منذ عقود طويلة وتشهد المُدُن في كافَّة أنحاء العالَم تحدِّيات كبيرة ناشئة من سرعة توسُّع المُدُن وحجمها، بالإضافة إلى اتِّساع فجوات الدَّخل بَيْنَ سكَّانها، ما يؤثِّر على الخدمات الَّتي تُقدَّم، ناهيك عن أنَّ أهمَّ تحدٍّ يواجِه البَشَريَّة وهو تفاقم التلوُّث، وما يُحدثه من تأثير سلبيٍّ على تغيُّر المناخ العالَميِّ، بالإضافة إلى غياب الصيانة الملحوظ في المُدُن الكبرى، والَّذي أدَّى إلى تهالك المباني والجسور، والَّذي جعل الحياة في المُدُن الحضريَّة ـ مهما بلغ حجمها ـ من الصعوبة بمكان، رغم مساعي كافَّة دوَل العالَم من أجْلِ مواكَبة الأحلام المتنامية لسكَّانها في مستقبلٍ مستدام مزدهر؛ كون المُدُن أماكن جذب هائل للمواهب والاستثمارات، وهي المُحرِّك الرئيس للنُّموِّ في العالَم، وتولِّد أكثر من 80% من النَّاتج المحلِّي الإجماليِّ العالَميِّ، بَيْنَما تساعد مئات الملايين على التخلُّص من براثن الفقر المُدقع.


وانطلاقًا من تلك الأهمِّية الكبرى للمُدُن على الصعيد الاقتصاديِّ وتبعاتها الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة؛ نظرًا للتحدِّيات الكبرى الَّتي باتَتْ تواجِه نُموَّها، فإنَّ العالَم أجمع بكامل مؤسَّساته سعَى لوضْعِ معايير عالَميَّة جديدة للتنمية المستدامة للمُدُن، وظهرت أفكار وخطوات فعليَّة، مبنيَّة على تجارب ناجحة، تسعى إلى بناء منظومة حضريَّة مستدامة للمُدُن تُحقِّق أهداف التنمية المستدامة في عصر تغيُّر المناخ، وتكُونُ قادرةً على مجابهة التحدِّيات الحاليَّة للمُدُن وسكَّانها، وإيجاد حلول مبتكرة تستشرف المستقبل، وتجعل من المُدُن المستدامة ركيزة أساسيَّة في تحسين جودة حياة سكَّانها، ما يتطلب فَهْمًا عميقًا لاحتياجات السكَّان والثقافة السَّائدة في المُجتمع المحلِّي والوطنيِّ، فيجِبُ أنْ يكُونَ لكُلِّ مدينة هُوِيَّتها الفريدة المتَّسقة مع أدوات العصر الحديث.
وهو ما يتوافق مع الجهود العُمانيَّة المُنطلِقة من رؤية جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ والمُتجلِّية في مدينة السُّلطان هيثم، الَّتي تسعى سلطنة عُمان، من وراء إنشائها، إلى استحداث نموذج للمُدُن المستقبليَّة؛ لِتكُونَ قادرةً على تحقيق متطلَّبات النُّموِّ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، والحفاظ على الموروث الثقافيِّ للأجيال القادمة، حيث تُشكِّل المدينة وجهةً جاذبة ومعزِّزة للاستثمار، ونقلة نوعيَّة في التصميم الحضريِّ والتخطيط العمرانيِّ، بما يتوافق مع رؤية «عُمان 2040» الطموحة. فالمدينة الذَّكيَّة الَّتي تسع (100) ألف نسمة تُمثِّل نموذجًا فريدًا لمستقبل المُدُن العُمانيَّة، إذ تحتوي على عناصر جاذبة للعيش والإقامة والاستخدام، وهي خطوة مُهمَّة في تحقيق الاستراتيجيَّة العمرانيَّة في البلاد. ويأتي توقيع اتفاقيَّة تنفيذ الأعمال الأوَّليَّة للمرحلة الأولى بمدينة السُّلطان هيثم المتعلِّقة بتهيئة البنية الأساسيَّة للطُّرق، وتهيئة مجرى الوادي، وتطوير المنطقة المحيطة بالحديقة المركزيَّة بتكلفة تتجاوز (7) ملايين ريال عُماني، خطوةً تنفيذيَّة أولى، ليس فقط لتلك المدينة الواعدة، لكن سيتبعها عددٌ من الاتفاقيَّات في هذا الجانب خلال الفترة القادمة؛ استعدادًا لتنفيذ الأعمال الإنشائيَّة للطُّرق الرئيسة، والبنية الأساسيَّة، والمباني الخدميَّة، والحديقة المركزيَّة والأحياء السَّكنيَّة، بما في ذلك خدمات المياه والصرف الصحِّي والكهرباء والنطاق العريض والطُّرق والمسطَّحات الخضراء، وفقًا للخطَّة التنفيذيَّة للمدينة؛ لِتكُونَ خطوةً كبيرة لبناء المُدُن المستدامة في سلطنة عُمان، وهي المُدُن الَّتي خُطِّط لها لكَيْ تواكِبَ تطلُّعات الحياة العصريَّة للشَّباب، وتأكيدًا على تبنِّي مفهوم مبتكر في البناء، واستشراف الأساليب المستقبليَّة، وتسخير الخبرات العالَميَّة والإقليميَّة والمحليَّة، والمعرفة المتعمِّقة في هذا المجال لتطوير منظومة حضريَّة عصريَّة تُحاكي الموروث الثقافيَّ، وترتقي بأسلوب الحياة في سلطنة عُمان.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الم د ن ال العال م للم د ن

إقرأ أيضاً:

تجهيزات متكاملة تواكب المعايير العالمية.. مشروع سياحي جديد بالبحر الأحمر

 أكد محافظ البحر الأحمر عمرو حنفي، أن الدولة تواصل تنفيذ مشروعات نوعية تستهدف رفع جودة الخدمات السياحية ودعم قدرة القطاع على استيعاب النمو المتزايد فى حركة الزائرين.

 
وشدّد المحافظ - خلال تفقده اليوم /الثلاثاء/ يرافقه خالد فودة مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية، أحد المشروعات السياحية بمدينة الغردقة الجاري استكمال الأعمال بها تمهيدًا لافتتاحها قريبًا - على أن الجهود المبذولة في هذا الإطار تُجسّد رؤية القيادة السياسية للارتقاء بالمقومات السياحية، وتقديم نموذج حديث يليق بمكانة مصر الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن السياحة تُعد أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني وداعمًا رئيسيًا لقطاعات التنمية.
 

وتأتي الزيارة ضمن متابعة المشروعات التى تُسهم في تعزيز البنية السياحية للمحافظة ودعم المقاصد الجديدة.


وأكد المحافظ - وفقا لبيان - أن المشروع الذى تمت متابعته اليوم يمثل إضافة نوعية للبنية السياحية؛ بما يتضمنه من تصميمات عصرية وتجهيزات متكاملة تواكب المعايير العالمية؛ وهو ما يعزز قدرة المحافظة على استقبال مزيد من الزائرين ويدعم توجهات الدولة نحو تنشيط السياحة الدولية والداخلية.
وأضاف أن الغردقة تشهد خلال الفترة الأخيرة حركة تطوير واسعة فى مختلف قطاعات السياحة، مشيرًا إلى أن المحافظة تنفذ خطة متكاملة لتحسين البنية الخدمية ورفع كفاءة المرافق بالشواطئ والطرق والممشى السياحي. 
وأكد المحافظ أن هذه الجهود تستهدف توفير بيئة جاذبة وآمنة للسائحين، ودعم مكانة الغردقة كمقصد سياحي عالمي يتصدر اختيارات الأسواق الدولية..مشيدا بما تشهده الغردقة من طفرة سياحية واضحة، مؤكدًا أنها أصبحت مقصدًا عالميًا يحظى بثقة الأسواق الدولية بفضل ما تمتلكه من مقومات طبيعية فريدة وتطوير مستمر للبنية السياحية.. مشيرا إلى أن المشروعات الجديدة تُعزّز مكانة المدينة كواجهة مفضلة للسائحين، وتُجسّد نجاح الدولة فى تقديم نموذج متقدم للسياحة الشاطئية والترفيهية.

طباعة شارك محافظ البحر الأحمر الخدمات السياحية

مقالات مشابهة

  • عمرو أديب : مصر ليها حساب ونص .. وقوتها مستدامة ورايحة لقدام
  • حين يسقط العالِم في فخ التبسيط .. خطيئة جمال حمدان حين أفتى في الأدب
  • معهد التخطيط القومي يعقد برنامج خدمة مجتمع حولاستراتيجية مصر 2030 ومبادرة بداية لبناء الإنسان
  • ميرفت ألكسان : دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة لتحقيق تنمية مستدامة
  • معلومات صادمة.. حماة عروس المنوفية وشقيقه يرويان لصدى البلد تفاصيل مقتل عروس نجلها.. شاهد
  • عميد قصر العيني: أعمال التطوير تواكب المعايير العالمية
  • مني زكي تواكب موضة القفازات في العرض الخاص لفيلم الست
  • ريا أبي راشد تواكب موضة فساتين 2026
  • حصلت على 4094 صوتا.. رفض طعن شيماء عبد العال على نتيجة انتخابات مجلس النواب
  • تجهيزات متكاملة تواكب المعايير العالمية.. مشروع سياحي جديد بالبحر الأحمر