أظهرت العديد من الدراسات التي أُجريت حول وضع المرأة في مكان العمل، أن حياتها المهنية عبارة عن "حبل مشدود"؛ إذ يُنظر إليها على أنها تخالف الثقافة السائدة بأن "النساء لطيفات وعاطفيات ومضحيات بأنفسهن دائما" حين تكون قوية وجادة في عملها، في حين توصف بأنها ضعيفة وقليلة الكفاءة حال بدت في عملها شديدة اللطف والتعاطف.

دراسة أجرتها كلية هاس لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في عام 2022، وجدت أن النساء "يُتهمن بالافتقار إلى اللطف عندما يتصرفن بمزيد من القوة والقدرة في العمل"، وأن "النساء اللاتي يتحدثن بطريقة حازمة في العمل، غالبا ما يُعتبرن أقل تأثيرا وأكثر تهديدا من زملائهن الرجال".

في المقابل، وجدت دراسة نُشرت في عام 2019؛ أن المرأة توصف بأنها ضعيفة وأقل كفاءة إذا بدت في عملها شديدة اللطف والتعاطف. وهو ما يُعرض المرأة العاملة للضغط في الحالتين، ويجعل الطريقة الوحيدة لنجاحها واستمرارها، هي أن تعثر على حل لتحقيق التوازن المثالي بين هذين الوضعين غير العادلين؛ وفقا لموقع "آي إن سي" المختص بمجال الأعمال.

الاجتماعات المرهقة

"رغم أن الاجتماعات من المفترض أن توفر للنساء العاملات أفضل فرصة لإثبات قيمتهن وقدراتهن القيادية في العمل؛ تجدها العديد منهن محبطة ومرهقة للغاية"؛ وفقا لخبيرة النجاح الوظيفي الأميركية آندي كرامر في مقال نُشر بمجلة "فوربس".

وبحسب استطلاع رأي شمل 270 مديرة في 500 شركة في عام 2014؛ أفاد أكثر من نصفهن بأن الاجتماعات المشتركة مع زملائهن من الرجال، ممن لديهم سيطرة كبيرة على تقدمهن المهني؛ تشوبها مشكلتان أساسيتان:

الأولى: ما يواجهنه من صعوبة في خوض النقاشات، حيث يتم تجاهلهن أو تجنّب الحديث إليهن. الثانية: عندما يتمكنّ من الحصول على فرصة للحديث، تتم مقاطعتهن وتحديهن باستمرار.

القائمون على استطلاع الرأي خلصوا إلى أن الاجتماعات تشكل عقبة في طريق عرض أفكارهن بشكل فعال، أو عدم الاعتراف بها عندما تُعرض في كثير من الأحيان. وفي مواجهة هذه المشكلة، تحاول العديد من النساء التصرف بشكل أكثر حزما، فيتم انتقادهن باعتبارهن عدوانيات؛ أو يُبقين أفواههن مغلقة ويبتسمن بأدب، فيُنظر إليهن حينها باعتبارهن سلبيات.

نساء كثيرات يجدن صعوبة في الحصول على فرصة للتحدث في اجتماعات العمل (بيكسلز) الإحباط من التجاهل

وفي شأنٍ متصل، وجدت دراسة أجريت في عام 2012، أن الرجال يتحدثون 75% من الوقت في اجتماعات العمل، وأن العديد منهم يشعرون بأن التعامل مع النساء أمرٌ مرهق ومحفوف باحتمالية الصراع والخلافات.

بينما قالت النساء إنهن يجدن صعوبة -إن لم يكن استحالة- في الحصول وقت كافٍ للحديث، مما يشعرهن بالتجاهل، والإحباط من تكرار مقاطعة الرجال لهن.

وهو ما أكده باحثون بجامعة جورج واشنطن، طلبوا من مجموعة من النساء والرجال مناقشة موضوعات لمدة 3 دقائق؛ فوجدوا أن المرأة قاطعت الرجل مرة واحدة، مقابل مقاطعته لها أكثر من 2.5 مرة.

وبعد تحليل شمل 43 دراسة منشورة، وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا، أن السبب الرئيسي الذي يجعل الرجال يقاطعون النساء هو تأكيد هيمنتهم، وأخذ الكلمة منهن.

دراسات تقول إن السبب الرئيسي الذي يدفع الرجال لمقاطعة النساء هو تأكيد هيمنتهم وأخذ الكلمة منهن (بيكسلز) تأثيرات مخيفة لإسكات المرأة

على صعيدٍ آخر، ذكرت عالمة النفس الأميركية ميتال إيال في مقال نشرته مجلة "تايم" مؤخرا، أن النساء يشكلن حوالي 80% من حالات أمراض المناعة الذاتية، وأنهن أكثر عرضة للمعاناة من الألم المزمن، والأرق، ومتلازمة القولون العصبي، والصداع النصفي، بل والوفاة من نوبة قلبية مقارنة بالرجال؛ وأنهن يعانين من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة بمعدل الضعفين، ومن فقدان الشهية بمعدل 9 أضعاف ما يعانيه الرجال.

ورفضت الدكتورة إيال حصر سبب إصابة النساء بهذه الأمراض بمعدل أعلى، في الفوارق الوراثية والهرمونية وحدها؛ معتبرة أن "العوامل النفسية والاجتماعية التي ربطت المرأة بسلوكيات الرضوخ، ونكران الذات الشديد، وقمع الغضب؛ قد تكون هي التي جعلتها أكثر عرضة للأمراض المزمنة"؛ مستندة في ذلك إلى أدلة كثيرة كشفت أن إسكات الإناث لأنفسهن، لا يرتبط فقط بمشاكل نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات الأكل فقط، ولكنه يُسبب أمراضا جسدية أيضا.

سلبية قد تهدد الحياة

تضيف دكتورة إيال، أنه على سبيل المثال، في عام 2022، اكتشف باحثون في جامعة بيتسبرغ، أن السيدات من ذوات البشرة الملونة اللاتي اعتدن على عدم التعبير عن غضبهن للمقربين منهن، كن أكثر عرضة بنسبة 70% لخطر الإصابة بنوبة قلبية. كما ربطت دراسات أخرى "بين إسكات النساء لذواتهن، ومتلازمة القولون العصبي والتعب المزمن والسرطان، وارتفاع خطر الوفاة المبكرة".

ونتيجة لذلك، تحاول العديد من النساء تجنب الصراع وتحاشي قول "لا" أو إبداء آراء أو اتخاذ قرارات حازمة في العمل، تفاديا لتعطيل حياتهن المهنية؛ وبدلا من ذلك، يسعين لإرضاء من حولهن في محيط العمل واستيعابهم دائما. لكن إيال تقول "عندما تضغط المرأة على مشاعرها، وتصل إلى قناعة بأن إسكات الذات هو الأسهل والمفيد بدلا من السباحة ضد التيار السائد؛ فإن صحتها تتأثر".

دراسة: النساء ذوات البشرة الملونة اللاتي اعتدن على عدم التعبير عن غضبهن كن أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية (بيكسلز) ماذا الذي يجب على المرأة أن تفعله؟

تنصح إيال المرأة "بالتركيز أكثر على مدى فهمها لمشاعرها تجاه المحيطين بها، والاقتناع بأنه لا يجب إسكاتها وتجاهلها". وبدلا من كبت غضبها، "عليها التعبير عن وجهات نظرها بحرية، ووضع حدود أفضل لنفسها"؛ بشرط تأكدها من الإلمام بالحقائق حول أي موضوع، ومعرفة كيف ومتى تتحدث، ومتى تقول "لا".

أما آندي كرامر، فتوضح أنه "من الضروري أن تكون النساء في قمة اللياقة النفسية في الاجتماعات، وأن يكنّ قادرات على التألق والتعبير عن أفكارهن بوضوح، واستعراض ما لديهن من كفاءات وإنجازات وإمكانات بالكامل؛ لضمان الحصول على فرصة عادلة والتعامل بفعالية مع أي تحديات".

وعند التعرض للمقاطعة في اجتماعات العمل المختلطة بين الجنسين، "على المرأة أن تحافظ على حقها في الحديث، دون شعور بالخوف أو الارتباك أو فقدان الثقة".

وتشير كرامر إلى أن "المرأة إذا استطاعت أن ترفض بحزم التخلي عن دورها في إبداء رأيها، مع احتفاظها بالتهذيب واللطف، فإنها ستؤكد بقوة على أن أفكارها مهمة، وأنها شخص يجب أن يؤخذ على محمل الجد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العدید من أکثر عرضة فی العمل فی عام

إقرأ أيضاً:

النساء أم الرجال.. من يجني فوائد أكبر من الرياضة؟

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن النساء قد يحققن فوائد صحية أكبر من التمارين الرياضية مقارنة بالرجال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتقليل خطر الوفاة، لا سيما بسبب الأمراض القلبية.

وشملت الدراسة بيانات أكثر من 412 ألف بالغ أميركي تتراوح أعمارهم بين 27 و61 عاما، شكلت النساء نحو 55 بالمئة من المشاركين.

وقالت الدكتورة مارثا غولاتي، إحدى المشاركات في قيادة الدراسة ومديرة قسم الوقاية القلبية في معهد سميدت لأمراض القلب: "ما يميز هذه الدراسة هو اكتشاف أن النساء يحصلن على فائدة أكبر من كل دقيقة يقضينها في ممارسة نشاط بدني معتدل إلى قوي مقارنة بالرجال. نأمل أن يحفز هذا الاكتشاف النساء على تبني نمط حياة أكثر نشاطاً".

فوائد أكبر بوقت أقل

كشفت النتائج أن النساء يحتجن وقتا أقل من الرجال لممارسة النشاط البدني من أجل تقليل خطر الوفاة.

فقد سجلت النساء اللواتي مارسن الرياضة بانتظام (150 دقيقة أسبوعياً على الأقل) انخفاضاً في خطر الوفاة لأي سبب بنسبة تصل إلى 24 بالمئة، مقارنة بـ15بالمئة فقط لدى الرجال في نفس الظروف.

وبينما تطلب الأمر 300 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني المعتدل إلى القوي لتحقيق انخفاض بنسبة 18 بالمئة في معدل الوفيات لدى الرجال، حققت النساء نفس الفائدة بممارسة 140 دقيقة فقط أسبوعياً.

تمارين القوة والوفيات القلبية

أظهرت الدراسة أيضاً أن النساء اللواتي مارسن تمارين القوة، مثل رفع الأوزان، مرتين في الأسبوع على الأقل، انخفض لديهن خطر الوفاة بنسبة 19 بالمئة، مقارنة بـ11 بالمئة فقط لدى الرجال.

وفيما يتعلق بالوفيات الناتجة عن أمراض القلب، كان التأثير أكثر وضوحاً؛ إذ بلغ انخفاض خطر الوفاة القلبية 36 بالمئة لدى النساء النشيطات بدنيًا، مقارنة بـ14بالمئة فقط لدى الرجال.

ورغم قوة نتائج الدراسة، أشار الباحثون إلى بعض القيود، أبرزها أن بيانات النشاط البدني كانت مستندة إلى تقارير المشاركين الذاتية، والتي قد لا تكون دقيقة تماماً.

كما لم تتضمن الدراسة النشاط البدني المرتبط بالأعمال المنزلية أو الوظائف، واقتصرت على التمارين الترفيهية فقط.

وفي تعليقها على النتائج، قالت الدكتورة كريستين ألبرت، رئيسة قسم أمراض القلب في معهد سميدت، والتي لم تشارك في الدراسة: "آمل أن تحفز هذه النتائج الرائدة النساء غير النشيطات بدنيًا على إدراك أنهن قادرات على جني فوائد صحية كبيرة من كل دقيقة يخصصنها لممارسة الرياضة."

مقالات مشابهة

  • مرض يصيب الرجال أكثر من السيدات .. ما هو ؟
  • النساء أم الرجال.. من يجني فوائد أكبر من الرياضة؟
  • ميلوني: لا تنتظروا مني نصيحة بشأن ترامب فلست طبيبة نفسية
  • هل الرجال أكثر عرضة للوفاة بسبب متلازمة القلب المنكسر؟.. دراسة تفجر مفاجأة
  • ميلوني: لست طبيبة نفسية للقادة الدوليين
  • الجاحظ قبل سيمون.. نحو «جندرة عربية»
  • استشارية نفسية: الغيرة ليست دافعاً مباشراً للجرائم بين النساء
  • قصور الثقافة تناقش التمكين الاقتصادي للمرأة بصالون ثقافي في دار الكتب بطنطا
  • أخصائية نفسية: لو الخوف مستمر بعد 6 أسابيع من الزلزال لازم نشوف طبيب نفسي
  • عدن بين صوتي المرأة والرجل: من ينتصر في ميدان المطالب الشعبية؟