عصر الموسيقى بلا مطرب: هل أصبح التوزيع نجم الساحة؟ وهل تحوّلت أغاني الديو إلى موضة زائدة أم وسيلة ذكية لتوسيع الجمهور؟
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة الغنائية، يبدو أن الجمهور – وتحديدًا الفئة الشبابية وعلى رأسها الفتيات لم تعد تبحث عن صوت قوي أو كلمات ذات عمق، بل صارت تنجذب أولًا إلى الإيقاع والتوزيع الموسيقي، حتى قبل أن تُدرك من هو المطرب أو ما هي الرسالة التي تحملها الأغنية.
وفي هذا السياق، بات السؤال مشروعًاهل دخلنا حقبة "الموسيقى بلا مطرب"؟،وهل تحوّلت أغاني الديو إلى موضة زائدة، أم أنها سلاح فني وتسويقي لتوسيع شريحة المستمعين؟
التوزيع الموسيقي.
خلال السنوات الأخيرة، تصدّرت مشاهد الاستوديوهات مقاطع من خلف الكواليس يظهر فيها الموزّعون الموسيقيون يتلاعبون بالإيقاعات ويشكلون التراك وكأنه لوحة فنية، وسط تفاعل هائل من الجمهور.
فلم يعد الموزّع مجرد عنصر تقني خلف الستار، بل أصبح نجمًا له بصمته، وربما يُذكر اسمه في الأغنية قبل اسم المغني نفسه.
وبينما كان المستمع سابقًا يتابع صوت المطرب والكلمات، أصبح اليوم ينجذب إلى Drop موسيقي قوي، أو لحن إلكترو شرقي يثير الحماس، بصرف النظر عن الأداء الصوتي أو جودة الكلمات.
أغاني الديو... بين النجاح والابتذال
في موازاة ذلك، اجتاحت ظاهرة "الديو" معظم الإنتاجات الغنائية الحديثة.
فأصبح من المعتاد أن يتشارك مطربان – من خلفيات أو أنماط غنائية مختلفة – في أداء أغنية واحدة، في محاولة لخلق تناغم صوتي، أو جذب جمهور الطرفين.
لكن هنا تطرح الساحة الفنية تساؤلًا مهمًا:
هل لا تزال أغاني الديو تحقق هدفها الفني؟ أم أنها باتت تُستخدم كوسيلة استهلاكية، أحيانًا دون أي انسجام حقيقي بين الأصوات؟
ثمة من يرى أن بعض "الديتوهات" الأخيرة تفتقر للكيمياء الصوتية والفنية، وتبدو مركّبة بشكل سطحي بغرض التسويق فقط.
في المقابل، هناك من يدافع عن الفكرة، معتبرًا أن التعاون بين الفنانين يمنح الأغنية أبعادًا جديدة ويتيح لها اختراق شرائح أوسع من الجمهور، خصوصًا في ظل المنافسة الشرسة على السوشيال ميديا.
السوشيال ميديا تغيّر قواعد اللعبة
منصات مثل "تيك توك" و"إنستجرام" أصبحت اللاعب الأول في نجاح أو سقوط الأغنية.
فقد تتصدر أغنية لا لشيء سوى لأن 15 ثانية من توزيعها تصلح لتركيب رقصة، أو لصناعة مقطع ترفيهي جذّاب.
ومن هنا، لم يعد صوت المطرب هو المعيار، بل مدى "قابلية" التراك للاستخدام الرقمي.
الجمهور النسائي في قلب المعادلة
اللافت أن جمهور الفتيات سواء في الجامعات، أو على مواقع التواصل – هو الذي يقود التوجهات الفنية الجديدة، ويُعيد رسم حدود الذوق العام.
وبات من المعتاد أن تُستخدم الموسيقى الشعبية المُوزعة بعناية في خلفية فيديوهات الفاشينيستا، أو أن تختار الفتيات مقطعًا موسيقيًا دون أي كلمات للتعبير عن مزاجهن، في دلالة واضحة على أن "الإيقاع" قد يكون أبلغ من الكلام.
في المحصلة... من يكتب قواعد المرحلة القادمة؟
ما بين صعود نجم الموزّع، وتراجع أهمية الكلمات، وطفرة الديوهات، يبدو أن المشهد الغنائي يعاد تشكيله من جديد، وبقواعد تفرضها التكنولوجيا، وتباركها اختيارات الجمهور.
فهل ما نعيشه اليوم مجرد موجة عابرة؟
أم أننا فعلًا دخلنا زمن "الموسيقى التي تغني وحدها"... دون الحاجة لصوت؟
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: تريند البنات الفجر الفني منوعات
إقرأ أيضاً:
سبوتيفاي تشدد الرقابة على الموسيقى بالذكاء الاصطناعي
في خطوة جديدة تعكس تزايد القلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الموسيقى، أعلنت شركة سبوتيفاي عن سلسلة من التغييرات الجوهرية في سياساتها لمواجهة الاستخدام غير المنضبط لتقنيات الذكاء الاصطناعي والرسائل غير المرغوب فيها عبر منصتها. تأتي هذه الخطوة في وقتٍ تتسارع فيه وتيرة التطورات التقنية التي تهدد بطمس الحدود بين الإبداع البشري والمحتوى المُولّد آليًا.
وقالت الشركة إنها تعمل بالتعاون مع منظمة DDEX لتطوير معيار صناعي جديد للإفصاح عن بيانات الموسيقى التي تم إنتاجها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. ويهدف هذا المعيار إلى تعزيز الشفافية بين الفنانين والمستمعين، وضمان معرفة الجمهور بمستوى تدخل الذكاء الاصطناعي في العمل الفني دون التقليل من قيمته الإبداعية.
وبموجب النظام الجديد، سيتمكن الفنانون من الإفصاح عن مدى استخدامهم للتقنيات التوليدية في أعمالهم، سواء تعلق الأمر بالأداء الصوتي، أو الآلات الموسيقية، أو مراحل ما بعد الإنتاج. وتؤكد سبوتيفاي أن الهدف ليس تصنيف الأغاني على أنها مولّدة بالذكاء الاصطناعي أو أصلية، بل تقديم رؤية أوضح لطبيعة العملية الإبداعية وراء كل عمل موسيقي.
وفي موازاة هذه الخطوة، كشفت المنصة عن سياسة جديدة لانتحال الهوية، تهدف إلى حماية الفنانين من النسخ الصوتية المزيفة والمدعومة بالذكاء الاصطناعي. وتوضح السياسة آليات التعامل مع هذه الحالات وطرق تقديم الشكاوى، مما يمنح المبدعين أدوات قانونية وفنية أقوى لحماية أعمالهم من الانتحال أو التقليد الصوتي.
وفي بيان رسمي، علّقت سبوتيفاي قائلة إن وتيرة التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي التوليدي بدت سريعة ومقلقة أحيانًا، خاصة بالنسبة للمبدعين. في أفضل حالاته، يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة للفنانين لإنتاج الموسيقى، لكنه في أسوأ حالاته قد يُستخدم لخداع المستمعين والتلاعب بالنظام البيئي الفني.
وتشير الشركة إلى أن بعض الجهات تستغل هذه التقنيات لإنشاء محتوى موسيقي مزيف أو مكرر بغرض تحقيق مكاسب غير مشروعة من عائدات الملكية الفكرية. كما حذرت من ظواهر مثل التحميلات الجماعية، واختراقات تحسين محركات البحث، وإساءة استخدام المقاطع القصيرة، معتبرة أن أدوات الذكاء الاصطناعي جعلت من السهل إنشاء هذا النوع من المحتوى العشوائي على نطاق واسع.
وللتعامل مع هذه التحديات، تخطط سبوتيفاي لإطلاق نظام فلترة متطور خلال الخريف المقبل، يعمل على رصد الأغاني التي تنطوي على ممارسات احتيالية أو رسائل موسيقية غير مرغوب فيها، مع وضع علامات تحذيرية عليها ومنع خوارزميات المنصة من التوصية بها للمستمعين. وكشفت الشركة أنها أزالت خلال الاثني عشر شهرًا الماضية أكثر من 75 مليون أغنية من هذا النوع.
وترى سبوتيفاي أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية النظام الإبداعي وضمان توزيع عادل للعائدات، إذ إن انتشار المحتوى المزيف يُضعف حقوق الفنانين الحقيقيين ويؤثر سلبًا على ثقة المستخدمين. وتقول الشركة إن الهدف من التحديثات الجديدة هو تحقيق توازن بين تشجيع الابتكار في استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية الأصالة الموسيقية.
مع ذلك، لم تمتد السياسات الجديدة إلى المشاريع الموسيقية التي تُنتج بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، مثل فرقة The Velvet Sundown التي لا يزال محتواها متاحًا على المنصة. وعلّقت سبوتيفاي على ذلك بقولها إنها تدعم حرية الفنانين في استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة إبداعية، لكنها ستواصل محاربة إساءة استخدامه من قبل مزارع المحتوى والجهات غير المشروعة.
بهذه القرارات، تضع سبوتيفاي نفسها في طليعة الشركات الساعية إلى تنظيم العلاقة بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي، ساعيةً لحماية هوية الفنانين والحفاظ على نزاهة الموسيقى في عصر تتداخل فيه الخوارزميات مع الفن أكثر من أي وقت مضى.