كما سبق القول فان الدساتير الستة المتعاقبة ، قد اجمعت على عدم ذكر المحامين في اي فصل من فصولها ، لدرجة ان الدستور الحالي قد تجنب ذكر كلمة محام حتى في الفصل 23 منه الذي ينص على انه :

” يجب اخبار كل شخص تم اعتقاله ، على الفور وبكيفية يفهمها ، بدواعي اعتقاله وبحقوقه ، ومن بينها حقه في التزام الصمت ويحق له الاستفادة ، في اقرب وقت ممكن ، من مساعدة قانونية ، ومن امكانيات الاتصال بأقربائه ، طبقا للقانون .

ويتضح من ذلك ان المشرع الدستوري اثر استعمال جملة  “ويحق له الاستفادة… من مساعدة قانونية …” وذلك  لتفادي ذكر كلمة ” محام ” وتجنب النص صراحة على وجوب اخبار من تم اعتقاله  بحقه في الاتصال بمحاميه او المحامي الذي يختاره لمؤازرته طبقا لمقتضيات المواثيق الدولية وما يجري به العمل في جل دساتير الدول المتحضرة .

وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على مدى توتر العلاقة بين الدستور والمحامين ، كما يفسر من جانب اخر لماذا يتم تهميش هيئات المحامين وعدم تخويلها اي تمثيلية في المؤسسات الدستورية ذات الصلة بسن القوانين، مما يؤدي الى صدور قوانين تفاقم اكثر ازمة المحاماة بدلا من التخفيف منها   واذا كان من بين المستجدات الهامة لدستور 2011 تخصيصه عدة فصول للأحزاب السياسية ونقابات الاجراء والغرف المهنية ومنظمات المشغلين  والمنظمات غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني وغيرها ، وان الفصل 71  منه قد ادرج ضمن ميدان القانون عشرات من الانظمة القانونية لمختلف القطاعات سواء العامة او الخاصة ومن بينها انظمة التعاضديات والشركات ونحوها ، اضافة الى بابه الثاني عشر  المخصص لهيئات حماية الحقوق والحريات ، دون تخويل اي تمثيلية فيها لهيات المحامين بمقتضى الدستور نفسه باعتبارها في طليعة الهيئات المدافعة عن حقوق الانسان فلماذا لم يخصص الدستور ولو فصلا واحدا لهيات المحامين والعديد من الهيئات المهنية ؟

 ولماذا اجمعت على ذلك  كافة الدساتير التي عرفها المغرب الى الان ، دون اهتمام كبير بذلك من طرف المحامين ، ودون دفاع يذكر على حق هيئاتهم في تمثيلية مناسبة في المؤسسات الدستورية ذات الصلة بالتشريع التي تخول لهم الدفاع عن الحقوق والمكتسبات المهنية وغيرها من المطالب المشروعة خلال سن القوانين المرتبطة بالمحاماة ؟

وتجدر الاشارة الى ان اراء المحامين بشان الدستور متباينة اصلا ، فمنهم من رحب به منذ البداية وظل يدافع عنه باستمرار ، ومنهم من سار في الاتجاه الرافض لبعض او سائر الدساتير المتعاقبة ، ومنهم من يرى بان الدستور شان سياسي ولا يهم الشأن المهني ؛

وكيف ما كان الامر ، ومع احترامنا لمختلف الآراء ، فان المحاماة حتى وان حاولت الابتعاد عن السياسة فان السياسة لن تتركها وشانها لأسباب عديدة من اهمها : ان السياسة اصبحت تهيمن على كل شيء ، وان مهنة المحاماة مهنة حقوقية بطبيعتها للدفاع عن الحقوق والحريات بأبعادها السياسية ، ولا تقتصر فقط على النيابة عن الاطراف وفق نظرية الوكالة ، وانها في طليعة المهن القضائية والقانونية باعتبار القانون ادة سياسية لإدارة شؤون الدولة واخضاع المجتمع لمنظومتها الفكرية (وليس القانون بمفهومه الانجلو – ساكسوني) .

وبالتالي ، اذا كان سن القوانين وتطبيقها وتنفيذها من اهم اختصاصات المؤسسات الدستورية ، وان هيئات المحامين ليست ممثلة في اي واحدة منها مما يفاقم اكثر ازمة المحاماة ؛ فإلى متى ستبقى العلاقة متوترة ان لم تكن مقطوعة بين الدستور والمحامين ؟ !

المصدر: اليوم 24

إقرأ أيضاً:

اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة

في خطوة تعكس الجدية الكاملة لحزب الاتحاد في التعامل مع الاستحقاقات الوطنية المقبلة، شهدت محافظة سوهاج اليوم اجتماعًا طارئًا ضم قيادات الحزب، في مقدمتهم المستشار رضا صقر، رئيس الحزب، وعدد من قياداته البارزة، وذلك في إطار خطة الحزب للاستعداد الميداني والتنظيمي للمرحلة المقبلة.

 استعداد للاستحقاقات الدستورية المقبلة

وخلال الاجتماع، أكد المستشار رضا صقر أن المرحلة القادمة تتطلب التزامًا غير مسبوق وتنظيمًا دقيقًا في اختيار ممثلي الشعب تحت راية الحزب، مشددًا على أن الوطن يمر بتحديات جسيمة تتطلب نوابًا يمتلكون وعيًا سياسيًا واقتصاديًا، وإدراكًا عميقًا لقضايا الداخل والخارج.

ومن جانبه، شدد محمد الشورى، النائب الأول لرئيس الحزب وأمين التنظيم، على أن اختيار المرشحين سيخضع لمعايير صارمة، في مقدمتها الكفاءة والانتماء الحقيقي للدولة المصرية. وأكد أن كل مرشح يجب أن يدرك مسؤوليته تجاه المواطن والدولة، مشيرًا إلى أن زيارته لسوهاج جاءت بعد رحلة امتدت لأكثر من ست ساعات من القاهرة، بما يعكس التزام الحزب الحقيقي بدعم جنوب الصعيد وعلى رأسه محافظة سوهاج.

كما استعرض الدكتور كريم العمدة، رئيس اللجنة الاقتصادية بالأمانة المركزية، الرؤية الاقتصادية للحزب، مؤكدًا أن الاستحقاقات المقبلة تتطلب نوابًا قادرين على تقديم حلول عملية للتحديات الاقتصادية، وتبني سياسات تشريعية تنهض بالمجتمع وتدعم المواطن في ظل الأوضاع الراهنة.

وفي السياق ذاته، أكد عامر أبو زيد، أمين الحزب بمحافظة سوهاج، أن الأمانة في جاهزية تامة للتعامل مع المرحلة المقبلة، مع التركيز على دعم الشباب والمرأة، واختيار شخصيات ذات قبول شعبي وقدرة على تمثيل المواطنين بشرف وفاعلية. وأشار إلى الدعم المباشر الذي يقدمه الحزب لمرشحي الفردي في المحافظة، وعلى رأسهم عامر أبو زيد.

الاتحاد يستعد للانتخابات

وفي ختام الاجتماع، جدد حزب الاتحاد التزامه الكامل أمام الشعب المصري بأن يظل صوت المواطن وحصن الدولة، ساعيًا إلى تمثيل مشرّف يُعبّر عن هموم الناس، ويضع حلولًا واقعية تواكب متطلبات المجتمع والدولة.

طباعة شارك الاتحاد الانتخابات الانتخابات البرلمانية مجلس النواب الشيوخ

مقالات مشابهة

  • الادعاء العام في تشاد يحقق مع رئيس الوزراء السابق المعتقل
  • إعادة بعث اللجنة المشتركة بين وزارة الاتصال والمحافظة السامية للأمازيغية
  • نقابة المهندسين تتضامن مع المحامين في أزمة رسوم التقاضي الجديدة
  • احتجاجات في بوليفيا دعما لترشح موراليس بعد قرار المحكمة الدستورية
  • الطالبي : الأحرار يمارس واجبه الدستوري في التواصل مع المواطنين والحكومة منسجمة وتشتغل
  • اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة
  • حزب الحصان يجمد عضوية الأستاذ المعتقل في قضية المتاجرة بالماستر
  • وهبي يعتذر للمحامين: “أنا منكم وأنتم مني”
  • نقابة المحامين وحزب حماة الوطن يصدران بيانا مشتركا بشأن أزمة الرسوم القضائية
  • عادل المهيلمي.. من قاعات المحاماة إلى خشبة المسرح وذاكرة الجمهور