واشنطن: طرفا النزاع في السودان ارتكبا فظائع في دارفور
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
قالت الخارجية الأمريكية إن "طرفي النزاع الدائر في السودان ارتكبا فظائع في إقليم دارفور ومناطق أخرى في البلاد"، وأن القتال "تسبب في معاناة إنسانية خطرة هناك".
إقرأ المزيدوقالت وزارة الخارجية إن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مسؤولتان إما عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، أو كليهما، في دارفور، حيث تحول القتال الذي بدأ في العاصمة في وقت سابق من هذا العام إلى أعمال عنف عرقية خلال الأسابيع الأخيرة.
وأفاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن في بيان، بأنه: "بناء على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والحقائق المتاحة، قررت أن أفرادا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب في السودان. وقررت أيضا أن أفراد قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا".
ولا تتضمن النتيجة فرض عقوبات على قادة أو أعضاء أي من الجانبين، ولكنها تخلق سلطة للولايات المتحدة لفرضها.
وقال بلينكن: "يوفر هذا القرار القوة والإلحاح المتجدد للجهود الإفريقية والدولية لإنهاء العنف ومعالجة الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان، والعمل على تحقيق عدالة مجدية للضحايا والمجتمعات المتضررة، مما ينهي عقودا من الإفلات من العقاب.. القرار الذي تم التوصل إليه اليوم لا يمنع إمكانية اتخاذ قرارات مستقبلية مع توفر معلومات إضافية حول أفعال الطرفين".
وفرضت إدارة بايدن بالفعل عقوبات على مسؤولي قوات الدعم السريع والجيش السوداني بسبب أفعالهم في أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
ويوم الاثنين، فرضت الإدارة عقوبات على 3 سودانيين متهمين بتقويض "الأمن والسلم والاستقرار." تجمد تلك العقوبات كل الممتلكات والأصول التي يملكها طه عثمان أحمد الحسين وصلاح عبد الله محمد صلاح ومحمد عطا المولى عباس في نطاقات اختصاص الولايات المتحدة.
إقرأ المزيدوتولى الرجال الثلاثة مناصب حكومية مهمة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي حكم السودان لثلاثين عاما. وأجبروا على الخروج من مناصبهم بعد الإطاحة بالبشير في انتفاضة شعبية عام 2019.
وكانت العقوبات الأحدث في سلسلة عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على قادة وشركات سودانية خلال الشهور الأخيرة.
وفي سبتمبر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق زعيم قوات الدعم السريع، بزعم ارتكاب القوات شبه العسكرية أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي يونيو، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 4 شركات مهمة، إما على صلة بالجيش وقوات الدعم السريع أو مملوكة لهما. فضلا عن ذلك، فرضت قيودا على تأشيرات مسؤولين من الطرفين السودانيين، بالإضافة لقادة آخرين على صلة بالبشير، لكنها لم تحدد المستهدفين.
المصدر: أ ب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: جو بايدن دارفور قوات الدعم السریع الولایات المتحدة عقوبات على فی السودان
إقرأ أيضاً:
متى تتراجع الولايات المتحدة؟
لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.
من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.
في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر
منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.
صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.
الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.
ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.
هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.
وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض
1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.
2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.
3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.
أفغانستان والعراق
في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.
وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.
ما الذي نتوقعه؟
من المقاومة:
- الثبات والتطوير.
- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.
- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.
- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.
- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.
من الشعوب:
- كسر الوهم الأمريكي.
- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.
- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".
- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.
ومن الحكومات:
- عدم الثقة بالقاتل.
- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.
- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.
- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.
الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.