حرب إسرائيل على غزة: قصف يستهدف قافلة مساعدات إنسانية.. ونتنياهو يرفض دعوات دولية خجولة بوقف النار
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
ارتفع عدد الضحايا جراء القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي إلى أكثر من 10300 فلسطيني في قطاع غزة أكثر من 70% منهم من الاطفال والنساء
تدخل الحرب الإسرائيلي في غزة يومها 33 وسط قصف مستمر مكثف وعنيف من الجو والبحر والبر مع تعنت "حكومة الحرب الإسرائيلية" في الاستجابة لمطالب دولية أولها من الرئيس الأمريكي جو بايدن بهدنة إنسانية، لكن نتنياهو ما انفك يرفض الحديث عن هدنة إنسانية دون الإفراج عن الأسرى والرهائن داخل غزة.
06:54الصليب الأحمر: قافلة مساعدات تعرضت لإطلاق نار في مدينة غزة
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن قافلة مساعدات إنسانية تعرضت لإطلاق نار في مدينة غزة يوم الثلاثاء لكنها تمكنت من إيصال الإمدادات الطبية إلى مستشفى الشفاء.
وأضافت أن شاحنتين تضررتا فيما أصيب أحد السائقين بجروح طفيفة.
وقالت اللجنة إن القافلة ضمت خمس شاحنات ومركبتين تابعتين للجنة، وكانت تحمل "إمدادات طبية منقذة للحياة إلى مرافق صحية منها مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عندما تم إطلاق النار عليها".
وقالت إن القافلة غيرت مسارها بعد الحادث ووصلت إلى مستشفى الشفاء حيث سلمت الإمدادات الطبية مضيفة أن القافلة رافقت بعد ذلك ست سيارات إسعاف تحمل مصابين بجروح بالغة إلى معبر رفح من غزة إلى مصر.
06:38السعودية تقول إنها ستستضيف قمتين عربية وإسلامية لبحث الصراع في غزةأعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح يوم الأربعاء أن المملكة ستستضيف قمتين للدول العربية والإسلامية خلال الأيام المقبلة لبحث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال في منتدى بلومبرغ للاقتصاد الجديد في سنغافورة "سنرى هذا الأسبوع وفي الأيام القليلة المقبلة السعودية تعقد قمة عربية طارئة في الرياض".
وأضاف "خلال أيام قليلة ستشهدون عقد السعودية قمة إسلامية".
وأفاد موقع اعتماد أونلاين الإخباري بأن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيتوجه إلى السعودية يوم الأحد لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي، وهي أول زيارة لرئيس إيراني منذ أنهت طهران والرياض عداء دام سنوات بموجب اتفاق توسطت فيه الصين في مارس آذار.
06:37بايدن يطلب من نتنياهو وقفا مؤقتا للقتال بغزة في اتصال هاتفيقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء إنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقفا مؤقتا للقتال في غزة خلال اتصال هاتفي يوم الاثنين.
وكان متحدث باسم البيت الأبيض قال في وقت سابق إن الزعيمين ناقشا إمكان "التوقف التكتيكي" في القتال بغزة لأسباب إنسانية واحتمال إطلاق سراح الرهائن خلال محادثتهما.
06:36 البيت الأبيض: هاريس أبلغت رئيس إسرائيل بأهمية حماية أرواح المدنيينقال البيت الأبيض في بيان إن كاملا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي أكدت في اتصال هاتفي مع رئيس إسرائيل إسحق هرتسوج يوم الثلاثاء أهمية حماية أرواح المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني.
وأضاف أنها أكدت كذلك ضرورة الإسراع بإيصال المساعدات إلى غزة وتحميل المستوطنين المتطرفين مسؤولية الأعمال العنيفة في الضفة الغربية المحتلة.
06:33نتنياهو: مدينة غزة محاصرة وننفذ عمليات داخلهاقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء إن الجيش الإسرائيلي يطوق مدينة غزة ويجري عمليات داخلها بينما يواصل هجومه المستمر منذ شهر ضد حماس.
وفي بيان نقله التلفزيون، قال نتنياهو إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار أو توصيل للوقود إلى غزة قبل أن تطلق حماس سراح الرهائن الإسرائيليين. وأضاف "لن نتوقف"
06:32نائب عن حزب الله: سنرد "الصاع صاعين" على مقتل مدنيين لبنانيينقال نائب في البرلمان عن جماعة حزب الله اللبنانية يوم الثلاثاء إن الجماعة سترد "الصاع صاعين" على أي هجمات إسرائيلية على المدنيين بعد ضربة أسفرت عن مقتل ثلاثة أطفال وجدتهم في جنوب لبنان.
وقال النائب علي فياض خلال تشييع جثامين اللبنانيين الأربعة الذين لاقوا حتفهم في الجنوب يوم الأحد الماضي "أي عدوان يستهدف المدنيين اللبنانيين المقاومة لن تتساهل حياله، هي سترد كل عدوان أضعافا مضاعفة وهي سترد الصاع صاعين".
وأضاف "العدو الذي يستهدف المدنيين بهدف التوازن مع المقاومين الذين يعجز عن مواجهتهم، إن المقاومة لن تعطيه هذه الفرصة بل ستفتح معه حسابا عسيرا".
ومضى قائلا إن جماعة حزب الله المدعومة من إيران لم تظهر بعد كل قوتها"، لكنه لم يسهب في تفاصيل.
06:31استطلاع: شعبية بايدن في أدنى مستوى منذ أبريلأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس أن شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن تراجعت هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل نيسان، في أحدث بيانات تثير مخاوف حول محاولة الرئيس الديمقراطي الفوز في سباق إعادة انتخابه العام المقبل.
وبحسب استطلاع الرأي الذي أجري على مدار يومين وانتهى يوم السبت الماضي، فإن 39 بالمئة من المشاركين يستحسنون أداء بايدن لمهامه كرئيس، وهو ما يضاهي قراءة أبريل نيسان ومع انخفاض طفيف عن 40 بالمئة في أكتوبر تشرين الأول و42 بالمئة في سبتمبر أيلول. وبلغ هامش الخطأ في الاستطلاع نحو ثلاث نقاط مئوية.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتنافس بايدن مرة أخرى في نوفمبر تشرين الثاني 2024 مع الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الأوفر حظا في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري. وأشارت استطلاعات رأي أخرى أجريت في الآونة الأخيرة إلى احتمال وجود سباق متقارب بين الاثنين.
06:22المصادر الإضافية • وكالات وترجمات
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ألمانيا تخشى حوادث معاداة السامية في ظل الحرب على غزة فيديو: أهالي غزة يصطفون في طوابير للحصل على الماء شاهد: حاصرتهم الحرب في إسرائيل.. آلاف العمال التايلانديين يعودون إلى ديارهم إسرائيل طوفان الأقصى غزة حركة حماس لبنان بنيامين نتنياهوالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل طوفان الأقصى غزة حركة حماس لبنان بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس إسرائيل غزة فرنسا قطاع غزة الشرق الأوسط قصف فلسطين مدنيون بروكسل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس إسرائيل غزة فرنسا قطاع غزة الرئیس الأمریکی یوم الثلاثاء یعرض الآن Next إطلاق النار فی قطاع غزة مدینة غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الفجر الدامي في رفح: مساعدات تحت النار.. إسرائيل واستخدام المعونات كسلاح
ما الذي يكون أكثر بؤسا من مشهد جائع يبحث عن رغيف خبز؟ وما الذي يكون أكثر بشاعة من أن يُستقبل هذا الجائع بالنار بدلا من الغذاء؟ فجر الأول من حزيران/ يونيو 2025، لم يكن مجرد فصل إضافي في مأساة غزة، بل لحظة كاشفة: أكثر من 30شهيدا سقطوا برصاص مباشر من دبابة إسرائيلية على حشد من المدنيين المتجمعين أمام مركز توزيع مساعدات غذائية. أكثر من 115 جريحا، بعضهم بُترت أطرافه في مكان لم يكن ساحة حرب، بل نقطة إغاثة.
ليست هذه المجزرة، كما تحاول بعض الروايات أن تروّج، "حادثا عرضيا" أو "خطأ في التقدير"، بل هي ذروة سياسة متعمّدة: حيث تحوّلت المساعدات إلى أداة استدراج، والتجويع إلى أداة إخضاع، والعمل الإنساني إلى واجهة لاختبارات أمنية وانتقام سياسي.
فما الذي يدفع جيشا نظاميا لقصف مركز طحين؟ ولماذا يتكرر استهداف مدارس الأونروا والمستشفيات وسيارات الإسعاف في كل حرب؟ وهل ما جرى في رفح هو استثناء.. أم القاعدة التي تكشف بنية الاحتلال ومنظومة الإفلات من العقاب؟
في هذا المقال، نعود إلى تفاصيل المجزرة، ونربطها بمنظومة أوسع: من حصار استمر 15 عاما، إلى سياسة تجويع ممنهج موثّقة بتقارير أممية، إلى سوابق دامية في استهداف الإغاثة خلال الحروب السابقة. نحلل الأطر القانونية التي تخرق، وردود الفعل الدولية التي تذوب في الصمت أو التواطؤ، ثم نصل إلى السؤال الأكثر إيلاما: إن كان كل هذا قد وقع ويمر بلا حساب، فماذا بقي من فكرة العدالة الدولية؟ ومن يحمي الضحايا حين تصبح الإنسانية نفسها على طاولة القصف؟
هذه المجزرة لم تكن حدثا استثنائيا، بل جاءت ضمن سياق أوسع من الحصار والتجويع والسيطرة على المساعدات، وهي سياسة اتبعتها إسرائيل على مدى سنوات طويلة كأداة ضغط سياسي وعقاب جماعي
سياسة التجويع واستهداف المساعدات: مجزرة رفح كحلقة في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة
تُعد مجزرة رفح التي وقعت في الأول من حزيران/ يونيو 2025، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من ثلاثين مدنيا أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية، تجليا مأساويا لسياسة إسرائيلية ممنهجة تتجاوز حدود العمليات العسكرية التقليدية، لتطال البنية الإنسانية الأساسية في قطاع غزة. هذه المجزرة لم تكن حدثا استثنائيا، بل جاءت ضمن سياق أوسع من الحصار والتجويع والسيطرة على المساعدات، وهي سياسة اتبعتها إسرائيل على مدى سنوات طويلة كأداة ضغط سياسي وعقاب جماعي.
منذ فرض الحصار غير القانوني على غزة عام 2007، اعتمدت إسرائيل سياسة تقنين دخول المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والوقود، ووضعت قوائم طويلة للسلع المحظورة. وقد بلغت هذه السياسة ذروتها في عملية الأسوار الحديدية الإسرائيلية، حين فرضت إسرائيل حصارا خانقا شمل منعا تاما لدخول الغذاء والماء والوقود لأسابيع متتالية. هذا الحصار، الذي وصفه مراقبون دوليون بأنه شكل من أشكال العقاب الجماعي، أدى إلى كارثة إنسانية موثقة من قبل منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، اعتبرت الإجراءات الإسرائيلية جريمة حرب ترقى إلى استخدام التجويع كسلاح.
رغم أن القانون الدولي يُلزم القوة المحتلة بتأمين احتياجات السكان الواقعين تحت احتلالها، فإن إسرائيل دأبت على استخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط، تتحكم في دخولها وفقا لاعتبارات سياسية وأمنية، لا إنسانية. هذا النهج جعل من قطاع غزة، بحسب توصيف الأمم المتحدة، "أكبر سجن مفتوح في العالم"، حيث يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي في واحدة من أكثر مناطق العالم اكتظاظا وفقرا.
مجزرة رفح لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي طالت المساعدات ومرافق الإيواء. ففي حرب 2008-2009، قصفت إسرائيل مدرسة الفاخورة التابعة للأونروا رغم استخدامها كمأوى للنازحين، ما أدى إلى استشهاد نحو أربعين مدنيا. وفي عام 2010، هاجمت قوات خاصة إسرائيلية "أسطول الحرية" في المياه الدولية، وقتلت تسعة نشطاء كانوا يحملون مساعدات لغزة. أما في حرب 2014، فقد تكرر استهداف مدارس الأونروا في جباليا ورفح، رغم وضوح صفتها كملاجئ إنسانية. وفي عام 2018، استُهدفت المسعفة رزان النجار برصاصة قاتلة أثناء إسعافها الجرحى، رغم ارتدائها الزي الطبي. وفي نيسان/ أبريل 2024، قُصفت قافلة إغاثية تابعة لمنظمة "وورلد سنترال كيتشن"، رغم التنسيق المسبق مع الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل سبعة من العاملين في المجال الإنساني.
في ظل هذا السياق، جاءت مجزرة رفح لتؤكد أن غياب التنسيق، وانعدام الضمانات الأمنية، واستخدام القوة ضد المدنيين الجائعين، ليست مجرد أخطاء فردية، بل جزء من سياسة متعمدة. فقد جرى توزيع المساعدات في أجواء يسودها الجوع واليأس، وسط غياب تام للتنظيم أو الحماية، ما أدى إلى فوضى عارمة، شهدت حالات دهس وتدافع وإطلاق نار عشوائي. تحوّلت مراكز يُفترض أن تكون محطات نجاة إلى بؤر خطر داهم على حياة الناس، وانتهى المشهد بمجزرة وُصفت بأنها "مقصودة بحق الجوعى".
ما يجري في غزة لا يمكن اختزاله في كونه أزمة إنسانية فحسب، بل هو تحدٍ صارخ للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. استمرار الإفلات من العقاب، رغم توثيق الانتهاكات، يعزز مناخ الحصانة ويشجع على تكرار الجرائم. إن مجزرة رفح يجب أن تكون ناقوس خطر للمجتمع الدولي، يدفع نحو تحقيق مستقل، ومحاسبة حقيقية، وضمان حماية المدنيين والمساعدات الإنسانية في كل الظروف.
انتهاكات القانون الدولي الإنساني
يشكل استهداف المدنيين وعرقلة المساعدات خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني. وبوصفها قوة احتلال، تُلزم اتفاقية جنيف الرابعة إسرائيل بضمان احتياجات السكان الواقعين تحت سلطتها، أو السماح بوصول الإغاثة إذا عجزت عن توفيرها. كما تحظر الاتفاقيات استهداف المرافق الإنسانية، والعاملين الطبيين، والجرحى، وتعتبر الاعتداء عليهم جريمة حرب.
في الحالات الموثقة -كقصف مدارس الأونروا أو إطلاق النار على المدنيين في مراكز توزيع المساعدات- أخلّت إسرائيل بمبدأي التمييز والتناسب، ولم تُميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، ما أدى إلى نتائج إنسانية كارثية. حتى الادعاءات المتكررة بوجود "مسلحين" قرب المواقع المدنية لا تُسقط المسؤولية القانونية، خاصة مع تكرار الأذى واتساع نطاقه.
كذلك، يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام التجويع كسلاح. ومع ذلك، قطعت إسرائيل في حرب 2023 الإمدادات الأساسية عن غزة، ما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه "خنق متعمد" لمليوني إنسان. هذا النمط من الإهمال الممنهج يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية وفقا لتقارير أممية حديثة.
الاعتبارات السياسية وردود الفعل الدولية
تتعامل إسرائيل مع المساعدات بوصفها أداة ضغط سياسي وأمني، لا كالتزام إنساني. فهي تسعى للسيطرة على تدفق الإغاثة لتقييد خصومها في غزة، وتستخدم برامج كـ"GIF" -الذي شهدت رفح مجزرة خلال نشاطه– لتقويض دور الأمم المتحدة وتحويل الإغاثة إلى عملية تفتيش أمني. ووفق تصريحات إسرائيلية، يُستبعد من يتلقى المعونة إذا كان على صلة بحماس، ما يجعل المساعدات أداة "غربلة" بدل أن تكون شريان حياة.
في المقابل، ترى الجهات الفلسطينية أن هذا النهج "يحوّل الجوع إلى سلاح"، عبر حشر المدنيين في نقاط يمكن استهدافها أو استخدامها للتهجير القسري. وقد نبهت الأمم المتحدة إلى مخاطر هذه الآلية، معتبرة أن الإغاثة يجب أن تبقى في يد منظمات دولية محايدة، لا في يد الاحتلال.
أما ردود الفعل الدولية، فهي تعاني من ازدواجية مزمنة: إدانات لفظية تتبع كل مجزرة، يقابلها دعم عسكري وسياسي لإسرائيل. مثال ذلك ما جرى بعد قصف مدارس الأونروا عام 2014: "قلق أمريكي" بالتوازي مع تزويد إسرائيل بالذخيرة. هذا التناقض أضعف منظومة المحاسبة، وأبقى إسرائيل بمنأى عن أي تبعات حقيقية، سواء داخل مجلس الأمن أو أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي عرقل التحقيق فيها بفعل الضغوط الكبرى.
وفي ظل غياب الردع، تستمر الانتهاكات. وصفَت هيومن رايتس ووتش هذا الواقع بأنه "ضوء أخضر" إسرائيلي لاستهداف المدنيين وحتى العاملين الطبيين، وسط تعنت رسمي وتبريرات متكررة بـ"استخدام الدروع البشرية"، وهي حجة لا تبرر قانونا الهجمات العشوائية كما أكدت الأمم المتحدة.
هذه الحوادث تخلخل الأساس الأخلاقي والقانوني للنظام الدولي، فكيف لمنظومة تدّعي حماية المدنيين أن تعجز عن حماية طفل يطلب رغيف خبز؟ إن هشاشة الردع أمام قوة مدعومة من دولة عظمى يُرسل رسالة قاتلة مفادها أن القانون الإنساني خاضع للسياسة لا للمبدأ، وأن الإفلات من العقاب ليس استثناء، بل قاعدة حين تكون الضحية فلسطينية
على أرض الواقع، يدفع المدني الفلسطيني الثمن الأكبر لانتهاكات الاحتلال، ومجزرة رفح تجسّد هذا الثمن: عشرات الجوعى قُتلوا وهم في طوابير للحصول على المساعدات. باتت غزة، وفق الأمم المتحدة، من "أشد الأماكن جوعا على وجه الأرض"، وتُوصف عملية الإغاثة فيها بأنها "الأكثر عرقلة في التاريخ الحديث". مشاهد الحشود التي تُحشر كالأقفاص تحت أعين القناصة للحصول على كيس طحين تلخص المأساة. هذه الحوادث خلفت أيضا صدمة نفسية جماعية، حيث لم يعد المستشفى أو المدرسة أو طابور الخبز آمنا. وقد فقدت غزة أكثر من 250 من الكوادر الإنسانية والطبية منذ 2023، كثير منهم قُتلوا رغم وضوح هوياتهم، ما يضع المجتمع برمّته أمام عجز مروّع عن التعافي.
مع كل مجزرة: محاسبة بلا أثر.. هل يفلت الاحتلال من العقاب هذه المرة أيضا؟
تكشف مجزرة رفح وما سبقها من أحداث مشابهة عن خلل بنيوي في العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي والمنظومة الدولية. فمن جهة، تمضي إسرائيل في نهجها القائم على الإبادة المنهجية والجريمة المنظمة ضد المدنيين، مستفيدة من واقع دولي يوفر لها حماية سياسية ويُحبط أي خطوات جدية للمحاسبة. ومن جهة أخرى، يواصل المجتمع الدولي -عبر الأمم المتحدة ومعظم الدول- الاكتفاء بردود فعل خجولة أو مؤقتة لا ترقى إلى حجم المأساة: إدانات لفظية، ودعوات لوقف إطلاق النار، لكن دون آليات فعلية للضغط أو الردع.
هذا الخلل في منظومة العدالة الدولية جعل الاحتلال يشعر بأنه فوق القانون. فحين تفلت إسرائيل مرة تلو الأخرى من تبعات مجازر موثقة بالصوت والصورة، يتكرّس لدى قادتها اعتقادٌ بإمكانية التكرار دون عواقب. لذلك، لا غرابة في أن نرى النمط ذاته يعيد إنتاج نفسه: مدارس تُقصف، قوافل إغاثة تُستهدف، وأحياء تُسوّى بالأرض، مقابل "انتقادات" عابرة لا تغيّر شيئا.
لكن غياب المحاسبة لا يعني غياب الأثر. هذه الحوادث تخلخل الأساس الأخلاقي والقانوني للنظام الدولي، فكيف لمنظومة تدّعي حماية المدنيين أن تعجز عن حماية طفل يطلب رغيف خبز؟ إن هشاشة الردع أمام قوة مدعومة من دولة عظمى يُرسل رسالة قاتلة مفادها أن القانون الإنساني خاضع للسياسة لا للمبدأ، وأن الإفلات من العقاب ليس استثناء، بل قاعدة حين تكون الضحية فلسطينية.
وفي الحالة الفلسطينية، تسبّب هذا التراكم في إحساس عميق بالخذلان والعزلة، ما قد يدفع نحو مسارات يائسة تُغذي دوامة الصراع بدل إطفائها.
في المحصلة، مجزرة رفح 2025 ليست حادثا عرضيا، بل صورة مكثفة لعلاقة مختلّة بين قوة احتلال متمتعة بالإفلات من العقاب، وشعب أعزل تُنتهك أبسط حقوقه دون مساءلة. وما لم تُفعَّل آليات حقيقية للمحاسبة والإرادة السياسية لتطبيقها، فإن المجازر ستستمر، وسيبقى العالم مكشوفا أمام امتحان أخلاقي ثقيل: إما انتصار القانون والعدالة، أو الإقرار بأن شريعة القوة هي الحاكمة، مهما كان الثمن الإنساني مفجعا.