العظمة اليهودية.. ما قضية حزب وزير الضربة النووية في غزة؟
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
أثار وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، صدمة في اليومين الماضيين، بعدما أبدى انفتاحا على تنفيذ ضربة نووية في قطاع غزة، فما قضية الحزب الذي ينتمي إليه هذا الوزير؟
وكان إلياهو قال لإحدى الإذاعات المحلية، السبت، إن "أحد خيارات إسرائيل في الحرب على غزة هو إسقاط قنبلة نووية" على القطاع الفلسطيني.
وردا على هذه التصريحات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتننياهو، الأحد، تعليق مشاركة إلياهو في اجتماعات مجلس الوزراء "حتى إشعار آخر".
وأثارت تصريحات إلياهو استنكارا في إسرائيل ودول عربية، كما اعتبرها مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية مرفوضة، وقال، وفق رويترز، "واضح أن هذا تصريح مرفوض ورئيس الوزراء أوضح تماما أن (إلياهو) لا يتحدث نيابة عن الحكومة".
ولم يسبق أن تردد اسم وزير التراث الإسرائيلي كثيرا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي، على خلاف وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وهو زعيم الحزب الذي ينتمي إليه، المعروف باسم "القوة اليهودية" أو "العظمة اليهودية".
ويؤيد الحزب الذي ينتمي إليه كلا من إلياهو وبن غفير بناء المستوطنات، واستعادة السيطرة على أراضي القطاع، ويقول خبراء وباحثون لموقع "الحرة" إنه يحمل "فكر كاهاني"، في إشارة إلى الحاخام الإسرائيلي من أصل أميركي، مائير كاهانا.
ما هو "القوة اليهودية"؟تأسس حزب "القوة اليهودية" عام 2013، من جانب مجموعة من أنصار الحاخام كاهانا، الذي كان قد أسس في سبعينيات القرن الماضي حزب "كاخ" القومي المحظور، الذي يدعو لإجلاء العرب من إسرائيل.
ورغم مقتل كاهانا في نيويورك عام 1990 بقيت أفكاره قائمة، سواء عندما أسس ابنه بنيامين حركة "كاهانا خاي" (أي: عاش كاهانا)، أو عبر إقدام المؤيدين لفكره على تأسيس "القوة اليهودية".
و"القوة اليهودية" إلى جانب "الصهيونية الدينية" و"نوعم" أحزاب كانت قد خاضت الانتخابات الأخيرة في إسرائيل ضمن تحالف تقني مع بنيامين نتانياهو، وحصدت 14 مقعدا في الكنيست في نوفمبر 2022.
ولطالما وصفت تلك القوى بـ"المتطرفة" بالنظر إلى مواقفها تجاه العرب والمثليين والتيارات الأخرى، وهي تعكس التيار الديني الصهيوني الذي يشدد على تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تعزيز دخول جماعات يهودية إلى باحات المسجد الأقصى.
ويوضح المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، أن حزب "القوة اليهودية" أو "العظمة اليهودية" تأسس باعتباره وليدا أو وريثا لما كان يسمى منذ فترات طويلة بـ"حزب المفدال" (قومي الديني).
وبعد اختفاء "المفدال" وغيابه عن الخارطة السياسية حل مكانه "القوة اليهودية" وحزب "الصهيونية المتدينة".
ويقول شتيرن لموقع "الحرة" إن الحزبين خاضا الانتخابات مؤخرا إلى جانب نتانياهو، والآن لديهما خط "في مواجهة السلطة وليس معها".
ويضيف: "هم لا يقفون إلى جانب المؤسسات وإنما يأتون من منطلق استيطاني يقوم على استغلال موارد الدولة، وأحيانا مواجهتها أو محاربتها لتحقيق الهدف المرجو، وهو الاستيطان والاستيلاء على الميزانيات".
ويضيف شتيرن أن "القوة اليهودية" كان من أقوى الأحزاب التي تحالفت مع نتانياهو، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب "الصهيونية الدينية".
ولم يكن التحالف نابعا "عن حب"، وفق تعبير شتيرن بل بناء على مصالح، ويتابع: "سواء بن غفير أو بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية.. هم يعرفون أنه لا يمكنهم تحقيق الأهداف إلا عبر نتانياهو".
"خلفاء كاهانا"وسبق أن وصفت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) حزب "القوة اليهودية" بأنه "عنصري ومستهجن".
وكان زعيمه المحامي (بن غفير) أدين عام 2007 بالتحريض على العنصرية بعد أن رفع لافتات في احتجاج كتب عليها "طرد العدو العربي".
وحتى العام الماضي احتفظ بن غفير بصورة في غرفة معيشته لباروخ غولدشتاين، وهو مستوطن أميركي إسرائيلي قتل بالرصاص عام 1994، 29 فلسطينيا في الخليل، بينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، وفق صحيفة "الغارديان".
ويتكون "القوة اليهودية"، كما توضح الصحيفة "من خلفاء إيديولوجيين لمئير كاهانا"، الحاخام المولود في الولايات المتحدة، الذي خدم لفترة واحدة في البرلمان الإسرائيلي عام 1984، قبل حظر حزبه "كاخ".
ودافع كاهانا عن "ثيوقراطية يهودية"، وطرد الفلسطينيين وحظر الزواج بين اليهود والعرب، وقبل "كاخ" كان قد أنشأ "رابطة الدفاع اليهودية" المتشددة، واغتيل عام 1990 على يد مسلح أميركي من أصل مصري.
ويعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي "رابطة الدفاع اليهودية" جماعة إرهابية يمينية بعد أن حاول عضوان تفجير مسجد في كاليفورنيا.
ويقول بن غفير إن "القوة اليهودية" ليست استمرارا" لأيديولوجية كاهانا، لكنه قال إنه يعتبر الرجل "قديسا مقدسا خاض حروبا من أجل شعب إسرائيل، وقُتل وهو يقدس اسم الله".
ويوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إنطوان شلحت أن حزب "القوة اليهودية" هو سليل حزب "كاخ"، ويرى أن الأخير عنصري "بكل المقاييس، سبق وأن خاض الانتخابات وتمكن من دخول الكنيست، لكن تم حظره من منطلق أنه عنصري ويتناقض مع قوانين الأساس ذات الطابع الدستوري في إسرائيل".
وعلى الرغم من حظر "كاخ" ظل "الفكر الكاهاني" مستمرا، وتأسست من روحه عدة أحزاب، جميعها كانت تدعو إلى حسم الصراع مع الفلسطينيين وتهجيرهم.
ويقول شلحت لموقع "الحرة" إن "آخر نسخة من الفكر الكاهاني هو حزب القوة اليهودية أو العظمة اليهودية ورئيسه حاليا بن غفير، وهو أحد الناشطين في حزب كاخ سابقا، ودائما ما كان يدافع عن المستوطنين الإرهابيين".
ويضيف شلحت: "نتانياهو قبل عام كان له هدف أساسي في البقاء الحكم واستعد للتحالف مع الشيطان، وهو ما حصل مع القوة اليهودية"، وفق تعبيره.
ويؤكد المحلل الإسرائيلي شتيرن أن "بن غفير وهو زعيم القوة اليهودية قدم من حزب كاخ التي تم حظره"، فيما تمت إدانته سابقا بتهم "دعم الإرهاب".
ويقول شتيرن إن بن غفير، إلى جانب وزير التراث، يعرفان في الأوساط الإسرائيلية ضمن "التيار الاستيطاني"، وإن حزبهما "يحظى بأهمية في الائتلاف الحاكم".
ويضيف المحلل السياسي: "نتانياهو لا يزال يواصل تحويل الميزانيات لهم، ويتيح في المقابل التعيينات لكي يحافظ عليهم كشركاء".
ويردف قائلا: "هم يعرفون أن موقف نتانياهو أقل إيديولوجيا ولا يثقون به، لكن هناك مصالحة آنية ملاءمة لهذا الوقت"، كما يعتقد شتيرن.
"ضربة قاتلة للغموض"وضمن اتفاق التحالف الانتخابي بين نتانياهو و"حزب القوة اليهودية" والحزبين القوميين الآخرين، تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي في 2022 سياساتها، وعلى رأسها "تطوير الاستيطان"، وبالذات في الضفة الغربية.
وكان شرط بن غفير أن يتولى وزارة ما يسمى الأمن الداخلي، وأن يغير اسمها لوزارة الأمن القومي، وأن تعطى لها صلاحيات أكبر من وزارة الأمن الداخلي، وتكون مسؤولة عن قوة حرس الحدود.
ويوضح الخبير شلحت أن "بن غفير أراد من خلال ذلك فرض السيطرة أكثر على القوة الأمنية، من أجل ممارسة المزيد من القمع ضد الفلسطينيين في مناطق 48 و67".
وفيما يتعلق بالتصريحات الأخيرة، اعتبر الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن "إلقاء القبلة النووية يعبر عن الفكر المتطرف، وتصريح وزير التراث يمثل اعترافا بأن إسرائيل تمتلك قنابل نووية".
ويضيف شلحت: "هناك بعض التحليلات الإسرائيلية قالت إن تصريح وزير التراث وجه ضربة قاتلة لسياسة الغموض الإسرائيلية بخصوص السلاح النووي. حديث الوزير بدد كل شيء، وفيه إقرار أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية".
وكان نتانياهو قد رد بالقول إن تصريحات إلياهو "منفصلة عن الواقع" وأن إسرائيل والجيش الإسرائيلي يتصرفان وفقا للقانون الدولي لتجنب الإضرار بغير المقاتلين.
ورفض وزير الدفاع يوآف غالانت، تصريحات إلياهو، وأكد أن "لا أساس لها من الصحة"، مضيفا في منشور على منصة إكس أنه "من الجيد أن هؤلاء ليسوا من الأشخاص المسؤولين عن أمن إسرائيل".
في غضون ذلك، وبينما قال بن غفير، إنه تحدث إلى الوزير الذي أوضح بدوره أنه يتحدث "مجازيا"، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى إقالة إلياهو.
وكتب على منصة إكس: "إن وجود المتطرفين في الحكومة يعرضنا للخطر ويعرض أهداف الحرب للخطر - هزيمة حماس وإعادة جميع الرهائن".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وزیر التراث إلى جانب بن غفیر
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية اللبناني: إسرائيل تستعد لهجوم واسع.. وتعمل على هذا الأمر
كشف وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، أن الرسائل التي وصلت بيروت مؤخرا تؤكد استعداد الاحتلال لشن عملية عسكرية واسعة ضد لبنان.
وقال رجي خلال مقابلة مع شبكة "الجزيرة" إن دولة الاحتلال تعمل على فصل المسار التفاوضي عن مسار التصعيد العسكري،
وأضاف الوزير أن حكومة سلام نواف تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.
وأشار رجي إلى ترامن الرسائل مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.
والخميس، كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استكمل إعداد خطة خلال الأسابيع الأخيرة لشن هجوم واسع ضد مواقع تابعة لحزب الله، إذا فشلت الحكومة والجيش في لبنان بتنفيذ تعهدهما بتفكيك سلاح الحزب قبل نهاية عام 2025.
ونقلت الهيئة عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن "الخطة أعدتها قيادة الجيش بمشاركة قيادة المنطقة الشمالية وشعبتي الاستخبارات والعمليات، في إطار الاستعداد لاحتمال انهيار المساعي السياسية التي تقودها بيروت لتجريد حزب الله من سلاحه".
وأضافت المصادر، أن سلاح الجو أجرى في الأيام الماضية تدريبات واسعة في الأجواء الداخلية وفوق البحر المتوسط، شاركت فيها مقاتلات، بهدف رفع الجاهزية لاحتمال تنفيذ العملية العسكرية في جنوب لبنان.
ونقلت الهيئة عن مسؤول أمني كبير قوله إن "إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله، إذا لم يتم ذلك بشكل فعّال، حتى لو أدى الأمر إلى أيام من القتال أو إلى تجدد المواجهات على الجبهة الشمالية".
ولفت المسؤول إلى أن "واشنطن نقلت التحذير الإسرائيلي إلى الجانب اللبناني"، إلا أن بيروت أوضحت أن العملية معقدة وتتطلب وقتًا إضافيًا لتحقيق المتطلبات التي وُضعت.
وأواخر الشهر الماضي، قالت القناة الـ13 إن "الجيش الإسرائيلي قدّم خطة عملياتية لتوسيع الهجمات ضد حزب الله، خلال اجتماع خاص عُقد مع نتنياهو، بمشاركة عدد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين".
وجاء تقرير الهيئة، عقب ساعات من اعتبار كتلة الوفاء للمقاومة أن "السلطة اللبنانية ارتكبت سقطة أخرى بتسميتها مدنيا للمشاركة في لجنة الميكانيزم"، التي تشرف على اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وقالت الكتلة في بيان، إن "هذه الخطوة مخالفة حتى للمواقف الرسمية السابقة التي ربطت مشاركة المدنيين بوقف الأعمال العدائية"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية.
وأنشئت لجنة الميكانيزم بموجب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وتقوم بمراقبة تنفيذه، وتضم كلا من لبنان وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
ومطلع آب/ أغسطس الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح ومن بينه ما يملكه حزب الله بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية 2025.