بنك عُمان العربي يوقع شراكة استراتيجية مع "مُصلِّح"
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
مسقط- الرؤية
وقع بنك عُمان العربي اتفاقية استراتيجية مع منصة مصلِّح، وهي أول منصة عمانية شاملة وموثوقة لتقديم خدمات التصليح والصيانة، إذ يأتي هذا التعاون تأكيدًا لإيمان البنك الراسخ بضرورة تعزيز نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والنهوض بها لما لها من دور محوري في تسريع وتيرة نمو الاقتصاد الوطني وانتعاشه.
وبموجب هذه الشراكة، ستقوم منصة مصلِّح بتقديم خدمات الصيانة لشبكة فروع بنك عُمان العربي والتي يبلغ عددها 49 فرعًا والممتدة في مختلف أنحاء السلطنة، كما ستوفر المنصة حلول دفع بنك عُمان العربي الرقمية الرائدة لتطوير عملياته وتحسين تجربة المستخدمين، وسيحظى عملاء وموظفو البنك من جهتهم بالعروض والأسعار الحصرية، فضلًا عن الاستمتاع بالحلول المتكاملة التي تلبي احتياجاتهم المختلفة.
وأوضح خالد العمري رئيس دائرة الخدمات المصرفية للأفراد بالإنابة في بنك عُمان العربي، أن تمكين وتطوير قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الابتكارية الناشئة يأتي في مقدمة أولويات البنك وأنه سيسعى لبذل المزيد من الجهد لدعمها والارتقاء بها، مضيفا: "طوال خمسين عامًا منذ انطلاقه، التزم البنك بدعم متطلبات الشركات الناشئة بكافة السبل الممكنة، وذلك لكون هذه الشركات هي الذراع المحرّك للاقتصاد الوطني والمساهم الريادي في تعزيز نموه وتقدمه".
من جانبه، قال سلطان الزدجالي الرئيس التنفيذي لمنصة مصلِّح: "يمثل تضافر جهودنا مع بنك عُمان العربي خطوة مهمة وتقدمًا بارزًا في مسيرة مصلِّح وذلك لما سيثمر عنه من مميزات أكثر للطرفين وخبرة أوسع مستفادة، فضلًا عن القيمة المضافة التي ستقدمها هذه الشراكة لعملائنا، ونحن نتطلع إلى مد المزيد من جسور التعاون وتوفير الأفكار الإبداعية".
يشار إلى أن بنك عُمان العربي قد أطلق أيضًا في وقت سابق من هذا العام برنامج "طموحي" والذي يضمن بدوره تجربة مصرفية سلسة وميسّرة للشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، حيث يسهل للشركات الحصول على الدعم اللازم في مختلف الجوانب بما في ذلك الخدمات المالية، وحلول الاتصالات، والمساعدة القانونية، وخدمات التوصيل والبريد السريع، وحلول المحاسبة، بالإضافة إلى تدابير الأمن الإلكتروني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العلاقات الصينية القطرية.. شراكة استراتيجية في عصر التحولات العالمية
ديما دعبول **
تُعد العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الصين الشعبية نموذجاً متطوراً للتعاون الدولي، يقوم على أسس ثابتة من الاحترام المتبادل، المصالح المشتركة، والرؤية المستقبلية المتكاملة، وقد قطعت هذه العلاقات شوطاً طويلاً منذ تأسيسها رسمياً في عام 1988، حيث تحولت من علاقات دبلوماسية تقليدية إلى شراكة استراتيجية شاملة تشمل مجالات السياسة، الاقتصاد، الطاقة، الثقافة، التعليم، والأمن، وتعكس تناغماً ملحوظاً في التوجهات الإقليمية والدولية بين الدوحة وبكين.
الأسس التاريخية والتقارب الثقافي
رغم حداثة العلاقات الرسمية، إلا أن الروابط بين الشعبين تعود إلى قرون مضت، من خلال طريق الحرير البحري، حين كانت السفن الصينية تصل إلى موانئ الخليج حاملة معها البضائع والمنسوجات والتقنيات، مقابل اللؤلؤ والتوابل والبضائع العربية، هذا الإرث الثقافي والتجاري التاريخي أسس لنمط من التفاهم الحضاري القائم على التبادل لا الصراع.
في العصر الحديث، أعادت قطر والصين اكتشاف هذا التقارب، لا سيما مع طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013، والتي تهدف إلى بناء شبكة اقتصادية عالمية جديدة تربط الصين بالعالم من خلال استثمارات استراتيجية، وكانت قطر من أوائل الدول الخليجية التي أبدت حماساً كبيراً للمشاركة في هذه المبادرة، لما لها من أهمية اقتصادية وجيوسياسية.
المسار السياسي والدبلوماسي
شهدت العلاقات السياسية بين قطر والصين نمواً مطرداً على مدار العقود الثلاثة الماضية، مدفوعاً بتوافق مبدئي في المبادئ السياسية، إذ يشترك البلدان في تبني سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واحترام السيادة الوطنية، والحوار كوسيلة لحل النزاعات.
وتعزز هذا التوجه من خلال الزيارات الرسمية المتبادلة رفيعة المستوى، أبرزها زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الصين، والتي وُقّعت خلالها مجموعة من الاتفاقيات في مجالات متعددة، بالمقابل، زار كبار المسؤولين الصينيين الدوحة، مؤكدين اهتمام بكين بتعزيز الشراكة مع قطر كلاعب إقليمي محوري في الخليج.
كما دعمت قطر باستمرار مبدأ "الصين الواحدة"، ووقفت ضد محاولات التدخل في شؤون هونغ كونغ وتايوان وشينجيانغ، فيما أيدت الصين جهود قطر في الوساطة الإقليمية، ودورها النشط في قضايا فلسطين، السودان، وأفغانستان.
التعاون الاقتصادي والتجاري: نموذج متكامل
الركيزة الأهم للعلاقات بين البلدين هي الشراكة الاقتصادية، خاصة في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والتمويل. تُعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لقطر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 20 مليار دولار سنوياً، مع توقعات متزايدة للنمو في ظل اتفاقيات طويلة الأجل في مجال تصدير الغاز الطبيعي المسال.
وقد وقّعت قطر للطاقة عدة عقود تاريخية مع شركات صينية مثل Sinopec وCNPC، لتزويد الصين بالغاز لمدة تصل إلى 27 عاماً، وهي من أطول الاتفاقيات في تاريخ صناعة الغاز، وهذا يعكس مدى اعتماد الصين على قطر لتأمين احتياجاتها من الطاقة النظيفة في ظل توجهها نحو تخفيف الاعتماد على الفحم والنفط.
من جهة أخرى، دخلت الشركات الصينية بقوة إلى السوق القطري، وشاركت في مشاريع كبرى ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، منها تطوير الموانئ، شبكات الطرق، والمشاريع الذكية، كما تم تأسيس مركز مقاصة بالعملة الصينية (اليوان) في الدوحة، ليكون منصة مالية إقليمية تدعم المبادلات التجارية والاستثمارات.
التكامل مع مبادرة "الحزام والطريق"
تمثل قطر نقطة استراتيجية على خريطة مبادرة "الحزام والطريق"، نظراً لموقعها الجغرافي الرابط بين آسيا، أوروبا، وأفريقيا. وتعمل الدوحة على تعزيز هذا الموقع من خلال تطوير ميناء حمد، وتوسيع مناطقها الحرة، وإنشاء بنية تحتية رقمية ومالية متقدمة، مما يجعلها شريكاً مثالياً في طموح الصين لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.
التكامل بين الرؤية الاقتصادية الصينية ورؤية قطر الوطنية 2030 يُعد أحد أبرز عوامل نجاح الشراكة بين البلدين، حيث تركز كلتا الدولتين على الاقتصاد المعرفي، الابتكار، والاستدامة البيئية.
التعاون في مجالات التعليم والابتكار والتكنولوجيا
تدرك قطر أهمية تنويع علاقاتها الأكاديمية والثقافية، وقد أسهم التعاون مع الصين في فتح آفاق جديدة أمام الطلبة والمثقفين القطريين والصينيين على حد سواء. أُنشئ "معهد كونفوشيوس" في جامعة قطر لتعليم اللغة والثقافة الصينية، وشهد إقبالاً متزايداً من الطلبة القطريين المهتمين بالتواصل مع الحضارة الصينية.
كما تم توقيع اتفاقيات بين جامعات قطرية وصينية لتبادل الخبرات والطلاب، وتأسيس مشاريع بحثية مشتركة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتأتي هذه المبادرات ضمن توجه البلدين نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة.
الدبلوماسية الثقافية والإعلامية
تلعب الثقافة والإعلام دوراً مهماً في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، وقد شهدت العلاقات الصينية القطرية نمواً كبيراً في هذا الجانب، حيث شاركت فرق فنية صينية في مهرجانات قطرية، فيما استضافت الصين فعاليات ثقافية قطرية في مدنها الكبرى.
وتوجد اتفاقيات تعاون إعلامي بين قناة الجزيرة ومؤسسات إعلامية صينية مثل CCTV، بما يسهم في نقل وجهات النظر المتنوعة وتقديم محتوى موضوعي متعدد الثقافات.
الأمن والتعاون العسكري والدفاعي
رغم أن التعاون الأمني بين البلدين لا يحظى بتغطية إعلامية كبيرة، إلا أن هناك إشارات متزايدة على وجود تنسيق في قضايا مكافحة الإرهاب، الأمن السيبراني، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وقد شارك ضباط قطريون في تدريبات مشتركة ومؤتمرات أمنية تستضيفها الصين، في حين أبدت بكين استعدادها لدعم القدرات الدفاعية القطرية من خلال التكنولوجيا العسكرية والمعدات غير القتالية.
وفي ظل التوترات المتصاعدة إقليمياً ودولياً، تبحث قطر عن تنويع شركائها الأمنيين بعيداً عن الاعتماد الأحادي، والصين تبدو خياراً استراتيجياً في هذا السياق، خاصة لما تتمتع به من حياد نسبي في الصراعات الخليجية.
الانسجام في السياسات الدولية
تشترك الصين وقطر في رفض السياسات الأحادية الجانب التي تمارسها بعض القوى الكبرى، ويدعوان إلى عالم متعدد الأقطاب يقوم على العدالة والمساواة في العلاقات الدولية. في المحافل الدولية، غالباً ما تتقاطع مواقف البلدين بشأن قضايا مثل فلسطين، تغير المناخ، حقوق الإنسان، وأمن الطاقة.
وتؤمن الدوحة وبكين بأن النظام الدولي يجب أن يتغير ليعكس توازن القوى الجديد، وأن دول الجنوب العالمي تستحق دوراً أكبر في صياغة السياسات العالمية.
التحديات المشتركة والآفاق المستقبلية
رغم الزخم الإيجابي في العلاقات، تواجه الشراكة الصينية القطرية تحديات متعددة، منها التنافس الدولي على النفوذ في الخليج، الضغوط الجيوسياسية المتزايدة على الصين من قبل الغرب، ومحاولات بعض الأطراف زعزعة التوازن في منطقة الشرق الأوسط.
لكن بفضل الإرادة السياسية، والرغبة المتبادلة في البناء لا الصدام، تبدو العلاقة بين بكين والدوحة مرشحة للنمو، وهناك آفاق واسعة للتعاون في مجال الاقتصاد الأخضر، الاقتصاد الرقمي، البنية التحتية الذكية، والطاقة المتجددة.
تستثمر قطر بكثافة في تكنولوجيا المستقبل، مثل المدن الذكية والروبوتات، وهي مجالات تتقاطع مع خطط الصين في تطوير "صين 2035". كما تبحث بكين عن شركاء استراتيجيين في منطقة الخليج، وقطر بما تمتلكه من موارد، استقرار سياسي، ورؤية تنموية ناضجة، مرشحة بقوة للعب هذا الدور.
خاتمة
العلاقات الصينية القطرية تمثل نموذجاً صاعداً لعلاقات دول الجنوب العالمية، تقوم على الشراكة لا التبعية، وعلى المصالح المتبادلة لا الإملاءات، وبينما يواصل العالم التحول نحو نماذج جديدة من التعاون الدولي، تبدو بكين والدوحة مستعدتين للعب دور رائد في رسم ملامح المرحلة القادمة، كقوتين مختلفتين في الحجم ولكن متقاربتين في الرؤية والمبدأ.
** صحفية سورية
** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان