مختبر أمريكي يبشر بـ "عصر جديد" من الاندماج النووي لدرء خطر الكويكبات المهددة للأرض
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
طور العلماء أداة جديدة لمحاكاة استخدام جهاز نووي لتغيير مسار الكويكبات الكارثية ومنعها من الاصطدام بالأرض.
وتوفر الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة Planetary Science Journal طريقة مبتكرة لنمذجة انتشار الطاقة من جهاز نووي على سطح الكويكب.
New nuclear deflection simulations advance planetary defense against asteroid threats @Livermore_Labhttps://t.
وتمكن العلماء في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا (LLNL)، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، من إنتاج تفاعل اندماج نووي أطلق طاقة أكثر مما استهلك، في عملية تسمى "اشتعال".
ويأمل العلماء في استخدام النموذج للبناء على الأفكار المكتسبة من مهمة اختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوجة (DART) التي أجرتها وكالة ناسا في سبتمبر 2022، والتي تعمدت فيها الوكالة تحطيم مركبة فضائية على كويكب لتغيير مساره.
Lawrence Livermore National Laboratory: New Nuclear Deflection Simulations Advance Planetary Defense Against Asteroid Threats https://t.co/qb8AWR3dJ9
— AAS Press Office (@AAS_Press) December 20, 2023ومع ذلك، مع محدودية الكتلة التي يمكن رفعها إلى الفضاء، يواصل العلماء استكشاف الانحراف النووي كبديل عملي لمهمات التأثير الحركي.
وقالت ميغان بروك سيال، عالمة الفيزياء في مختبر لورانس ليفرمور الوطني (LLNL): "على الرغم من أن احتمال حدوث تأثير كبير لكويكب خلال حياتنا منخفض، إلا أن العواقب المحتملة قد تكون مدمرة".
إقرأ المزيدوبما أن الأجهزة النووية لديها أعلى نسبة من كثافة الطاقة لكل وحدة من كتلتها، يقول العلماء، بما في ذلك فريق من مختبر لورانس ليفرمور الوطني في الولايات المتحدة، إن هذه التكنولوجيا لا تقدر بثمن في التخفيف من تهديدات الكويكبات.
وكتب الفريق في الورقة البحثية: "في حالة ظهور حالة طوارئ حقيقية للدفاع الكوكبي، فإن القرارات المتعلقة بإطلاق مهام الاستطلاع و/أو التعديل يجب أن تكون مستنيرة بأحدث قدرات النمذجة والمحاكاة".
وأشاروا إلى أن مثل هذه المحاكاة تحتاج أيضا إلى التشغيل بسرعات عالية جدا لإعداد إجراءات مضادة بسرعة.
وتوضح الفيزيائية ماري بوركي من مختبر لورانس ليفرمور الوطني: "إذا كان لدينا وقت تحذير كاف، فمن المحتمل أن نطلق جهازا نوويا، ونرسله على بعد ملايين الأميال إلى كويكب يتجه نحو الأرض. وسنقوم بعد ذلك بتفجير الجهاز، وإما أن يؤدي إلى تحييد الكويكب ونبقيه سليما ولكن مع توفير دفعة متحكم بها بعيدا عن الأرض، أو يمكننا تحطيم الكويكب، وتقسيمه إلى شظايا صغيرة سريعة الحركة من شأنها ألا تضرب الكوكب أيضا".
ويقول العلماء إن التنبؤ بفعالية إبعاد الكويكبات عن طريق التفجيرات النووية يتطلب عمليات محاكاة متطورة تتضمن عدة نظريات في الفيزياء.
وأضاف الفريق: "إن الفيزياء ذات الصلة في عمليات المحاكاة هذه تمتد إلى عدة مستويات من حيث الحجم، وتتطلب مجموعة متنوعة من حزم الفيزياء المعقدة المختلفة، كما أنها مكلفة حسابيا".
ويشير العلماء إلى أن النموذج الجديد الذي طوره مختبر لورانس ليفرمور الوطني يغطي مجموعة واسعة من العوامل الفيزيائية، ما يجعل المحاكاة معقدة ومتطلبة حسابيا.
وأضافوا أن النموذج يحاكي عدة عوامل، وهو ما يمثل العديد من العمليات المعقدة، مثل إعادة الإشعاع واختراق الضوء في مواد الكويكب.
ويقول العلماء إن مثل هذا النهج الشامل يجعل النموذج قابلا للتطبيق على مجموعة واسعة من سيناريوهات الكويكبات المحتملة في حالة ظهور حالة طوارئ حقيقية.
المصدر: إندبندنت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الارض الفضاء تجارب معلومات عامة معلومات علمية
إقرأ أيضاً:
من يُنقذ الشركات المتعثرة من الإفلاس؟ مقارنة بين نموذجين عالميين
لماذا تنجو شركات أمريكية كبرى من الإفلاس وتعود أقوى، بينما تنهار مثيلاتها في دول أخرى دون أن تحظى بفرصة إنقاذ؟ وكيف تلعب الحوكمة دورًا فاصلًا بين البقاء والانهيار؟ هذه الأسئلة تفرض نفسها بقوة حين نتأمل تجارب الشركات حول العالم في أوقات الأزمات، خصوصًا عندما يتدخل القانون ليحسم مصير الكيانات المتعثرة.
خلف هذه القرارات توجد فلسفات حوكمة مختلفة تعكسها النماذج المعتمدة في إدارة الشركات. فبين نموذج يُعطي الأولوية للمساهمين، وآخر يُعلي من شأن الدائنين والموظفين، تتباين النتائج والمرونة والمصير المحتمل للشركات.
تُعد حوكمة الشركات من المبادئ الجوهرية التي تعزز النزاهة والشفافية والكفاءة في إدارة المؤسسات، وقد عرّفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حوكمة الشركات بأنها مجموعة العلاقات التي تربط بين إدارة الشركة ومجلس إدارتها والمساهمين وأصحاب المصالح الآخرين.
كما تُعرف أيضًا بأنها السياسات والأنظمة الداخلية التي تنظم العمليات وتحدد الأدوار والمسؤوليات داخل الشركات، وتوفر آليات للمساءلة والرقابة، مما يحمي حقوق جميع الأطراف المعنية، ويحد من تضارب المصالح وإساءة استخدام السلطة.
وقد تزايد الاهتمام بالحوكمة بعد بروز نظرية الوكالة، التي فصلت بين الملكية والإدارة، وسلطت الضوء على التحديات التي قد تنشأ عندما لا تكون أهداف المديرين التنفيذيين متوافقة مع مصالح الملاك.
من هذا المنطلق، بات لمجلس الإدارة دور محوري في الإشراف على الأداء، ومنع تضارب المصالح، وضمان أن تُمارس السلطات بما يتماشى مع مصلحة الشركة والمساهمين.
ولحوكمة الشركات نماذج متعددة على مستوى العالم، من أبرزها: النموذج الأنجلو-أمريكي، النموذج الألماني (الأوروبي)، النموذج الياباني، ونموذج الرقابة الاجتماعية. ويُعد النموذجان الأنجلو-أمريكي والألماني هما الأكثر تأثيرًا وانتشارًا في البيئات التنظيمية والمؤسسية، لذا سيكون التركيز عليهما في هذا المقال.
يعتمد النموذج الأنجلو-أمريكي على هيكل إداري موحد، يكون فيه مجلس الإدارة هو الجهة المسؤولة عن تعيين ومراقبة الإدارة التنفيذية. ويولي هذا النموذج أهمية قصوى لحقوق المساهمين، إذ يملكون الحق في انتخاب جميع أعضاء مجلس الإدارة، ويُعرف أيضًا بالنهج الأنجلو-ساكسوني ويُطبق في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا.
يتميز هذا النموذج بارتفاع مستوى الإفصاح والشفافية، وهو ما يوفّر حماية خاصة لصغار المستثمرين. ومع ذلك، يُؤخذ عليه أن استقلالية مجالس الإدارة قد تكون محدودة، خصوصًا في الشركات العائلية أو الحكومية، ما يُضعف من فعالية الرقابة على الإدارة التنفيذية.
أما النموذج الألماني، المعروف أيضًا بالنموذج الأوروبي، فيعتمد على هيكل إداري ثنائي يتكون من مجلسين منفصلين: مجلس الإدارة التنفيذي الذي يدير العمليات اليومية، ومجلس الإشراف الذي يُمارس الرقابة ويضم ممثلين عن المساهمين والموظفين على حد سواء.
يُعطي هذا النموذج أهمية كبيرة للموظفين، باعتبارهم من أصحاب المصلحة الأساسيين، ويمنحهم الحق في تمثيل أنفسهم في مجلس الإشراف، بنسبة قد تصل إلى نصف الأعضاء.
ويتمتع هذا المجلس بصلاحيات واسعة تشمل تعيين الإدارة التنفيذية ومراقبة أدائها، بل وعزلها عند الضرورة. ويُعد هذا النموذج أكثر تحفظًا، ويُفضل التمويل المصرفي على التمويل عبر الأسهم، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة ملكية الأسهم الفردية، وضعف دور السوق المالي في التأثير على قرارات الشركات مقارنة بالنموذج الأنجلو-أمريكي.
وفي ضوء هذا الاختلاف الجوهري بين النموذجين، تبرز مسألة العلاقة مع الدائنين والمدينين كعامل حاسم في فهم الفلسفة التنظيمية لكل نموذج.
فإذا نظرنا إلى البيئة الأنجلو-أمريكية، نجد أنها أقرب لأن تكون صديقة للمدينين، إذ توفر قوانين مرنة تساعد الشركات على تجاوز أزماتها المالية.
ويُعد الفصل 11 من القانون الأمريكي خير مثال على ذلك، حيث يُتيح للشركات المتعثرة فرصة لإعادة الهيكلة تحت إشراف قضائي دون إعلان الإفلاس الكامل، مما يسمح لها بالاستمرار في النشاط الاقتصادي وإعادة التفاوض مع الدائنين.
هذا النموذج القانوني يُظهر جانبًا من فلسفة النموذج الأنجلو-أمريكي الذي يُراعي مصالح المدينين ويمنحهم فسحة للحركة والنجاة، حتى لو كان ذلك على حساب تأخير حقوق الدائنين.
في المقابل، يتسم النموذج الألماني بكونه أكثر قربًا من مصالح الدائنين، خاصة أن البنوك تلعب دورًا محوريًا فيه، وتُعد من المساهمين الدائمين في كثير من الشركات الألمانية.
ويُمنح ممثلو البنوك والموظفين مقاعد في مجلس الإشراف، مما يضمن حماية مصالح المقرضين، ويُؤكد على نهج الحذر والاستدامة المالية.
ولا يُوفر هذا النموذج أدوات مرنة كتلك الموجودة في النموذج الأمريكي، بل يُعامل التعثر المالي بصرامة أكبر. وعليه، فإن النظام الألماني يُصنّف كصديق للدائنين، في حين يُصنّف النظام الأنجلو-أمريكي كصديق للمدينين، مما يعكس التباين الجذري في فلسفة إدارة الأزمات المالية والرقابة المؤسسية.
ومن خلال هذه المقارنة يتبين أن لكل نموذج نقاط قوة وضعف، ويكمن التحدي الحقيقي في مواءمة عناصر الحوكمة بما يتناسب مع البيئة الاقتصادية والقانونية والثقافية لكل دولة.
فبينما يُفضل النموذج الأنجلو-أمريكي في البيئات التي تشجع على الابتكار والنمو السريع، يُعتبر النموذج الألماني أكثر ملاءمة للبيئات التي تُقدر الاستقرار طويل الأجل والعلاقات المؤسسية المستقرة. ومن المهم ألّا تنساق الدول النامية خلف نماذج الحوكمة العالمية دون تكييفها مع واقعها المحلي، بل عليها أن تنظر بعين الاعتبار إلى ما إذا كانت بحاجة إلى نظام يضمن الحماية للممولين والاستقرار للأسواق، أم نظام يوفر للمؤسسات مرونة قانونية وقدرة على التعافي من الأزمات.
ولعل الحل لا يكمن في الاختيار بين أحد النموذجين، بل في تطوير نموذج هجين يتكئ على مكامن القوة فيهما معًا، ويوائم بين الحوكمة الصارمة والمرونة الواقعية.