قرر إبراهيم المكابرابي، الذي يعمل مزارعا في منطقة الدبة بالولاية الشمالية في شمال السودان، الانضمام إلى مجموعة من الرجال في منطقته بعدما شكلوا ما يعرف بالمقاومة الشعبية من أجل الدفاع عن النفس والعرض في المنطقة.

وقال المكابرابي لبي بي سي إن قراره جاء بعد طول تفكير، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني بوسط السودان.

وأضاف: “لن ننتظر عناصر قوات الدعم السريع حتى يصلوا إلينا.. سنتجهز ونتدرب حتى نتمكن من القتال ضد الغزاة”.

وقال: “حصلت على قطعة سلاح وأنا جاهز اليوم للتدريب من أجل الدفاع عن النفس.. أصبحنا لا نثق في الجيش، فقد ينسحبون من منطقتنا كما انسحبوا من مدني.. الأفضل أن نكون مستعدين للأسوأ”.

مكابرابي هو واحد من عشرات الآلاف من الأشخاص الذين استجابوا لدعوات أطلقت لتشكيل “مقاومة شعبية” في معظم المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني في ولايات: الشمالية، ونهر النيل، والقضارف، وسنار، وكسلا وغيرها من المناطق.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع المئات من الأشخاص وهم يخرجون في مسيرات في الميادين العامة في تلك المناطق، ويحملون أسلحة ويهتفون بالموت لقوات الدعم السريع.

وكانت الحكومات المحلية في بعض المناطق تنسق وتنظم هذا الحراك. وظهر والي ولاية نهر النيل محمد البدوي في مقطع مصور وهو يؤكد أن ولايته الآن أصحبت جاهزة لصد أي هجوم محتمل.

يقول محمد سيد أحمد، أحد المنسقين في المقاومة الشعبية في ولاية نهر النيل، إن الهدف من الفكرة هو تحشيد الأهالي من أجل الدفاع عن المنطقة.

ويضيف خلال حديثه لبي بي سي “هنالك استجابة كبيرة لفكرة المقاومة الشعبية خاصة في أوساط الشباب، ونحن نريد تنظيم هذه الاستجابة”.

وعندما سألته من أين تحصلون على التمويل اللازم لإدارة هذا النشاط، ومن أين تحصلون على السلاح؟ قال إن الحكومة المحلية تعمل معهم وتقدم لهم المساعدات.

وأضاف: “بالنسبة إلى السلاح فإن جزءا منه يأتي من الأشخاص أنفسهم، وجزءا يوفره الجيش.. وقادة الجيش يعملون معنا ويقدمون لنا كل المساعدات الممكنة”.

ولم يصدر الجيش السوداني تصريحا رسميا بخصوص الدعوات للمقاومة الشعبية وتسليح المدنيين، لكن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان ألمح إلى ترحيبه بالفكرة خلال كلمة متلفزة بمناسبة أعياد الاستقلال مساء الأحد الماضي.

وقال: “التحية لشباب وشابات وأبناء الشعب السوداني، الذين اصطفوا في خندق واحد مع قواتهم المسلحة والذين انتظموا في كتائب المقاومة الشعبية”.

مع اتساع رقعة الاستجابة للمقاومة الشعبية، برزت أصوات عديدة تحذر من أن الخطوة قد تجر البلاد الي حرب أهلية.

ومن بين تلك الأصوات أحزاب سياسية وتجمعات نقابية وآخرها مجموعة من الناشطين والحقوقيين الذين أرسلوا خطابا إلى هيئات الأمم المتحدة يطالبون فيها بالعمل من أجل وقف التحشيد وتسليح المدنيين، ومن بينها ما عرف بالمقاومة الشعبية. وقالت إن هذه الخطوة قد تؤدي الي حرب أهلية شاملة في البلاد.

وقد أدى القتال الذي اندلع في أبريل/ نيسان الماضي إلى مقتل 12 ألف شخص، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. كما أجبرت أكثر من سبعة ملايين شخص على ترك مناطقهم، هذا فضلا عن الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية من جسور، ومرافق الكهرباء، والمياه، والمستشفيات.

وهنالك مخاوف من أن تتحول الحرب بين القوتين إلي حرب أهلية شاملة في ظل حالة الاستقطاب الكبير، الذي خلفته الحرب المستمرة منذ أشهر.

ويحذر الخبير العسكري العميد متقاعد عبد الله محمد من تسليح المدنيين لما لها – كما قال – من آثار مدمرة على الأمن القومي.

وأضاف في حديث لبي بي سي أن دعوات المقاومة الشعبية تنطلق من أساس جهوي وإثني: “كل المناطق التي شهدت الاستجابة لدعوات المقاومة الشعبية قامت على أساس جهوي وإثني .. ورأينا قادة القبائل والعشائر وهم يقودون هذا الحراك، وهنالك دعوات لطرد أبناء دارفور من المناطق الشمالية، باعتبار أن قوات الدعم السريع من إقليم دارفور”.

وسبق لكثير من المكونات الاجتماعية في إقليم دارفور، خاصة المكونات التي تنتمي إلى أصول عربية، أن أعلنت انضمامها إلى قوات الدعم السريع.

ويري الخبير العسكري، الذي عمل في دارفور خلال خدمته بالجيش، أن تسليح المدنيين سيضر القوات المسلحة نفسها لأن “معظم الجنود في الجيش السوداني من مناطق الهامش، ومن بينها دارفور .. وإذا رأى هؤلاء الجنود أهلهم يقتلون في الشمال مثلا فلن يكون من السهل إقناعهم بالاستمرار في الجيش والانصياع للأوامر، حتى إذا اتخذت الحرب مسارا إثنيا وعرقيا”.

ترى بعض القوى السياسية في الدعوات إلى المقاومة الشعبية محاولة لـ “تصفية الحسابات السياسية”، في ظل الأجواء التي أفرزتها الحرب.

خلال الشهر الماضي، عندما كان والي ولاية نهر النيل يخاطب الجموع التي أتت تلبية لنداء المقاومة الشعبية، منح أعضاء قوى الحرية والتغيير ثلاثة أيام لمغادرة أراضي الولاية، بعد ما قال إنهم يدعمون قوات الدعم السريع.

وأضاف: “أوجه الدعوة إلى كل خائن أو عميل، أو متعاون مع التمرد، إلى الخروج من الولاية خلال ثلاثة أيام”.

ويقول القيادي في قوى الحرية والتغيير عمر الدقير إن عناصر حزب الرئيس المعزول عمر البشير تستخدم دعوات المقاومة الشعبية لتصفية الحسابات مع القوى المدنية التي تنادي بوقف الحرب.

وقال إنهم دائما ما يقولون إن قوى الحرية والتغيير هي الذراع السياسي للدعم السريع، وهذا ما نفيناه مرارا وتكرارا “لسنا ظهيرا سياسيا للدعم السريع، بل انتقدنا الانتهاكات التي كانت ضالعة فيها خلال الحرب، ولكننا نعتقد أن التحشيد القبلي سيعمق الأزمة الحالية”.

تقرير: محمد محمد عثمان – بي بي سي عربي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المقاومة الشعبیة الدفاع عن حرب أهلیة بی بی سی من أجل

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحذّر من تداعيات "الأعمال العدائية المتصاعدة" في السودان

الخرطوم- حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الجمعة 20 يونيو 2025، من "العواقب الوخيمة الناجمة عن الأعمال العدائية المستمرة والمتصاعدة" في وسط وغرب السودان، مشيرا إلى هجمات عنيفة أدت لسقوط ضحايا من المدنيين.

وقال تورك في بيان إن القتال في أنحاء شمال دارفور وكردفان و"الخطر الجسيم من تفاقم الصراع الوحشي والمميت يثيران مخاوف جدية متعلقة بالحماية، في ظل بيئة تسودها ثقافة الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان".

كانت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة قالت الأربعاء إن أكثر من 16 ألفا نزحوا من مناطق في وسط وجنوب وغرب السودان خلال أسبوع واحد.

وأشار تورك إلى أنه "في 15 حزيران/يونيو.. شنّت قوات الدعم السريع هجوما جديدا على مدينة الفاشر بعد أشهر من تزايد حشد المقاتلين بما في ذلك تجنيد الأطفال في جميع أنحاء دارفور".

وفي ولاية جنوب كردفان "لا يزال المدنيون محاصرين جراء القتال بين الأطراف الساعية إلى السيطرة على مدينة الدبيبات الإستراتيجية"،  بحسب تورك الذي لفت إلى تقارير تفيد بحصار الدعم السريع لمدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، الخاضعة لسيطرة الجيش وفصائل متحالفة معه.

وحذّر المسؤول الأممي من أن الدعم السريع "قد تشن هجوما على (الأبيض) في الأيام المقبلة، وفقا لما أعلنه قائد قوات الدعم السريع".

كانت قوات الدعم السريع استهدفت عدة منشآت في مدينة الأبيض خلال الشهرين الماضيين، من بينها سجن المدينة ومستشفيين وأحياء سكنية، ما أدى لمقتل العشرات.

وأضاف فولكر تورك "طالما شهد العالم لفترة طويلة أهوالا مروّعة غير محدودة تجري في السودان ومعاناة شعبه التي لا توصف".

وأكد أنه "تجب حماية المدنيين مهما كلف الأمر. ويجب إجراء تحقيق شامل في الانتهاكات والجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها".

ودعا تورك "جميع الدول إلى استخدام تأثيرها للضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم.. ووقف تدفق الأسلحة إلى البلاد وكبح جماح المصالح التجارية التي تغذي هذا الصراع".

مقالات مشابهة

  • دكتورة شيراز: إدخال منسوبي المقاومة الشعبية تحت مظلة التأمين الصحي بالشمالية
  • بعد الترويكا.. عراقجي: سنواصل الدفاع عن النفس
  • الأمم المتحدة تحذّر من تداعيات "الأعمال العدائية المتصاعدة" في السودان
  • “المقاومة الشعبية ورفع الحس الأمني”.. مجلس وزراء حكومة الشمالية يطمئن على الأحوال بالولاية
  • وزير الخارجية الإيراني يؤكد أن بلاده ستواصل ممارسة حقها في الدفاع عن النفس
  • هجمات انتقامية وحصار ومجاعة.. النزاع في السودان يزداد حدة
  • في عيد ميلاده.. إفيهات أحمد مكي التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الشعبية
  • السودان يطالب بتصنيف «الدعم السريع» كمنظمة إرهابية ويعلن إفشال هجوم كبير في كردفان
  • الحكومة السودانية تدعو المجتمع الدولي إلى تصنيف "الدعم السريع" ميليشيا إرهابية
  • خلال 24 ساعة... إليكم عدد المهام التي نفذها الدفاع المدني!