سبقتنا الدول التي كانت لديها رؤية لتصدير عمالتها، والاستفادة من احتياجات الأسواق العالمية، حين فعلت دور سفاراتها وقنصلياتها فأخرجتهم من المكاتب المكيفة الى حقل الدراسات الميدانية في كل بقاع الأرض، فكانت النتيجة أن تزايدت معدلات النمو، وباتت تجاربهم ذات عوائد اقتصادية تصلح لأن توضع موضع الدراسة والتمحيص.

في الوقت نفسه الذي يشهد فيه العالم ثورة في التكنولوجيا الزراعية، لا تزال مصر تملك من الطاقات البشرية ما يمكن أن يجعلها في طليعة الدول الزراعية إذا ما تم استثمار هذه الطاقات بالشكل الصحيح. ويأتي هنا دور الدولة، ممثلةً في سفاراتها بالخارج، في قراءة احتياجات السوق الدولي وتوفير فرص عمل آمنة ومناسبة للمهندسين الزراعيين، إلى جانب تطوير مناهج التعليم الزراعي بما يتوافق مع المعايير العالمية. الطريق يبدأ من التعليم وينتهي بهجرة منظمة تحفظ الكرامة وتخدم الاقتصاد الوطني.

في هذا السياق، يبرز الدور الحيوي الذي يقوم به المسؤولون في السفارات المصرية بالخارج، والذين يمثلون حلقة الوصل بين ما تحتاجه الشركات والمؤسسات الزراعية في تلك الدول، وما يمكن أن تقدمه الكوادر المصرية من خبرات وكفاءات. يقوم المسؤول بالسفارة بدراسة دقيقة لاحتياجات الشركات الزراعية في دولة الاعتماد، من حيث التخصصات المطلوبة، ومستوى التأهيل والتدريب المرغوب فيه، ثم ينقل تلك الرؤية إلى الجهات المعنية داخل مصر، لتصبح مرجعًا لتطوير البرامج التعليمية في الجامعات، ووضع خطط تدريبية واقعية تسد الفجوة بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي. وهذا الدور لا يقتصر على توفير فرص عمل، بل يمتد ليشمل حماية حقوق المهندسين الزراعيين المصريين بالخارج، ومتابعة ظروفهم القانونية والاجتماعية، والتأكد من عدم استغلالهم أو تعريضهم لمخاطر الهجرة غير الرسمية.

وأصبح من الواضح أن الزراعة في الدول المتقدمة مثل هولندا واليابان وألمانيا، تتجه نحو أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والزراعة الدقيقة، وهي تقنيات تحتاج إلى مهندسين يفهمون هذه النظم ويجيدون استخدامها. لذا، فإننا إذا أردنا أن نُعدّ خريجينا جيدًا، علينا أن نُدخل تلك المفاهيم في مناهجنا الدراسية، ونعزز التدريب العملي خلال سنوات الدراسة، ونعقد شراكات مع مؤسسات دولية تسمح بتبادل الخبرات والزيارات.

كما أن فتح أبواب السفر عن طريق وزارة العمل، وبشكل منظم، يحقق عدة أهداف: فهو يوفر فرص عمل قانونية تضمن للمهندس الزراعي المصري حياة كريمة في الخارج، وفي الوقت ذاته يحمي الشباب من مخاطر الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت للأسف أحد المسارات التي تهدد حياتهم وكرامتهم. ومن هذا المنطلق، فإن الدولة مطالبة بفتح مسارات واضحة وشفافة للهجرة الآمنة، والتنسيق مع السفارات لخلق قاعدة بيانات حقيقية لفرص العمل، مع تفعيل دور الملحقيات العمالية والزراعية في هذا الشأن.

ومن وجهة نظري، فإن هذا الملف يجب أن يُدار بعقلية تنموية وطنية، وليس كحل مؤقت لمشكلة البطالة. يجب أن نرى في المهندس الزراعي المصري عنصرًا قادرًا على نقل التكنولوجيا الزراعية المتقدمة إلى الداخل المصري، والمساهمة في تطوير قطاع الزراعة الذي يمثل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني. كما أن الربط بين الجامعات المصرية والسفارات بالخارج من شأنه أن يُحدث طفرة حقيقية في جودة التعليم والتدريب، ويخلق جيلًا من الخريجين لا يركض فقط خلف فرصة عمل، بل يسعى ليكون جزءًا من منظومة التنمية الزراعية العالمية.

وفي النهاية، فإن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأذكى، وتوجيه هذا الإنسان نحو العلم والتدريب والهجرة الآمنة، هو واجب وطني وأخلاقي يفرض نفسه بقوة، إذا أردنا لمصر أن تأخذ مكانها الطبيعي بين الأمم.

طباعة شارك الزراعة الهجرة المنظمة الثروة الزراعية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الزراعة الهجرة المنظمة الثروة الزراعية

إقرأ أيضاً:

ميرنا جميل تتألق في أحدث ظهور لها بـ إسبانيا

خطفت الفنانة ميرنا جميل قلوب متابعيها عبر حسابها بموقع انستجرام بعيد شاركت مجموعه من الصور في أحدث ظهور لها من إسبانيا.

أحدث ظهور لـ ميرنا جميل 

وظهرت ميرنا جميل في الصور بإطلالة أنيقة برفقه شقيقتها ساندرا، وارتدت ميرنا توب اسود دون اكمام مع شورت ابيض. 

أحدث أعمال ميرنا جميل 

ومن ناحية اخري، بدأت ميرنا جميل تصوير دورها في الجزء الخامس من مسلسل "اللعبة"، بطولة الفنان هشام ماجد وشيكو، بمشاركة مجموعة كبيرة من نجوم الوسط الفني أبرزهم: مي كساب، ميرنا جميل، محمد ثروت، عارفة عبدالرسول، أحمد فتحي، وغيرهم، وتم إنتاج أربعة أجزاء من العمل حتى الآن.

آخر أعمال ميرنا جميل

وكان آخر أعمال ميرنا جميل، هي مسرحية "إس إس هانم"، تجمع نخبة من أبرز النجوم، على رأسهم إسعاد يونس، حجاج عبدالعظيم، كريم عفيفي، ميرنا جميل، ومحمد ثروت، تحت قيادة المخرج خالد جلال وإنتاج حمادة إسماعيل.

قصة مسرحية "إس إس هانم

تروي قصة سيدة عادت لتنتقم عفريته من الطبقة الأرستقراطية تعود بعد وفاتها لتجد حياتها مقلوبة رأسًا على عقب، من زواج زوجها بشابة صغيرة إلى تغيير سلوكيات أبنائها وبيع منزلها الموروث. وفي حين تقرر الانتقام وتأديب الجميع، فإن هناك مفاجأة غير متوقعة تنتظرها.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تهدد الاتحاد الأوروبي بفرض جمارك بنسبة 17% على الصادرات الزراعية
  • البنك السعودي للاستثمار يعلن عن برنامج تطوير الخريجين
  • ميرنا جميل تتألق في أحدث ظهور لها بـ إسبانيا
  • الخارجية تستعرض إنجازات الهجرة والمغتربين وتضع خطة لدعم الليبيين بالخارج
  • «فرص سفر وهمية للخارج».. سقوط المتهم بالنصب على المواطنين في الجيزة
  • ضبط مالك شركة دون ترخيص بتهمة النصب على راغبى السفر للخارج بالجيزة
  • الداخلية تضبط شخص لتزويره محررات رسمية
  • "لهذا السبب" زيارة مفاجئة لوكيل زراعة أسيوط للإدارة الزراعية بمركز الفتح اليوم
  • رايتس ووتش: انسحاب دول أوروبية من معاهدة حظر الألغام الأرضية يهدد حياة المدنيين