رشاد الشوا مؤسس ورئيس أول بنك دولي للمياه يحكي للجزيرة نت كيف تحولت الفكرة إلى حقيقة
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
الرباط– بدأ بنك المياه الدولي كفكرة سنة 2016، حملها المصرفي الدولي رشاد الشوا إلى البنك الدولي في واشنطن.
وأصبح اليوم مؤسسة قائمة الذات لا يفصلنا سوى أشهر قليلة عن إشهارها رسميا، وتعد هذه المؤسسة أول بنك لتمويل قطاع المياه بالعالم في وقت يتزايد الاهتمام فيه بضرورة الحفاظ على الثروة المائية وحسن إدارة مصادر المياه لتحقيق الأمن المائي والغذائي والتنمية لدول العالم.
حاورت الجزيرة نت الكويتي رشاد الشوا مؤسس ورئيس بنك المياه الدولي خلال زيارته للعاصمة المغربية الرباط، وتحدث عن ولادة الفكرة وتطورها إلى مؤسسة قائمة وأهداف البنك ومجالات عمله والوضع المائي في المنطقة العربية، وفي ما يلي نص الحوار:
كيف ولدت فكرة تأسيس بنك المياه الدولي، أول بنك لإدارة قطاع المياه في العالم؟بعد خبرة في العمل المصرفي الدولي لمدة 30 سنة، لاحظت وجود بنوك تغطي جميع القطاعات مثل البنوك الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها، في حين لا يوجد أي بنك متخصص في قطاع المياه. اقترحت الفكرة على البنك الدولي في واشنطن وقدمت لهم عرضا بشأن إنشاء بنك دولي للمياه، وأبرزت أهميته بالنسبة لقطاع المياه والتنمية المستدامة في العالم.
تعد هذه أول مرة يتبنى فيها البنك الدولي مبادرة فردية، لأنه يتعامل فقط مع الحكومات والقطاع العام؛ تفاعل البنك الدولي مع الفكرة وقرر تأسيس مجلس إدارة استشاري من المديرين التنفيذيين في البنك، ووضعوا الهيكلة وتم اختيار هولندا لتكون مقرا رئيسيا للبنك، نظرا للخبرة الكبيرة لهذا البلد في مجال المياه.
طرحت الفكرة لأول مرة عام 2016، وبدأت مرحلة التأسيس صيف 2019. ووفقا لمتطلبات البنك المركزي في هولندا، تم تعيين المستشارين الماليين والقانونيين وتشكيل مجلس الإدارة والشركات القانونية. وتمت دعوة المؤسسين للاكتتاب في رأسمال البنك.
وافتتح الاكتتاب في المرحلة الأولى بمبلغ 100 مليون يورو، وبعد سنة من التأسيس سنرفع رأس المال إلى مليار يورو.
والميزة الرئيسية في الهيكلية الحالية هي أن الصندوق الكائن في لوكسمبورغ يعد صندوقا مظليا، وتحته سيتم عزل كل مشروع عن الآخر تحت صندوق مختلف، مما سيحد من مخاطر التأثير على ميزانية البنك.
ما الأهداف الكبرى للبنك؟ وكيف يمكن تحقيقها؟أهم شيء أن يكون بنك المياه الدولي المركز والمرجع لتمويل قطاع المياه دوليا، ويعمل على مساعدة وتمويل الشركات الصغيرة وخلق شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والعام في هذا المجال.
هناك أموال كثيرة في القطاع الخاص يمكن استثمارها في قطاع المياه. وفي السابق، لم توجد منصة لاستقطاب هذه الأموال، أما اليوم -من خلال بنك المياه الدولي- أصبحت هناك إمكانية للاستثمار بهدف تحقيق التنمية والأمن المائي للدول.
وتقدر حاليا المبالغ المطلوبة لتمويل قطاع المياه على المستوى الدولي بنحو 22 تريليون دولار بحلول عام 2050، وسيأخذ البنك بعين الاعتبار المسؤولية الاجتماعية للمشروعات، وتمويل بعض المشاريع الخيرية عبر نسبة من الأرباح.
يتم حاليا تمويل المشاريع المتعلقة بقطاع المياه من طرف البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية والبنوك الاستثمارية، ما الإضافة التي سيقدمها بنك المياه في هذا المجال؟حاليا، يتم تمويل مشاريع قطاع المياه في العالم عبر جهتين: أولا البنوك المانحة بقيادة البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية والبنك الأفريقي، ثم البنوك التجارية والاستثمارية وصناديق الاستثمار، وهذان الطرفان لديهما مشاريع وأعمال كثيرة ولا يمثل قطاع المياه إلا جزءا بسيطا من نشاطهما العام، في حين أن بنك المياه الدولي متخصص فقط في مشاريع المياه من ابتكار وإنشاء محطات تحلية وبنية تحتية وسدود ومشاريع أخرى في مجال الزراعة، لأن الأمن الغذائي أساسه المياه.
تقدر المبالغ المطلوبة لتمويل قطاع المياه على المستوى الدولي حاليا بنحو 22 تريليون دولار بحلول عام 2050
صناديق الاستثمار في قطاع المياه لا تعمل على حل المشكلة المياه، بل هي مجرد أداة مالية لجمع الأموال من المستثمرين واستثمارها في شركات دولية متخصصة. في حين أن بنك المياه ستكون له مشاركة فعلية من خلال إدارة المشاريع ومتابعة تنفيذها وتشغيلها واستدامتها.
عندما نتكلم عن ندرة المياه في العالم العربي، هل الأمر يتعلق بالندرة فقط، كون المنطقة مواردها المائية محدودة أم أن الأمر يتجاوز إلى مسألة إدارة المياه والاستثمار في هذا القطاع؟في المنطقة العربية 80% من المصادر المائية تأتي من مناطق أخرى مشتركة ما عدا بعض الدول مثل المغرب، وهذا أمر سلبي -نوعا ما- يساعد على خلق النزاعات، مثل ما يحدث بين مصر وإثيوبيا. والذين يقولون إن الحروب القادمة بسبب المياه كلامهم صحيح، وشرارة الحرب في سوريا كانت بسبب المياه.
هل هناك وسائل أقل تكلفة واستدامة لمواجهة ندرة المياه، عوضا عن إنشاء محطات تحلية مياه البحر؟
إذا نظرنا مثلا إلى الخليج العربي الذي عبارة عن شبه جزيرة مغلقة نجد أن الملوحة فيه وصلت إلى 56 ألف جزء من المليون، بينما تتراوح في البحار والمحيطات ما بين 28 ألفا و34 ألفا من المليون، وذلك بسبب اعتماد دول المنطقة بشكل مكثف على محطات تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى التلوث الكبير الناتج عن مياه الصرف الصحي ومخلفات الناقلات الضخمة.
على دول الخليج أن تتحرك الآن، لأن الكارثة قادمة لامحالة خلال الـ20 عاما القادمة، لا بد من البحث عن مصادر أخرى لتوفير المياه.
هل أفريقيا معنية أكثر بمشاريع بنك المياه الدولي؟هناك اهتمام من قبل المغرب، وتعد أفريقيا مركزا مهما، لأنها تمتلك مصادر هائلة من المياه، كما تعاني مناطق أخرى فقرا مائيا شديدا. كذلك هي جزء مهم من العالم وستكون نقطة مهمة للانطلاق.
ما خطواتكم المقبلة؟بعد إشهار البنك رسميا، سيبدأ في تنفيذ مشاريعه، ونعمل حاليا من خلال صندوق المياه الدولي على مشروعين حيويين، يتعلق الأول بإنشاء أول ناقلة عملاقة للمياه، وستعمل بالطاقة الهيدروجينية وتشمل محطة تحلية مياه مع خزانات كبيرة، وستكون مفيدة للغاية في دعم ندرة المياه في فترة الكوارث والأزمات والطوارئ، وحاليا نحن في المرحلة الأخيرة من إعداد الدراسات التقنية والمالية.
المشروع الثاني يتعلق بتكنولوجيا هولندية، وهي عبارة عن رغوة ترش على التربة في المناطق الزراعية والملاعب والحدائق الكبرى بحيث تساعد هذه التكنولوجيا على اقتصاد المياه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البنک الدولی المیاه فی فی العالم
إقرأ أيضاً:
المبتكرات العمانيات.. من الفكرة إلى الإنجاز
"العُمانية": وسط التقدم التكنولوجي والعلمي، وفي عالم متسارع بالنهوض التقني والفكري، تبرز أسماء نسائية عمانية شابة، تُحدث فرقًا حقيقيًّا في عالم الابتكار وتحمل في صميمها الأمل والتجديد، من هنا تتألق المبتكرات العمانيات اللواتي استطعن أن يترجمن أفكارهن إلى مشاريع واقعية وإبداعات مميّزة تخدم المجتمع، من صميم المختبرات والبرمجيات، وفكرة ريادة الأعمال، آمنت هؤلاء الشابات بأهمية الابتكار في تشكيل المستقبل وبرهنت على القدرة الفذة والعزيمة العميقة التي لا تلين من أجل تحسين جودة حياة ورسم مستقبل جديد للمؤسسات وإيجاد حلول للنهضة بالقطاعات بمختلف مجالاتها.
عُمان ترعى فكر الابتكار
وقد أشار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في خطاباته السامية إلى تعزيز بنى العلم والمعرفة والابتكار والأبحاث، إذ أكد جلالته على أن الاهتمام بقطاع التعليم وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار من الأولويات الوطنية، إضافة إلى دور الابتكار والتقنية في دعم الاقتصاد الوطني، حيث جاء في النطق السامي: (إننا إذ نُدرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال، لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم، للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاعُ الحيوي، ليكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني).
وبلغ عدد الطلبات الوطنية المسجلة للمبتكرين العمانيين في عام 2020، 107 طلبًا مودعًا، ليبلغ في عام 2024، 127 طلبًا لدى المكتب الوطني للملكية الفكرية التابع لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
تسنيم تقود التحول البيئي
وقالت المبتكرة تسنيم بنت محمد الداودية، صاحبة مشروع "تخفيف النفط الثقيل باستخدام تقنية الحقن الهيدروجيني" ومسجلة لثلاث براءات اختراع في مجال النفط والطاقة المتجددة، ومهندسة أبحاث وتطوير، ومؤسس لشركة النفط الأخضر للطاقة، إن أهمية تسليط الضوء على تمكين ودور المرأة في الابتكار ليس بالعهد الجديد في سلطنة عُمان وقد أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم على أهمية دور المرأة الفعّال في مختلف القطاعات، ويعد الابتكار أحد أهم قوى العالم في تحريك الاقتصادات وقد أثبتت المرأة العمانية جدارتها ونجاحها في مجال الابتكار، بما فيها أبحاث النفط والطاقة كونها بيئة خصبة بها الكثير من الإمكانيات والفرص.
وأضافت تسنيم وهي أول عمانية تحقق المركز الأول على مستوى براءات الاختراع الخليجية ممثلة في مكتب براءات اختراع الخليج في عام 2019، أن للابتكار دورا فعالا في إيجاد نقلة اقتصادية نوعية في المجتمع والتي تنعكس بدورها على التطور الاجتماعي، الأمر الذي يجعل مواكبة التطورات العالمية ضرورة قصوى، وهذا ما اهتمت به سلطنة عُمان حيث جعلت من الابتكار إحدى أهم أولويات النمو الاقتصادي وهذا ما ساعد في ظهور المبتكرين من مختلف شرائح المجتمع وهذا مؤشر صحي على أن المستقبل القريب سيشهد حقبة نوعية اقتصادية وفكرية مبنية على أسس الابتكار.
وأكدت على أن المبتكرات العمانيات يحظين اليوم بدعم من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، المتمثل منها في برامج المسرعات من ريادة، وتمكين المبتكرات من تمثيل سلطنة عُمان في المعارض العالمية للابتكار، إضافة إلى المشاركة في البرامج المحلية التي تسلط الضوء على إنجازات المبتكرين والتي تمثل بدورها حلقة وصل بين المبتكر والمجتمع بشكل عام، مشيرة إلى أن المجتمع العماني يشهد انفتاحًا معرفيًّا وفكريًّا أيضًا على المستوى الأسري وهو الأساس الذي ينبع منه الدعم للمبتكر من أجل إيجاد الفرص واحتوائها.
تأتي رسالة تسنيم الداودية كمبتكرة من أجل إيجاد ثقافة جديدة مبنية على فكرة الأبحاث والتطوير في مجال البتروكيماويات ليكون لها دور فعال في تغيير المنظومة الاقتصادية من الاعتماد الكلي على الاستيراد في مجال البتروكيماويات إلى ثقافة التصنيع، والحفاظ على البيئة ودعم سياسة الوصول إلى الحياد الصفري وذلك من خلال إيجاد وتطوير منتجات عضوية قادرة على أن تكون بديلا يكافئ المنتجات الكيميائية فنيًّا واقتصاديًّا.
وحصدت المبتكرة وهي أول عمانية تحقق ميدالية ذهبية في معرض جنيف العالمي في عام 2019، عددًا من الجوائز منها الجائزة الكبرى والميدالية الماسية مع منظمة جاوبل وين العالمية 2022، والميدالية الذهبية مع مرتبة الشرف في معرض اينا العالمي في ألمانيا 2020، والمركز الأول في مسابقة الجدران المتساقطة لتمثيل سلطنة عمان في برلين 2023.
سليمة تبتكر طاقة نظيفة
من جانبها أشارت المبتكرة سليمة بنت سعيد المشرفية عضوة في شركة HydroFuel المهتمة بتحويل نفايات الطعام لغاز الهيدروجين الحيوي، صاحبة مشروع "التقليل من الآثار الضارة للإجهاد اللاحيائي على النبات" إلى أن سلطنة عُمان اهتمت بالمرأة العمانية بشكل عام والمبتكرة بشكل خاص في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وركزت على دورها في البحث والابتكار في خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عُمان فاستثمرت الجهود والأفكار وواجهت التحديات من أجل توفير بيئة مناسبة تضم ابتكاراتها واختراعاتها في مختلف المجالات.
وأكدت على أن الاهتمام بالابتكار من الركائز الأساسية التي تسهم في نهضة الدول وتقدمها، مشيرة إلى نهج جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- الواضح في وضع الابتكار في صميم التنمية الوطنية وما جسّدته رؤية عُمان 2040 من خلال تبنّي الابتكار والبحث العلمي كأحد الممكنات الأساسية للاقتصاد والمجتمع، إلى جانب الجهود والسياسات والمبادرات الوطنية التي تسعى إلى دعم وتمكين المرأة العمانية وإتاحة الفرص أمامها للمشاركة الفاعلة في مختلف مجالات الابتكار والبحث العلمي، الأمر الذي يعكس الإيمان بدور المرأة كشريك أساسي في مسيرة التنمية، ويعزز من حضورها في المشهد العلمي والابتكاري ويفتح أمامها آفاقًا أوسع للإبداع.
وأفادت بأن الأسرة هي الداعم الأساسي للفرد، ومنها تخرجت أجيال مبتكرة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، بالإضافة إلى الدور الإيجابي الذي تؤديه المؤسسات التعليمية في دعم الأفكار الإبداعية، وتبنّي المشاريع المبتكرة وتحويلها إلى واقع ملموس من خلال مبادرات الطلبة في تأسيس شركات ناشئة، والحصول على براءات اختراع، الأمر الذي أسهم في ظهور العديد من المبتكرات العُمانيات اللاتي برزن في مجالات علمية، مما يعكس حجم الإمكانات الواعدة لدى المرأة العمانية في مجال الابتكار.
وأوضحت أن للمبادرات والبرامج الحكومية والخاصة والمؤسسات التعليمية دورًا محوريًّا للمبتكرات العمانيات في دعم وتوفير المساحة والفرص وتبنّي الأفكار وتطويرها وتحويلها إلى نماذج ومشاريع واعدة لتسهم في تشجيع المشاريع ضمن منظومة أكاديمية محفزة في الاقتصاد الوطني.
وحصلت المبتكرة سليمة على المركز الأول في مجال الاستدامة في مسابقة "نحن عمان" بمشروع تحويل نفايات الطعام إلى غاز حيوي، والمركز الثاني في هاكاثون جنوب الشرقية للجامعات تحت تنظيم مبارزة لريادة الأعمال.
ليان تدعم الصم تقنيا
وأكدت المبتكرة ليان بنت سعيد الرحبية، الرئيسة التنفيذية لشركة “سريوس”، على أن سلطنة عُمان تسعى دائمًا في مجال تمكين المرأة في مختلف القطاعات والمجالات ومنها مجال الابتكار كونها تؤمن بأن المرأة ركيزة أساسية لبناء أجيال مبدعة ومؤثرة، وأن المرأة العمانية أثبتت وجودها وجدارتها واستحقاقها للوقوف اليوم في الصفوف الأمامية للباحثين والمخترعين ورواد الأعمال، بالإضافة إلى دورها في تنشئة المبتكرين، وتوسيع آفاق الابتكار داخل الأسرة والمجتمع، مما يجعل تمكينها مسؤولية وطنية مستمرة.
ووضحت أن الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية لها الدور الأبرز في تنشئة جيل واعٍ بأهمية الابتكار، بالإضافة إلى دورهم في عملية الدعم والتحفيز والتشجيع للانخراط في هذا المجال بكل ثقة، وأن المجتمع العماني يشهد اليوم تحولًا إيجابيًّا واعيًا فيما يخص هذا القطاع.
وأشارت إلى أن الابتكارات تؤدي دورًا حيويًّا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما عند ملامسة هذه الابتكارات احتياجات الأفراد وإتاحة المجال أمامهم للعمل والمشاركة المجتمعية.
وتعد “سريوس” شركة طلابية ناشئة معتمدة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، مختصة في مجال الابتكار وريادة الأعمال، ومن أبرز اختراعاتها “لُغة”، وهو أول ابتكار من نوعه على مستوى العالم يخدم فئة الصم والبكم، حيث يتيح لهم إمكانية التواصل الفعّال دون الحاجة لاستخدام لغة الإشارة.
وحصدت الشركة على مجموعة من الجوائز منها، المركز الأول في مسابقة “إنجاز عمان” لأفضل إعلان ترويجي لاختراع “لُغة”، والمركز الثاني والميدالية الفضية عالميًّا في مجال الذكاء الاصطناعي والخدمة الاجتماعية - جائزة نوبل للاختراعات.
ملاك بنت خليفة الحارثية، طالبة في كلية عمان لطب الأسنان، صاحبة مشروع "أول إسمنت حيوي سني مدعّم بأكسيد الجرافين"، تؤكد على أن تسليط الضوء على دور المرأة وتمكينها في الابتكار خطوة استراتيجية لتعزيز تنوّع الأفكار وتعدد زوايا التفكير، ففي المشاريع التي تنطلق منها أفكارها، تكون المرأة العمانية حاضرة في المختبر وفي التحليل، وفي التقييم البيولوجي، وفي صياغة نموذج الإنتاج، الأمر الذي يجعل تمكينها يحمل معنىً جوهريًّا لا شكليًّا.
وقالت إن الابتكار ليس ترفًا فكريًّا، بل هو محرك مباشر لتحسين نوعية الحياة، وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية، وتعزيز الهوية الوطنية، ومجالًا لآفاق أوسع وأرحب لفرص وظيفية جديدة، ويعيد توجيه الاقتصاد نحو المعرفة بدلًا من الاستهلاك، مشيرة إلى دور الأسرة في كونها الحاضنة الأولى للإبداع، بالإضافة إلى دور المجتمع والمؤسسات التعليمية، التي من خلالها يتم توفير البيئات التجريبية والتثقيفية وعبرها يُترجم الفضول إلى حلول، مؤكدة على دعم المؤسسات الحكومية والخاصة عبر البرامج والمبادرات التي أصبحت تراهن بجدّية على المرأة العمانية كمحور أساسي في مشاريع البحث والابتكار.
وتم ترشيح المشروع للمشاركة في محافل علمية محلية ودولية، كما تم اختيار المبتكرة لتمثيل سلطنة عُمان في معرض الابتكار الدولي في ماليزيا.
الدكتورة وُرْدة بنت زايد السعيدية، متخصصة في تطوير أجهزة الذاكرة النانوية، صاحبة مشروع "تصميم سلك نانوي مغناطيسي يتيح التحكم بحركة وتموضع “السكايرميونات” لتخزين بيانات متعددة الحالات ضمن مقطع واحد"، ترى أن أهمية تسليط الضوء على دور المرأة وتمكينها في الابتكار ضرورة لتحفيز التغيّر الحقيقي في بيئة الأبحاث، كما أن وجود قدوات نسائية لا يمنح فقط مثالًا للنجاح، بل يخلق بيئة محفزة تدفع المهتمات لاستكشاف مجالات جديدة بثقة وجرأة، وهذا ما تزخر به ساحة الابتكار النسائية في سلطنة عُمان مع وجود العديد من المبتكرات العمانيات في مختلف المجالات، الأمر الذي أدى إلى إثراء التنوع الفكري والتقني، وعزز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية عبر حلول أكثر شمولًا وفاعلية.
وأكدت على أن الابتكارات تسهم في فتح آفاق اقتصادية جديدة عبر إنشاء شركات ناشئة وتطوير الصناعات، كما توفر وظائف، وتُحسّن نوعية الحياة عند تطبيقها في الطب والتعليم والطاقة وغيرها من المجالات، أما على الصعيد الاجتماعي فهي تعزز روح التعاون والعمل الجماعي وتدفع عجلة التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية والخاصة.
وفي حديثها حول دور الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية في دعم المبتكرات العمانيات فقالت إن الأسرة تؤدي دورًا جوهريًّا من خلال تشجيع الفتاة منذ الصغر على الاهتمام بالعلوم وتوفير الدعم بكافة أشكاله، كما يُعزّز المجتمع العماني هذا التوجه بالعديد من الفعاليات والمسابقات العلمية المحلية والملتقيات التي تتيح عرض الأفكار، أما فيما يخص المؤسسات التعليمية فإنها توفر بيئة خصبة عبر تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة والتجربة دون خوف من الفشل وتوفير الموارد اللازمة في المختبرات المتخصصة، والتي تسهم بدورها في نشر الأبحاث وتبادل الخبرات البحثية عالميا.
وحازت المبتكرة على جائزة أفضل ورقة بحثية عرض شفوي في مؤتمر (GSRC 2024) عن بحث في الذاكرة متعددة الحالات بالسكايرميونات، كما تم اختيارها كعالمة شابة في ملتقى لنداو للفيزياء 2024 تقديرًا لإسهاماتها البحثية.
يسرى بنت يوسف الغدانية، خريجة تخصص الكيمياء من جامعة السلطان قابوس، ومهتمة بالابتكار البيئي والاستدامة، تعمل على مشروع ابتكاري يحمل اسم InkClear، وهو عبارة عن مادة تم تطويرها من حبر الحبار، تستخدم في تنقية المياه الصناعية الملوثة الناتجة عن استخراج النفط، والتي تصل كمياتها إلى ١٠ ملايين برميل يوميًّا، أكدت على أن المرأة العمانية تعكس صورة واقعية عن قدراتها وكفاءتها كونها مساهمة حقيقية في مسيرة التنمية المستدامة في مجال الابتكارات والاختراعات.
وأفادت بأن سلطنة عُمان من خلال وضعها للاستراتيجية الوطنية للابتكار فهي تؤمن أن الابتكار محرك رئيس للتنمية الشاملة، سواء على المستوى الاقتصادي أو البيئي أو الاجتماعي، ومن خلاله يمكن إيجاد الحلول وتحقيق استقلالية في الموارد والتقنيات.
جدير بالذكر أن المبتكرة تستعد لتمثيل سلطنة عُمان في معرض ITEX بماليزيا، وهو من أكبر المعارض العالمية في مجال الابتكار.