"القمة الخليجية" تطالب بوقف إطلاق النار في غزة.. وقادة "دول التعاون" يؤكدون دعمهم للقضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
◄ السيد فهد: السلطنة تؤكد دعمها المتواصل لمسيرة مجلس التعاون
◄ شكر جلالة السلطان على فترة رئاسة عمان للدورة السابقة
◄ دعم قرارات أوبك بلس لتحقيق التوازن في أسواق النفط
◄ الاطلاع على مقترح الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد
◄ التأكيد على وقوف المجلس إلى جانب الشعب الفلسطيني
◄ المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية
◄ رفض مبررات العدوان الإسرائيلي على غزة كدفاع عن النفس
الدوحة- العُمانية
نيابة عن جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم-حفظه الله ورعاه- شارك سُّمو السيد فهد بن محمود في أعمال مؤتمر القمّة الـ44 لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد أمس الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة.
وكان صاحب السُّمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في مُقدمة مستقبلي سُّموه لدى وصوله مطار حمد الدولي، كما كان في استقبال سُّموه معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعادة السفير السّيد عمار بن عبدالله البوسعيدي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى دولة قطر، وسعادة السفير الشيخ مبارك بن فهد آل ثاني سفير دولة قطر المعيّن لدى سلطنة عُمان، وعدد من المسؤولين بدولة قطر وأعضاء سفارة سلطنة عُمان لدى دولة قطر.
وقال سمو السيد فهد في بيان صحفي لدى وصوله الدوحة: "بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الرابع والأربعين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بدولة قطر الشقيقة، فإنه لَيطيب لي أن أنقل تحيات جلالة السُّلطان المُعظم- أيده الله- إلى إخوانه القادة، مقرونة بالتمنيات الطيبة لدولة قطر قيادة وشعبًا، وللمؤتمر بالتوفيق في تحقيق الأهداف المرجوة".
وأضاف سموّه: "إنّ سلطنة عُمان باعتبارها رئيسة الدورة الحالية لمجلس التعاون لَتُعرب عن تقديرها الكبير لِما حققه المجلس من إنجازات في مختلف المجالات، وذلك بفضل توجيهات القادة الخليجيين وتعاون الدول الأعضاء، مما كان له أبلغ الأثر في تعزيز التعاون والتكامل بين الشعوب الخليجية التي يجمعها التاريخ المشترك، والمصير الواحد".
وتابع قائلاً: "لقد شهدت الساحة الإقليمية في الآونة الأخيرة العديد من التطوُّرات المتسارعة التي ألقت بظلالها على العديد من الدول، مما يتطلب المزيد من الجهود لتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى في مواجهة كافة التحدّيات، بما يضمن لشعوب المنطقة مواصلة مسيرتها في أجواء يسودها الهدوء والاستقرار".
وأشار سُّمو السيد فهد إلى "أنّ سلطنة عُمان لَتؤكد مجددًا دعمها المتواصل لمسيرة مجلس التعاون كما تُعرب عن تقديرها البالغ لدولة قطر لمساعيها الخيرة، من أجل استتباب الأمن والسلام، وتدعو المولى عزَّ وجلَّ أن ينعم على الشعب القطري الشقيق وكافة شعوب دول المجلس باطراد الخير والتقدم والنماء".
وصدر عن القمة بيان ختامي، عبر فيه المجلس الأعلى عن بالغ تقديره وامتنانه للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- وحكومته الموقرة، خلال فترة رئاسة السلطنة للدورة الثالثة والأربعين، وما تحقق من خطوات وإنجازات مهمة.
وأشاد المجلس الأعلى بقرارات "القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني"، التي استضافتها المملكة العربية السعودية في 11 نوفمبر 2023م، لبحث الأوضاع المؤلمة في غزة، وتداعيتها الأمنية والسياسية الخطيرة، كما أشاد بجهود اللجنة الوزارية التي شكلتها القمة برئاسة سمو وزير خارجية المملكة العربية السعودية، بهدف "بلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة."
وأشاد المجلس الأعلى بنجاح جهود دولة قطر التي بذلتها بالشراكة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، في التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية للتخفيف من الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من كلا الجانبين، والسماح بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية، كما أعرب المجلس عن أمله بأن تسهم هذه الهدنة في وقف التصعيد واستهداف المدنيين الفلسطينيين وتهجيرهم قسرياً، وصولاً لوقف كامل للحرب على قطاع غزة، وانهاء الحصار المفروض على القطاع، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وشدّد المجلس على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في التعامل مع هذه القضية دون ازدواجية في المعايير.
وأكد المجلس الأعلى دعمه لقرارات مجموعة (أوبك+) الهادفة إلى تحقيق التوازن في أسواق النفط، وتعزيز الرخاء والازدهار لشعوب المنطقة والعالم، ودعم النمو الاقتصادي العالمي.
واطلع المجلس الأعلى على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ قرار المجلس الأعلى في دورته الثانية والثلاثين حول مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوجيه المجلس الأعلى بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتكليفه المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المتخصصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة.
وأكد المجلس الأعلى حرصه على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين، بما يحقق تطلعات مواطني دول المجلس، مؤكداً على وقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس.
واستعرض المجلس الأعلى تطورات العمل الخليجي المشترك، وأبدى ارتياحه لما تم إنجازه من خطوات لتحقيق التكامل بين دول المجلس، ووجه الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء والأمانة العامة واللجان الوزارية والفنية بمضاعفة الجهود لاستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، والانتهاء من تحقيق السوق الخليجية المشتركة، وفق قرارات المجلس السابقة، والإسراع في تحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون.
وصادق المجلس الأعلى على قرارات مجلس الدفاع المشترك في اجتماعه العشرين، المنعقد في 21 نوفمبر 2023م، مؤكداً على أهمية تعزيز العمل العسكري المشترك، كما اطلع المجلس الأعلى على سير العمل العسكري المشترك بجوانبه المختلفة والعمل على تحقيق التكامل العسكري المشترك بين القوات المسلحة بدول المجلس، كما أثنى على استمرار العمل العسكري المشترك من خلال القيادة العسكرية الموحدة ووحداتها والمراكز التابعة لها، وما تم عقده من تمارين مشتركة واجتماعات تنسيقيه للتمارين خلال 2023م.
وجدد المجلس الأعلى حرص دول المجلس على الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة ودعم رخاء شعوبها، وتعزيز علاقات المجلس مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية، انطلاقاً من دور مجلس التعاون كركيزة أساسية للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، وتعزيز دور المجلس في تحقيق السلام والتنمية المستدامة وخدمة التطلعات السامية للأمتين العربية والإسلامية.
وأكد المجلس الأعلى على احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، استناداً للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية، ورفضه لأي تهديد تتعرض له أي دولة من الدول الأعضاء، مشدداً على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وفقاً لمبدأ الدفاع المشترك ومفهوم الأمن الجماعي، والنظام الأساسي لمجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك، مؤكداً على أن أمن دول المجلس رافد أساسي للأمن القومي العربي، وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية. كما أكد على مواقف مجلس التعاون الرافضة للتدخلات الأجنبية في الدول العربية من أي جهة كانت.
وأدان المجلس الأعلى العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وأكد على وقوف مجلس التعاون إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق خلال التطورات الراهنة في قطاع غزة ومحيطها، مطالباً بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية، وضمان توفير وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية، واستئناف عمل خطوط الكهرباء والمياه والسماح بدخول الوقود والغذاء والدواء لسكان غزة، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وطالب المجلس بإنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني والمخالف لقرار مجلس الأمن رقم 2417، بتاريخ 24 مايو 2018م، الذي يدين المنع غير القانوني من إيصال المساعدات الإنسانية، ويدين استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من اساليب القتال والمحظور بموجب القانون الدولي الإنساني.
ووجه المجلس الأعلى الجهات المختصة في دول المجلس بسرعة تنفيذ مخرجات "القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني"، التي عُقدت في المملكة العربية السعودية في 11 نوفمبر 2023.
وأكد المجلس الأعلى على ضرورة الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2712 بتاريخ 15 نوفمبر 2023م، بما في ذلك إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة، ودعا المجلس الأعلى كافة الأطراف إلى الالتزام بتطبيق القرار مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة بوضع الآليات الملائمة لمراقبة تنفيذ القرار وفقاً لمقتضيات بنوده، كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة لاحتواء الحرب ومنع امتدادها إلى الدول المجاورة.
ودعا المجلس الأعلى إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الشقيق، وحمّل إسرائيل المسؤولية القانونية عن اعتداءاتها المستمرة التي طالت المدنيين الأبرياء، وأسفرت عن قتل آلاف المدنيين في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، في انتهاك صريح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
كما دعا المجلس الأعلى جميع أطراف النزاع إلى حماية المدنيين، والامتناع عن استهدافهم، والامتثال والالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مطالباً بإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين المدنيين، خاصة النساء والأطفال والمرضى وكبار السن.
وأعرب المجلس الأعلى عن رفضه لأي مبررات وذرائع لوصف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه دفاع عن النفس، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة، ضمن القانون الدولي، للرد على ممارسات الحكومة الإسرائيلية غير القانونية وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة العُزّل، ودعم المجلس ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف لتشريد سكان غزة أو تهجيرهم.
وأدان المجلس الأعلى استهداف الاحتلال الإسرائيلي المستمر للمنشآت المدنية والبنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف وطواقمها الطبية، ومخيمات اللاجئين والمدارس، بالإضافة إلى قتل الصحفيين، كما أدان استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، واستهداف المنشآت الدولية، امتداداً لسلسلة الانتهاكات الإسرائيلية لكافة القوانين والأعراف الدولية.
وأكد المجلس الأعلى على مواقفه الثابتة من مركزية القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً على ضرورة مضاعفة جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق تلك الأسس، داعياً مجلس الأمن إلى إصدار قرار باستكمال الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة وأن تنال العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة.
وأدان المجلس الأعلى قرار الحكومة الإسرائيلية بتسليح المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، في ظل حماية وتمويل من المستوى الرسمي والعسكري، مما أدى إلى ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين واستهداف منازلهم وبلداتهم وممتلكاتهم ومقدساتهم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جامعة الدول العربية.. حين يكون الترشيح إعلانا للانسحاب!
لا أعرف مصدر الخبر الذي انتشر عن نية مصر ترشيح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة الحالي، لموقع الأمين العام لجامعة الدول العربية.. كما لا أعرف مصدر خبر عزم المملكة العربية السعودية على المنافسة على الموقع، ونقل مقر الجامعة إلى الرياض!
فقد أصبحنا نستيقظ على أخبار وأحداث تنشر على منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، فلا تعرف أول من نشر، ومن نقل عن من، فحتى العامة صاروا يعتبرون أنفسهم صحفيين يلهثون خلف السبق الصحفي، ومن هنا يأتي الإعلان عن وفاة نجم ما وهو على قيد الحياة، وكأن هناك جهة ما توزع جوائز على من يفوزون بجائزة السبق الصحفي، بل إن منهم من إذا سئلوا عن مصدر معلوماتهم ردوا بعدم جواز سؤالهم، وهي عبارة مستوحاة من مقولة: لا يُسألُ الصحفي عن مصدره!
ولظروف منطقتنا الخاصة يجري الالتزام نصا بمثل بهذه القاعدة، فلا يدلي الصحفي باسم مصدره ولو لقيادته في الصحيفة التي يعمل بها، وعندما سأل أحد أساتذتنا رؤساء التحرير أحد المحررين عن مصدره في معلومة حساسة، ورد الزميل بهذا "الأكلشيه"، علق عليه: هذا باعتباري زبونا!
فالإعلام في العالم المتقدم طور هذه القاعدة، كأن يكون اسم المصدر لدى اثنين من قيادات الوسيلة الإعلامية لأن الأمر يخص مصداقيتها، وقد تلزم النظم القانونية بالإفصاح عن اسم المصدر الذي ضلل الصحيفة أو الصحفي بمعلومة غير صحيحة، أو بوثائق مزورة!
بيد أن الأمور لدينا تسير في اتجاه مختلف صارت فيه السطوة لمنصات التواصل الاجتماعي، وبدلا من أن يقوم الصحفيون بضبط الإيقاع، صاروا جزءا من حالة الفوضى، فالخبر يُنقل للمواقع الصحفية من منصات التواصل، والمواقع تنقل عن بعضها، دون إعلان ذلك، فإذا أردت التأكد من صحة خبر ما، فوجئت بأن دم القتيل ضاع بين القبائل!
مدبولي.. الخيار البائس:
العلاقات المصرية السعودية ليست على ما يرام، وكثيرا ما مرت بحالة الفتور هذه، فيحدث التقارب ثم يعود الفتور مرة أخرى، وهذا ما يعطي مصداقية لأي كلام يقال من أن الرياض سوف تزاحم القاهرة داخل الجامعة العربية، كما يعطي إشارة بأنها قد تكون تسريبات مقصودة، لكن يظل خبر دراسة ترشيح مصطفى مدبولي يوحي بأنه صحيح، وإن لم نعرف مصدره، فلا يمكن أن يكون ترشيحه لإغاظة أحد، لأن أي منافس حقيقي على منصب الأمين العام لجامعة الدولة العربية سيسعده هذا الخيار البائس!
في مقال سابق نشرت أن تفكيرا في الدوائر المصرية لاستبدال مدبولي بالفريق كامل الوزير، لكن لم أسمع بفكرة ترشيح رئيس الحكومة الحالي لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، وإن لم أستبعده، لكني أراه خيارا كان جائزا قبل عشر سنوات، عندما كانت السلطة الحالية تعيش انتصاراتها وتجد دعما من الإقليم، ومن لم يقتنع به مرشحا وجد من يدير معه حوارا للقبول بهذا الخيار شديد البؤس، لرجل ارتبط اسمه بمرحلة انهيار أداء الخارجية المصرية، فتصرف كما لو كان عضوا في لجنة السياسات بالحزب الوطني تحت رئاسة أحمد عز!
بيد أن كل وقت وله أذان، وفي عهد مبارك عندما وجد تمردا من الأشقاء على احتكار دولة المقر للمنصب، رغم أن هناك شخصيات معتبرة من خارجها مثل الجزائري الأخضر الإبراهيمي والأردني الأمير الحسن، فإن أمينا نصح مبارك بأن يقطع الطريق باختيار عمرو موسى، صاحب الكاريزما، لهذا الموقع!
ولم يكن عمرو موسى الاختيار المناسب لمبارك، وهو الذي قرر عزله من منصب وزير الخارجية، بعد أغنية شعبان عبد الرحيم "أحب عمرو موسى.. وأكره إسرائيل"، وربما هناك من وشى لمبارك عن تزايد شعبية الوزير في الأوساط عامة، بما يجعله بديلا مريحا له في المستقبل، لكن مبارك عندما أدرك أن مصر قد تخسر موقع الأمين العام للجامعة، تجرع السم بهذا الاختيار!
قصة السفير نبيل العربي:
الأمر نفسه تكرر بعد الثورة، ففي فترة حكم المجلس العسكري، يبدو أن وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي لم يكن يقدر الموقف التقدير الصحيح، فوقع اختياره على مصطفى الفقي ليحل محل عمرو موسى الذي قرر الاستقالة والترشح لمنصب رئيس الجمهورية!
وبدا عجبا أن يختار المشير شخصا كمصطفى الفقي بعد الثورة، وهو محسوب على دولة مبارك، ليرشحه لهذا الموقع، وبدا كما لو كان يعاند الأوضاع التي استجدت، فهناك ثورة كان من تجلياتها أن يصبح هو من يحل ويعقد، ولا يجوز له أن يفكر بعقلية الوزير الذي ينتمي للعهد البائد، فإن فعل ورشح الفقي، فإن العالم العربي ليس عساكر مراسلة في كتيبته، وأعلنت قطر المنافسة بمرشح لها، له ثقله، وكانت قادرة على حشد التأييد له، لولا أن المشير تراجع عن هذا الخيار، فمن لا يرى من الغربال أعمى، ورشح شخصية ثقيلة بحجم السفير نبيل العربي!
وكان العربي من أصحاب الوزن الثقيل في السلك الدبلوماسي، ولهذا كان المجلس العسكري يرشحه لمنصب رئيس الجمهورية في البداية، وكان ينافسه على ذلك الوزير السابق منصور حسن، وهذه المرحلة سقطت من ذاكرة الثورة المصرية!
ففي بداية توليه السلطة، كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يرى نفسها مخولا باختيار رئيس يحوز على الإجماع بين القوى السياسية، لكنه كان يفعل في هذه الفترة بدون تنسيق، فيدفع باسم نبيل العربي فيلقى تأييدا من الإخوان والوفد (أقوى حزبين حينذاك)، ثم يدفع باسم منصور حسن فيجد تأييدا من الإخوان والوفد، الأمر الذي استنكرتُه، ورأيت أن المجلس العسكري ليس مخولا باختيار خليفة مبارك، ولا يجوز للقوى السياسية أن تتعامل مع كل خيار عن بعد على قاعدة هذا ربي هذا أكبر، ولا بد من أن يكون هذا بتوافق واتفاقات وليس فرضا من أعلى، وأن على المجلس العسكري أن يغادر غير مستأنس لحديث، وكنت في هذا أعبر عن الطهر الثوري، ولم يكن مثل هذا الموقف المتشدد يليق بنصف ثورة صنعناها!
والذي حدث بعد ذلك أن رؤية المجلس العسكري تطورت، ومد في الفترة الانتقالية مدا، وبدا المشير كما لو كان يريد الاستمرار، لكن المظاهرات التي لم تتوقف وحدث فيها هرج ومرج، دفعته لتحديد موعد الانتخابات والهروب غير المنظم، فلم يكن له مرشح، وكان كل ما يشغله ألا يكون اللواء عمر سليمان هو رئيس الجمهورية، وعندما وجد المنافسة وقد انحصرت بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، لم يكن متحمسا لنجاح الأخير، لأنه لم يكن سيقبل ما يخطط له المشير من الشراكة في الحكم، فترك الأمور تجري في أعنتها!
أعتذر لهذه الاستطراد لأنني اكتشفت أن كثيرين لا يتذكرون المرحلة الأولى من الثورة عندما كان الدكتور نبيل العربي أحد خيارات المجلس العسكري للرئاسة، وهو مع هذا الثقل تم ترشحيه لموقع الأمين العام لجامعة الدول العربية؛ لأن خروج المنصب لدولة أخرى غير دولة المقر إجراء كاشف عن تراجع دور مصر في المنطقة، لذا فكان الحرص على الدفع بشخصيات من الوزن الثقيل، مهما كان الموقف منها (كما في حالة عمرو موسى)، وهذا هو بيت القصيد!
مدبولي.. هو الانتحار:
فليس من الذكاء في شيء ومصر في وضع لا يخفى على أحد، وفي تراجع للدولة والمكانة، أن تقدم على عملية انتحار باختبار الدكتور مصطفى مدبولي لهذا الموقع، الأمر الذي كان يمكن أن يحدث قبل عشر سنوات، عندما كانت دول في الإقليم ترى أن دورها يدعم تجربة الحكم الجديدة، ولن يكون هذا بسحب امتياز منها، فكان القبول بمرشحها أحمد أبو الغيط، وهو من أصحاب القامات المنخفضة!
وبعيدا عن صحة خبر أن السعودية تفكر في المنافسة على الموقع، فإن ترشيح مصطفى مدبولي في ظل هذه الأجواء التي لا تخف على أحد سيكون عملية استفزاز ليس لها ما يبررها، قد يدفع دولا أخرى للمنافسة، وفي هذه الأجواء قد تضمن هذه الدول نجاح مرشحها بقليل من المشاورات!
وهناك من يرون أن الجامعة لا تقدم ولا تؤخر، وهذا صحيح، فهي تعبير عن العجز العربي، وهناك من لا يرون بأسا لذلك من إغلاقها بالضبة والمفتاح، وهذا هو العبث بعينه، والذي يدفع له في كثير من الأحيان تشويش في العقول لفكرة المعارضة للنظام القائم، نتج عنه تصور أن الأزمة مع مصر، وليس الخلاف مع النظام القائم أنه يعمل على تراجع مكانة مصر، وهو ما ينبغي أن يغضبنا!
لقد انبعث أشقاها ليؤكد على اتجاه آخر، من العبث تصوير صاحبه مدفوعا لذلك بالتمويل الخارجي، عندما يدعو الناشط المسيحي عماد جاد إلى انتقال الجامعة العربية إلى السعودية فمنها ومن اليمن جاء العرب. والخطوة القادمة ستكون الدعوة بعودة العرب من حيث جاؤوا، عودة إلى موشح أن مصر بلد المسيحيين أصلا، وهم ذاتهم الأشخاص الذين يقولون مرة بقبطيتها (بمعناها الديني)، وفرعونيتها (بالاحتكام للسلالة)، فالمهم ألا تكون مصر "العربية"، أو أن دينها الإسلام!
إن أول الرقص حنجلة!
x.com/selimazouz1