أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية "دراية" تقريراً توثيقاً رصد من خلاله ممارسات وانتهاكات وجرائم قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي ترقي جميعها لأن تكون جرائم حرب مكتملة الأركان يعاقب عليها القانون الدولي.

وأوضح تقرير "دراية" أن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة بدءًا من فرض الحصار والإبادة الجماعية والتهجير القسري والعقاب الجماعي واستهداف المدنيين والمنشآت المدنية كالمستشفيات والمدراس ومنع وصول المساعدات والمواد الإغاثية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، تعد انتهاكات جسيمة لمواد القانون الدولي الإنساني والجنائي ولاتفاقيات جنيف الأربعة وقانون المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لعلم الجناة يقيناً بتلك الجرائم وسوابقهم الجنائية المتعددة فى هذا الشأن .

من جانبه، أكد الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى "دراية" أن التاريخ الإنساني لم يشهد منذ الحرب العالمية الثانية أبشع من الجرائم التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي المحتل ضد الشعب الفلسطيني، فمنذ بداية احتلال إسرائيل لأرض فلسطين فى 1948، ارتكبت كافة أشكال الجرائم والانتهاكات التي لن تمحى من ذاكرة الانسانية مهما طال الزمن، فالمذابح الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال فى دير ياسين والتشريد والتهجير فى 1948، ومجزرة صبرا وشتيلا فى 1982، والجرائم البشعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، ومحرقة غزة فى 2008.. ليست إلا نقطة فى بحر سجل إجرامي لا يمكن حصره فى ظل تواطئ دولي واضح وسافر شكل دافعاً لدولة الاحتلال أن تزيد من قسوة ووحشية عدوانها على شعب أعزل يدافع عن أرضه وحقه في الحياة.

وأوضح هاشم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت بقطاع غزة ولا تزال جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، حيث لم تتوان عن ارتكاب جرائم القتل والتدمير والتهجير بهدف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إذ وصل عدد المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين بقطاع غزة حتى صدور التقرير إلى أكثر من 1031 مجزرة، أدت إلى استشهاد أكثر من 10165 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 4104 طفلاً، ونحو 2500 سيدة، بالإضافة لأكثر من 27000 مصاباً، بخلاف نحو 163 شهيداً بالضفة الغربية، و2250 جريحاً في الضفة الغربية وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، الأمر الذي يمكن وصفه بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في حق المدنيين الفلسطينيين العزل، والتي يعتبرها القانون الدولي جريمة حرب تستوجب المحاسبة والمحاكمة أما المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف أن فرض الحصار وقطع الكهرباء والمياه، وسياسة التجويع التي تفرضها دولة الاحتلال على قطاع غزة ومنع دخول الوقود والمساعدات وحرمان الفلسطينيين من السلع والخدمات الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، هو أمر مخالف للقانون الدولي الإنساني وكل الاتفاقيات الدولية، ويُصنف كأحد مظاهر العقاب الجماعي الذي تُجرمه اتفاقية جنيف للقانون الدولي في البروتوكول الثالث في المادة 87 والبروتوكول الرابع في المادة 33 وملحقها في المادة 50، والقاعدة رقم 103 من القانون الدولي.

وأشار هاشم إلى أن استهداف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية بات العنوان الأبرز للمجازر الإسرائيلية، والتي تعتبر  جريمة حرب مكتملة الأركان، وتعد مخالفة صريحة للقاعدة 55 من قواعد القانون الدولي الإنساني، والتي تعتبر المدارس والمستشفيات والمنشآت المدنية خطوطاً حمراء محمية بموجب القانون الدولي، مضيفا أن التهجير القسري لسكان غزة يعد هو الآخر انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ومخالفة كبيرة لأحكام القانون الدولي، ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الدولية، والبروتوكولين الإضافيين اللذين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1977 والمتعلقين بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الداخلية والدولية.

وأضاف رئيس منتدى "دراية" أن الإعلاميين والصحفيين لم ينجو من الاستهداف حيث قتل نحو 46 صحفياً منذ اندلاع الأحداث الأخيرة بقطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي المتوحش، مشيرا إلى أن هذه الجريمة تشكل من وجهة نظر الحقوقيين قتلاً للحقيقة وتمثل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي لسنة 1998، إذ أن الاعتداء على الصحفيين لا يؤخذ بسياق أحادي لمجرد اعتباره جريمة، بل يدخل في إطار تصنيف أشد انتهاكاً بموجب القواعد والاتفاقيات الدولية، فالصحفيون وفقاً للمادة الرابعة من اتفاقية جيف الثالثة، والمادة 79 من اتفاقية جيف الرابعة لعام 1949، وما أعقبها من بروتوكولات ملحقة عام 1977، يتمتعون بالحماية العامة الممنوحة للمدنيين بصورة أساسية، كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222 نص صراحة على ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم والذين يغطون حالات النزاع والحروب.

كما أشار التقرير الذي أصدره منتدى "دراية" إلى تعسف إسرائيل في استخدامها لكم هائل من المتفجرات تم إلقائه على قطاع غزة، حيث أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات -أي يصل نصيب الفرد قرابة  12 كيلو جرام من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين، وذلك استنادا لما ذكره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حيث أكد أن حجم المتفجرات التي استخدمها جيش الاحتلال تجاوز وزن القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة الأمريكية على "هيروشيما" و "ناجازاكي" في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، والتي تُقدر بنحو 15 ألف طن من المتفجرات.

ورصد التقرير الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمتها قوات الاحتلال في هجماتها على قطاع غزة، كالقنابل الفسفورية والعنقودية والفراغية وغيرها، وهي جريمة حرب أخرى مكتملة الأركان، ويعاقب عليها القانون الدولي، وفي ختام التقرير أوصى بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، يمكن من خلالها اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بتحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين الأبرياء.

وفى ختام التقرير وفي ضوء ما سبق رصده من جرائم حرب جسيمة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، أوصى منتدى "دراية" بضرورة تشكيل لجنة أممية من الحقوقيين والمتخصصين في المجال العسكري لتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وملاحقة مسئوليها السياسيين والعسكريين بما يشمل من أصدر الأوامر وخطط ونفذ، وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كـــ "مجرمي حرب"، إلى جانب طلب تعويضات للفلسطينيين أسوة بتلك التي حصلت عليها إسرائيل من الحكومة الألمانية كتعويضات لضحايا "الهولوكوست"، التي بلغت أكثر من 90 مليار دولار على مدار 70 عاما، وفق ما أعلنته منظمة "مؤتمر المطالبات اليهودية المادية ضد ألمانيا" عام 2021.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الجنائیة الدولیة الشعب الفلسطینی القانون الدولی قوات الاحتلال دولة الاحتلال من المتفجرات جریمة حرب بقطاع غزة قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة حقوق الإنسان: المملكة عززت منظومة متكاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص وفق أفضل الممارسات الدولية

وأشارت التويجري في تصريحٍ لها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2025م، الذي يوافق 30/7 من كل عام، ويأتي تحت شعار “الاتجار بالأشخاص جريمة منظمة.. لنُنهي الاستغلال” إلى أنه جرى تعزيز الإطار النظامي باعتماد السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري، وإصدار وتعديل عدد من الأنظمة واللوائح والمبادرات ذوات العلاقة بالعمل، وحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا.

وبينت رئيس هيئة حقوق الإنسان أن اللجنة تسعى لتحقيق أثر مستدام في مكافحة الاتجار بالأشخاص من خلال تحقيق مستهدفات خطة العمل الوطنية للجنة مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وتطوير آلية الإحالة الوطنية لضحايا الاتجار بالأشخاص، واعتماد دليل مؤشرات الاتجار بالأشخاص، وبناء قاعدة بيانات لقضايا جرائم الاتجار بالأشخاص، وتنمية الشراكة الفعّالة في مكافحة هذه الجريمة والوقاية منها على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ومن ذلك إنشاء صندوق مشترك لدعم الضحايا بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.

واختتمت الدكتورة التويجري بأن المملكة عززت منظومة مكافحة هذه الجريمة من خلال أطر المنع والوقاية عبر برامج فنية تهدف لبناء القدرات الوطنية وفق أفضل الممارسات الدولية، والدراسات والبحوث العلمية، والحملات التوعوية والإعلامية، حيث بلغ عدد الأنشطة والبرامج التدريبية التي نفذتها اللجنة لمكافحة هذه الجريمة قرابة 120 برنامجًا تدريبيًا شارك بها أكثر من 9500 مستفيد من الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، حيث نفذت عددًا من المبادرات التوعوية كالتعلم الذاتي، وقياس الوعي المجتمعي لمفهوم الاتجار بالأشخاص، وإثراء البحث العلمي في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وحملة “معًا لمكافحة الاتجار بالأشخاص”، والاختبار الإلكتروني لنظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، كما كثّفت جهودها في الحماية عبر وضع آليات التعرف على ضحايا الاتجار بالأشخاص وإحالتهم إلى الجهات ذات العلاقة، ومتابعة أوضاعهم وتقديم الدعم والمساندة لهم بما يضمن سرعة الاستجابة.

مقالات مشابهة

  • وزارة العدل تشارك في ورشة أممية حول العدالة وسيادة القانون
  • رئيس هيئة حقوق الإنسان: المملكة عززت منظومة متكاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص وفق أفضل الممارسات الدولية
  • مشروعان عُمانيان ضمن أفضل (13) مشروعًا عالميًّا في منتدى لندن الدولي للشباب
  • رئيس لجنة تنسيق الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة: إسرائيل تتجاهل الأعراف الدولية
  • مشروعان عُمانيان ضمن أفضل 13مشروعًا عالميًّا في منتدى لندن الدولي للشباب
  • الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضمير الدولي
  • الضم الإسرائيلي للضفة الغربية: فشلٌ متكرر للنظام الدولي (قراءة قانونية)
  • الهيئة الدولية لدعم الفلسطينيين: نثمن جهود مصر لإدخال المساعدات لقطاع غزة
  • انطلاق ندوة بالجامعة العربية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة المسؤولين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يهاجم السفينة «حنظلة» في المياه الدولية لمنع كسر حصار غزة