فى ظل الأزمات التى تضرب الاقتصاد العالمي، والاضطرابات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ووصول معدلات التضخم إلى أرقام مرعبة، راح السواد الأعظم من المستثمرين، والمواطنين يبحثون عن وسيلة يتحوطون بها من التضخم، للحفاظ على أموالهم من تراجع قيمتها، بسبب ارتفاع الأسعار.
لكل مستثمر طريقته الخاصة فى الحفاظ على أمواله من التآكل بسبب الارتفاع فى الأسعار، فهذا مستثمر متحفظ، ليست لديه القدرة على تحمل المخاطرة، فيهرول إلى إيداع أمواله فى البنك، ولسان يقول «فضل ورضا» فالعائد من الأموال «يمشى الحال» حتى مع ارتفاع معدلات التضخم، بمنطق «عصفور فى اليد، ولا عشرة على الشجرة»، وعلى هذا الحال يرتضى بالعوائد المتدنية، إذا ما قورنت بمعدلات التضخم، ولكن هكذا يكون سلوك المستثمر.
هذا المستثمر على النقيض تمامًا من المستثمر الباحث بشكل مستمر عن المخاطرة، بمنطق «ضربه بالمرزبة ولا ميه بالشاكوش»، وهذا أيضًا ارتضى سلوكه فى المغامرة، فراح يبحث عن ضالته فى أداة مالية تشبع له رغباته، ووجدها فى البورصة، على اعتبار أن ما ينتظره مستثمر البنك فى 3 شهور من عائد، يحققه أضعافًا متعامل البورصة، وفى ساعات قليلة.
هذه الفئة من المستثمرين تزايدوا بصورة كبيرة خلال الفترة القليلة الماضة، «داخلين» بكل حملهم فى استثمار الاسهم، لإيمانهم الشديد أن الاستثمار فى الاسهم الوسيلة الوحيدة التى تحقق لهم التحوط من غول التضخم، والاحتفاظ إلى حد ما بقيمة ما لديهم من عملة، تستطيع تفى متطلباتهم، وهذا ما تحقق فى سوق الاسهم طوال الفترة الأخيرة، وهذا التكالب على اسهم الشركات دفع البورصة لتحقيق قفزات جنونية، وتحقق فى جلسات محدودة مستويات تاريخية، غير مسبوقة.
فئة ثالثة سلوكهم الاستثمارى يتجه إلى منتج مالى ذات أصل، ويمكن تحويله إلى سيولة سريعة، وهذه الميزة تتوافر بالاستثمار فى الذهب، الملاذ الأكثر أمانًا للمستثمرين، وقت الأزمات الطاحنة، والحروب، من هنا يتبين مؤخرًا مع طرح صندوق للاستثمار فى الذهب بالسوق المحلى المصري، ضخ المستثمرون أكثر من 260 مليون جنيه، لأكثر من 30 ألف مستثمر، بينهم مستثمرون جدد بالجملة، وهذا فى حد ذاته مكسب.
كل أداة لها ما يميزها، ولها «زبونها»، لكن يظل الاستثمار فى الأسهم أعلى مخاطرة، وأعلى ربحًا، لذلك لابد من الحذر، والاستثمار فى هذه الأداة بحالة من الرشد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خارج المقصورة ظل الأزمات اموالهم
إقرأ أيضاً:
كان.. يا ما كان
فى واحدة من أهم الظواهر التى تستحق الدراسة مؤخرًا في مجتمعنا المصرى يبدو أن ظاهرة الحنين إلى الماضى المعروفة علميًا (بالنوستالجيا) قد بلغت مداها بين قطاعات عريضة من أبناء هذا الوطن بكل أطيافه بل وأجياله حتى يكاد الأمر أن يصل إلى درجة رفض الواقع بل وإنكاره من فرط الحنين إلى ما كان. لماذا نحن فى هذه الحالة؟ وإن كان ذلك مقبولًا لدى أجيال الوسط والشيوخ التى عاصرت هذا الماضى فكيف نفسر حنين أبناء جيل الشباب أيضًا لما كان قائمًا قبل أن يولدوا؟
فى حكاوى ومناقشات أهل مصر على المقاهى وفي مواقع التواصل ستجد تلك الحالة منتشرة، بل ربما لن يخلو حديث فى مجلس للأهل أو للأصدقاء دون أن يترحموا على أيام قد مضت وكيف كان حال الفن والفكر والثقافة بل والرياضة وحتى السياسة، وعن تلك الأوزان النسبية التى تغيرت لتهبط عدة درجات فى سلم الإبداع، حين تجلس مع أبناء جيل الشيوخ والوسط سيحدثونك عن شبابهم وكيف تربى وجدانهم على فكر وثقافه وذوق مختلف ومتنوع، سيحكون لك أنهم قد كان لديهم كل المدارس الفكرية والفنية وكان متاحًا لهم أن ينهلوا من هؤلاء العمالقة الذين عاشوا وأبدعوا معًا فى توقيت واحد فأحدثوا زخمًا فى شتى مجالات الفكر والفن والسياسة وحتى فى لغة الحديث بل وفى شكل وأناقة ملابس الرجال والنساء وزى أطفال المدارس وطلاب الجامعة.
هل هى الحداثة قد أفقدتنا كثيرًا مما اعتدنا عليه سابقًا قبل أن تُغرقنا موجات التكنولوجيا العاتية وهذه الأنماط السلوكية والفكرية الهشة التى تنتشر بسرعة البرق بين رواد السوشيال ميديا؟ هل هجر الناس الأصالة عن قناعة أم مجبرين حين خلت الساحة من إبداع رصين يحفظ لهذا الشعب هويته السمعية والفكرية؟
ليس الأمر بسيطًا حتى وإن بدا كذلك. فهذا ذوق يتغير وفكر يندثر وعمق يختفى تحت ضربات ولعنات التريند والتيك توك والمهرجانات ودراما العنف والقيم الأسرية المنحلة ومسارح اللهو دون قيمة أو رسالة، ورياضة كلها تعصب وشحن وسباب وفُرقة بين الجميع.. ليس الأمر هينًا فهذا وطن يسرق من ماضيه وقيمته وريادته بين الأمم.. هل نجد إجابة لكل تلك التساؤلات أم يظل الحال كما هو لنهوى أكثر وأكثر فى دوامة الحنين إلي الماضي ونظل نردد بكل حسرة: كان ياما كان.. ؟؟