يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره كتاب "هيئة كبار العلماء وقضايا الأمة"، بقلم المؤلفيْن: الدكتور محمود صدقي الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور حسن إبراهيم يحيى، المدير العام بهيئة كبار العلماء، يتناول جهود هيئة كبار العلماء في تشكيلها الأوَّل (1329-1381هـ/ 1911-1961م)؛ بهدف عرض فترةٍ مشرقةٍ من تاريخ علمائنا غابت عن أنظار المتعلِّمين إهمالًا، أو غُيِّبت عنهم عمدًا.

معرض القاهرة الدولي الـ 55 .. هيئة الكتاب تستقبل الأعمال المقدمة للجوائز رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب الثالث بقطاع الدًّراسة

يشير الكتاب في مقدمته إلى أن المتأمِّل للتَّاريخ بإنصافٍ يدرك أنَّ الله -تعالى- قد حفظ الأزهر بالإسلام، وحفظ الإسلام بالأزهر، ووقائع التَّاريخ شاهدة بأنَّ روح الإسلام؛ عقيدةً، وشريعةً، وسلوكًا قد عمَّرت جنبات الأزهر وأروقته، وشغلت قلوب رجاله وعقولهم، حتى صار الأزهر ورجاله الحصن الحصين، والمعقل الآمن لثقافة الأمة؛ حيث انتهت إليه أمانة التَّبليغ، واستقرَّت به المحجَّة البيضاء، واستعصمت به لغة القرآن، ومنذ كان الأزهر الشَّريف في دنيا النَّاس وهو يرسل أضواءه الهادية المتلاحقة على المجتمعين العربي والإسلامي، بل وعلى المجتمع الإنساني.

جهود أعضاء هيئة كبار العلماء في فترتها الأولى

وقد طوَّف هذا الكتاب حول جهود السَّادة أعضاء هيئة كبار العلماء في فترتها الأولى (1329-1381هـ / 1911-1961م)، في ثلاث قضايا رئيسة، اشتملت على القضايا العلميَّة والوطنيَّة والعالميَّة.

فأمَّا القضايا العلميَّة؛ فقد أدرك السَّادة علماء الهيئة منذ وقتٍ مبكرٍ أنَّ التَّعليم ضرورةٌ لأيِّ أمَّةٍ تنشد الحياة الكريمة، فحمل أعضاء الهيئة على عاتقهم أمانة المحافظة على نظام التَّعليم الأزهري الأصيل مع حرصهم على مواكبته للعصر، فلم يفرِّطوا في المناهج الأزهريَّة الأصيلة، وأبقوا على روح التراث الإسلاميِّ نابضةً بالحياة؛ وفي الوقت نفسه لم يهملوا التَّطوُّر الَّذي يشهده العصر، وبذلك جمعوا بينهما بما يخدم قضيَّة التَّعليم، ويجعلها متجاوبةً مع حاجات المجتمع.

وهم في هذا الجانب العلمي لم يكونوا يعيشون حياةً هادئةً، يشرحون الكتب، ويعقدون المجالس، وإنَّما كانت لهم صولاتٌ وسجالاتٌ علميَّةٌ، حُقَّ لكلِّ أزهريٍّ أن يفخر بها؛ لما فيها من قوَّة الحقِّ، وبراعة الأسلوب، وحسن المناقشة والمناقدة، وقد كانت هذه السِّجالات العلميَّة سببًا في تحرير كتبٍ أظهرت ما في القرآن من العلوم الكونيَّة والعمرانيَّة، وأثبتت تواتره واتِّصال سنده، وكتبٍ احتفظت للعلماء بحقِّهم ومكانتهم، وللعلوم بحقِّها ومكانتها، وخاصَّة حين يُتَّهم الإسلام بأنَّه لا علاقة له بالحياة وما فيها من اقتصادٍ وسياسةٍ وعلومٍ وغير ذلك.

وأمَّا القضايا الوطنيَّة، فيشير المؤلفان إلى أن مصر الفتيَّة قد مرت في المدَّة الزَّمنيَّة من 1911م إلى 1961م بأحداثٍ جسامٍ، ضمَّت في طيَّاتها مجموعةً من القضايا المصيريَّة الكبرى، الَّتي كانت تحتاج يقظةً غير عاديَّةٍ، وإدراكًا دقيقًا للواقع، وقراءةً واعيةً للمستقبل، فقد ابتليت مصر آنذاك بمحتلٍّ غاصبٍ لا يهدأ، ولا يفتر عن محاولات تغريب الأمَّة وعزلها عن تراثها، بغية أن يترتَّب على هذا التَّغريب الثَّقافي استقرار قدمه في مصر؛ فهو يكيد للمصريين، وينشر الفتن، ويزرع الضَّغائن، ويحيي النَّعرات الطَّائفيَّة، ويقتل ويدمِّر، وفي مقابل صلف المحتل وكبره كانت هناك وطنيَّةٌ صادقةٌ تُرْجِمَتْ في حركةٍ علميَّةٍ، ودعويَّةٍ، وتوعويَّةٍ، لا تعرف الرَّاحة، ولا تخضع لمؤثِّرات التَّرغيب والتَّرهيب، وكان جلُّ علماء الأزهر الشَّريف وطلَّابه -وخاصَّةً علماء هيئة كبار العلماء- من الأبطال والقادة في كلِّ الحركات المناهضة للاستعمار البريطاني في ذلك الوقت، فقدموا جهودًا كبيرةً، بأن أصدروا الفتاوى بمقاطعة المحتلِّ ومن يمثِّله، بل ومواجهة المحتلِّ الغاصب بجرمه، ونشر فضائح الاحتلال على مستوى عالميٍّ، بل كانوا يشاركون بأنفسهم في صفوف الجهاد.

وكان رصد الواقع وما فيه من ظواهر سلبيَّةٍ أهمَّ الخطوات في سبيل إصلاح المجتمع؛ لذلك أسهموا في معالجة ظاهرة القتل، ومكافحة سموم المخدرات، ومواجهة الأكاذيب والشائعات والدعوات الهدَّامة، وإعلان التَّبرُّؤ من كلِّ تيَّارٍ يشقُّ صفَّ الأمَّة، ويشتِّت شملها.

وأمَّا إسهامات علماء الهيئة في القضايا العالميَّة فكانت من الأهميَّة بمكانٍ، ومن هذه القضايا قضية «الحق الفلسطيني»، الَّذي عقدت الهيئة من أجله الاجتماعات، وجمعت له التَّبرُّعات، وأعلنت رفضها لقرار تقسيم فلسطين، ووجهت نداءاتها للأمَّة بالوقوف صفًّا واحدًا، وعدم شقِّ الصَّفِّ العربيِّ، ولم يكتف علماء الهيئة بهذه الإجراءات وهم بعيدون عن الأراضي المقدسة، وإنَّما توجَّهوا لزيارتها، واطَّلعوا على أحوال أهلها، وجناية المجرمين على أفنائها ومقدَّساتها، وغير ذلك من إجراءاتٍ.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جناح الأزهر معرض القاهرة الدولي للكتاب هيئة كبار العلماء قضايا الأمة مجمع البحوث الإسلامية الأزهر هیئة کبار العلماء

إقرأ أيضاً:

علماء الأوقاف والأزهر يناقشون حق التعليم في الإسلام عبر "المنبر الثابت" بالفيوم

نظمت مديرية أوقاف الفيوم، بالتعاون مع الأزهر الشريف، فعاليات برنامج "المنبر الثابت" بالمساجد الكبرى بالمحافظة، أمس الثلاثاء 24 يونيو 2025، تحت عنوان: "عناية الإسلام بحقوق الإنسان.. الحق في التعليم نموذجًا"، وذلك في إطار الدور التوعوي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف، وبرعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبتوجيهات فضيلة الشيخ سلامة عبد الرازق، مدير المديرية، وإشراف فضيلة الشيخ يحيى محمد، مدير الدعوة.

وشهدت اللقاءات مشاركة نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف وأئمة الأوقاف المتميزين، حيث تناولت الكلمات التأكيد على أن الإسلام دين العلم والمعرفة، وقد أولى التعليم مكانة رفيعة باعتباره حقًّا أصيلًا من حقوق الإنسان.

محافظ الفيوم يتابع تنفيذ المرحلة الثالثة من الموجة 26 لإزالة التعديات على أملاك الدولة ضبط 95 مخالفة تموينية متنوعة في حملات مكثفة بمحافظة الفيوم

وأوضح العلماء أن النصوص القرآنية جاءت حافلة بالدعوة إلى التفكر والتأمل والبحث العلمي، مشيرين إلى أن دعوة الإسلام إلى العلم لا تقتصر على العلوم الشرعية فقط، بل تشمل أيضًا العلوم الكونية والتطبيقية التي تسهم في خدمة الإنسان وتطوير حياته، مستدلين بقوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"، في سياق الحديث عن مظاهر الكون وآياته الدالة على عظمة الخالق.

وأكد المشاركون أن رسالة الإسلام تنطلق من تكريم الإنسان وتعزيز حقوقه، وفي مقدمتها الحق في التعليم، باعتباره وسيلة للارتقاء بالفرد والمجتمع، وتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • غزة توجه رسالة عاجلة لـ علماء الأمة الإسلامية: “غزة تستصرخكم” و ”صمتكم يطيل أمد المجازر”
  • القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجرى الجديد
  • علماء الأوقاف والأزهر يناقشون حق التعليم في الإسلام عبر "المنبر الثابت" بالفيوم
  • في الصين.. ابتكار علاج نانوي لمكافحة السرطان
  • علماء يكتشفون فصيلة دم “خارقة” ونادرة للغاية تهز الأوساط الطبية!
  • تكريم الدكتور عمرو الليثي في جناح هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية بمعرض اتحاد اذاعات الدول العربية بتونس
  • حياتي ومغمراتي وحول أصل اللغة أحدث إصدارات القومي للترجمة
  • هيئة الكتاب تصدر رواية «جبل الشوع» لـ زهران القاسمي
  • علماء صينيون يجدون طريقة جديدة لاصطياد الكوكب التاسع
  • رئيس الجمهورية يزور جناح وزارة الدفاع بمعرض الجزائر الدولي