صحيفة إسرائيلية تكشف عرضاً أمريكياً جديداً لصرف المرتبات في اليمن ورد حكومة صنعاء
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
الجديد برس:
كشفت صحيفة “دافار” العبرية عن عرض مغرٍ قدمته الولايات المتحدة الأمريكية لصنعاء مقابل وقف هجماتها المستمرة ضد “إسرائيل” وحظر عبور سفنها في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية حاولت استخدام ما أسمته “الدبلوماسية الناعمة”، مع حكومة صنعاء، عبر عرض تحويل رواتب الموظفين الحكوميين، غير أن الأخيرة رفضت ذلك بشكل قاطع، بل وصعدت من هجماتها ضد “إسرائيل”.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته تحت عنوان (لقد أصبح الحوثيون أبطال العالم الإسلامي، ومن الصعب جداً الإضرار بهم): “رأينا أن الأمريكيين جربوا أدوات الدبلوماسية الناعمة، وعرضوا تحويل الأموال لرواتب الموظفين في اليمن إذا أوقف الحوثيون الهجمات. لقد رفض الحوثيون بشكل قاطع ولم يؤدِ ذلك العرض إلا إلى زيادة الهجمات”.
وعن الهجمات التي تشنها قوات صنعاء على أهداف إسرائيلية في البر والبحر، ذكرت الصحيفة أن “هجمات الحوثيين على السفن هي وضع مربح لهم من الجانبين. إنهم يظهرون قوتهم، ويحاولون تحسين قدراتهم، وعلى طول الطريق اكتسبوا قدراً كبيراً من التعاطف داخل اليمن وفي العالم العربي والإسلامي. يسلط الفلسطينيون ضوءاً سلبياً على المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والدول العربية الأخرى، التي في نظر المسلمين في العالم لا تفعل ما يكفي من أجل الفلسطينيين”.
ونقلت الصحيفة العبرية عن الباحثة في منتدى الفكر الإقليمي بـ”إسرائيل” عنبال نسيم لوفتون، قولها: “يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات عليهم من خلال تجميد المساعدات الإنسانية التي تذهب إلى اليمن. وهي خطوة ستجلب العديد من الضحايا، وهم بالضرورة مواطنون غير معنيين، والغرب متردد في القيام بها”.
وأضافت: “يمكن أن يتضرر تهريب الأسلحة من إيران، ويمكن قصف المواقع العسكرية ومخزونات الأسلحة في اليمن نقطة بعد نقطة، وهو ما سيصعب عليهم الأمر، لكنه لن يمنعهم من مواصلة عدوانهم”. وتابعت: “على المدى القصير، لا أرى أي خطوة ستعيد الأمن على الفور إلى الممرات الملاحية، كما لا أرى طريقة لتحصيل ثمن باهظ من الحوثيين”.
من جانب آخر، كان موقع “يمن إيكو” قد حصل على معلومات خاصة بشأن خارطة الطريق في اليمن، والتي من المتوقع الإعلان عنها رسمياً خلال الأيام المقبلة كحصيلة لأشهر من المفاوضات والنقاشات بين صنعاء والرياض برعاية سلطنة عُمان.
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أصدر بياناً السبت الماضي، رحب فيه “بتوصل الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير تتضمن تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة” بحسب البيان.
وقال البيان، الذي جاء بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في الرياض ومسقط، بما في ذلك مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبير مفاوضي أنصار الله محمد عبد السلام، إن “خارطة الطريق التي سترعاها الأمم المتحدة ستشمل، من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة”.
المعلومات التي حصل عليها موقع “يمن إيكو” أظهرت أن المبعوث أغفل في بيانه بعض النقاط الهامة، وقدم معلومات ناقصة عن نقاط أخرى في خارطة الطريق، حيث نصت مسودة الخارطة على وضع جدول زمني واضح لالتزام التحالف بقيادة السعودية بإعادة إعمار ما خلفته الحرب على مدى تسع سنوات، وكذلك جدول زمني لخروج قوات التحالف من اليمن على مراحل محددة ومزمَّنة.
كما تضمنت المعلومات أن خارطة الطريق نصت على صرف مرتبات كافة موظفي الدولة في اليمن عسكريين ومدنيين من عائدات النفط والغاز، مقابل السماح بإعادة التصدير الذي توقف منذ أكتوبر 2022 بقرار من حكومة صنعاء التي هددت باستهداف عمليات التصدير حتى يتم صرف المرتبات.
وفيما تحدث بيان المبعوث الأممي عن تخفيف القيود على مطار صنعاء وموانئ الحديدة إلا أن مسودة خارطة الطريق نصت على رفع كامل القيود المفروضة على كل المطارات والموانئ اليمنية.
المصدر: يمن إيكو
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: خارطة الطریق فی الیمن
إقرأ أيضاً:
خبراء ومحللون عرب: اليمن يعيد رسم خرائط الردع ويقلب موازين المعركة ضد العدو الصهيوني
يمانيون | تحليل
في خضمّ اشتداد المواجهة في المنطقة، تواصل صنعاء توجيه الضربات الاستراتيجية إلى كيان العدوّ الصهيوني، سواء عبر العمليات البحرية التي أربكت الملاحة الدولية في البحر الأحمر وبحر العرب، أو من خلال استهداف البنية التحتية الحيوية داخل الأراضي المحتلة.. وقد بات لهذه العمليات أصداء استراتيجية واسعة، لم تقتصر على الأوساط العسكرية بل امتدت إلى الحقول الاقتصادية والسياسية.
ومع تزايد وتيرة الضربات وتنوع مساراتها، تتسع الدائرة التحليلية في الأوساط الفكرية والإعلامية العربية، التي تسلّط الضوء على الموقع الجديد الذي باتت صنعاء تحتله في خارطة المواجهة الإقليمية، باعتبارها فاعلًا رئيسيًا لا يقل أهمية عن أجنحة المقاومة في لبنان وفلسطين.
وفي هذا السياق، يقدّم عدد من الخبراء والمحللين من لبنان رؤى متقاطعة توضّح أبعاد هذه التحوّلات، ومآلات المعركة التي لم تعد مجرّد تضامن رمزي، بل حربًا استراتيجية بمعايير متعدّدة الجبهات.
الاستهدافات اليمنية تعمّق التآكل البنيوي للكيان وتفتح جبهات مركبة
ضمن هذا المشهد المعقّد، يرى المحلل السياسي اللبناني والخبير في شؤون العدو الصهيوني، علي حيدر، أن العملية الأخيرة التي استهدفت مطار اللد (بن غوريون) بصاروخ “فلسطين2” تمثل تطورًا نوعيًا في أدوات الردع اليمنية، وتُظهر امتلاك صنعاء لزمام المبادرة في صياغة إيقاع الحرب النفسية والاقتصادية ضد العدو.
ويُشدّد حيدر على أن توقيت العملية ودقتها يعبّران عن وعي استراتيجي يستهدف توسيع دائرة الاستنزاف الصهيوني، ونقل المعركة من الأطراف إلى العمق، بما يراكم الخسائر على كل المستويات.
ويضيف: “اليمن لم يعد يوجّه رسائل فقط، بل يصوغ معادلات ويقلب أولويات العدوّ، ويفرض عليه التشتت بين الجبهات”.
وتنعكس خطورة هذه المعادلة، وفق رأيه، في أن الردع اليمني يجبر كيان الاحتلال على إعادة توزيع منظومته الدفاعية والاقتصادية تحت ضغط متواصل، وهو ما يعترف به العدو نفسه من خلال تقارير رسمية تتحدث عن “فقدان السيطرة على الجبهة الجنوبية البحرية”.
الاقتصاد الصهيوني يترنّح تحت نيران الضربات اليمنية
وإذا كانت العمليات اليمنية قد أثبتت فاعليتها الميدانية، فإن أثرها في البنية الاقتصادية الصهيونية لا يقل حدة أو خطورة. وهذا ما يؤكّده الخبير الاقتصادي اللبناني، الدكتور حسن سرور، الذي يرى أن استهداف مطارات وموانئ حيوية، والتلويح بضربات ضد شركات أجنبية داخل الأراضي المحتلة، يعني أن صنعاء دخلت مرحلة الهجوم الاقتصادي المباشر.
ويتابع سرور: “لا يمكن فصل الإنذار الذي أطلقه الرئيس مهدي المشاط للشركات الأجنبية عن الديناميكية العامة التي تحكم هذه الحرب. لقد أصبح المستثمرون جزءًا من بنك الأهداف اليمني، ما يعني أن المناخ الاستثماري في الكيان بات طاردًا وليس آمنًا”.
ويشير إلى أن هذا التحوّل يفقد الكيان أهم ميزاته التنافسية في الإقليم، ويؤدي إلى تآكل ثقة الأسواق والشركات الدولية.
ويدلّل على ذلك بما رُصد من انسحاب عدد من الشركات وإلغاء عقود تأمين كبرى، إضافة إلى التكاليف اليومية الباهظة الناتجة عن تعطّل الملاحة في البحر الأحمر.
اليمن يُربك الحسابات الأمريكية عبر البوابة الاقتصادية
وإذا كان الاستنزاف الاقتصادي يمثّل أحد أركان المعركة، فإن البعد الاستراتيجي للمواجهة لا يقل أهمية، خصوصًا من زاوية العلاقة بين صنعاء وواشنطن ، فهنا يبرز تحليل الباحث في الشؤون الاستراتيجية، الدكتور علي حمية، الذي يرى أن صنعاء انتقلت من موقع رد الفعل إلى موقع الهجوم الاستراتيجي المنظم، مستفيدة من تآكل الهيبة الأمريكية في المنطقة.
ويقول حمية: “العمليات البحرية كانت مقدّمة، أما الآن فنحن أمام تهديد مباشر للاقتصاد الإسرائيلي، بيد يمنية خالصة. وهذا يعني أن صنعاء باتت تُدير حربًا هجينة، تستخدم فيها الأدوات الاقتصادية لشلّ قدرة العدوّ، دون الحاجة للدخول في حرب شاملة”.
ويضيف أن هذا التحوّل أجبر الإدارة الأمريكية على إعادة تموضع قواتها والتراجع عن بعض العمليات العسكرية المباشرة ضد اليمن، خشية تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.. ويختم بالقول: “اليمن اليوم بات رأس حربة محور المقاومة في ضرب مرتكزات الهيمنة الأمريكية – الصهيونية في المنطقة، ليس فقط بالسلاح بل أيضًا بالمعادلات الاقتصادية والتحذيرات السياسية”.
صنعاء تصنع المعادلات وتعيد رسم خرائط القوة في الإقليم
إن التصريحات المتقاطعة للمحللين تلتقي عند نقطة مركزية مفادها أن اليمن تجاوز مرحلة التضامن الرمزي مع القضية الفلسطينية، ليصبح فاعلًا إقليميًا يُحدث تحولات فعلية في معادلات الردع وخرائط السيطرة.. فلم تعد المسألة مقتصرة على الموانئ والممرات البحرية، بل تطوّرت إلى تهديد المراكز الاقتصادية الحيوية داخل الأراضي المحتلة.
ومع كل عملية نوعية، تعمّق صنعاء مأزق العدوّ وتوسّع من دائرة الضغط عليه، وتفرض عليه خيارات لم تكن مطروحة سابقًا.. وقد بات من الواضح أن المرحلة القادمة ستكون محكومة بمنطق “الردع من خارج الحدود”، وهو ما تجسده اليمن بقوة واقتدار، وسط تراجع القدرة الأمريكية على التحكم في مجريات الصراع.