الملتقيات الأدبية هل تخدم الكاتب والكتابة أو إنـهـا مجــرد لقـاء للأحبـة والأصدقـاء ؟
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
يختتم اليوم الملتقى الأدبي والفني السادس والعشرين للشباب في ولاية البريمي، بعد أيام من التنافس خاضها المشاركون الخمسة والأربعون في مجالات ثلاثة: الشعر الفصيح والشعر الشعبي والقصة القصيرة.
هيأ الملتقى الأدبي منذ انطلاقه بيئة يلتقي فيها الكتاب الشباب، ويستمعون لنصوص بعضهم البعض، ويجتمعون مع لجان التحكيم المكونة من كتاب وشعراء ونقاد في جلسات مطولة حول ما شاركوا به من نصوص، لكن السؤال: هل تنجح مثل هذه الملتقيات فعلا في التقدم بمستوى الكاتب المشارك؟ هل تخدم كتابته؟ أم إنها مجرد لقاء للأحبة والأصدقاء؟ هذا ما طرحناه على مجموعة من مشاركي النسخة السادسة والعشرين.
رأى الشاعر طلال الصلتي أن الملتقيات الأدبية متسع معرفي كما هي متسع نفسي، أثرها يتعدى اللقاء بالأحبة، والأصدقاء ورفاق الفن بكل أصنافه وأشكاله وقوالبه، يتعداهُ إلى اللقاء بكل الثراء الذي يحمله المشاركون، الثراء الذي يحمل الاختلاف والتشابه معًا. وقال: «مما تفعله هذه الملتقيات في المقام الأول هو أنها تخدم مخيلة الفنان شاعرًا كان، أم كاتبًا، أم عازفًا، أم مغنيًا، أم ممارسًا لأي طقس فنيّ. المخيلة وسيلة جميع هؤلاء، الريش الذي يحلقون به، والهواء الذي يحملهم للأعلى. في الملتقيات الأدبية والفنية، يرى أحدنا تحليق الآخرين، والارتفاعات التي ينظرون منها إلى أنفسهم وإلى الآخرين، وإلى الأشياء. ويرى أحدنا موضعه من هذا كله، فيعمل ليصقل مخيلته/جناحه ليتسنى له أن يرى ما رأى الآخرون. وهذا الملتقى الأدبي والفني الذي تنظمه -سنويًا- وزارة الثقافة والرياضة والشباب، فتح ويفتح آفاقًا جديدة للإبداع، وفرصًا ثمينة لمشاركة المنتج الأدبي والفني. لا نزال نتطلع إليه عامًا بعد عام».
جسور التواصل
أشارت القاصة غنية الشبيبية إلى أن الملتقيات الأدبية تمثل حراكا ثقافيا مهما، وأنها فرصة جيدة لاستثمار مواهب الشباب، وتعزيز مهاراتهم، والنهوض بإنتاجهم الأدبي فنيا وفكريا، ويتجلى ذلك من خلال الأنشطة والفعاليات المنظمة والحوارات والقراءات النقدية البناءة الهادفة إلى صقل أقلام المشاركين، فضلا عن الحلقات المنفذة خلال أيام الملتقى التي تمدهم بالملاحظات الفنية واللغوية والفكرية؛ مما يسهم بشكل أو بآخر في تطوير كتاباتهم، وتنمية مخيلتهم الأدبية، وتمهد الطريق أمامهم لخوض تجارب جديدة تتسم بالنضج والإبداع. وأضافت: «لا ننس أيضا دور الملتقيات الأدبية في مد جسور التواصل بين الكتاب والأدباء من جميع محافظات سلطنة عمان، مما يتيح للمشاركين التعرف عن قرب على الكتاب والأدباء ذوي خبرة والاستفادة من تجاربهم و الانفتاح على آفاق معرفية جديدة. بالنسبة لي تعد هذه مشاركتي الأولى، وأود أن أستفيد قدر الإمكان من فعاليات الملتقى، سعيا لتطوير تجربتي القصصية».
صقل مخيلة الشاعر
يرى الشاعر سالم الهاشمي أن الملتقيات قد تخدم الشاعر/ الكاتب وتوسع من آفاقِ السماء التي تقطن فيها قصيدته، وقال: «هناك -أي في مثل هذه الملتقيات- يتجولُ الشاعرُ في العشبِ الأخضر، مع ثلة من الشعراء، هذا الشاعر يقيسُ المسافة الثاعبة بين قلبه والليل، وذاك الشاعر يحلم بالغيم الماطر من السماء، وذاك يعد النجوم التي تضيء كل دم في نصّه الخالد في الحياة والدفاتر، كل هذا وذاك يعود للشاعر وما يريد من هذه الملتقيات التي تهدف إلى صقل مخيلة الشاعر وشحذ لغته الحرة ونحتها في القمر البعيد. الشاعر يولد ومخيلته تبرق كنجمة الليل التي تضيء الأرض. هذه المخيلة الجامحة الخارقة السافرة النافرة التي تخترق غلاف الكون وتصنع كونًا جديدًا حرًا ملبّدًا بالغيم السائر في الأفق.
استلهام القصص
وصفت القاصة ليلى السيبانية مخيلة الكاتب كآلة التصوير التي تلتقط المشهد الحيّ في صورة يقف عندها الزمن، وتختلف عن الآلة في قدراتها التي تتجاوز الصورة لتلتقط الحرف والكلمة والموقف واللون والشعور أيضا، وقد تصل -مخيلة الكاتب تلك- إلى مخيلة الآخر وتستلهم القصص التي لم تُحك ولم تُكتب، ليستنطقها فيحكيها ويكتبها هو في نص. وقالت: «كذلك هي الملتقيات الأدبية يجتمع فيها مختلف العقول من كتّاب النثر والشعر محمّلين بخبرات وتجارب متنوعة، هي بيئات خصبة وملهمة يلتقط منها الكاتب الكثير من المعرفة، ويلتقي بمن لهم باع طويل في مجاله من كُتّاب وأدباء فينهل منهم ما يخدم النوع الأدبي الذي يكتب فيه. كما تضفي هذه اللقاءات والحلقات المصاحبة للملتقيات الأدبية إلى مخيلة الكاتب وتوسع مداركه ليخرج بنتاج أقوى في أعماله القادمة. وهنا استحضر مقولة لإليزابيث جلبرت -وهي روائية و كاتبة قصة- تقول: «كل ما تراه و تلمسه يقودك إلى فكرة ما».
تلاقي التجارب
يقول القاص هيثم سليمان: «أؤمن بأن قوة المجتمع الإنساني تكمن في عمل الجماعة دائما، وإذا ما كان هذا العمل يضم مشاركة العديد من التجارب والخبرات ستكون المحصلة أقوى وأكثر تجويدا بلا شك. والملتقيات الفنية والثقافية تمثل نموذجا واضحا لهذا الإيمان، حيث إنها تسهم في تلاقي تجارب ثقافية وفنية من شتى بقاع سلطنة عمان محملة بالكثير من المعرفة والخلفيات الثقافية والاجتماعية، ثم تأتي لتطرح تحت سقف واحد من أجل هدف واحد ألا وهو الاستمرارية والعطاء». وأضاف: «أؤمن أنه من الجيد والصحي فنيا وثقافيا أن يلتقي الكتاب والشعراء والموسيقيون في مكان واحد لتسود بينهم الألفة وتبادل نقاط القوة والضعف في طريق نضجهم على مختلف الأصعدة ثقافية كانت أم فنية. لنا أن نتخيل جلسة حديث واحدة خلال ساعة من الزمن بمثابة كنز معرفي واجتماعي فمن هذا تخرج فكرة ومن تلك تخرج مشاركة ومن الآخر ملاحظة ومن الأخرى نقد أو تقييم ما. التآلف في العمل الإبداعي هو روح ومكنة الإنتاج الحضاري لأي مجتمع يحرص على أن يتقدم ويستمر».
محفل مهم
قالت القاصة وفاء المصلحية: «يُعد الملتقى الأدبي السنوي أحد أهم المحافل الأدبية المهمة التي يسعى القاصون والشعراء المهتمون من شتى أنحاء سلطنة عمان للمشاركة بها سنويا، حيث إن التأهل ونيل الفرصة لتقديم النصوص الأدبية واختيارها ضمن عدد محدود من المشاركين هو فوز بالنسبة للكاتب؛ لأنه يسهم إلى حد كبير في التشجيع على المضي قدما في المجال الأدبي، ويشكل حافزا كبيرا لتطوير قدرات ومهارات القاص في الكتابة والسرد».
وأضافت: «قراءة النصوص المشاركة أمام لجنة التحكيم هو بمثابة فرصة ذهبية لإبراز إمكانيات ومهارات القاص وقياس مدى وعيه بأساليب الكتابة الملائمة في شتى الموضوعات المختلفة التي يمكن التطرق إليها من خلال القصة القصيرة. بالإضافة إلى ذلك يحظى القاص بفرصة الحصول على نقد بناء وملاحظات فعّالة يمكن أن تسهم في تسليط الضوء على النقاط المراد تطويرها والتحسين منها من خلال أعضاء لجنة التحكيم وتبادل الأفكار والآراء حول أدوات الكتابة والسرد والتسلسل القصصي وغيرها من عناصر القصة التي تساعد في بناء الأحداث و تصاعدها».
وتابعت: «كما أن الملتقى الأدبي يتيح المجال لتبادل الخبرات والمهارات مع باقي الأفراد المتأهلين في شتى المجالات الأدبية والفنية من خلال الورش القصصية السنوية التي يلتقي فيها الأدباء والقاصون والجلسات الأدبية والنقاشية والحلقات التي يتم من خلالها إبراز أهم القضايا والتحديات التي تواجه القاصين والشعراء كحد سواء، والعمل على عرض المقترحات والأفكار التي يمكن أن تسهم في إثراء وعي الكاتب وصقل مهاراته وإيجاد الحلول التي يمكن أن تسهم في تمهيد الطريق نحو مستويات أعلى وأكثر نضجًا في الساحة الأدبية المحلية والعربية».
فرصة للاكتشاف
وصف القاص حمد المخيني الملتقيات الأدبية والفنية بـ«تكدّس على نحو مدهش لمحفوظات وأدوات من الأدب والفن في خزانة واحدة»، ما يمنح المشارك فرصة اكتشافها، وارتدائها في حفلة تنكرية من دون أسماء، يشحذ فيها الكاتب -بصفته كاتب- قلمه، ويهدهد الشاعر قصيدته، ويتلمس الرسام لوحته، ويدوزن الموسيقي صوته.
وأضاف: «بذلك تخدم الملتقيات مخيلة القاص، الذي هو في الحقيقة شاعر وفنان وموسيقي ومسرحي وصحفي وناقد وكل ذلك في كيان واحد، وعليه أن يكون مطلعا ومتفاعلا مع هذا الكون حتى لا يبدو متقوقعا في دائرة صغيرة.
وتتيح الملتقيات الأدبية للقاص معرفة ما يجري من حوله؟ وما هو (التريند) (trend) الذي يصدّره أقرانه الأدباء والفنانون في أعمالهم؟ وماذا يشغل بالهم؟ وكيف يفرغون ما في رؤوسهم؟»
وتابع: «قد يقف القاص أمام تكوينات لوحة فنية معينة فيستلهم منها قصة تخلق عالما جديدا في فضاء نصي. وأجد في النص الذي أشارك به في هذا الملتقى بعنوان (السارد والرسامة) إجابة لهذا السؤال. فالرسامة التي فقدت قدرتها على الرسم وجدت في السارد وقصصه ملاذا كي لا تكون لوحاتها «أشبه بأعمال إعلانية خالية من المعنى الإنساني» فاجتمعت على طاولة المقهى مع السارد، «بينهما هدف مشترك ويأملان -كل بموهبته- أن يعبرا عما لا يمكن وصفه».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الملتقى الأدبی من خلال تسهم فی
إقرأ أيضاً:
هجوم سيبراني من موالين لأوكرانيا يعطّل رحلات أيروفلوت..والكرملين يصف الوضع بالمقلق
تعرضت شركة الطيران الروسية "أيروفلوت" لهجوم سيبراني واسع تبنّته مجموعة موالية لأوكرانيا، ما أدى إلى إلغاء عشرات الرحلات وتعطيل أنظمتها الداخلية. اعلان
تعرّضت شركة الطيران الوطنية الروسية "أيروفلوت" لهجوم سيبراني واسع اليوم الإثنين 28 تموز/يوليو، ما أدى إلى إلغاء أكثر من 40 رحلة جوية، غالبيتها داخل روسيا، إضافة إلى رحلات متجهة إلى مينسك ويريفان. ووقع الحادث في ذروة موسم العطلات، وتسبب باضطرابات في مطار شيريميتيفو بموسكو، حيث تحولت شاشات المغادرة إلى اللون الأحمر مع إلغاء متتالٍ للرحلات.
شركة "أيروفلوت" أعلنت أن الخلل ناجم عن فشل في أنظمتها المعلوماتية، دون تحديد المدة التي ستستغرقها لإصلاح العطل، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من وزارة النقل أو هيئة الطيران الروسية.
من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن المعلومات الأولية "مقلقة للغاية"، وأن خطر الهجمات السيبرانية لا يزال قائمًا بالنسبة لجميع الشركات الكبرى التي تقدم خدمات للسكان. وأضاف: "نحن نتابع المعلومات التي ترد في الفضاء العام، وسننتظر التوضيحات اللازمة". وفي وقت لاحق، أعلنت النيابة العامة الروسية فتح تحقيق جنائي في الحادثة، مؤكدين أنه ناجم عن اختراق معلوماتي.
"هاكرز" موالون لأوكرانياتبنّت مجموعة تطلق على نفسها اسم "سايلنت كرو" الهجوم، وأعلنت أنها نفذته بالتعاون مع مجموعة "Cyberpartisans BY" البيلاروسية، في عملية قالت إنها استغرقت عامًا كاملًا، وربطتها بالحرب في أوكرانيا. وورد في بيانهم: "المجد لأوكرانيا! تحيا بيلاروس!"، دون أن يتم التحقق من صحته بشكل مستقل. ولم يصدر أي تعليق فوري من السلطات الأوكرانية.
النائب الروسي أنطون غوريلكين، العضو البارز في لجنة الإعلام بالبرلمان، وصف ما جرى بأنه جرس إنذار رقمي جديد، معتبرًا أن روسيا تتعرض لهجوم إلكتروني واسع. وقال: "لا يجب أن ننسى أن الحرب تُخاض على جميع الجبهات، بما في ذلك الرقمية. ولا أستبعد أن يكون من نفذوا هذا الهجوم في خدمة دول غير صديقة".
Related فرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ 2015الروس يشتكون من انقطاع الإنترنت والكرملين يبرر: إجراء احترازي ضد المسيرات الأوكرانية الكرملين يعلن إلغاء عرض كبير للبحرية الروسية "لأسباب أمنية" اختراق واسع وتهديد بنشر بيانات الركابوأوضح القراصنة في بيانهم أنهم اخترقوا شبكة "أيروفلوت" بعمق، ودمروا نحو 7000 خادم، واستولوا على الحواسيب الخاصة بعدد من كبار الموظفين. كما نشروا لقطات شاشة لما قالوا إنها من داخل بنية أنظمة الشركة، وهددوا بنشر "البيانات الشخصية لجميع الروس الذين سبق لهم السفر عبر الشركة".
وقالوا إن العملية استغرقت عامًا من التخطيط والتنفيذ، وقد منحتهم سيطرة كاملة على البنية الرقمية لـ"أيروفلوت".
وفي السياق نفسه، عبر مسافرون غاضبون عن استيائهم على موقع VK بسبب انعدام التواصل مع الشركة.
وكتبت إحدى الراكبات، مالينا آشي، أنها كانت عالقة في مطار فولغوغراد منذ الساعة 3:30 فجرًا، مشيرة إلى أن الرحلة أُعيد جدولتها لثلاث مرات متتالية، وكان من المقرر أن تغادر في الخامسة صباحًا، قبل أن تؤجل إلى ما بعد الثانية ظهرًا.
شركة الطيران تتعهد بإعادة الأموالقالت شركة "أيروفلوت" إنها تعمل على تقليص أثر الهجوم على جدول الرحلات، واستعادة العمليات الطبيعية في أسرع وقت. كما أعلنت أن المسافرين المتأثرين بالاضطرابات يمكنهم استرداد ثمن التذاكر أو إعادة الحجز بمجرد استعادة الأنظمة، وأنها تحاول تأمين مقاعد لهم لدى شركات طيران أخرى.
ورغم العقوبات الغربية والقيود المفروضة على السفر، لا تزال "أيروفلوت" من بين أكبر 20 شركة طيران في العالم من حيث عدد الركاب، إذ نقلت العام الماضي 55.3 مليون مسافر، وفق بياناتها الرسمية.
وذكرت وسائل إعلام روسية أن الهجمات الإلكترونية باتت تشكل تهديدًا متصاعدًا للبنى التحتية الرقمية، خصوصًا في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد الضغوط الغربية على موسكو.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة