البوابة:
2025-12-13@06:53:44 GMT

أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء ومعانيها

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء ومعانيها

من واجب الآباء والأمهات على أبنائهم هو اختيار الاسم الحسن الذي لا يعيره به الأطفال الصغار، كما حثنا الدين الحنيف على ذلك ويشترط ألا يكون الاسم فيه قبح أو تكبر، وحين نختار اسم لبناتنا فلا نجد مثل أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء الصالحات منهم، وكما هو معروف قديماً أن لكل فرد من اسمه نصيب فنراعي اختيار الأسماء التي تدل على صلاح الأخلاق أو الأسماء التي تدل على جمال الشكل مثل ريم وهو صغير الغزال وسوف نذكر بعض من أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء من خلال السطور القليلة القادمة.

أسماء الصحابيات من أبناء وأقارب النبي وبعض من نساء قريشفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم: ومعناه في اللغة الذي فطم عنها ولدها وله دلالة دينية فهو يشير إلى فطم النفس من الانسياق في المعاصي والذنوب.زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم: ومعناه الشجرة المثمرة التي تتميز بطيب رائحتها وفي اللغة اليونانية معناه هبة الحياة ويعتبر هذا الاسم من اجمل أسماء البنات والذي له دلالة دينية ومعناه جميل.رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم: ومعناه في اللغة الرقي والارتقاء والسمو وهو من أسماء بنات عربية اصيلة والتي انتشرت منذ القدم ويدل على الفخامة وله وقع رنان يداعب الأسماع.أم كلثوم بنت الرسول صلى الله عليه وسلم: معناه في اللغة لحم الخدين وهو رمز الجمال والحسن بالنسبة للمرأة والكلثوم أيضاً هو الحرير الناعم وهو اسم علم مؤنث معروف قديماً عن العرب.صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا أردنا أن نذكر أسامي الصحابيات وزوجات الأنبياء فلا نستطيع أن نغفل هذا الاسم الرائع ومعناه في اللغة الصفاء والنقاء والماء الصافي الذي لا عكارة فيه.أروى بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم: ومعناه في اللغة الفتاة جذابة المنظر ويقصد به أنثى الضأن أو الماعز الجبلي ومعناه في اللغة أيضاً الرقة والنعومة والطيبة فإذا أردت اختيار اسم لابنتك من أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء فعليك باختيار أروى فهو اسم جذاب.الشفاء بنت عبد الله: من المهاجرات الأوائل في الإسلام وكانت تجيد القراءة والكتابة حتى أنها علمت حفصة بنت عمر بن الخطاب الكتابة واسمها جميل معناه زوال التعب والسقم والشعور بالراحة والاطمئنان ومن أهم أسماء بنات عربية قديمة وله دلالته الواضحة.سهلة بنت سهيل: من الصحابيات اللاتي هاجرن مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعرفت بصلاحها وقوة إيمانيها وسهلة في اللغة معناه البسيط واللين وهادئ الطباع والرقيقة المسالمة.أسماء بنت سعيد: وهي قرشية من المهاجرات ولها ولأبيها صحبة مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومعناه السمو والرفعة والعلو من فعل سما أي ارتفع وحلق ويقصد به سمو الأخلاق والصفات الطيبة.ضباعة بنت الزبير بنت عبد المطلب: وهي بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أسماء بنات قوية وشهيرة عند العرب ومعناه التي تمد يدها بالسيف لتنازل الأعداء ويدل على البطش والقوة في مجابهة الأعداء.أمامه بنت حمزة: من أوائل الصحابيات وهي بنت حمزة بن عبد المطلب ابنة عم النبي صلي الله عليه وسلم ومعناه بضم الألف الشخص القائد الذي يكون في المقدمة دائماً ومعناه في اللغة القصد أو الوجهة بكسر الواو.آسية بنت الحارث: وهي أخت الرسول صلى الله عليه وسلم في الرضاعة ومن أوائل الصحابيات ومعناه في اللغة هو حجر الرحى ويقصد به الداعمة المثابرة المواسية الطبيبة فإذا أردت تسمية ابنتك من أسماء بنات فخمة فعليك باسم آسية.درة بنت أبي لهب: وهي من الصحابيات الأوائل اللاتي هاجرن مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه في اللغة اللؤلؤة الثمينة النادرة العظيمة.تماضر بنت الإصبع: وجاءت من أطراف دمشق لتسكن المدينة وعرفت بين القبائل بشدة جمالها ومعناه في اللغة الطيف الذي يزور النائم في المنام ويقصد به شدة الفتنة والجمال والرقة مثل الطيف الذي لا ينقطع عن زيارة المحبين يقظة ومناماً.الرباب بنت النعمان: وهي من نساء الأنصار وأم معاذ بن زرارة الظفري بايعت النبي صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامها وهي من أفضل أسماء بنات اسلامية صحابيات عرف عنهن الصلاح والثبات على العقيدة ومعناه في اللغة السحابة البيضاء والرباب تشير إلى الفتنة وشدة الجمال من رباب الحسن والعقل.أسماء زوجات الأنبياء ومعانيهاحواء زوجة آدم عليه السلام: فمن خلال ذكرنا أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء يجب أن نذكر آدم أبو البشر وزوجته حواء التي ولدنا جميعاً من رحمها وحواء معناه في اللغة هي أم الأحياء وأم جميع البشر ومعناه أيضاً الشفاه الحمراء القاتمة والتي تميل حمرتها إلى اللون الأسود.بعرورة زوجة نبي الله هود عليه السلام: وهو من الأسماء القديمة المنتشرة ومن أفضل أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء فمعناه في اللغة نبات طيب الرائحة أصفر اللون يكثر بشدة في فصل الربيع وله شكل جميل ورائحة طيبة.سارة بنت هاران زوجة إبراهيم عليه السلام الأولى: ومعناه في اللغة الأميرة أو السيدة النبيلة التي تمتاز بحسن الخلق والنبل والوفاء وذكرت في جميع الديانات السماوية من يهودية ومسيحية وإسلام ويعتبر من الأسماء المشهورة جداً بين العرب.هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام الثانية: وتعني في اللغة المصرية القديمة زهرة اللوتس ذا الشكل الجذاب والرائحة الجميلة.عمارة بنت سعد زوجة إسماعيل عليه السلام: وتعنى عمارة المنزل وتعميره بإنجاب الأبناء والعمارة بالقيام على شئون عائلتها ومنزلها وقيامها بمهامها على أكمل وجه.رفقة بنت بتوثيل زوجة إسحاق عليه السلام: ومعناه في اللغة الرفق واللين ويقصد به الفتاة الرقيقة الجميلة ويقصد به الرفيقة أي الصديقة المخلصة.رحمة زوجة نبي الله أيوب عليه السلام: ومعناه حسنة الخلق الرحيمة بكل الخلق وكان لها من اسمها نصيب فكانت رحيمة بنبي الله أيوب عند مرضه ومن أفضل أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء.أسينات زوجة نبي الله يوسف: ومعناه في اللغة المصرية القديمة العطر طيب الرائحة والفتاة الجميلة ذات الرائحة الطيبة.صفورة زوجة نبي الله موسى عليه السلام: وهي بنت سيدنا شعيب عليه السلام وتعني الطائر الرقيق ذو الألوان المبهجة وقيل أنه طائر العصفور.بلقيس ملكة سبأ زوجة نبي الله سليمان: ومعناه الحزن أو الشجن ويقصد به الملامح التي بها مسحة من الوقار والهيبة.إيشاع زوجة نبي الله زكريا: ومعناه في اللغة الزهرة التي انفرجت وتفتحت لتوها ومعناه أيضاً وشع الشيء أعلاه.ميكال زوجة نبي الله داود: ويعبر عن اسم الملاك ميكائيل ويقصد به شديد البياض حلو الخلقة.نائلة زوجة نبي الله هارون: واسم نائلة جمع بين أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء فاسم نائلة هي زوجة سدينا عثمان بن عفان رضي الله عنه ونائلة زوجة نبي اله هارون عليه السلام ويعبر عن الأدب وحسن الخلق ورمز للشجاعة والصمود.

إلى هنا نكون قد انتهينا من عرض مفصل لأهم أسماء الصحابيات وزوجات الأنبياء مع توضيح المعنى في اللغة والمقصود بالاسم عند العرب ونرجو أن نكون قد وفقنا في عرض ذلك.

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: التاريخ التشابه الوصف علیه السلام عبد المطلب من أسماء بنت عبد

إقرأ أيضاً:

نص موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر 2025.. «التطرف ليس في التدين فقط»

كشفت وزارة الأوقاف عن نص موضوع خطبة الجمعة الموافق 12 ديسمبر 2025، 21 جمادى الثانية 1447هـ، وهي بعنوان «التطرف ليس في التدين فقط».

وقالت الأوقاف إن الهدف من موضوع خطبة الجمعة، هو التوعية بخطورة التعصب بجميع أشكاله لا سيما التعصب الرياضي.

نص موضوع خطبة الجمعة القادمة

الحمدُ للهِ الذي هدانا للإيمان، وأكرمنا بنور القرآن، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي إلى مكارم الأخلاق، المربّي للنفوس على الحِلم والرحمة، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

فليس التطرّف ظاهرةً مرتبطة بالدين وحده، بل هو سلوك إنساني قد يظهر في أي مجال يمارس فيه الإنسان انتماءه أو قناعته، فالتطرّف في جوهره ليس فكرة دينية بقدر ما هو حالة نفسية وفكرية تنشأ حين يختلُّ ميزان الاعتدال، وتختلط الأفكار بين ما ينبغي فعله وما لا ينبغي أن نفعله، سواء كان التطرف دينيًّا أو رياضيًّا أو ثقافيًّا.

ومن يتأمل الواقع يدرك أن أنماط التطرّف تتشابه في جذورها، مهما اختلفت مظاهرها، فالتعصّب لفريقٍ رياضي قد يحمِل السماتِ نفسَها التي يظهر بها التشنُّج لمذهب أو حزب أو رأي أو جماعة، وما ذاك إلا لأن المشكلة ليست في الميادين ذاتها، بل في الذهنيّة المتشدّدة التي تحوّل الاختلاف إلى تهديد، والرأي المخالف إلى خصم يجب إسقاطه.

ولم تُغْفِل تعاليم الإسلام بما حملته من أخلاق رفيعة وآداب سامية، التحذيرَ من خطورة الانزلاق خلف مسارات التطرّف بأشكاله المختلفة، إذ جاءت نصوصه واضحة في الدعوة إلى الوسطية، وصيانة المجتمع من كل غلوّ يفسد العقول، أو تعصّب يهدّد وحدة الصف، أو اندفاع يجرف الإنسان بعيدًا عن جادّة الاعتدال، فالإسلام في مبادئه المقاصدية وأحكامه التربوية يرسّخ ميزانًا دقيقًا يحفظ للإنسان توازنه، ويجنِّبه مغبَّة الانجرار وراء الغلو الذي يبدِّد الطاقات ويُضعف بناء المجتمع.

وإليك طرفًا من هذه التعاليم:

إياكم والغلو

يضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة تشريعية وأخلاقية واسعة تُحذِّر من كل تجاوز للحدِّ، أيًّا كان مجالُه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». [رواه البخاري].

وإذا وضعنا في الاعتبار المفهوم الحقيقي للدين، وأنه: “وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات” [تحفة المريد على جوهرة التوحيد للباجوري]، أدركنا أن كل غلو يندرج تحت التحذير النبوي، فإذا كان النهي في مفهومه الأوليِّ عن مجال العبادات، فإنه يشمل كذلك كل غلو من شأنه أن يُخِلَّ بالدين، ومنه كل تعصُّب رياضيٍّ أو انفعال كُرويٍّ يخرج بالإنسان عن حد الاعتدال، ويحوّل التنافس الشريف إلى خصومة، أو التشجيع إلى إيذاء، أو الانتماء إلى تعصّب، فالغلوُّ سبب هلاك الأمم، ومن هنا كان التحذير منه ضرورة لحفظ الأخلاق، وصون المجتمع، وجعل الرياضة مجالًا للارتقاء لا للانقسام.

خيرُ الأمور أوساطُها

التوسط في كل شيء أمر محمود، وبهذا جاء الشرع الشريف ونطق الكتاب القويم، وكأنه يَلفِتُ أنظارنا إلى التزام هذا النهج، قيل للحسين بن الفضل: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن، فهل تجد في كتاب الله “خير الأمور أوساطها”؟ قال: نعم في أربعة مواضع: قوله تعالى: ﴿لَا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: ١١٠]. [الأمثال الكامنة في القرآن الكريم].

وهذا الأثر “خيرُ الأمورِ أوساطُها” [رواه ابن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد مرفوعا، ورواه البيهقي من كلام مُطَرِّفِ بن عَبدِ اللَّهِ وَيَزِيدَ بن مُرَّةَ الْجُعفِيِّ] دليل على هذا.

يقول الإمام المجد ابن الأثير: “كل خصلة محمودة، فإن لها طرفين مذمومين، مثل أن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم”. [جامع الأصول]

ويقول العلامة أبو علي اليُوسي: “وهذا الكلام “خيرُ الأمورِ أوساطُها” يُروى حديثًا، وهو من جوامع كلمه التي أُعطيها صلى الله عليه وسلم، وهو متناول لأمور من الديانات والأخلاق والآداب والسياسات والمعاشرات والمعاملات، تعجز عقول الخلق عن إحصائها، وقد صنَّف ذوو البصائر من أهل العلم في تفاصيل ذلك دواوين، وهو بحر لا ساحل له، جُمع له صلى الله عليه وسلم في جملة واحدة، كما قال صلى الله عليه وسلم: أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا”. [زهر الأكم في الأمثال والحكم]

الفارق بين الانتماء والتعصب الأعمى

لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحبّون أوطانهم، ويأنسون لقبائلهم، ولا يجدون حرجًا في الانتساب إليها، فهذا أوسيٌّ، وذاك خزرجيٌّ، وثالث قرشيٌّ، ورابعٌ تغلبيٌّ … وهكذا، ثم شاء الله أن يجتمعوا في دار الهجرة، فانتسب هؤلاء إلى الهجرة، وهؤلاء إلى النُّصرة، فهذا مهاجري، وذاك أنصاري، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك، ولم يعب عليهم ما كان من محبة الانتماء أو الاعتزاز به، بل كان صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بأسمائهم الجماعية قائلًا: «يا معشر الأنصار»، و«يا معشر المهاجرين» في إقرارٍ واضح بأن الانتماء الطبيعي لا يُذَمّ، وأن الاعتزاز بالمجموعة أو الأرض أو القبيلة لا يضر طالما أن الرابط الأكبر هو الدين، وطالما أن هذا الانتماء لا يجر إلى مفسدة.

لكنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب أشدَّ الغضب إذا رأى هذا الانتماء يتحوَّل إلى عصبية تُثير الفرقة، أو تُورِث الضغينة، أو تدعو إلى التنازع، فعن جُبيرِ بنِ مُطعِمِ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليسِ منَّا من دَعا إلى عصبيّةٍ، وليس مِنا من قاتل على عَصبيّةٍ، وليس منا من مات على عصبيّة» [رواه أبو داود]، لأن العصبية عكس ما أراده الله من خلقه، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].

ويسجل لنا جَابِر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هذا الموقف النبوي الجليل الذي يحذر فيه أمته من دعوى الجاهلية “العصبية”، فيقول: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» [رواه البخاري ومسلم]. فكسع: أي ضربه من الخلف.

قال الإمام النووي: “وأما تسميته صلى الله عليه وسلم ذلك “دعوى الجاهلية”، فهو كراهة منه لذلك، فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا، ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما، وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الإسلام”. [شرح النووي على صحيح مسلم].

وعن الزُّبَيْر بْن العَوَّامِ رضي الله عنه، قال: قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» [رواه الترمذي، وأحمد].

وقال تعالى: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الفتح: ٢٦].

بين سبحانه ما كان عليه المشركون من جهالات وحماقات استولت على نفوسهم، فقال: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾، والحمية: الأنفة والتكبر والغرور والتعالي بغير حق، يقال: حمي أنفه من الشيء -كرضي- إذا غضب منه، وأعرض عنه. [التفسير الوسيط].

فأجدر بنا أن نلتزم الهدي المحمدي إذا شعرنا أننا ننجرف إلى هذا التعصب الممقوت، وأن نستعين بالله في أن يبدل أخلاقنا وطباعنا إلى ما يحبه ويرضاه.

التعصب الرياضي والإيذاء

لا يخلو هذا التطرف الرياضي من أن يحمل صاحبه على ارتكاب أفعال هو منهي عن ارتكابها شرعًا، كالسخرية، والتنابز بالألقاب، وإطلاق عبارات السبِّ والشتم، والاحتقار، بالإضافة إلى أن هذه الأمور ربما تدفعه إلى ارتكاب ما هو أشد من ذلك، من اشتباك بالأيدي واعتداء على الآخر، فتتحول الرياضة من كونها وسيلة للتنافس الشريف إلى خصومة وصراع.

ولا يخفى على مسلم يؤمن بالله حقا، ما أودعه الله تعالى في كتابه من تحذير من ارتكاب مثل هذه الأفعال، ولا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية المطهرة، وإليك طرفًا منها، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا … بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» [رواه مسلم].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» [رواه الترمذي، وأحمد].

وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه» [رواه أحمد].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» [رواه الترمذي].

ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم

شأنُ الإسلام دائمًا أن يرغِّب في كل ما يجمع القلوب ولا يفرّقها، ويُقيم الروابط ولا يهدمها، ويغرس في النفوس معاني الألفة والوئام بدل البغضاء والخصام، فالشريعة في جوهرها دعوة إلى البناء، بناء الإنسان، وبناء العلاقات، وبناء المجتمع، وما كان من شأنه أن يثير العداوة أو يقطع الأرحام أو يزرع الضغينة، فإن الإسلام يقف منه موقف التحذير والرفض، قال تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣].

قال قتادة عند قوله تعالى: ﴿وَلا تَفَرَّقُوا﴾: “إن الله قد كره لكم الفرقة، وقدَّم إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة، والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله”. [جامع البيان].

وقد حذرت الشريعة الغراء من عواقب الفرقة والتنازع، لما يترتب عليه من تبدد الطاقات، وانتزاع البركات، فقال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٤٦].

قال الطاهر بن عاشور: “ومن المقاصد المعلن عنها في الكتاب، التمسك بالوحدة، ومحاربة التفرُّق والانقسام، ومما يدل على هذا المقصد الجليل ورود آيات وأحاديث تدعو إلى “الاتحاد”، ليصبح لهم عنوانًا ومكرمة، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٦]، وقوله: ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾[الأنفال: ١]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم يحرِّض معاذَ بنَ جبل وأبا موسى الأشعري على الوفاء: «وتطاوعا ولا تختلفا» [رواه البخاري]، والأمثلة على هذا المقصد وما يتفرَّع عنه متوافرة في الشريعة، لحرصها على حماية كل المصالح الأساسية الضرورية والحاجية والتحسينية” [مقاصد الشريعة الإسلامية].

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» [رواه أبو داود والترمذي].

قال الإمام الطيبي: “هذا من الخطاب العام الذي لا يختص بسامع دون آخر تفخيماً للأمر، شبه من فارق الجماعة التي يد الله عليهم، ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان، بشاة منفردة عن القطيع، بعيدة عن النظر، ثم سلط الذئب عليها، وجعلها فريسة له” [شرح مِشْكاة المصابيح].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالجماعةِ وإيَّاكم والفرقة» [رواه الترمذي].

ولا تتبع الهوى

يحذّرنا الشرع الشريف من الميل مع الأهواء على حساب الأوامر والنواهي، ويوجّهنا إلى ضبط ميول النفس مهما كانت محبَّبة، فإن كانت الرياضة تسليةً مباحة واهتمامًا مشروعًا، فإن محبتنا لها لا ينبغي أن تُخرجنا عن حدود الشريعة، ولا أن تُسقط عنّا واجبات الأخلاق وضوابط السلوك التي جاء بها الإسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ١٣٥]، وقال أيضًا ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠].

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمَّه، وكذلك في السُّنَّة لم يجئ إلا مذمومًا، إلا ما جاء منه مُقيَّدًا، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِن أحدُكم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جئتُ به»” [رواه البيهقي في السنن الكبرى].

الشريعة الإسلامية وممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة من الأمور المباحة شرعًا إذا كانت في ظل الضوابط المسموح بها، ولم تخرج عن المقصد الذى أنشئت من أجله، مثلها فى ذلك مثل “الرمي” الذى شجع عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟، قَالَ: «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» [رواه البخاري].

الرياضة تُسهم في تنمية العقول، وصقل مهارات التفكير، كما تحفظ للأبدان قوّتها وسلامتها، وهي كذلك بابٌ من أبواب الترويح المشروع، تُذهب عن النفوس ما يعتريها من مللٍ وكسل، وتعيد إليها نشاطها وهمَّتها، وهذا كله مما ندب إليه الشارع الحكيم، إذ وجَّه إلى كل ما يقوِّي الجسد، ويشرح الصدر، ويعين على أداء الواجبات الدينية والدنيوية على أكمل وجه، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً بِسَاعَةٍ» [رواه الشهاب القضاعي في “مسنده”].

الرياضة من كواشف الأخلاق

إنَّ الرياضةَ - ممارسةً كانت أو تشجيعاً - كاشفٌ دقيقٌ من كواشفِ الخُلُقِ الحقيقي للإنسان، فهي تُظهر ما تُخفيه النفوس، وتكشف عن معدِنِ صاحبها عند الفرح والغضب، وعند الفوز والخسارة، فمن الناس من تُهذّبه الرياضة فتزيده حلمًا ورجولة، ومنهم من تُظهر الرياضةُ ما فيه من طيشٍ واندفاع، فإذا اهتزّ المدرج أو ارتفع الـهُتاف، سقطت الأقنعة وبان الجوهر.

وهي في أصلها المفترض أنها تهذب الأخلاق وتدعو إلى التسامح، وهو ما حث عليه الإسلام من حسن الخلق وعدم التعصب، وجعل الفيصل بين الناس الأخلاق والتقوى، فقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣].

وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟» [رواه أحمد].

أما التعصب الكروي: فمذموم شرعاً وعرفاً، لأنه يؤدي إلى إثارة الفُرقة والبغضاء بين الناس، ويحيد بالرياضة عن مقصدها السامي من المنافسة الشريفة، والتقارب، وإسعاد الخلق، فالتعصب خلق شيطاني بغيض حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» [رواه مسلم]، “التحريش”: الإغراء على الشيء بنوع من الخِداع، أي: إيقاع الفتنة، والعداوة، والخصومة.

وقد يؤدي التعصب الكروي إلى الاحتقان، وتوظيف حماسة الجماهير مما ينتج عنه أعمال شغب قد يستغلها البعض في تهديد أمن وسلامة الوطن.

إجراءات عملية لتهذيب الانفعال الرياضي:

- أن نعلم أن الغرضَ من الرياضة الترويحُ عن النفس، فهي (لهو مباح)، هذا إطارها الذي لا بدّ أن توضع فيه، ومِن ثَم فلا يصح: الموالاةُ والمعاداة عليها، أو انتشارُ الأحقاد والضغائن بسببها، أو تعطيلُ المصالح والضروريات من أجلها، أو جريانُ السباب والشتائم وفواحش الألفاظ والتنابز بالألقاب على اللسان في شأنها.

- لا تجعلها سببًا في تعاستك ونكدك، ومصدرًا من مصادر غمك وهمك، ومجلبةً للحزن والغضب، فمن أهم أسباب سعادة الإنسان في حياته أن يضع الأمور في نصابها، وأن يزنها بميزانها الذي لا يتجاوزها.

- عند مشاهدتها أو ممارستها يجب عليك اجتناب تلك المحاذير الناشئة عنها، حتى تكون بابا للسرور والانبساط، والترويح عن النفس.

- لا حرج من الممازحة (القفشات) مع مشجعي الفريق المنافس، ما دمنا محافظين على أواصر الأخوة، منضبطين بثوابت الشرع والخلُق الكريم، وأن نعلم أن الأمر في النهاية (ترويح عن النفس).

- تحويل الرياضة من صراع إلى أخلاق، الرياضة محبّبة بطبعها، والإسلام يرى فيها قوة ومتعة، لكن يربطها بالأدب، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» [رواه مسلم]، والقوة هنا تشمل البدن والروح والخلق.

- احترام المنافس، فقد جعلت الشريعة الإسلامية العدل والاحترام ركيزتين في التعامل حتى مع الخصوم، فكيف بمن ينافسك في لعبة! قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: ٨]، أي: لا يحملكم بغض أو منافسة على تجاوز الحقّ، وهذا يشمل الخصومة الرياضية اليوم.

- صون اللسان … أهم علاج للتعصّب الرياضي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [رواه البخاري]، واللسان في مدرَّجات الرياضة هو أول ما ينفلت، فيكون الصمت أحيانًا عبادة.

- تعميق الوعي بمقاصد الرياضة، وذلك بربط الممارسة الرياضية بأهدافها الأصيلة، كتنمية الجسد، وتربية الروح على الانضباط، وتنمية روح الفريق، لا مجرد الفوز أو التشفي أو الغلبة، فكلما اتسعت دائرة المقاصد ضاق مجال الانفعال المذموم.

- نشر ثقافة الروح الرياضية، وأن نتعلم أن الفوز نعمة نشكر الله عليها، وأن الخسارة درسٌ نتعلّم منه، وأن الاحترام فوق كل نتيجة.

- وعيُ الآباء والمربين، بتوجيه الأبناء، وتعليمهم أن الرياضة وُجدت لتهذيب البدن والنفس، لا لزرع الكراهية.

- دور الإعلام، بأن يكون موجّهاً للتهدئة، لا شريكًا في تأجيج الفتن، فالكلمة مسئولية.

- ضبط التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، كعدم التعليق فور الانفعال، والامتناع عن إعادة نشر الإساءات، وإلغاء متابعة الحسابات التي تبث السخرية أو تثير روح التعصب.

اللهم أصلح قلوبنا، واجعلها خالصةً لك، واطرد عنها التعصّب والجهل والفرقة، اللهم ألف بين قلوبنا، ووحّد صفوفنا، واجعلنا من الذين إن غضبوا حلموا، وإن خاصموا عدلوا، وإن رأوا الحق اتّبعوه، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

اقرأ أيضاًالأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة.. «التطرف ليس في التدين فقط»

نص موضوع خطبة الجمعة 5 ديسمبر 2025.. «العقول المحمدية»

موضوع خطبة الجمعة 28 نوفمبر 2025.. «توقير كبار السن وإكرامهم»

مقالات مشابهة

  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
  • في ليلة الجمعة.. صيغ الصلاة على النبي ﷺ
  • حـفظ المـال
  • خطأ شائع في الصلاة على النبي .. اكتبها صح: «اللهم صلِّ» وليس «صلي»
  • كيف نطفئ نيران ذنوبنا؟.. اتبع هذا العلاج النبوي
  • الرسول وحب من طرف واحد بين صحابي وصحابية!!
  • جوهرة الكون وسيدة الفطرة
  • سنن النبى فى الشتاء أوصانا بفعلها.. يغفلها كثيرون
  • نص موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر 2025.. «التطرف ليس في التدين فقط»