موقف عربي قوي تجاه قضايا المنطقة يحميها من التجاذبات العالمية
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
دبي: «الخليج»
استضافت الجلسة الختامية لـ«المنتدى الاستراتيجي العربي» الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، والدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السموّ رئيس دولة الإمارات، ونبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، وأدار الجلسة التي كانت بعنوان «ماذا يريد العالم العربي من العالم؟»، الصحفي والإعلامي عماد الدين أديب.
الشباب أمل المستقبل
وقال الأمير تركي الفيصل: إن التطور المذهل والانفتاح والتنوير المجتمعي والفكري، في شباب الأمة العربية من الخليج إلى المحيط، يبثّ الأمل في المستقبل. فهناك ثورة ذهنية وإبداعية في شتى المناطق العربية. ويجب التركيز على المستقبل الذي ينبع من هذه الأمة الناهضة بجميع مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأضاف «إذا عدنا إلى مرحلة حكم شاه إيران في سبعينات القرن الماضي، نرى أن علاقته بصنّاع القرار والمسؤولين الأمريكيين، كانت على أساس أنه «شرطي الخليج»، وعلى ذلك مُنح من الإمكانات العسكرية والدبلوماسية ما يخوله القيام بتلك المهمة. وفي المقابل كان هناك توافق أمريكي مع إسرائيل؛ لتكون «شرطي البحر المتوسط»، ومن ثمّ كان هناك تعاون وثيق بين الطرفين: إيران وإسرائيل، إلا أن الثورة الإيرانية بعثرت كل الأوراق وخلطتها. ومع ذلك استمر التعاون بين إسرائيل وإيران، حتى بعد الثورة الإيرانية، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، كمثال فضيحة «إيران كونترا» أو «إيران غيت». إذن لا شك في أن هناك تمازجاً بين هذا المثلث (أمريكا، إسرائيل، إيران)؛ فإدارة بايدن لا تزال تسعى إلى عقد الاتفاق النووي مع إيران، بغض النظر عن الإضرار بمصالح الدول العربية وتحديداً دول الخليج». وأضاف «إذا كان موقفنا في منطقتنا قوياً فلن تؤثر فينا هذه التداعيات والتجاذبات. فالفشل هو فشل جميع الدول العربية، حتى إننا في العالم العربي فشلنا في أن تكون لنا لحمة قوية تمنع عنا هذه الأخطار، كما ألوم الفلسطينيين بسبب الخلاف بين «حماس» والسلطة؛ للسبب نفسه الذي يؤدي إلى النتيجة نفسها».
وقال «حدثت اتصالات عدة بين السعودية وأمريكا، من أجل ما يُسمى التطبيع مع إسرائيل، إلا أن الموقف السعودي الثابت هو أن القضية الفلسطينية تُحلّ أولاً، ثم يتلو ذلك ما يمكن حدوثه من إحلال السلام في المنطقة. ولم تكتف المملكة بذلك بل دعت وفداً من السلطة الفلسطينية للاجتماع مع المبعوث الأمريكي الخاص بهذه المبادرة؛ فالمملكة لا تتحدث بالنيابة عن الفلسطينيين. كما اشترطت على الولايات المتحدة، شروطاً تتعلق بالتسليح ونوعيات الأسلحة، إذا مضت هذه المحاولات قدماً».
وأكد الفيصل قوة العلاقات بين السعودية والإمارات، وقال «هناك 36 رحلة طيران بين البلدين يومياً، وهذا الرقم يخبرك عن مدى قوة العلاقة بين البلدين؛ فالمواطن السعودي إماراتي، والمواطن الإماراتي سعودي».
3 معارك
قال د. أنور قرقاش، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة: إن هناك هجوماً لا أخلاقياً ولا إنسانياً على غزة، وأعتقد أن أمامنا مهمتين متوازيتين، أولاهما التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، بالتوازي مع النظر إلى المستقبل.
وأضاف قرقاش في جلسة «ماذا يريد العالم العربي من العالم؟»، والتي أقيمت في ختام المنتدى الاستراتيجي العربي: «لا بد من الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية التي تهمش الخسائر في الأرواح التي نراها في غزة، ولا بد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
وأشار إلى أن قيادة الإمارات مدركة للظروف المحيطة بالمنطقة، لذا تعمل على مهمتين رئيسيتين، أنها جزء من هذا الزمان والمكان، فهي بهذا الوعي تحاول أن تدير الأزمات الحالية، وعلى رأسها حرب غزة، وفي المقابل أمامها مهمة أخرى هــي التسلح بالعلم وتعزيز الاقتصاد، ولفت إلى أن ما تم في الإمارات خلال السنوات الأخيرة، يدل على أنها لم تتوقف، فالعالم لن ينتظرنا حتى ننتهي من حل جميع مشاكلنا؛ ولذا لا بد من مجاراة ما يحدث حولنا والتعامل معه.
وقال مستشار صاحب السمو رئيس الدولة: «النظام العربي يخوض 3 معارك اليوم.. موقعه في العالم.. والتعامل مع الدول الإقليمية غير العربية.. ومعركة داخلية سببتها محاولات تهميش دور الدولة الوطنية العربية لصالح بعض الميليشيات».
وفسّر: «تخوض الوطنية العربية ثلاث معارك: الأولى معركة موقعها في العالم، وما إذا كنا سندع هذا العالم يتقدم ونتأخر نحن، على الرغم من أن هناك تجارب ناجحة في الإمارات والسعودية. والمعركة الثانية مع الدول الإقليمية غير العربية؛ كيف نتعايش مع إيران وهي مستفيد كبير جداً من حرب غزة، بينما تركيا تراجع دورها من خلال دعمها العديد من جماعات الإسلام الحركي. ولذلك لا بد من أن نجد أطراً للتعامل مع إيران؛ حيث يرى الكثير من الأصوات في إيران أن مصلحة بلادهم هي في التعاون مع العالم العربي، وهذه الأصوات أو الأطراف تشجع ذلك. ثم نأتي إلى إسرائيل، فأقول: لا بد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية، والتعامل مع ما تفعله في غزة».
وتابع: «المعركة الثالثة هي معركة داخلية، بمعنى أن هناك دعوات لتهميش الدولة الوطنية العربية، والنظام الرسمي العربي، لصالح ميليشيات؛ فالدولة الوطنية هي التي يجب أن تكون فاعلة في مختلف القضايا؛ مثل قضيتي غزة والسودان وغيرهما، من أجل إقناع الجماهير العربية أن النظام الرسمي العربي لديه أدواته ولديه تأثيره»، مؤكداً أن هذه المعارك الثلاث معارك شديدة الأهمية لا بد من خوضها بنجاح.
وأكد قرقاش بالقول: «العلاقة بين الإمارات والسعودية نموذج للعلاقات العربية؛ فكل إيجابي في السعودية هو إيجابي للإمارات والعكس صحيح».
بناء القدرات العربية
وقال نبيل فهمي «يمر العالم حالياً بعاصفة مكتملة، فبعد أن كان هناك قطبان، أصبح هناك قطب أوحد، ثم أقطاب متعددة، وهذه الأقطاب لا تعلم ماذا تريد، بما فيها الولايات المتحدة، فأمريكا لا تعرف هل تريد أن تكون دولة عالمية أم دولة عظمى؟! لأن هناك فرقاً بين الاثنتين. وعلينا نحن العرب عدم الاعتماد على الغير أكثر من اللازم، لكن من دون انعزال، فلا بدّ من بناء قدراتنا والتعاون إقليمياً ودولياً. ومن جانب آخر الأخذ بزمام المبادرة في التعامل مع القضايا الإقليمية، بما في ذلك اتخاذ قرارات واضحة، وأعني بذلك إلزام الجميع باحترام القانون؛ حيث إن العمود الفقرى للأمن العربي هو احترام القانون، فإذا لم نستطع فرض احترام القانون كأساس للعلاقات الدولية سندفع الثمن. وهذا ينطبق على الوضع في غزة».
وأضاف «اليسار الإسرائيلي قد انكمش، وأعني بذلك «حزب العمل»، لأسباب عدة. فنحن حالياً نتعامل مع اليمين المتطرف، وعلينا التعامل معه بالحزم والحكمة، لأن هناك أموراً غير مقبولة ستؤثر في استقرار المنطقة كلها. وفي تقديري إذا طرحنا موقفاً أكثر وضوحاً عن ثمن عدم الذهاب إلى السلام، وأن الجميع سيدفعون كلفة باهظة، فربما أمكن الوصول إلى حلّ».
وقال فهمي «سيكون للجانب المصري رد فعل قوي إذا حدث تهجير، فهناك لدى مصر خطوط حمر، وهناك أمور سيادية لا نقبل المساس بها، والمساس بالحدود مساس باتفاقية السلام».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات العالم العربی لا بد من أن هناک
إقرأ أيضاً:
«قمة بغداد».. دعوة إلى موقف عربي موحد لمواجهة التحديات
أحمد شعبان، هدى جاسم (بغداد، القاهرة)
أخبار ذات صلةشدد خبراء ومحللون على أهمية الملفات المطروحة أمام القمة العربية الـ34 في العراق، والتي تُعقد اليوم السبت، وسط أزمات عديدة تشهدها المنطقة، أبرزها استمرار الحرب في غزة، إضافة إلى تفاقم الأوضاع في اليمن وليبيا.
وثمَّن الخبراء والمحللون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، حرص القادة العرب على إنجاح القمة من أجل الخروج بقرارات مهمة تجسد وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، مشيدين بالجهود الدؤوبة التي يبذلها العراق، بالتعاون مع جامعة الدول العربية لضمان نجاح القمة.
وتُعقد أعمال القمة العربية الـ34 تحت شعار «حوار وتضامن وتنمية»، وذلك بالتزامن مع انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الـ5، ما يعكس أهمية الدمج بين البعدين السياسي والاقتصادي في التعامل مع التحديات الراهنة التي تواجه المنطقة.
وأوضح سفير فلسطين السابق لدى القاهرة، بركات الفرا، أن القمة العربية الـ34 تنعقد وسط تطورات دولية وإقليمية متسارعة تُلقي بظلالها على الأمن القومي العربي، ما يضع على عاتق القمة مسؤولية كبرى تتمثل في بلورة موقف عربي موحد يعزز العمل الجماعي المشترك في مختلف المسارات، مشدداً على أهمية توقيت انعقادها، في ظل استمرار الحرب في غزة، وتفاقم تداعيات الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقال الفرا، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن القمة بما يصدر عنها من قرارات وتوصيات مرتقبة، تُعد تعبيراً صادقاً عن وحدة الصف العربي، وأهمية الإجماع على وقف الحرب في غزة بشكل دائم، والتصدي للمخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تفريغ فلسطين من سكانها الأصليين، وتصفية القضية.
وشدد على أهمية توحيد الرؤية العربية إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية، داعياً إلى إحياء مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي أقرتها جامعة الدول العربية كمرجعية للموقف العربي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، مع دعم قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالب الفرا باتخاذ قرارات عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، بهدف وقف العدوان على غزة، وتأمين إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية لمواجهة المجاعة، ومنع التهجير القسري لسكان القطاع، مؤكداً أهمية الموقف العربي الموحد في دعم القضية الفلسطينية.
وأشاد الدبلوماسي الفلسطيني بحرص القادة العرب على الدفاع عن الشعب الفلسطيني باستخدام الوسائل الدبلوماسية والسياسية كافة، مناشداً الدول العربية الفاعلة والمؤثرة للتحرك العاجل لمواجهة الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، والوقوف صفاً واحداً في وجه المخططات التي تنتهك القوانين والأعراف الدولية.
من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، أن القمة العربية الـ34 تنعقد في منعطف خطير تتزايد فيه التحديات، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتطورات الميدانية الناجمة عن الحرب في غزة، وما تقوم به إسرائيل من انتهاكات في الضفة الغربية والقطاع، في سياق تصفية القضية الفلسطينية جغرافياً وديموغرافياً.
وأوضح حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الدول العربية، خصوصاً ذات التأثير الإقليمي والدولي، تبذل جهوداً دؤوبة لتسوية القضية الفلسطينية، عبر مراحل وقف إطلاق النار، والتقدم في إدخال المساعدات الإنسانية، وربط هذه الخطوات بآفاق سياسية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
وشدد على ضرورة أن تُفضي القمة العربية الـ34 إلى مخرجات وقرارات ترتقي إلى المستوى السياسي المطلوب فيما يخص القضية الفلسطينية، عبر دعم وقف إطلاق النار بشكل مستدام، وضمان إدخال المساعدات.
وأكد حليمة أهمية القضايا الأخرى المطروحة، خاصة ما يتعلق بسوريا، معتبراً أن رفع العقوبات عنها يُعد خطوة إيجابية من شأنها أن تعزز دورها في العمل العربي المشترك.
وفي السياق، اعتبر المحلل السياسي التونسي، صهيب المزريقي، أن القمة العربية الـ34 تُعقد في ظل أوضاع إقليمية ودولية متأزمة، خصوصاً في ظل ما تمر به القضية الفلسطينية من محاولات تصفية وعمليات تهجير منظمة تهدف إلى تغيير الخريطة الجغرافية والديموغرافية لصالح إسرائيل.
وقال المزريقي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، نتيجة الحصار ومنع إدخال المساعدات والأدوية، تجعل من القمة العربية في العراق لحظة تاريخية تستوجب قرارات حاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وسوريا ولبنان.
وشدد على أهمية أن تُفضي مخرجات القمة إلى خطوات ملموسة لوقف إطلاق النار، والسعي إلى إدخال المساعدات الإنسانية فوراً، وتسريع صفقات تبادل الأسرى، والشروع في إعادة إعمار غزة بأيادٍ عربية تراعي مصالح الفلسطينيين، وتُفشل مخطط التهجير القسري.
ودعا المزريقي إلى مواجهة التوترات الداخلية في بعض الدول العربية، مع الحفاظ على سيادتها واستقلالها، وهو ما يتطلب أن يكون العرب على قلب رجل واحد من أجل حماية مصالح الأمة العربية.
من جهته، أشار المحلل السياسي اليمني، رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، عادل الأحمدي، إلى أن استضافة العراق القمة العربية الـ34 تعزز مكانة البلد العربي على الساحة الإقليمية، مؤكداً أن قمة بغداد تأتي في توقيت مهم للغاية.
وذكر الأحمدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القمة تأتي في وقت حساس ومفصلي يمر به الشرق الأوسط، يتسم بتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وتزايد التهديدات الأمنية العابرة للحدود، ما يفرض على القمة ضرورة توحيد الرؤية العربية، وإعادة التمسك بمبادرة السلام العربية.
من ناحية أخرى، أوضح المحلل السياسي اللبناني، أحمد عياش، أن انعقاد القمة العربية الـ34 يأتي في ظل مشهد مأساوي، تتصدره المجازر في غزة، ما يضع على عاتق القمة مسؤولية بلورة رؤية واضحة لمستقبل السلام، والبحث في كيفية إنهاء دوامة العنف، والتوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
وقال عياش، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن قمة بغداد تكشف حجم المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق الدول العربية، وتكتسب أهمية خاصة بانعقادها في بغداد، حيث يُمثل ذلك رسالة قوية تعكس صوتاً عربياً فاعلاً في مرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة.
وفي السياق، قال باسم العوادي المتحدث باسم الحكومة العراقية في تصريح لـ«الاتحاد» إن أهم النقاط التي احتواها البرنامج الوزاري العربي المرفوع إلى القادة العرب في القمة هي التقارير المرفوعة إلى القمة وعددها اثنين، تقرير القمة العربية السابقة الـ33 والتزامات تنفيذها، وتقرير الأمين العام للجامعة عن العمل العربي المشترك، وكذلك القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ومستجداته.