صحيفة البلاد:
2025-10-14@07:47:36 GMT

مسودة التاريخ

تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT

مسودة التاريخ

كان أحدهم يعمل في بيع بذور القرع (الفصفص) وكان يأتي إلى سفارات أوروبا الشرقية وإلى سفارة كوبا أيام المعسكر الشرقي في إحدى العواصم العربية، ويتظاهر بأنه مثقف ويرغب في الحصول على تراث لينين وماركس وتيتو وكاسترو؛ فكان الدبلوماسيون يرحبون به ويعطونه كتيبات وملفات قدر ما يستطيع حملها من الأدبيات، التي تتحدث عن الاشتراكية والإمبريالية والبورجوازية والكمبرادورية.

(سألت الأستاذ هلال الكثيري عن الكمبرادورية، فقال: هي كلمة برتغالية تعني المشتري، لكن الكلمة لها رنّة اشتراكية، تعني تحالف البورجوازية مع المال الأجنبي). ثم يعود صاحب الفصفص إلى محله فيستخدم الورق الصقيل الجميل في عمل أغلفة هرمية صغيرة، ويضع فيها الكمية المناسبة من الفصفص ويبيعها للزبائن.
ولما انتهت مدة السبعين سنة من عمر الشيوعية يروي الأستاذ داود الشريان، أن الرئيس المصري حسني مبارك، قال لليساريين المصريين ضاحكًا: راحت عليكم.. وثبت أن صاحب الفصفص كان أكثر وعيًا من اليساريين العرب.
أما كراتين الورق الصقيلة في السفارات والقنصليات فقد وجدت طريقها إلى صناديق قمامة البلدية. وهكذا انتهت طباعة عشرات الألوف من الكتب باللغات المختلفة، التي أصبحت مثل علب التونة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي. وعلى هامش هذه التجارة والثقافة خسرت مصانع الورق ملايين الدولارات، التي كانت تربحها من استهلاك الورق. وقل مثل ذلك خسارة بيع الورق في ليبيا بعد توقف طباعة الكتاب الأخضر، الذي أصبح مسودة تاريخية من مسودات التاريخ.
ثم انتعشت تجارة الورق مع ارتفاع إقبال الرأي العام على شراء الصحف. وهنا نأتي إلى النكبة الورقية الثانية التي بدأت عام 2010م بعد ازدهار وسائل التواصل. فلقد أرسلتُ رسالة قبل خمسة أعوام إلى أحد مشرفي بيع الورق في إحدى الشركات عن كمية الاستهلاك السنوي الورقي فكتب إليّ أن إحدى الصحف المحلية بلغ استهلاكها للورق في وقت الذروة خمسة عشر ألف طن سنويًا، ثم هبطت إلى ألف طن سنويًا. وقال: إن سعر الطن كان 2500 ريال. وذلك يعني أن تلك الصحيفة كانت تدفع 37.500,000 ريال في السنة قيمة الورق.
وعندنا أكثر من عشر صحف يومية. وهناك صحف يومية أو أسبوعية ومجلات رياضية. فعلى هامش تحول بعض الصحف إلى رقمية وتدهور توزيع الصحف والمجلات عموما، فقد تسبب كل ذلك في هبوط مبيعات الورق إلى أقل من 10 بالمائة مما كان عليه قبل عشرين سنة. وتلك نكبة تجارية ورقية ثانية أكبر من سابقتها.
لكن في ذلك خير من حيث الاحتفاظ بمستوى كميات الأشجار في البلاد، التي كانت تصنع الورق مثل إندونيسيا وماليزيا وفنلندا.
يقول المثل الفرنسي: إن الصحافة أول مسودة للتاريخ، فهل انتهى عهد كتابة المسودات التاريخية.. وما هو البديل؟

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

تعزيز العلامة التجارية.. لماذا تحتاج الصحافة إلى أكثر من مجرد تقارير رائعة؟

قال أستاذ إدارة الأعمال في جامعة هيوستن الأميركية غاري راندازو إن الصحف تواجه أزمة عميقة وتحديات وجودية، ليس بسبب الإيرادات أو ثقة الجمهور فحسب، بل بإخفاقها في بناء هوية علامتها التجارية والتعبير عن قيمتها بوضوح.

وأشار راندازو في مقال بمجلة "إي آند بي" إلى أن نموذج عمل الصحف كان بسيطا وفعالا، حيث اجتذبت الاشتراكات الميسورة القراء المخلصين، وأصبح هؤلاء القراء الجمهور الذي يحتاجه المعلنون، وكانت هذه الدورة تعتمد على مبدأ أساسي واحد يتمثل في تقديم معلومات قيّمة تهم حياة الناس.

اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1معهد بوينتر: كلما انتشر الذكاء الاصطناعي ازدادت أهمية المحررينend of list

أما اليوم -يتابع الكاتب- فقد تطور نموذج العمل، حيث أمست الاشتراكات رقمية وتعددت مصادر الدخل، في حين ظلت الصيغة الأساسية كما هي "القيمة للقراء تخلق قيمة للمعلنين"، لكن ما تغير هو الوضوح الذي يتم التعبير به عن تلك القيمة.

بعض الصحف لا تزال تستثمر في التسويق، لكن قلة منها تستثمر في العلامة التجارية، وأقل منها توائم استراتيجية العلامة التجارية مع ثقافة غرفة الأخبار وقيمة المعلن

بواسطة غاري راندازو - أستاذ إدارة الأعمال في جامعة هيوستن الأميركية

الصحف الكبرى والتركيز على التقارير القوية فقط

وأضاف أن بعض الصحف الرائدة مثل وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز وواشنطن بوست تعتمد على الصحافة الاستثنائية لتعزيز علاماتها التجارية، حيث يتم نقل أخبارها على قنوات الأخبار التلفزيونية، ويجري اقتباسها في البودكاست ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي، ولكن على الرغم من انتشارها فإنه لا يوجد دليل يذكر على وجود إستراتيجية متماسكة للعلامة التجارية الخارجية، بحسب راندازو.

راندازو: على الصحف الورقية التي تسعى للاستمرار أن تتجاوز مجرد تقديم تقارير رائعة وأن تعيد نشرها للجمهور كعلامة تجارية ذات معنى وهدف (حسابه على فيسبوك)

وشدد الكاتب -الذي عمل في الصحافة لسنوات طويلة- على أن التسويق وحده لا يكفي، مؤكدا الحاجة إلى تطوير إستراتيجي للعلامة التجارية على نحو متجذر في كل من المهمة والسوق.

إعلان

وأشار راندازو إلى مقال نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في عام 2019 بعنوان "ما الذي تمثله علامتك التجارية المؤسسية؟"، مبينا أنه تضمّن مصفوفة يجب على شركات الإعلام دراستها عن كثب، لافتا إلى أنها تربط بين عروض القيمة الخارجية وعلاقات العملاء وموقع العلامة التجارية في السوق.

وتطرح المصفوفة أسئلة يرى الكاتب أن على كل صحيفة الإجابة عنها:

ما الذي نعد به؟ ولمن؟ ما الذي يجعلنا مميزين وجديرين بالثقة؟ ما الموقع الذي نسعى إليه في السوق؟ كيف نعبر عن قيمنا بشكل متسق لكل أصحاب المصلحة؟  مشجع أميركي يرفع غلاف صحيفة هيوستن كرونيكل (رويترز)تجربة صحيفة هيوستن كرونيكل

وتطرق راندازو إلى تجربته حين كان يعمل في صحيفة هيوستن كرونيكل، وهي أكبر صحيفة يومية في ولاية تكساس، وقال إن العاملين لم يكتفوا بنشر الإعلانات فحسب، بل كانوا يديرون علامة تجارية، حيث كانت الصحيفة تختتم كل حملة إعلانية -سواء في المطبوعات أو على التلفزيون أو في الفعاليات المباشرة- ببيان الهدف "المصدر الرائد للمعلومات في هيوستن".

وعلق بالقول "لم تكن هذه العبارة موجهة إلى الجمهور فقط، كانت تذكيرا دائما للموظفين بأننا نحن الرائدون، لذا تصرفوا على هذا النحو، انشروا وبيعوا المزيد، وقدّموا محتوى جديرا بالثقة، وتفوقوا على المنافسين".

ويرى الكاتب أن بعض الصحف لا تزال تستثمر في التسويق، لكن قلة منها تستثمر في العلامة التجارية، وأقل منها توائم إستراتيجية العلامة التجارية مع ثقافة غرفة الأخبار وقيمة المعلن.

ويوصي الخبير الإعلاني والإعلامي الصحف الورقية التي تسعى إلى الاستمرار والاستدامة بضرورة تجاوز مجرد تقديم تقارير رائعة، مشددا على أهمية أن "توضح قيمتها"، وتوائم ثقافتها الداخلية مع وعدها الخارجي، وتعيد تقديم نفسها للجمهور، ليس فقط كمصدر للمعلومات، ولكن كعلامة تجارية ذات معنى وهدف.

مقالات مشابهة

  • قمة شرم الشيخ للسلام تتصدر اهتمامات الصحف الكويتية
  • “الغرير” تُنجز مصنع نشا الذرة بأبوظبي في الربع الأول 2026
  • قمة «شرم الشيخ» وتصريحات الرئيس السيسي بشأن إثيوبيا تستحوذان على اهتمامات الصحف الكويتية
  • د. آية الهنداوي تكتب: سلام على الورق وعداء في الميدان ..كيف يرانا اليهود حقاً ؟
  • تعزيز العلامة التجارية.. لماذا تحتاج الصحافة إلى أكثر من مجرد تقارير رائعة؟
  • الدفاع المدني بغزة: عودة نصف مليون فلسطيني إلى شمال القطاع منذ وقف إطلاق النار
  • عودة أهالي غزة النازحين إلى منازلهم تتصدر الصحف العالمية
  • عاجل: غرامة تصل نصف مليون ريال.. "اليوم" تنشر مسودة مشروع نظام لحماية المنشآت الحيوية
  • الصحف العالمية تتناول عودة نازحين لشمال غزة ومستجدات تنفيذ الاتفاق