يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:

قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، يوم الأربعاء، إن إيران اختارت جماعة الحوثي من اليمن لتكون ذراعها الرئيسي في الصراع الحالي مع الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من حزب الله اللبناني.

وأضافت الصحيفة في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني أن أحد “الأمور الإيجابية بالنسبة لإسرائيل” هو حقيقة أن طهران قررت عدم السماح لحزب الله اللبناني بتكثيف قتاله ضد الاحتلال، واختارت بدلاً عن ذلك جماعة الحوثي “لتكون ذراعها الرئيسي في الصراع”.

ولفتت إلى أن “إيران، من بين جميع وكلائها في الشرق الأوسط، قررت استخدام الحوثيين كقوة رئيسية ضد إسرائيل بدلاً من حزب الله والجماعات الأخرى” الأقرب إلى فلسطين.

“على الرغم من أن تورط حزب الله قد يكون أكثر “فعالية” من وجهة نظر طهران” قالت “يديعوت أحرونوت”.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً مروعة على قطاع غزة منذ 07 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أدت لاستشهاد 8000 من المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء وعشرات الآلاف من الجرحى، في جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي.

وتشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعرف “كيفية التعامل مع التهديد الحوثي، ويبقى السؤال ما إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى الرد”. لافتة إلى أن احتمالية تحرك الولايات المتحدة ليست عالية لأن إدارة بايدن لديها حاليًا مصلحة في تقليل التوترات وعدم التورط بشكل مباشر في صراع رفيع المستوى.

اقرأ/ي أيضاً.. (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات “دعم غزة”؟!

وقالت “يديعوت أحرونوت”: هذا بالضبط ما يعول عليه الإيرانيون. لذلك، تواجه إسرائيل معضلة ستتفاقم وتجبرها على إعادة تقييم الوضع إذا حاول الحوثيون توسيع الصراع إلى الساحة البحرية، مما يهدد طرق التجارة في منطقة باب المندب.

وأضافت: يشكل الحوثيون خطراً ليس فقط بسبب قدراتهم العسكرية المتنوعة وصواريخهم التي يمكن أن تصل إلى جنوب إسرائيل، ولكن في المقام الأول بسبب تهديدهم لخطوط الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وأشارت إلى أن النهج الإيراني بوضع الحوثيين الذراع الرئيسي وهو ما يضع “إسرائيل في مواجهة تحدي استراتيجي على حدودها الجنوبية. وسوف تحتاج إلى تنسيق أعمالها مع القيادة المركزية الأمريكية، حيث أن الحفاظ على حرية الملاحة في الخليج العربي وخليج عمان يقع ضمن نطاق صلاحيتها”.

تزعم “يديعوت أحرونوت” أن ذلك يعني أن الإيرانيين “أسسوا تحالفًا ضدهم وضد الحوثيين”، متوقعة أن تتحالف الرياض وواشنطن في شن هجمات على انتقامية على الحوثيين.  لافتة إلى أن “هذا التحالف، الذي يعتمد بشكل أساسي على تعزيز الوجود البحري الأميركي قبالة سواحل اليمن وتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية في شمال البحر الأحمر، هو الحل للمشكلة، على الأقل حتى يتم حل الوضع في غزة”.

تبنت جماعة الحوثي المسلحة بشكل رسمي، يوم الثلاثاء، شن هجوم بصواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة من “إسرائيل”، في أبرز تطور للجماعة المسلحة المدعومة من إيران بشن هجمات خارج الحدود بعيدة عن اليمن.

اقرأ/ي أيضاً.. حصري- تقرير سري للحوثيين يحذر من انهيار سلطة الجماعة في مناطقها حصري- الحوثيون يحضرون لعودة الحرب مع توقف المحادثات الحوثيون وقرار العودة إلى الحرب.. ما الذي يحدث على الحدود اليمنية-السعودية؟ (تقرير خاص) حصري- تحذير أمريكي للحوثيين من قصف إسرائيل.. والجماعة تقدم شروطها  دخول اليمن في الحرب الإسرائيلية “أسوأ مخاوف” المبعوث الأمريكي خاص| مشروع قانون بالكونجرس الأمريكي يعيد تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية”

 

يمن مونيتور2 نوفمبر، 2023 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات "دعم غزة"؟! مقالات ذات صلة (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات “دعم غزة”؟! 2 نوفمبر، 2023 ضبط خمسة بحارة أجانب على متن قارب بحوزتهم مواد مخدرة شرقي اليمن 2 نوفمبر، 2023 الحوثيون يعلنون إطلاق “دفعة كبيرة” من الطائرات المسيرة باتجاه الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 الوداد المغربي يقصي الترجي التونسي ويتأهل إلى نهائي الدوري الإفريقي 1 نوفمبر، 2023 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية استمرار التظاهرات في تعز اليمنية دعما لغزة وتنديداً بمجازر الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 الأخبار الرئيسية صحيفة عبرية: إيران اختارت الحوثيين بدلاً من حزب الله ذراعا رئيسيا في “صراعها مع إسرائيل” 2 نوفمبر، 2023 (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات “دعم غزة”؟! 2 نوفمبر، 2023 الحوثيون يعلنون إطلاق “دفعة كبيرة” من الطائرات المسيرة باتجاه الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 استمرار التظاهرات في تعز اليمنية دعما لغزة وتنديداً بمجازر الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 عقب هجمات الحوثيين… الاحتلال الإسرائيلي يعلن وصول زوارق حربية إلى البحر الأحمر 1 نوفمبر، 2023 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات “دعم غزة”؟! 2 نوفمبر، 2023 ضبط خمسة بحارة أجانب على متن قارب بحوزتهم مواد مخدرة شرقي اليمن 2 نوفمبر، 2023 الحوثيون يعلنون إطلاق “دفعة كبيرة” من الطائرات المسيرة باتجاه الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 استمرار التظاهرات في تعز اليمنية دعما لغزة وتنديداً بمجازر الاحتلال 1 نوفمبر، 2023 عقب هجمات الحوثيين… الاحتلال الإسرائيلي يعلن وصول زوارق حربية إلى البحر الأحمر 1 نوفمبر، 2023 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 15 ℃ 22º - 14º 52% 1.32 كيلومتر/ساعة 22℃ الخميس 21℃ الجمعة 21℃ السبت 22℃ الأحد 22℃ الأثنين تصفح إيضاً صحيفة عبرية: إيران اختارت الحوثيين بدلاً من حزب الله ذراعا رئيسيا في “صراعها مع إسرائيل” 2 نوفمبر، 2023 (تحليل خاص) المشروعية والورقة الرابحة.. ما الذي يريده الحوثيون من تبني هجمات “دعم غزة”؟! 2 نوفمبر، 2023 الأقسام أخبار محلية 24٬662 غير مصنف 24٬146 الأخبار الرئيسية 11٬962 اخترنا لكم 6٬412 عربي ودولي 5٬737 رياضة 2٬020 كأس العالم 2022 72 كتابات خاصة 1٬988 اقتصاد 1٬912 منوعات 1٬782 مجتمع 1٬730 صحافة 1٬439 تراجم وتحليلات 1٬430 تقارير 1٬399 آراء ومواقف 1٬396 ميديا 1٬196 حقوق وحريات 1٬181 فكر وثقافة 831 تفاعل 745 فنون 451 الأرصاد 158 بورتريه 62 كاريكاتير 23 صورة وخبر 20 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2023، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 27 سبتمبر، 2023 “الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر 15 ديسمبر، 2021 الأمم المتحدة: نشعر بخيبة أمل إزاء استمرا الحوثي في اعتقال اثنين من موظفينا 2 سبتمبر، 2023 عزوف الطلاب عن الدراسة الجامعية في تعز.. ما الأسباب والتداعيات؟ 20 ديسمبر، 2020 الحوثيون يرفضون عرضاً لنقل “توأم سيامي” إلى خارج اليمن أخر التعليقات رانيا محمد

ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...

الضباعي اليافعي

مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...

ماجد عبد الله

الله لا فتح على الحرب ومن كان السبب ...... وا نشكر الكتب وا...

diva

مقال ممتاز موقع ديفا اكسبرت الطبي...

عبدالله منير التميمي

مش مقتنع بالخبر احسه دعاية على المسلمين هناك خصوصا ان الخبر...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی یدیعوت أحرونوت البحر الأحمر جماعة الحوثی من حزب الله فی الیمن دعم غزة إلى أن فی تعز

إقرأ أيضاً:

الغرب يُسلّح “إسرائيل” ويُرسل الطحين ببطاقات عبور

 

في عالم باتت فيه الكلمة تُصاغ بمداد القوة، لا بالحقيقة، تتحول الكارثة الإنسانية في غزة إلى مشهد رمزي يكشف زيف النظام الدولي، وانهيار القيم التي طالما تباهى بها الغرب: حقوق الإنسان، القانون الدولي، العدالة. إذ بينما تمطر الطائرات «الإسرائيلية»، بدعم عسكري أميركي وأوروبي سافر، أحياء غزة بالصواريخ، تُرسل بعض الدول الغربية -بمنتهى النفاق- شاحنات طحين عبر مؤسسات دولية، محكومة ببطاقات عبور، إلى أولئك الذين نجوا من المجازر إلى حين.

إنّ المعضلة هنا ليست فقط في التواطؤ، بل في التأسيس لمنظومة إبادة جديدة، لا تتجلى فقط في أدوات القتل، بل في أدوات «المساعدة». لقد تحوّل الطحين إلى أداة سياسية بامتياز، يُوزّع بحذر شديد، ويُقرَّر من يستحقه ومن يُترك للجوع، كل ذلك تحت شعارات «العمل الإنساني»، في الوقت الذي تتكدّس فيه مخازن الأسلحة الأميركية في قلب فلسطين المحتلة، ويُمرَّر الدعم العسكري تحت بند «الدفاع المشروع عن النفس».

التجويع.. من الإبادة الصامتة إلى أداة الضبط الجيوسياسي

منذ بداية الحرب على غزة، كان من الواضح أنّ «إسرائيل» لا تستهدف المقاومة الفلسطينية فحسب، بل تخوض حربًا شاملة على المجتمع الفلسطيني، بكل مكوّناته. والغرب، بدلاً من أن يلجم هذا السعار الدموي، يزوده بكل ما يحتاجه للاستمرار: الغطاء السياسي، الدعم المالي، والمعدّات العسكرية.

لكنّ أخطر ما في هذا المشهد، هو «إدارة التجويع» بوصفها شكلاً متقدماً من الحرب النفسية والاجتماعية. لم تعد المجازر وحدها كافية لتروي عطش «المؤسسة الأمنية الإسرائيلية»، بل بات المطلوب تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني بالكامل، عبر إيصاله إلى حافة الانهيار البيولوجي، ثم تقديم فتات المعونة بوصفه منّة دولية مشروطة.

في هذا السياق، لم تعد المساعدات تُرسل لرفع المجاعة، بل لضبطها. يُراد للموت ألا يكون شاملًا، بل انتقائيًا، منظّمًا، يمكن التحكم بإيقاعه ومساحته، بحيث يُبقي على غزة على قيد الحياة، بالكاد.

الطحين المشروط.. »الهولوكوست المدني« بنسخة ناعمة

حين يُمنح الفلسطيني في غزة كيس طحين فقط بعد أن يتعرض لإذلال مرير، ويُطلب منه السير لكيلومترات ما بين الركام، وتحت تهديد القنص، للوصول إلى مركز توزيع تسيطر عليه «إسرائيل» أمنياً، فهذا ليس «إغاثة»، بل نموذج دقيق لـ»الهولوكوست المدني» بنسخته الحديثة: لا غرف غاز، بل حفر رملية (الجورة) يُنتظر فيها «إذن الحياة».

هذا النموذج يُدار تحت شعار الإنسانية. ولكن أيّ إنسانية تلك التي تُرشد طائرات الاستطلاع الغربية، والطائرات «الإسرائيلية»، جموع الجياع نحو مركز الإعدام؟ وأي عدالة حين يُستشهد العشرات أثناء انتظارهم للغذاء، بينما لا يُحاسب أحد؟

إنّ ما يُسمّى بـ»الإنزال الجوي للمساعدات» ليس سوى صورة فاقعة من صور التواطؤ بين آلة القتل «الإسرائيلية» والهيئات الدولية التي ارتضت أن تتحوّل من أدوات إنقاذ إلى أدوات تلميع. فالاحتلال، الذي أغلق المعابر، ودمّر البنية التحتية الصحية، وجرّد مليونَي إنسان من شروط الحياة الأساسية، يدّعي فجأةً أن له دورًا «إنسانيًا» في إسقاط عُلب غذاء من السماء. هذا الفعل، بحد ذاته، يُعيد إنتاج منطق الاستعمار الخيري: الجلّاد يلبس قناع المُنقذ، في الوقت الذي يُمسك فيه بخنجر الحصار في يده الأخرى. لا يكفي أن نُدين محدودية المساعدات أو انعدام فعاليتها، بل علينا أن نُفكك بنيتها السياسية، لأنها لم تأتِ خارج سياق الإبادة، بل كجزء منها. فهي لا تعالج الجوع، بل تُديره. لا تنهي الحصار، بل تُعطيه شكلاً مقبولًا في أعين المتفرجين. إنها ليست خطّة طوارئ، بل سياسة ممنهجة لإبقاء القطاع تحت السقف الأدنى للحياة، بما يسمح باستمرار المشروع الاستيطاني دون حرج أخلاقي أمام الكاميرات.

الغرب الرسمي.. ديمقراطيات تموّل المجازر وتكتب بيانات إنسانية

الدول الغربية تعرف، بكل تفاصيلها، ما يجري في غزة. ليس لأنّ الفلسطينيين أو الإعلام المستقل يبلّغونهم، بل لأنّ طائراتهم وجنرالاتهم وخبراء أمنهم موجودون في الميدان. هم لا يجهلون الإبادة، بل يديرونها.

وحين تصدر بيانات من الاتحاد الأوروبي تدعو إلى «تحسين الوضع الإنساني» في غزة، أو تُفرض عقوبات شكلية على وزراء من أمثال بن غفير وسموتريتش، فإنّ الغرض ليس وقف الجريمة، بل التخفيف من ثقلها الأخلاقي على الرأي العام الغربي، الذي قد يستفيق للحظة. لكنّ هذه العقوبات، كما في العراق سابقًا، لا تُفرض على الدولة المعتدية، بل على هوامشها، ولا تمسّ جوهر المشروع: التجويع المُمنهج كسلاح شرعي.

وفي المحصلة، يُعاد تعريف القانون الدولي ليخدم بنية الهيمنة: ما يُعدّ «جريمة حرب» في أوكرانيا، يُصبح «تكتيكًا عسكريًا مشروعًا» في غزة. أما محكمة العدل الدولية، فتبقى أداة انتقائية لا تصمد أمام «الفيتو الأخلاقي» الأميركي.

الغذاء كسلاح استعماري.. التاريخ يعيد إنتاج نفسه

ليس ما يجري في غزة استثناءً، بل استمرارٌ لنمطٍ إمبريالي مألوف، حيث يُستبدل القصف بالتجويع، وتُغلف الإبادة بورقٍ إنساني مصقول. لقد فعلها الغرب والأمريكيون من قبل في العراق، حين أُخضِعَ شعبٌ بأكمله لحصارٍ دمّر البنية التحتية الصحية والتعليمية، وقُدّرت آثاره بمقتل نصف مليون طفل، وهو رقمٌ وصفته وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت آنذاك بأنه «ثمنٌ مستحق». وفي السودان، جُعل الغذاء مشروطًا بالولاء السياسي، وغُذّيت الانقسامات الداخلية عبر تجويف المجتمعات من الداخل. في كل مرة، يظهر الغرب كمن «يحاول المساعدة»، بينما يُبقي يده على صمّام الحياة، يفتحه ويُغلقه حسب مصالحه الجيوسياسية. فالتجويع ليس خللًا طارئًا، بل أداة متعمدة لإخضاع الشعوب وتفكيك قدرتها على الصمود والمقاومة.

الصمت العربي.. تواطؤ يشرعن الجريمة

وفي مواجهة هذا المشروع، تبدو الأنظمة العربية -خصوصًا الدول ذات الوزن الجغرافي كالسعودية ومصر والأردن- عاجزة أو متواطئة. القرارات الصادرة عن القمم الإسلامية والعربية بقيت حبرًا على ورق. لماذا؟ لأنّ المعضلة ليست في عدم القدرة على إرسال المساعدات، بل في الخوف من كسر التوازنات التي تُبقي هذه الأنظمة آمنة تحت المظلة الأميركية.

إنّ المساعدات تكدّست على الجانب المصري من الحدود، لا لأنّ مصر غير قادرة على إدخالها، بل لأنها لا تملك الإرادة السياسية لمواجهة ما يُعتبر «الخط الأحمر الإسرائيلي-الأميركي». وهذا الصمت، أخطر من القصف، فهو يمنح الإبادة شرعية عربية، يُوظّفها الغرب في خطاباته ليقول: «حتى العرب لا يعارضون ما يحدث».

بين الطحين والسلاح.. الغرب يُعرّي ذاته

لقد بات واضحًا أنّ الغرب، في صيغته الحالية، لا يمثل نموذجًا أخلاقيًا ولا مرجعية قانونية. إنه تحالف سلطوي، يُعيد إنتاج الهيمنة بأشكال متجددة. يُسلّح «إسرائيل» بأحدث أدوات القتل، ثم يُرسل الطحين على دفعات، محكومًا ببطاقات عبور، كي يبقي على الفلسطينيين في مستوى الصراع الأدنى: صراع البقاء لا التحرير.

لكنّ التاريخ لا يُكتب فقط من غرف مجلس الأمن، بل من الساحات. وإذا كان الغرب قد نجح في تحويل غزة إلى مختبر للإبادة، فإنّ ما بعد غزة، سيكون اختبارًا حقيقيًا للشعوب، لا للحكومات.

فما لا تستطيع الدول قوله، يجب أن تقوله الشعوب. وما لا تجرؤ الأنظمة على فعله، يجب أن يفعله الناس. وإلا فإنّ الطحين سيظل يُرسل ببطاقات عبور، فيما السلاح يُمنح بلا حساب، وتُكتب النكبة مجددًا باسم الإنسانية.

كاتب صحفي فلسطيني

 

مقالات مشابهة

  • صنعاء توجه إنذارًا لسفينة شحن متجهة من السعودية إلى “إسرائيل”
  • صنعاء تمضي بمحاكمة قيادات في الانتقالي بتهم الخيانة والتخابر مع “إسرائيل”
  • “اليونيسيف”: أطفال غزة يموتون بمعدل غير مسبوق
  • صاروخ «فلسطين 2» يغير قواعد الاشتباك.. اليمن تدخل المعركة الجوية مع إسرائيل
  • الـ 15 خلال الشهر الأخير.. إسرائيل تعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • المستشار الإعلامي السابق لوزير جيش الاحتلال: الحرب حوّلت “إسرائيل” إلى شرير العالم وعزلتها 
  • إسرائيل تحذر رعاياها من السفر إلى الإمارات: لا ترتدوا رموزًا دينية أو عبرية
  • عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”
  • الغرب يُسلّح “إسرائيل” ويُرسل الطحين ببطاقات عبور
  • إسرائيل تعترض مسيرة أطلقت من اليمن