إدارة المرأة بهيئة الأوقاف ينظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء عليها السلام
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
الثورة نت|
أحيت الإدارة العامة لشؤون المرأة بالهيئة العامة للأوقاف اليوم العالمي للمرأة المسلمة – ذكرى ميلاد الزهراء عليها السلام بفعالية خطابية تحت شعار “الزهراء نموذج الكمال الإنساني للمرأة المسلمة”.
وأُلقيت كلمات، أشارت إلى أهمية إحياء الذكرى، باعتبارها محطة تربوية ثقافية لاستلهام القيم والأخلاق والصبر والشجاعة من صفات الزهراء عليها السلام.
وأوضحت أن السيدة الزهراء نسخة من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم روحاً، وأخلاقاً وتقوى وعبادة وصلة بالله وانسجاماً مع تعاليمه، ومثلاً أعلى للمرأة المسلمة في طهرها وعبادتها، ومصداقاً لقوله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام “فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني”.
وتناولت الكلمات دلالات إحياء هذه الذكرى في رفع مستوى وعي المرأة المسلمة بمخاطر الحرب الناعمة التي يحيكها أعداء الأمة ضدها، ما يتطلب اليقظة تجاه مكائد الأعداء ومساعيهم إلى تدمير القيم والأخلاق.
وشددت الكلمات على ضرورة أخذ الدروس المهمة من سيرة سيدة نساء العالمين، وحركتها في إطار مسؤولياتها المتعددة.
تخللت الفعالية فقرات إنشادية وعرض تلفزيوني عن الزهراء عليها السلام.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: ذكرى ميلاد الزهراء عليها السلام الزهراء علیها السلام
إقرأ أيضاً:
الشاعرة وواقع الإكراه
وأنا أتابع بعض اللّقاءات على مواقع التواصل الاجتماعي للشاعرة العُمانيّة عائشة السيفي، وهي تُبدي جوانب من مكابدتها الحياتية بسبب ميلها إلى الشعر وجنوحها إليه، وهي سليلة أسرة محافظة من عمق داخليّة عُمان، ترتبط بمرجعيّات دينيّة، الأدب في تصوّرهم هو تبتّل وعبادة وخوض في محاسن الخلق والخلائق ونقاء وصفاء وعمل على التقرّب به شعرًا أو نثرًا إلى درجات العبادة القصوى.
تابعتُها وهي تُصرِّح بعسر أن تكون المرأة شاعرة في عالمٍ لا يرى المرأة إذا خرجت إلى عالم العمل إلاّ مدرِّسة في مدارس البنات، في عالم ما زال ينظر إلى المرأة كائنًا مائلاً إلى الخطيئة، تراءت لي، وأنا أتابع هذه التصريحات (التي لا تخصّ وضع عموم المرأة في عُمان، ولكن تخصّ بعضًا من الأسر والعائلات والأفراد) فكرةَ التساؤل عن إكراه أن تكون المرأة شاعرة في مجتمع يُصَادرُ صوتَها، وفي واقع يراها ناقصة، وحاملة لغوايتها، في واقع لا تكون فيه المرأة راغبة طالبة وإنّما وجب أن تكون مرغوبةً، محبوبة، في واقع ما زال يجتهد في لجم المرأة والمحافظة عليها من رياح السّموم، وكأنّها كائن آبق، مرشَّح للغواية، وكأنّ الرّجل سالمٌ من كلّ علّة يُمكن أن تصيبه، محميّ بذكورته من رياح السّموم، يجوز له ما لا يجوز لصنوه وضريعه وشقّه في الإنسانيّة والخلْق.
المرأة الشاعرة تخصيصًا والأديبة تعميمًا والفنّانة بشكل أوسع، هي تفتكّ منزلتاها ومكانتها بالشدّ على النواجذ، وتعيش إكراهات وصعوبات، ليس في واقعنا العربيّ فقط، بل في كلّ واقع يتحدّد منظوره للمرأة برؤية تجعلها خطّاءةً، حمّالةَ ذنوبٍ.
عندما نلتفتُ إلى تاريخنا القريب والبعيد لا نجد حضورًا طاغيًا أو مُعادلا للرّجل أو طبيعيًّا للمرأة في الأرضيّة الشّاعرة، وما زلنا نحن -المثقّفين- نخادع النّاس وأنفسَنا ونقول إنّ للمرأة تاريخًا شعريًّا في حضارتنا، والحالُ أنّ صوتها مكلوم مكتوم، رغم يقيني أنّ ظاهرة النّساء الشاعرات المكتومات والمغيَّبة أصواتهنّ لأسبابٍ قد تكون أوفر وأثرى من شعر الرجال.
لقد حفظ لنا التاريخ امرأة شاعرةً أراد العقل العربيّ أن يحبس مجالَها الشعريّ في البكائيّات والرثائيّات، وهي الخنساء، الخنساء التي صارت نموذجًا للمرأة الشاعرة التي يُمكن أن تُبْدع في الشّعر، ولكن تنحبس فقط في غرضٍ هو الرّثاء، ولعلّ هذا ما حدا ببعضِ نقّاد الأدب وعلى رأسهم عباس محمود العقّاد، أن يذهب إلى أنّ المرأة إن قُدِّر لها أن تقول الشّعر فمجالها هو الرّثاء! شاعرةٌ ثانية، كان لها عميق الأثر والرّواج في التراث الإسلاميّ، وهي ليلى الأخيليّة التي كانت لها أخبارٌ ووقائع ومناظرات شعريّة مع النابغة الجعديّ، ومع الحجّاج بن يُوسف الذي قال فيها «للّه بلاؤها ما أشعرها!»، وقد تقبّلتها الذائقة العربيّة بسبب من ذلك، ولكن هل تُعادِل أصغر شاعر من شعراء الدولة الأمويّة، دراسةً وتدريسًا وجمعًا لشعرها؟ لقد عملت كتبٌ قليلة على جمع أشعر النساء والاجتهاد في ضبْطها منذ القديم، منها كتاب المرزباني «أشعار النساء» وجلال الدين السيوطي «نزهة الجلساء في أشعار النساء»، وهو كتاب على درجة من الأهميّة، ليس لأنّ كاتبه هو الإمام السيوطي الفقيه الشافعي والإمام الحافظ المفسّر فحسب، بل لأنّه ثبّت عددًا من الشاعرات المجهولات، وأرّخ لأبياتٍ وقصائد يُنكرها الفقيه المتزمّت ولا يرويها، وقد جعل الشعر النسائيّ راجعا إلى رأسين، رأس في المشرق تمثّله الشاعرة عليّة بنت الخليفة المهديّ وفي المغرب ولاّدة بنت المستكفي التي ضارعت ابن زيدون ودخلت معه في ردود شعريّة، وأثبتت جدارتها في عالم الرجال.
غير أنّ الجدير بالذكر في هذا الكتاب المقدّمة التي أبان فيها موقف المثقّفين العرب أواسط القرن العشرين من النساء الشاعرات، ولعلّ الموقف ذاته متواصِلٌ لحدّ اليوم، وهو موقفٌ وجب التذكير به، والوقوف عليه، إذ خاض المثقّفون جدلاً وحوارًا حول الشعر النسائي وجدارته والمواضيع التي يخوض فيها وقدرة المرأة على إتيان الشعر، ويُمكن أن أعرض بعضًا من هذا الجدل البائن في قول صاحب المقدّمة، فبدايةً يعرضُ محقّق كتاب «نزهة الجلساء في أشعار النساء» تساؤلاً واردًا على لسان من سمّاه بأحد النقّاد، يقول فيه «هل يحقّ للمرأة أن تقول شعرًا في الغزل؟؟ وإذا كان لها ذلك ففيمن تتغزَّل؟ أتتغزَّل في امرأة مثلها؟ أو تتغزَّل في رجل؟» ويذكر الناقد نفسه مسترسلا، معلّقًا على ديوانٍ تحقّق لشاعرة اسمها عائشة تيمور عنوانه «حلية الطراز»، احتوى على 1936 بيتًا من ضمنها 554 بيتًا في الغزل، فقال ناقدنا : «الواقع أنّنا إذا نظرنا إلى ما وصل إلينا من آثار شاعرات العرب لا نجد لهنّ شيئًا في الغزل، فممَّا لا شكَّ فيه أنّ عائشة انفردت دون الشاعرات العربيّات بما نظمته في هذا الباب»، وهو أمرٌ -لعمري- قصير النظر، كالذي يقول إنّ الشعر الجاهليّ يخلو من الغزل، وكأنّ الأمر ليس معقودًا بمؤسّسة قويّة اسمها مؤسّسة الرواية في التراث العربي تستصفي ما شاءت أوَّلاً، وبمجتمع لا يتقبّل الشاعرة المتغزِّله ويقذفها بشتّى النعوت، مثلما كان الأمر مع ولاّدة بنت المستكفي، وقد راقني جدّا أن وجدتُ الردّ الأوفى في كتابٍ خطّته ضريعةُ عائشة تيمور أو عائشة التيمورية، يحمل عنوانا اسم الشاعرة، ويختصّ بذكر حياتها وأشعارها ومعاناتها، مي زيادة التي كان لها كبير الأثر في تغذية حديث الأدب في العالم العربيّ، كانت قد واجهت الحجز والحجر والمنع والحصار من عائلتها أساسًا.
في نفس هذا السياق نجد العقّاد الجامع بين حداثة عصره والارتباط بالتقليد جوهرًا، يقول إنّ الاستعداد لقول الشعر في الأصل هو فعل نادر على الوجه العامّ وهو أندر عند المرأة، والسبب الذي يُقدّمه أنّ المرأة يُمكن أن تخوض في القصص وفي التمثيل وفي مختلف الفنون الجميلة، ولكنّها لا يُمكن أن تُحسن الشعر، وذلك راجع أساسًا إلى جنسها وطبائعه، إلى أنّ الأنوثة عسيرة التعبير عن عواطفها، ولا يُمكن أن تكون شخصيّة مائلة إلى التغلّب والسيطرة لتستولي على شخصيّات أخرى، بل هي أقرب إلى الكتمان وإلى الإخفاء وإلى تسليم «وجودها لمن يستولي عليه من زوج أو حبيب»، فوفقًا لرأيه إذا لم تكن الشخصيّة قادرة على البوح، وعلى الاستقلال بذاتها وإذا كانت فاقدة للرغبة في «التوسّع والامتداد، واشتمال الكائنات، فالذي يبقى لها من عظمة الشاعريّة قليل»، وهو أمرٌ مُرعبٌ، مرهبٌ، أن نُجيز الشعر في عمومه للرجل ونكتمه عن المرأة، وأن نجيز الغزل للرجل ونمنعه عن المرأة، بل ونتعجَّب من تغزّلها، لأنّ المركوز في الأذهان أن يتغزَّل الرجل بالمرأة، وأن تستحي المرأة وتكتم عشقَها، ومن مظاهر هذا المغروس في الأذهان أنّنا اعتبرنا إنطاق المرأة لتتغزّل بالرجل في شعر عمر بن أبي ربيعة من مسالك التجديد والتحديث.
لعلّ إشكاليتي الأساس في عالمنا العربيّ أنّنا ما زلنا نطرح القضايا ذاتها منذ ألف عام، ما زلنا نمايز -مهما علت ثقافتنا- بين الرجل الذي نسمح له بما يُسْمَح به للمرأة وبين المرأة التي يبقى منظورنا إليها فارقًا قائمًا على التناقض وعدم الوضوح.