قالت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: إن التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة لا يشكلان انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان فحسب، بل يتنافيان أيضًا من حيث الجوهر مع القيم التي تتبناها وتحميها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ويؤديان إلى تآكل جوهر الكرامة الإنسانية، لافتةً إلى أن ممارسات التعذيب تديم الخوف، وتدمر الثقة في المؤسسات، وتقوض النسيج الأخلاقي للمجتمع.


جاء ذلك خلال كلمة العطية الافتتاحية للمؤتمر الدولي الرابع عشر للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان «التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة: دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان» والذي ينظمه التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (جانري) بالعاصمة الدانماركية كوبنهاغن في الفترة من 6 إلى 8 نوفمبر الجاري.
وأشادت العطية بتركيز التحالف على العمل الجماعي في التصدي للتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة وقالت: يأتي هذا التركيز في لحظة تاريخية للمدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان، بما في ذلك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، حيث نحتفل بالذكرى السنوية الثلاثين لاعتماد مبادئ باريس، والذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكلاهما من الوثائق المؤسسة لعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، يصادف العام المقبل الذكرى السنوية الأربعين لاعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهي حجر الزاوية في مساعي التصدي للتعذيب ومنعه تمامًا في جميع أرجاء العالم.

بيئة حقوقية متزايدة التعقيد
وأشارت العطية إلى أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وبفضل ولايتها الفريدة والواسعة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، فهي تلعب دورًا حاسمًا للغاية في ضمان وفاء الدول بالتزاماتها بالتصدي للتعذيب وإساءة المعاملة ومنعهما، وفي مساعدة الدول على ضمان وتأمين هذه الالتزامات لجميع البشر في الممارسة العملية، بل ومساءلتها عن عدم إحراز تقدم في التنفيذ.
وأوضحت أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ما زالت تعمل في بيئة حقوقية متزايدة التعقيد، وما زال التأثير العميق لجائحة كوفيد- 19 يلقي بظلاله المحسوسة في جميع المناطق، إلى جانب الحروب والنزاعات المستعرة:
وأضافت: إن الشراكات البناءة والإستراتيجية ضرورية لدعم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتحديد الحلول الجماعية والقائمة على حقوق الإنسان لهذه التحديات.
وأكدت العطية أن التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وبصفته الشبكة العالمية لجميع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، سوف يواصل العمل عن كثب مع شبكاتنا الإقليمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وشركائه الآخرين في سبيل دعم وتعزيز قدرات أعضائه، وضمان عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بشكل مستقل وفعال لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية على أرض الواقع. 

الاجتماع مع المفوضية الأوروبية
وعلى هامش أعمال المؤتمر الدولي الرابع عشر للتحالف اجتمعت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيسة التحالف مع سعادة السيد إيمون جيلمور الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، بهدف إحراز مزيد من التقدم في المحادثات التي جرت في أكتوبر 2023 بين التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمفوضية الأوروبية من حيث استكشاف فرص تعزيز الشراكة والتعاون وتبادل المعلومات بشأن القضايا الحقوقية الرئيسية. علاوة على توفير منبر لتبادل الآراء ومناقشة التحديات وسبل وضع الحلول المناسبة لها، فضلًا عن سبل تعزيز التعاون مع المفوضية الأوروبية. 
وقالت العطية: حدد التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والشبكات الإقليمية بعض التحديات الرئيسية في مناطق مختلفة ومجالات التعاون مع المفوضية الأوروبية لتذليلها وتجاوزها. 
وأضافت: يسعى التحالف العالمي والشبكات الإقليمية إلى تعزيز الشراكة والتعاون مع المفوضية الأوروبية من أجل النهوض بحقوق الإنسان على الصعيد الدولي والإقليمي والعالمي لتشترك جميع الأطراف في الالتزام بدعم معايير حقوق الإنسان والتصدي للتحديات الحالية على مستوى العالم. 
وقدمت العطية خلال الاجتماع تعريفاً موجزاً حول التحالف العالمي فيما قدم رؤساء الشبكات الإقليمية التابعة للتحالف لعمل الشبكات ومسؤولياتها تجاه المؤسسات الوطنية التي تنضوي تحت لوائها إلى جانب استعراض لأولويات الرئيسية للشبكات الإقليمية كل في منطقته والتحالف العالمي بشأن قضايا حقوق الإنسان المحددة وطبيعة تعاون الشبكات الإقليمية مع المفوضية الأوروبية في المشاريع والمبادرات مختلفة. 
وأكد جانبا الاجتماع على ضرورة التنسيق لدعم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المعرضة للتهديد والترهيب على الصعيد العالمي والمحلي إلى جانب المشاركة في منتديات الأمم المتحدة، ودور المفوضية الأوروبية في توعية وفود الاتحاد الأوروبي بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ بينما طرح الاجتماع مجموعة واسعة من الأولويات المشتركة مثل حقوق الإنسان والأعمال التجارية، وتغير المناخ وحقوق الإنسان، والمساواة وعدم التمييز، وأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر حقوق الإنسان مؤتمر حقوق الانسان المؤسسات الوطنیة لحقوق الإنسان مع المفوضیة الأوروبیة حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب

نظمت دار الكتب والوثائق القومية، برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، في إطار اهتمام وزارة الثقافة بنشر الوعي المجتمعي وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، فعالية ثقافية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

أقيمت الندوة التثقيفية بقاعة الأمم المتحدة بدار الكتب تحت عنوان "الإنسان أولًا.. نحو عالم أكثر عدلًا وإنصافًا"، بقاعة علي مبارك

بدأت الندوة فعالياتها بالسلام الجمهوري، ثم قامت الأستاذة حنان نور مدير قاعة الأمم المتحدة بالترحيب بالحضور، مؤكدة دور دار الكتب في نشر الوعي الإنساني، وتعزيز القيم التي تكرس مبدأ كرامة الإنسان وتعايشه مع الآخر، كما عرضت فيديو توضيحي عن الاحتفالية أعده فريق قاعة الأمم المتحدة احتفالًا باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وجدير بالذكر تخلل فقرات الندوة مشاركات الأطفال الموهوبين، حيث قدموا فقرات شعرية عكست جمال الرسالة الإنسانية للندوة، وهم: أدهم الجمال، وعبد الله محمد، فريدة محمود عطية، يوسف محمود عطية، نورين وياسين، وقد لاقت مشاركاتهم ترحيبًا كبيرًا من الحضور.

استهل الدكتور عبد الحميد يحيى، أستاذ الإدارة والتنمية البشرية – جامعة حلوان، الندوة بكلمة أوضح فيها أن حقوق الإنسان ليست مفهومًا قانونيًا جامدًا، وإنما هي منظومة قيمية تبدأ من داخل الإنسان وتمتد إلى المجتمع كله.

وتحدث عن أهمية تنمية الوعي الذاتي، ودور المؤسسات التعليمية والثقافية في تشكيل سلوك الفرد ليكون قادرًا على ممارسة حقوقه باحترام ومسؤولية، وأكد أن المجتمعات لا تتقدم إلا حين يعي الإنسان دوره وحقوقه وواجباته، لافتًا إلى أن التنمية البشرية الحقيقية تقوم على احترام الإنسان لذاته أولًا، ثم احترامه للآخر المختلف في الدين أو الثقافة أو الاتجاه.

ثم تحدث الأستاذ وحيد الأسيوطي، رئيس مؤسسة مصر العربية لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة أو التنازل، لأنها حقوق أصيلة يولد بها الإنسان.

وأشار إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – منذ صدوره في 10 ديسمبر 1948 – وضع إطارًا موحدًا لتلك الحقوق عبر العالم، وأن الدولة المصرية قطعت شوطًا مهمًا في مجالات الحماية الاجتماعية، وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز الحريات المدنية.

كما شدد على ضرورة نشر ثقافة احترام الآخر، وأن بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان يبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة، وصولًا إلى الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني.
قدم اللواء دكتور محمد فخر الدين – مدير عام مركز التنمية البشرية، مداخلة تفاعلية ثرية مع الجمهور، تناول فيها العلاقة بين القيم الدينية وحقوق الإنسان، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ لمعاذ بن جبل حول "حق الله على العباد وحق العباد على الله"، موضحًا أن الإسلام وضع أساسًا راسخًا لحقوق الإنسان وكرامة النفس البشرية.

وانتقل للحوار المباشر مع الجمهور من خلال أسئلة حياتية واقعية حول حرية الاختيار، وحقوق الأبناء، والحدود الفاصلة بين التقاليد الاجتماعية والمواثيق الدولية، مؤكدًا أن الوعي هو أساس ممارسة الحقوق دون صدام أو تطرف.

اختُتمت الندوة بكلمة للدكتور مينا رمزي، رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب، الذي أكد أن حقوق الإنسان هي حقوق أساسية غير قابلة للتنازل، وأشار إلى ضرورة النظر إلى قضايا حقوق الإنسان نظرة شاملة غير مجتزأة، مؤكدًا أن تقييم أي قضية من زاوية واحدة يؤدي إلى صورة ناقصة، تمامًا كمن يرى وجهًا من جانب واحد دون رؤية تكوينه الكامل.

واستعرض ما قامت به الدولة المصرية من جهود ملموسة، خاصة في مجال الصحة، مشيرًا إلى مشروع التأمين الصحي الشامل، وجهود القضاء على الفيروسات والأمراض المزمنة التي كانت تؤرق المجتمع لسنوات طويلة، مثل القضاء على فيروس سي نهائيا، بالإضافة إلى الكشف المبكر عن الأورام، والاهتمام بصحة المرأة، والفحوصات الدورية للأطفال في المدارس.

وتحدث باستفاضة عن جهود الدولة المصرية في تعزيز الحق في الصحة، مستعرضًا تجربة شخصية لإنسان مسن استطاع إجراء جراحة دقيقة لتغيير مفصل بعلاج على نفقة الدولة، دون أي تكلفة مالية، معتبرًا ذلك نقلة نوعية في الخدمات الصحية.

وفي ختام كلمته، تناول الدكتور مينا رمزي البعد الإنساني العميق لحقوق الإنسان، موضحًا أن احترام الآخر يبدأ من الحب الإنساني، أيًا كان دينه أو لونه أو جنسه.

وسرد قصة الحكيم الذي قال: أنا لا أخاف الله… لأني أحبه، والحب يطرد الخوف خارجًا"، مبينًا أن هذه الرسالة تمثل جوهر الإنسانية، وأن الحب حين يسود بين البشر تنتهي الصراعات ويزدهر السلام، وختم كلمته متمنيًا أن يكون هذا اليوم العالمي فرصة لتعزيز الرحمة والتقارب والتفاهم بين البشر في كل مكان.

واختتمت الندوة بتوجيه الشكر لجميع المتحدثين والحضور، مؤكدة استمرار دار الكتب في أداء رسالتها التنويرية في دعم قيم العدالة وحقوق الإنسان وبناء وعي مجتمعي مستنير.

مقالات مشابهة

  • في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. «العربي الناصري»: مصر تخطو بثبات وتحديث الاستراتيجية ضرورة وطنية
  • كلمة رئيس الجهاز بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان
  • الداخلية تحتفي باليوم العالمي لحقوق الإنسان بشعار حقوق الإنسان جوهر حياتنا اليومية
  • "حقوق الإنسان" تحتفي بالمبادرات الرائدة لتمكين "ذوي الإعاقة".. وإبراز المنجزات الوطنية للفئات الأكثر احتياجًا
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أي وضع حقوقي في تونس؟
  • «القومي للمرأة» يضيء مقره الرئيسي بالقاهرة باللون الأزرق تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان
  • لقاء تشاوري في الحديدة لتعزيز حقوق الإنسان تزامناً مع اليوم العالمي
  • اليمن يحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ويؤكد التزامه بحماية المدنيين