وَالمِهنيَّ وَطنيًّا، لِلقِطاعَينِ العامِّ وَالخَاصّ.
2️⃣ وَضعُ استِراتيجياتٍ وَخُطَطٍ مُستَقبَلِيَّةٍ قابِلَةٍ لِلتَّنفيذِ تُلبِّي مُتَطَلَّباتِ الاقتصادِ الوَطنيِّ وَالإِقليميّ.
3️⃣ وَضعُ مُتَطَلَّباتِ الإِنشاءِ وَالاعتمادِ لِمُؤسَّساتِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ عامَّةً أَو خاصَّةً، وَكَذلك الإِشرافُ وَالمُراقَبَةُ على التَّرخيصِ وَتَحقيقِ مُتَطَلَّباتِهِ وَإِدامَتِها.
4️⃣ التَّخطيطُ الاستِراتيجِيُّ لِلقُوَى البَشَرِيَّةِ التِّقَنيَّةِ وَالمِهنيَّةِ على الصَّعيدِ الوَطنيِّ كَمًّا وَنَوعًا.
5️⃣ اعتمادُ التَّخصُّصاتِ وَالبَرامِجِ وَالخُطَطِ لِمُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ.
6️⃣ الإِشرافُ الفَنِّيُّ على مُزَوِّدي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ فِي المَملكةِ.
7️⃣ وَضعُ خُطَطٍ تَطوِيرِيَّةٍ طَموحَةٍ لِرَفعِ سَوِيَّةِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ نَحوَ العَالَميَّةِ.
8️⃣ تَنظِيمُ وَتَفعِيلُ الشَّراكَةِ مَع القِطاعِ الخَاصِّ فِي مَجالاتِ التَّدرِيبِ وَالتَّشغِيلِ وَالتَّخطيطِ.
9️⃣ إِنشاءُ قاعِدَةِ بَياناتٍ وَطنيَّةٍ شامِلَةٍ لِلتَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
10️⃣ استِقطابُ شَراكاتٍ عالَميَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَإِدماجُها مَع المُؤسَّساتِ الوَطنيَّةِ.
11️⃣ تَأمِينُ التَّموِيلِ الحُكومِيِّ وَالدُّولِيِّ وَالاستِثماريِّ أَو الوَقفِيِّ لِلقِطاعَينِ.
12️⃣ تَنظِيمُ طَرحِ البَرامِجِ وَالتَّخصُّصاتِ وَإِيقافُها أَو تَعلِيقُها تَبَعًا لِمُتَطَلَّباتِ سُوقِ العَمَلِ.
13️⃣ إِدارَةُ دِراسَاتٍ تَتبُّعِيَّةٍ وَقواعِدِ بَياناتٍ لِخِرِّيجي التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيّ.
وَغَيرُ ذلِكَ مِنَ النِّقاطِ وَالمَهامِّ الَّتي لَم تَحضُرني وَيُمكِنُ اقتِراحُها لاحِقًا.
وَهُنا لا بُدَّ مِنَ التَّأكِيدِ على تَفعِيلِ دَورِ المَركَزِ الوَطنيِّ لِتَنمِيَةِ المَوارِدِ البَشَرِيَّةِ وَتَطوِيرِهِ تَشريعيًّا وَمِهنيًّا، لِيُصبِحَ المَركَزَ أَو الهَيئةَ الَّتي تُنظِّمُ القُوَى البَشَرِيَّةَ كَمًّا وَنَوعًا بِالشَّراكَةِ مَعَ الوِزارَةِ المُدمَجَةِ، حَيثُ يُرَبَطُ مُخرَجُ التَّعليمِ وَالتَّدرِيبِ بِمُتَطَلَّباتِ سُوقِ العَمَلِ ما أَمكَنَ، لِنَتَخَلَّصَ مِنَ التَّخصُّصاتِ غَيرِ المَطلوبةِ وَنُخَفِّفَ نِسَبَ البَطالَةِ بَينَ الخِرِّيجينَ، وَنَوقفَ الهَدرَ الحاصِلَ فِي التَّعليمِ وَالتَّدرِيبِ لِتَخصُّصاتٍ غَيرِ مَطلوبةٍ أَو مُكرَّرةٍ.
مِنَ المُؤسِفِ أَنَّنا جَميعًا، وَفِي المُقدِّمَةِ جَلالَةُ المَلِكِ، نَتَحَدَّثُ عَنِ التَّعليمِ التِّقَنيِّ وَالمِهنيِّ وَأَهمِّيَّتِهِ كرافِعَةٍ لِأَوضاعِنا الاقتِصاديَّةِ وَالاجتِماعيَّةِ، وَفِي الواقِعِ ما زِلنا نُراوحُ فِي ذاتِ المَكانِ وَذاتِ التَّصريحاتِ، وَلا نُؤَسِّسُ لِلخُطوَةِ الأُولى لِتَطوِيرِهِ وَهِيَ: مَجلِسُ تَعليمٍ تِقَنيٍّ وَمِهنيٍّ يَضَعُ الاستِراتيجياتِ وَيُخَطِّطُ وَطنيًّا لِلتَّغييرِ وَالانطِلاقِ نَحوَ المُستَقبَلِ وَمُجاراةِ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ.
نَنتَظِرُ أَن يَتِمَّ ذلِكَ وَبِأَسرَعِ وَقتٍ، وَأَلَّا نَبقَى نُشبِعُ التَّعليمَ المِهنيَّ وَالتِّقَنيَّ (جَعجَعَةً وَلا نَرَى طَحنًا)… فَعَجَلَةُ التَّقَدُّمِ وَالتَّطوُّرِ لا تَنتَظِرُ المُتَرَدِّدينَ وأصحاب مبدأ سكن تسلم… قطاع التعليم المهني والتقني في الأردن بحاجة لكل الجهود المخلصة… وليس منها التصريحات المرسلة.. أو التسكين..! … حمى الله الأردن.
#التعليم_المهني #التعليم_التقني #د_مفضي_المومني