جرائم إبستين الجنسية.. من هم أبرز الشخصيات المتورطة؟
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
يعد الأمير البريطاني أندرو، والرئيسان الأمريكيان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترامب، من بين الشخصيات البارزة المذكورة في أوراق المحكمة الأمريكية التي تتضمن تفاصيل علاقات مرتكب الجرائم الجنسية الراحل جيفري إبستين.
وبدأت قاضية في نيويورك الأربعاء، كشف أسماء أشخاص على صلة بقضية شبكة الملياردير إبستين الذي انتحر في سجنه عام 2019، قبل محاكمته بـ"جرائم جنسية"، بينهم نساء يُعتقد أنهن من ضحاياه، وآخرون يُشتبه في أنهم تواطأوا معه.
ومن بين هؤلاء الأشخاص الذين يتراوح عددهم بين 150 و180 والذين وردت أسماؤهم على آلاف الصفحات من الوثائق القضائية نشرها القضاء الفيدرالي في مانهاتن، هناك الأمير أندرو، دوق يورك، الذي زعمت امرأة من ضحايا إبستين أنه تحرش بها.
كما ذكرت لائحة الأسماء الرئيسين الأميركيين السابقين الديمقراطي بيل كلينتون (1993-2001) والجمهوري دونالد ترامب (2017-2021).
وفي حالة ترامب، ذُكر الملياردير النيويوركي في الوثائق على أنه كان يعرف إبستين، لكن لم يُذكر أي سلوك ضار أو إجرامي محتمل.
لكن ترامب تحدث عنه عام 2002 قائلا: "أعرفه منذ 15 سنة، إنه شخص هائل، صُحبته مليئة بالمتع ويقال إنه يحب النساء الجميلات مثلي تماما، وهو يميل إلى النساء صغيرات السن، جيفري يستمتع بحياته الاجتماعية دون شك".
اقرأ أيضاً
مقابل 105 ملايين دولار.. تسوية بين جزر فيرجن وإبستين في قضية الاتجار بالجنس
في إفادتها، تذكرت شاهدة تدعى جوانا سيوبيرغ، الوقت الذي كانت فيه مع إبستين على متن إحدى طائراته وأبلغهم الطيار أنهم بحاجة إلى الهبوط في أتلانتيك سيتي، ثم اقترح إبستين عليه الاتصال بترامب.
قالت سيوبيرغ: "قال جيفري: عظيم، سنتصل بترامب وسنذهب إلى ..(لا أتذكر اسم الكازينو)، ولكن – سنذهب إلى الكازينو".
وأشارت سيوبيرغ في وقت لاحق في شهادتها أنها لم تقم بتدليك ترامب مطلقًا، ولم يتم اتهام ترامب بارتكاب مخالفات تتعلق بإبستين في الوثائق.
لكن في العام 2020، انتشر مقطع فيديو قديم لترامب يطلب فيه من أحد المراسلين أن يسأل الأمير البريطاني أندرو عن بعض التفاصيل الخاصة بجزيرة ليتل سانت جيمس، المملوكة لإبستين.
ويعود الفيديو إلى عام 2015، أي قبل دخول ترامب السباق الرئاسي لعام 2016، وذلك خلال أحد المؤتمرات التي أجراها الحزب الجمهوري، حيث سأل أحد مراسلي شبكة "فوكس نيوز" ترامب عن رأيه في كلينتون، ليرد قائلاً "رجل لطيف، سيواجه الكثير من المشاكل المتعلقة بالجزيرة الشهيرة المملوكة لجيفري إبستين في الفترة المقبلة في رأيي".
وفي وقت لاحق، سأل مراسل وكالة "بلومبرج" ترامب عن "طبيعة تلك المشاكل" التي يعتقد أن كلينتون سيواجهها، ليرد: "لا أعلم، لكن تلك الجزيرة كانت بالفعل بالوعة، ليس هناك شك في ذلك، فقط اسأل الأمير أندرو، وسيخبرك أن الجزيرة عبارة عن بالوعة".
اقرأ أيضاً
تاجر الجنس جيفري إبستين: بن سلمان وبن زايد من عملائي
أما كلينتون، الذي كان أكثر قرباً من إبستين، وكان يسافر معه في بعض الأحيان، فإن اسمه ورد عشرات المرات، لكن دون أي إشارة واضحة إلى ارتكابه وقائع غير قانونية.
والتقطت صورة لكلينتون مع إبستين، لكن ممثلو الرئيس الأسبق أشاروا إلى أن التواصل بينهما انقطع منذ عام 2005، قبل ظهور تلك الاتهامات الجنائية.
وأشارت الدعوى التي رفعتها الضحية فيرجينيا جيوفري عام 2015، إلى مزاعم بأنها التقت كلينتون في جزيرة ليتل سانت جيمس المملوكة لإبستين.
كما أوضحت سجلات الرحلات الجوية التي احتفظ بها أحد طياري إبستين، أن كلينتون استخدم طائرة إبستين عدة مرات بين عامي 2002 و2003، كجزء من مشروعات إنسانية في أفريقيا وباريس وبانكوك وبروناي.
وقال كلينتون في تقارير سابقة نقلتها شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، إن إبستين كان "ممولا ناجحا" وشخصا ملتزما بالأعمال الخيرية، وإنه "يقدّر كرمه ورؤيته خلال... رحلة إلى أفريقيا للعمل على إرساء الديمقراطية وتمكين الفقراء وخدمة المواطنين ومكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة".
وقال متحدث باسم كلينتون عام 2019، إنه "لم يذهب أبدا إلى جزيرة ليتل سانت جيمس، أو مزرعة إبستين في نيومكسيكو أو مقر إقامته في فلوريدا".
اقرأ أيضاً
تاجر الجنس الملياردير الأمريكي إبستين كان جاسوسا للموساد
لكن أشارت الوثائق إلى أن ماكسويل، قالت إن كلينتون سافر عدة مرات على طائرة إبستين الخاصة، دون تحديد عدد تلك المرات.
كما قالت ضحية أخرى، تدعى جوانا سيوبيرغ، إن حوارا دار بينها وبين إبستين خلال عام 2016، لفت فيه الأخير إلى أن إعجاب كلينتون بـ"الشابات الصغار".
وعند سؤالها عما إذا كان كلينتون صديقا لإبستين، قالت إن لديها علم بأن هناك "أعمالا" تربطهما سويًا.
وفي تصريح لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، أكد متحدث باسم كلينتون، أنه مر نحو "20 عاما على آخر تواصل بين كلينتون وإبستين".
أما الأمير البريطاني أندرو، فهو متهم من قبل الأمريكية فيرجينيا جوفري، البالغة حالياً 40 عاماً، بالاعتداء جنسياً عليها 3 مرات سنة 2001، حين كانت في الـ17 من عمره، في لندن ونيويورك وجزر فيرجن البريطانية.
وأكدت أنها التقته عن طريق إبستين.
اقرأ أيضاً
كتاب: الملياردير المنتحر إبستين كان عميلا للموساد
غير أن الأمير البالغ 62 عاماً، الذي بات منبوذاً بعد هذه القضية، لطالما نفى الاتهامات الموجهة إليه.
وقد توصل إلى اتفاق بالتراضي مع جوفري في 15 فبراير/شباط 2022، قضى بأن يدفع لها 13 مليون دولار بحسب صحيفة "ديلي تلغراف"، ما جنّبه محاكمة أمام القضاء المدني في نيويورك كانت لتشكّل إحراجاً كبيراً للعائلة الملكية البريطانية.
من بين الأسماء الشهيرة أيضًا التي كشفتها الوثائق، نجم الغناء الراحل مايكل جاكسون، حيث قالت إحدى الشهود في القضية، بحسب الوثائق، أنها التقت المغني في منزل إبستين.
ونقل موقع "أكسيوس"، أن المغني "طلب منها أن تمنحه جلسة تدليك"، لكنها رفضت القيام بذلك.
كما زعمت جوفري في شهادتها أن ماكسويل وجهتها إلى ممارسة اتصال جنسي مع أشخاص من بينهم حاكم ولاية نيو مكسيكو السابق بيل ريتشاردسون، وخبير التكنولوجيا مارفن مينسكي، ووكيل عارضات الأزياء الفرنسي الشهير جون لوك برونيل، والمستثمر الأمريكي غلين دوبين.
قال متحدث باسم دوبين في بيان في 2019، عندما تم الإعلان عن ادعاءات جوفري سابقًا، أن "غلين وإيفا دوبين غاضبان من المزاعم الموجهة إليهما في سجلات المحكمة ويرفضانها بشكل قاطع".
اقرأ أيضاً
فرنسا تحقق في ارتكاب إبستين جرائم جنسية على أراضيها
وقد تم نشر البيان على نطاق واسع في ذلك الوقت، بما في ذلك في "واشنطن بوست"، و"هيل"، و"فانيتي فير".
ولا يزال نفس الجزء من هذا الإيداع يحتوي على 3 أشخاص لم يتم الكشف عن أسمائهم، تزعم جوفري أن ماكسويل وجهتها إلى إقامة علاقات جنسية مع أمير (لم يذكر اسمه)، وصاحب سلسلة فنادق كبيرة، واسم محجوب بالكامل.
وكان كشف هذه اللائحة منتظراً، منذ أن أمرت به القاضية في المحكمة الفيدرالية في مانهاتن لوريتا بريسكا في 18 ديسمبر/كانون الأول.
ويأتي هذا التحرك القضائي في إطار دعوى تشهير أقامتها الأمريكية فرجينيا جوفري، على إبستين وعشيقته وشريكته السابقة غيلاين ماكسويل، التي حُكِم عليها عام 2022 بالسجن 20 عاماً.
وأوردت القاضية في ديسمبر/كانون الأول في وثيقة من 50 صفحة، حالات نحو 180 شخصاً تحت أرقام وأسماء مستعارة، وأمرت بكشف هوياتهم الكاملة خلال 14 يوماً على الأكثر من تاريخ هذه الوثيقة القضائية، أي في 2 أو3 يناير/كانون الثاني.
وكان إبستين وماكسويل مرتبطين عاطفياً مطلع تسعينات القرن العشرين، قبل أن ينشأ بينهما تعاون مهني وتواطؤ في جرائمهما الجنسية طوال نحو 30 عاماً.
اقرأ أيضاً
جواز سفر سعودي مزور لإبستين المتهم بتجارة الجنس للقاصرات
وكانت ماكسويل (61 عاماً) التي تحمل الجنسيات البريطانية والفرنسية والأمريكية، وتُعدّ من الوجوه البارزة لمجتمع المشاهير، أدينت في نيويورك خلال ديسمبر/كانون الأول 2021 بتهمة الاتجار الجنسي بقاصرات لحساب إبستين، وحُكم عليها في يونيو/حزيران 2022 بالسجن 20 عاماً.
أما إبستين الذي كان رجل أعمال في القطاع المالي وصاحب نفوذ واسع تمتد شبكة علاقاته الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة وخارجها، فاتُّهم بالاعتداء جنسياً على قاصرات واغتصابهن، وانتحر في سجنه في نيويورك في 10 أغسطس/آب 2019، مما أدى إلى سقوط دعوى الحق العام عليه.
والنفوذ الواسع الذي كانت تحظى به شبكة إبستين كان مصدر "نظريات مؤامرة"، أشارت إلى تعرضه للقتل في السجن تحت غطاء انتحار.
لكن الطبيبة الشرعية في نيويورك ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، خلصا إلى أنه انتحر، وأن وفاته "لم تكن ناجمة عن عمل إجرامي".
وفي يونيو/حزيران الماضي، أكدت وزارة العدل "نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن عدم وجود عناصر إجرامية في قضية وفاة إبستين".
وهناك 187 فردا مختلفا معروفين باسم جون أو جين دو في أوراق المحكمة، وسيتم تباعا الإعلان عن أسمائهم الحقيقية.
اقرأ أيضاً
اتهامات لترامب باغتصاب قاصر في منزل جيفري إبستين
وأشارت القاضية لوريتا بريسكا، إلى أن العديد من الأفراد المذكورين في الدعوى القضائية قد كُشفت هوياتهم من قبل وسائل الإعلام أو في محاكمة ماكسويل الجنائية.
وأضافت أن كثيرين آخرين "لم يثيروا اعتراضا" على الإفراج عن الوثائق.
وقالت القاضية في حكمها إن بعض الأسماء المدرجة في القائمة ستبقى سرية، بما في ذلك أسماء الضحايا من الأطفال.
وربما ظهر بعض الأفراد أكثر من مرة تحت أرقام مختلفة للاسم "دو"، لذا فإن العدد الدقيق للأسماء التي سيكشف النقاب عنها غير معروف.
وتشير التقارير إلى أن "حقيقة ظهور أسماء لأشخاص في الملفات لا تعني بالضرورة أنهم متورطون في مخالفات"، إذ لم يتم توجيه تهم جنائية إلا إلى إبستين وماكسويل بالإساءة للفتيات والشابات في مساكن في نيويورك وفي جزر وأماكن أخرى.
اقرأ أيضاً
تقارير: انتشار الجرائم الجنسية وسط رجال الدين اليهود في (إسرائيل)
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إبستين جرائم جنسية ترامب كلينتون مايكل جاكسون الأمير أندرو جنس اغتصاب جیفری إبستین إبستین کان فی نیویورک اقرأ أیضا إبستین فی الذی کان إلى أن من بین فی ذلک
إقرأ أيضاً:
جرائم فرنسا على موعد آخر مع الجزائريين
مهما قدّمت فرنسا نفسها للعالم على أنها بلد التنوير والحرية والعقلانية في العصر الحديث، فإنها تبقى في المنظور الإنساني صاحبة أسوأ تاريخ استعماري في حق البشرية، والجزائريين منهم على وجه الخصوص، بما اقترفته من جرائم حضارية ومادية فوق الخيال.
ستظلّ فرنسا، الملعونة تاريخيّا، مرتبطة في ذاكرة الشعب الجزائري بأقسى صور الاحتلال البغيض الذي نهب وسرق كل ما وقع تحت يديه، والإبادات الجماعية والتعذيب الوحشي والجرائم النووية، ناهيك عن التجهيل الممنهج والتنصير والفرنسة وهدم المساجد وحرق الكتب ونبش القبور وسواها من الفظائع.
لقد طبّق الجيش الاستعماري المقيت، منذ دخوله الأرض الجزائرية الطاهرة، سياسة الأرض المحروقة، في محاولة وحشية لقمع المقاومات الشعبية التي اندلعت في كل جهات البلاد، خاصة بالمداشر والأرياف.
ولذلك، لم يتورع قادة فرنسا العسكريون، من أمثال العقيد ماكسيميليان جوزيف عن سحق قبيلة العوفية سنة 1832م في الحراش وسهل متيجة، ومثلها مجزرة عرش بن ناصر، قرب مدينة شرشال.
كما يوثّق السجل الدموي لفرنسا في الجزائر الوقائع المفجعة لمحرقة أولاد رياح بمستغانم (غار الفراشيش) عام 1845م، حيث عمد جيش الاحتلال إلى القتل المنهجي ضد أفراد القبيلة بذريعة تحالفها مع الشريف بومعزة ودعمها لمقاومته، أمّا في محرقة الأغواط عام 1852م، والتي كانت أشدّ فتكا من سابقاتها، فقد استعملت القوات الفرنسية مواد كيماوية محرّمة دوليا.
بينما “تبقى الفظائع التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن في الثامن من ماي 1945م، تشهد على مجازر بشعة، لا يمكن أَن يطويها النسيان، بل ستظلّ محفورة بمآسيها المروّعة في الذاكرة الوطنية”، مثل ما ورد في رسالة سابقة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
وفي ردّها الجبان على هجمات 20 أوت 1955، قمعت فرنسا الآلاف من المدنيين وأحرقت المشاتي وقصفت القرى جوّا وبرّا، كما سلّحت الأوروبيين لتشكيل ميليشيات فاشية بهدف الانتقام من الجزائريين العزل، ولا يزال ملعب سكيكدة معلما شاهدا على المجزرة الكبيرة، يوم حشر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، لإعدام الكثير منهم، حتى بلغ عدد ضحايا الحملة الانتقامية 12000 شهيد.
وفي العام الموالي، نفذ متطرفون يهود مدعومون بشرطة الاحتلال الفرنسي مجزرة 12 ماي 1956 في مدينة قسنطينة، أين راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء.
ومع توقيعها على عديد الاتفاقيات الدولية، باعتبارها من الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية المدعية للسلام، فقد أمعنت في قمع الجزائريين المدنيين بكل وحشية لعزل الثورة التحريرية بعد ما اشتدّ عودها عن حاضنتها الشعبية، وستبقى الأحداث المأساوية لمظاهرتي 11 ديسمبر 1960 بالجزائر و17 أكتوبر 1961 في باريس خير دليل على بشاعة الاستعمار الفرنسي.
كما تشكّل “حرب الكهوف” وجها آخر أكثر وحشية في ممارسات فرنسا مدعية “الأخوّة” و”المساواة”، وقد اعترف بنوها خلال السنوات الأخيرة باستخدام جيشهم المقيت لغازات سامة في حقن مغارات المجاهدين وكهوفهم، وأخطر منها جرائم أسلحة الدمار الشامل تحت عنوان التجارب النووية والكيميائية، في عدة مواقع من الصحراء الجزائرية بدءا من 1957.
لم تكن تلك المحطات الأليمة في ذاكرتنا الوطنية سوى عيّنات محدودة عن جرائم فرنسا في حق الأمة الجزائرية، ويكفي أنّ تقريرا صادرا عام 2017 عن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، يؤكد استشهاد 10 ملايين شخص خلال كامل فترة الاحتلال.
إنّ نكأ جراحنا التاريخية مع فرنسا، بعد 63 سنة من استرجاع السيادة الوطنية، لا تحرّكه الأحقاد (وحقّ لنا الحقد عليها) ولا المزايدات أو الانغلاق على الماضي، كما يروّج المهزومون وبقايا الطابور الخامس، بل لأنّ “الحرص على ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تلك الصفحات المجيدة، ومن تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التـاريخي، باعتباره أحد المقوّمـــــات التي صهرت الهويـــــة الوطنيــــــةَ الجزائريـــــة ومرتكزا جوهريا لبنـــــاء الحـــــاضر واستشراف المستقبل”، على حد تعبير رئيس الجمهورية.
ولا يمكن اليوم بناء مسار ثقــــة، والتطلع نحو إرساء علاقات تعاون دائم ومثمر، يضمن مصالح البلدين في إطار الاحترام المتبادل، من دون تسوية نهائية لملف الذاكرة والتاريخ، لأنّ دماء الآباء والأجداد وحرمة الأرض المنتهكة وخيرات الوطن المسلوبة لن تذهب هدرا على يد الأسلاف في عهد السيادة.
من المؤسف أنّ “الشعوب التي خضعت للاحتلال لم تستفد من النظامين الأساسيين لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، نظرا لعدم احتوائها على قواعد محدّدة لملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، بخصوص المسؤولية الشخصية للأفراد والمسؤولية التقليدية للدول زمن الاحتلال”، وفق قول الخبير في القانون الدولي الإنساني، البروفيسور عمر سعد الله، على جريدة “الشروق”.
ولأجل استرجاع الحقوق لأهلها، فإنّنا ندعّم بقوة مقترح سعد الله بخصوص استحداث شعبة خاصة بالجرائم الدولية على مستوى المحكمة العليا، خاصة أن مقترح قانون تجريم الاستعمار على طاولة النقاش البرلماني، حيث تختصّ بالنظر في جرائم الاحتلال الفرنسي، ومنحها اختصاصات القضايا المتعلقة بمسؤولية الدول والأفراد زمن الاحتلال، استنادا إلى المنظومة القانونية الدولية كاتفاقيات جنيف عام 1949، والصكوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
الشروق الجزائرية