مصر تستعد لتوسيع قرضها من صندوق النقد إلى نحو 6 مليارات دولار
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
تقترب مصر من اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتوسيع برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته الحالية 3 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر لم تفصح عن هويتها بناء على طلبها.
ولم تستبعد المصادر أن يزيد ما ستقترضه مصر على 6 مليارات دولار، في حين قد يقدم شركاء آخرون متعددو الأطراف تمويلا جديدا.
وبحسب بلومبيرغ، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان إبرام الاتفاق سيستغرق أسابيع أو أشهرا، لكنها اعتبرته دفعة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية مؤخرا لولاية ثالثة.
تحت الضغط
وبحسب تقرير، بثته وكالة رويترز اليوم، فإن التدهور المستمر للاقتصاد يضع مصر تحت ضغوط لاتخاذ إجراءات طال انتظارها عقب الانتخابات الرئاسية وفي مقدمتها تخفيض قيمة العملة ورفع الفائدة إلى جانب تسريع مبيعات الأصول الحكومية.
ويرى محللون أن الحكومة أرجأت الخطوات المؤلمة إلى ما بعد فوز السيسي بانتخابات الرئاسة لفترة 6 سنوات جديدة. وبحسب الوكالة، فإن التركيز يتحول الآن إلى كيفية التعامل مع العملة المبالغ في تقدير قيمتها والتضخم شبه القياسي والديون الهائلة المحلية والأجنبية على حد سواء.
وقال سايمون وليامز من "إتش إس بي سي" إن ثمة كثيرا من الخيارات الكبيرة التي يتعين على الحكومة الإقدام عليها، لكن عملة موثوقا بها هي المفتاح لتحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي، حسبما نقلت عنه رويترز.
كان الدولار يبلغ 29 جنيها في السوق الموازية قبل سنة، ويُباع الآن بأكثر من 50 جنيها، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 30.85 جنيها.
وتتوقع أسعار صرف العملات الأجنبية الآجلة، التي تتنبأ بمكانة الجنيه في أواخر يناير/كانون الثاني، أن يسجل 35 جنيها للدولار، بينما تلك التي تنظر إلى العام المقبل فتضعه عند ما يقرب من 50 جنيها.
ودفع عدم اليقين بشأن أسعار الصرف المصريين في الخارج إلى الإحجام عن تحويل أموالهم إلى الوطن، مما عصف بأحد المصدر الرئيسية للنقد الأجنبي، وانخفضت التحويلات بنحو 10 مليارات دولار إلى 22 مليار دولار خلال 12 شهرا حتى نهاية يونيو/حزيران 2023.
ونفذت السلطات 3 تخفيضات حادة لقيمة العملة منذ أوائل عام 2022، لكنها عادت في كل مرة إلى تثبيت السعر على الرغم من التعهدات المقدمة لصندوق النقد الدولي بالتحول إلى نظام مرن بشكل دائم.
تعثرت حزمة مالية بقيمة 3 مليارات دولار تم التوصل إليها مع صندوق النقد قبل عام بسبب عدم سماح مصر بتعويم عملتها أو إحرازها تقدما في ملف بيع أصول الدولة، وأرجأ الصندوق صرف نحو 700 مليون دولار مستحقة في 2023.
غير أن الصندوق قال -هذا الشهر- إنه يجري محادثات لتوسيع الحزمة بسبب المخاطر الاقتصادية الناجمة عن حرب إسرائيل على غزة، ويبدو أنه حوّل تركيزه من سعر الصرف إلى استهداف التضخم.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا في وقت سابق هذا الشهر: "ينصب تركيزنا على جعل الاقتصاد يعمل بأفضل شكل ممكن. وبهذا المعنى، نعم، نعطي الأولوية لمكافحة التضخم ومن ثم بالطبع سننظر إلى سعر الصرف في هذا السياق".
وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد ، جولي كوزاك في وقت لاحق إن برنامج مصر يتضمن الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية والمالية، إلى جانب نظام مرن لسعر الصرف، "للانتقال تدريجيا إلى نظام استهداف التضخم".
وتواجه تدفقات الدولار تهديدات جديدة بعد تأثير العدوان على قطاع غزة على السياحة والهجمات على السفن في البحر الأحمر والتي تمنع بعضها من الإبحار عبر قناة السويس، وحققت مصر، بحسب بيانات بنكها المركزي، إيرادات بلغت 13.6 مليار دولار من السياحة و8.8 مليارات دولار من رسوم قناة السويس في العام المالي 2022 – 2023.
وتحتاج مصر إلى الدولار لسداد ديونها الخارجية العامة المتوسطة والطويلة الأجل، التي قفزت بمقدار 8.4 مليارات دولار في الأشهر الستة حتى أول يوليو/تموز إلى 189.7 مليار دولار، ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون الخارجية في عام 2024.
قدّر صندوق النقد في يناير/كانون الثاني الماضي العجز التمويلي لمصر على مدى 46 شهرا بنحو 17 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ملیارات دولار صندوق النقد ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
فساد الكهرباء في عدن.. مليارات مهدورة وثورة شعبية تلوح في الأفق
يمانيون | تقرير
في ظل صيفٍ لاهبٍ وحرارة لا تُطاق، تغرق مدينة عدن في ظلام دامس، ومع كل ساعة انطفاء، يتراكم الغضب الشعبي ويقترب المشهد من لحظة الانفجار.. أزمة الكهرباء في عدن لم تعد أزمة خدمية عابرة، بل أصبحت تجلّياً صارخاً لحالة الانهيار والفساد الذي ترعاه دول العدوان السعودي الإماراتي، وتغطي عليه حكومة الفنادق، وسط معاناةٍ تنذر بانتفاضة قادمة ضد أدوات الاحتلال ومشاريعه التدميرية.
فساد ممنهج وغياب للرقابة
تفاصيل الفساد في قطاع الكهرباء بعدن تكشف عن شبكة معقدة من الصفقات المشبوهة، والنهب المنظّم الذي يتم تحت أعين، بل بمباركة، من التحالف السعودي الإماراتي.. تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الموالي لحكومة الفنادق أظهرت بوضوح كيف تم التعاقد مع شركة أجنبية تدعى “برايزم إنتر برايس” لتوفير طاقة على متن سفينة عائمة بقدرة 100 ميجاوات مقابل 128 مليون دولار، بعقد مدته ثلاث سنوات.
ما يثير الدهشة في هذا العقد أنه تم تمريره دون مناقصة عامة، وبشروط مجحفة تهدر المال العام، أبرزها دفع 12.8 مليون دولار مقدماً دون ضمانات بنكية، ما يفتح الباب واسعاً أمام التلاعب والتنصل من الالتزامات، في وقت لا يجد فيه المواطنون في عدن قوت يومهم ولا كهرباء تقيهم حر الصيف.
سباق على النهب
ليست هذه الصفقة سوى رأس جبل الجليد. فقد كشفت مصادر إعلامية في وقت سابق أن حكومة ما يسمى بـ”الشرعية” المقيمة في الرياض تورطت في مناقصتين مشبوهتين لتوريد الوقود لمحطات الكهرباء، بتكلفة تجاوزت 15 مليون دولار، ضاعت في دهاليز الفساد، وتحديداً عبر شخصيات مقربة من رئيس الحكومة السابق معين عبدالملك، أبرزهم المدعو أنيس باحارثة، مدير مكتب رئيس الوزراء الحالي، الذي أصبح اسمه مرادفًا للسمسرة والابتزاز.
كما تكررت حالات التعاقد غير القانوني لتوريد مشتقات نفطية بمبالغ وصلت إلى 285 مليون دولار خلال العام 2022، وسط تجاهل تام لقوانين المناقصات، الأمر الذي يعكس مستوى الفوضى والعبث المسيطر على القطاعات الحيوية في المناطق المحتلة.
عقود وهمية ومشاريع دون جدوى
الفساد لم يقف عند عقود الطاقة، بل امتد إلى مشاريع تحديث مصافي نفطية بقيمة 180.5 مليون دولار مع شركة صينية، رغم عدم الحاجة الفعلية لها، إلى جانب تشغيل سفن مثل “أميرة عدن” و”لؤلؤة كريتر” دون أي إنتاج حقيقي، مع دفع أجور باهظة مقابل خدمات معدومة، ما يكشف عن هدر مالي ممنهج.
كل هذه الوقائع، إلى جانب عقد شراء الطاقة من “برايزم إنتر برايس” بشروط تضمن الربح الكامل للشركة على حساب الشعب، رسمت صورة متكاملة للفساد العميق الذي ينخر قطاع الكهرباء في عدن، ويكشف في الوقت ذاته الدور التخريبي لدول العدوان السعودي والإماراتي، التي تصر على إبقاء الجنوب في دوامة الفوضى والحرمان.
عدن تختنق.. والغضب يتصاعد
أمام هذا المشهد الكارثي، لم يجد أبناء عدن سوى الشارع للتعبير عن سخطهم. التظاهرات التي اجتاحت المدينة في الأسابيع الأخيرة جاءت كرد فعل طبيعي على تراكم الأزمات، وعلى رأسها الانقطاع المتواصل للكهرباء في ذروة الصيف، وسط تجاهل تام لمعاناة الناس وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية.
محاولات قمع المتظاهرين لم تفلح في إسكاتهم، بل زادت من حجم الغليان، ورفعت من سقف المطالب التي تجاوزت حدود تحسين الخدمات لتصل إلى رفض الاحتلال وأدواته، والدعوة إلى إسقاط منظومة الفساد التي استباحت الجنوب وموارده.
ثورة تلوح في الأفق
بات من الواضح أن ما يجري في عدن ليس مجرد أزمة خدمية، بل مقدمات لثورة شعبية عارمة، خاصة وأن الشارع بات يدرك أن معاناته ليست قدراً، بل نتاج مباشر لسياسات الاحتلال ونهب التحالف السعودي الإماراتي للثروات، وتغطيته لحكومة لا تمتلك قراراً وطنياً، ولا ترى في المواطن سوى أداة للتربح والنهب.
عدن اليوم تقف على حافة التحول، ومن رحم المعاناة يولد الوعي، ومن بين ركام الانطفاءات تولد شرارة الرفض، وما لم يتم التوقف الفوري عن هذا النهب المنظم، فإن ثورة الجياع والمقهورين قادمة لا محالة، ولن تميز بين فاسد وآخر، بل ستجتث كل منظومة الاحتلال والفساد التي أوصلت الجنوب إلى هذا المصير المظلم.