غزة – لم يكن القطاع المصرفي استثناء من قطاعات الاقتصاد التي تعاني جراء القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من شهرين على قطاع غزة، بعد عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ألقت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية الضوء على عملية معقدة تمت خلال الهدنة بتنسيق مع الأمم المتحدة، وبموافقة الاحتلال عبر قافلة من المركبات لاستعادة أوراق نقدية بقيمة 180 مليون شيكل (48.

69 مليون دولار).

كانت الأموال، التي تزن ما يقرب من الطن في فرعين من فروع بنك فلسطين في بعض المناطق الأكثر دمارا في قطاع غزة المحاصر، حيث يوجد مبنى واحد سلِم من الانهيار.

جاءت العملية بعد أن رأى مسؤولو بنك فلسطين في الهدنة فرصة لاستعادة الأوراق النقدية فئة 200 شيكل العالقة في الشمال، للمساعدة في تجنب انهيار اقتصاد القطاع مع القلق من النقص المتزايد في السيولة النقدية في الجنوب، بعد أن نزح غالبية السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

تطلبت عملية الإنقاذ، التي أطلق عليها اسم “كونوبس غزة”، وفق الصحيفة البريطانية تخطيطا مفصلا شاركت فيه الأمم المتحدة، ورجال أمن فلسطينيين وبمواقفة الاحتلال.

كانت الأوراق النقدية البالغ عددها 900 ألف ورقة تقريبا كافية لملء حاوية شحن صغيرة، وقال شخص مشارك في العملية، إن القافلة لم تكن عادية لكنها كانت ضرورية.

وصارت الأوراق النقدية متاحة للتداول في جنوب غزة، حيث تُبذل جهود شاقة كل يوم للحفاظ على تدفق النقد في مواجهة القصف الإسرائيلي المكثف.

فلسطينيون يصطفون للحصول على الطعام في رفح بغزة الأسبوع الماضي (أسوشيتد)

ومع القصف المستمر على القطاع منذ أكثر من شهرين، قاد موظفو السيارات الخاصة إلى الفروع المغلقة، وغذّوا أجهزة الصراف الآلي بالنقد، وإن لم يخل الأمر من انقطاعات متكررة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في بنك فلسطين قوله، إنه فعل ذلك من خلال أجهزة الصراف الآلي والفروع الموجودة في مناطق آمنة نسبيا، وإن 6 أجهزة صرف نقدي تابعة للبنك فقط كانت تعمل في جنوب ووسط غزة.

ولجأ الموظفون في بعض الأحيان إلى نقل الأموال النقدية سرا بين الفروع ونقاط الصرف، حسبما قال شخص مطلع على العمليات، إذ لم تعُد المركبات الأمنية الأساسية التي تستخدمها البنوك عادة لنقل الأوراق النقدية خيارا في جنوب القطاع.

تمثل الإجراءات التي اتخذتها البنوك الفلسطينية محاولة لتخفيف وطأة الأزمة الشديدة في اقتصاد غزة الذي يعتمد على النقد، إذ يواجه السكان المحاصرون ارتفاع الأسعار، ونقصا حادا في المواد الغذائية، والتهديد المستمر بالقصف.

سلطة النقد أصدرت تعليمات لتقديم القروض للعاملين الذين تأخرت رواتبهم أو خُفّضت  (الجزيرة)

مع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش من أن النظام العام في غزة قد “ينهار تماما” قريبا، فإن الحفاظ على تشغيل أجهزة الصرف الآلي سيصبح أكثر صعوبة.

وحتى قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع، كان 81% من سكانه فقراء، ويعتمدون على المساعدات الدولية، وفق أرقام الأمم المتحدة.

أما من يحصلون على الدعم من خارج غزة، أو الذين تُدفع أموالهم في حسابات مصرفية، مثل موظفي الخدمة المدنية، والأسر التي تتلقى معونات على شكل رواتب، فيعتمدون على شبكات أجهزة الصرف الآلي.

ولم تكن المدفوعات من السلطة الفلسطينية، التي فرضت إسرائيل ضغوطا على تمويلها، منتظمة كذلك، إذ اضطرت إلى خفض مدفوعات الأجور لموظفي القطاع العام، حيث لم تدفع سوى راتب أسبوعين منذ بداية الحرب.

أُعيد فتح بعض فروع البنوك في جنوب غزة خلال الهدنة لتقديم خدمات الطوارئ، وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية، التي تنظم عمل المقرضين، تعليمات لتقديم القروض للعاملين الذين تأخرت رواتبهم أو خُفّضت. كما طلبت من البنوك تقديم أموال الطوارئ للشركات، وإعادة جدولة الديون للمقترضين.

واتخذت البنوك، كذلك، تدابير مثل: تمديد صلاحية البطاقات المصرفية التي كانت على وشك الانتهاء، لكن الوصول إلى النقد، عبر أجهزة الصراف الآلي، يعتمد في نهاية المطاف على الكهرباء والإنترنت التي يفقدها قطاع غزة كليا أو جزئيا.

المصدر : فايننشال تايمز + وكالات

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الأوراق النقدیة فی جنوب

إقرأ أيضاً:

ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟

غزة- أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، أنه بدأ بتوجيهات من المستوى السياسي سلسلة عمليات لتحسين الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بإسقاط المساعدات من الجو وتحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن بغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية.

ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق إسرائيل المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.

وتجيب الأسئلة التالية على تفاصيل التجويع التي يعيشها سكان غزة، وآليات إدخال المساعدات التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكميات المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا.

كيف تعمقت المجاعة في قطاع غزة؟

منذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع معابر قطاع غزة منقلبا بذلك على اتفاق التهدئة الموقع في 18 يناير/كانون الثاني، والذي نص على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا إلى قطاع غزة.

ومنذ ذلك الحين، اعتمد سكان القطاع على المواد الغذائية التي كانت لديهم، والتي بدأت تنفد تدريجيا من الأسواق، حتى انتشر التجويع بين السكان وظهرت عليهم علامات وأمراض سوء التغذية سيما مع نقص المواد الأساسية من مشتقات الحليب واللحوم والدواجن والخضراوات، كما طال المنع الأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية.

وأدى التجويع إلى وفاة 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا، حسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، بعدما منع الاحتلال منذ ذلك الوقت -وحتى الآن- إدخال أكثر من 80 ألف شاحنة مساعدات ووقود.

كيف عادت المساعدات إلى غزة؟

في 27 مايو/أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتماد آلية جديدة لتوزيع المساعدات تعتمد على "مؤسسة غزة الإنسانية" الممولة أميركيا ويديرها ضباط خدموا في الجيش الأميركي، وافتتحت نقطة توزيع في المناطق الغربية لـرفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ومن ثم أقيمت نقطة أخرى في ذات المدينة، وبعدها نقطة ثالثة في محور نتساريم وسط قطاع غزة الخاضع لسيطرة جيش الاحتلال أيضا.

إعلان

وأبقت المساعدات الأميركية سكان غزة في دوامة المجاعة، ولم تحدث تغييرا على واقعهم المعيشي الصعب لعدة أسباب:

تقام نقاط التوزيع في مناطق خطيرة "مصنفة حمراء" ويسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لا يوجد آلية معتمدة بتوزيع المساعدات، ويغيب أي قاعدة بيانات للقائمين عليها، وتترك المجال للجوعى للتدافع والحصول على ما يمكنهم، دون عدالة في التوزيع. يضع القائمون على هذه المراكز كميات محدودة جدا من المساعدات لا تكفي لمئات الأسر الفلسطينية، وتبقي معظم سكان القطاع بدون طعام. ساهمت مراكز التوزيع الأميركية بنشر الفوضى وتشكيل عصابات للسطو عليها ومنع وصول المواطنين إليها.  يتعمد الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الذين اضطروا بسبب الجوع للوصول إلى هذه المراكز، مما أدى لاستشهاد أكثر من 1100 فلسطيني من منتظري المساعدات، وأصيب 7207 آخرون، وفقد 45 شخصا منذ إنشائها، حسب وزارة الصحة بغزة. أغلقت المؤسسة الأميركية نقطتي توزيع خلال الأيام الماضية، وأبقت على واحدة فقط غربي رفح، مما فاقم أزمة الجوع.

وفي 28 مايو/أيار الماضي، أعلن جيش الاحتلال أنه سيسمح بإدخال المساعدات إلى غزة عبر المعابر البرية التي يسيطر عليها، وذلك عقب الاتفاق بين أميركا وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القاضي بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر مقابل السماح بتدفق المساعدات للقطاع.

ومنذ ذلك الحين، لم يلتزم جيش الاحتلال بالاتفاق، وسمح بمرور غير منتظم وبعدد شاحنات محدود جدا عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شمال غرب القطاع، ومحور نتساريم وسط غزة، لكن الاحتلال:

يرفض وصول المساعدات إلى المخازن، ويمنع توزيعها عبر المؤسسات الدولية. يستهدف عناصر تأمين المساعدات بشكل مباشر، مما أدى لاستشهاد 777 شخصا، واستهداف 121 قافلة مساعدات منذ بداية الحرب. يريد البقاء على حالة الفوضى واعتماد المواطنين على أنفسهم في التدافع للحصول على القليل من الطعام، وفي معظم الأحيان يفشلون في ذلك. يستدرج المواطنين لمصايد الموت، ويطلق النار عليهم. جيش الاحتلال اعتمد خطة إسقاط المساعدات على أهل غزة (الفرنسية) ما الجديد الذي طرأ على إدخال المساعدات؟

بعد ارتفاع الأصوات المنادية بضرورة وقف تجويع سكان قطاع غزة والضغط الذي مارسته المؤسسات الدولية، والتحرك الشعبي سواء العربي أو الأوروبي الرافض لمنع دخول المواد الغذائية، أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، السماح بإدخال المساعدات بما فيها تلك العالقة على الجهة المصرية من معبر رفح والسماح بمرورها عبر معبر كرم أبو سالم.

ورغم أن الاحتلال حاول إظهار أنه سمح لتدفق المساعدات بكميات كبيرة، إلا أن قراره جاء لامتصاص الغضب المتصاعد، وذلك ما تؤكده الكميات المحدودة جدا التي سمح بإدخالها إلى قطاع غزة، أمس، واقتصرت على 73 شاحنة فقط دخلت من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شماله، و3 عمليات إنزال جوي فقط بما يعادل أقل من حمولة شاحنتين.

من يستفيد من المساعدات الواردة لغزة؟

مع رفض الاحتلال الإسرائيلي عمليات تأمين وصول المساعدات إلى مخازن المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، وتعمده إظهار مشاهد الفوضى بين الفلسطينيين، يتجمع مئات الآلاف من المواطنين يوميا أمام المنافذ البرية التي تدخل منها المساعدات، وكذلك مراكز التوزيع الأميركية رغم خطورة ذلك على حياتهم، ويتدافعون بقوة على أمل الحصول على أي من المساعدات الواردة، ويضطرون لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام في سبيل ذلك.

إعلان

وأفرزت هذه الحالة التي يعززها الاحتلال الإسرائيلي ظهور عصابات للسطو على المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة.

الجيش الإسرائيلي سيسمح بإدخال المساعدات العالقة بالجانب المصري (الفرنسية) ما كمية ونوعية المساعدات التي يحتاجها قطاع غزة لتجاوز المجاعة؟

تُقدر الجهات المختصة حاجة قطاع غزة من المساعدات بـ600 شاحنة يوميا، و500 ألف كيس طحين أسبوعيا، و250 ألف علبة حليب شهريا للأطفال لإنقاذ حياة 100 ألف رضيع دون العامين، بينهم 40 ألفا تقل أعمارهم عن عام واحد، مع ضرورة السماح بتأمينها ووصولها للمؤسسات الدولية بهدف توزيعها بعدالة على سكان القطاع، والسماح بإدخال البضائع للقطاع الخاص التي توفر جميع المواد والسلع التي يحتاجها الفلسطينيون يوميا.

مقالات مشابهة

  • «المركزي»: عودة الخدمة للنظام الوطني لشبكة الصراف الآلي ونقاط البيع (NAPS)
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
  • مجلس الوزراء: تقرير فيتش يعزز الثقة في سلامة القطاع المصرفي
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • غزة - الكشف عن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع اليوم
  • مرصد الأزهر: صحيفة هآرتس تفضح بالأرقام تجويع الاحتلال لغزة وتحمل نتنياهو المسؤولية المباشرة
  • الجزائر: الدفاع المدنى يكافح للسيطرة على حرائق غابات بشرق البلاد
  • مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة آخرين في هجوم معقد للمقاومة الفلسطينية