كيف يتم التحول الديمقراطي في السودان و الكل يعادي الديمقراطية الليبرالية؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الشعب السوداني بذل جهد مقدّر في سبيل التحول الديمقراطي إلا أن نخبه تفتقد بين صفوفها الأقلية الخلّاقة و يمكنك أن تقول و أنت مطمئن ليس من بينهم أي النخب السودانية من يتحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث كما يقول جون استيورت ميل عن توكفيل و كيف كان أول من تحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث حيث يتضح معنى المساواة و العدالة عندما يصبح الفكر الديني بلا أي قوة سياسية و يقبل أتباعه بأن يجرّد من أي قوة اقتصادية و كذلك من أي قوة سياسية و بالتالي تصبح الديمقراطية بديلا للفكر الديني في إستطاعتها ترسيخ معنى المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد.
و أقصد هنا أن ثقافة النخب السودانية ابنة ذهنية تاريخ الخوف. عندما نقول أن النخب السودانية محصورة بين الكيزان و الشيوعيين أقصد إشتراك الكوز السوداني مع الشيوعي السوداني في كرهه لكل ما أنجزه الغرب في الحضارة الغربية من تقدم و كرهه لفهمها ظاهرة المجتمع البشري و معرفتها التي فتحت الباب لدخول الإنسانية التاريخية و الإنسان التاريخي و كره الكوز للحضارة الغربية لأنها قد رفضت بأن يكون الخطاب الديني خارج التاريخ و يحكم على التاريخ كما يتوهم الكوز بنصوصه الدينية كواحد من عبدة النصوص لذلك يظل الكوز كأعداء أعداء الحضارة الغربية و أنها بالنسبة له عدو أبدي.
أما الشيوعي السوداني و هو في الحقيقة كوز و لكن بلون أحمر و كذلك يكره الليبرالية بنفس كره الكوز للحضارة الغربية و بالنسبة للشيوعي السوداني أن الليبرالية هي العدو الأبدي مثلما للكوز أن الحضارة الغربية هي العدو الأبدي. المأساه تكمن في أن بقية النخب السودانية ظلت أسيرة الكهف الذي بناه لها الشيوعي السوداني و الكوز و الغريب الكوز و الشيوعي السوداني أسيري ايمانهم بالمطلق في زمن النسبي و العقلاني في وقت قد أصبحت الانسانية في مسيرة تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى و مفارقة لحتميات الشيوعية و وثوقيات الكيزان في زمن قد أصبح الشرط الإنساني يضع علم الإجتماع في صميم الديالكتيك بعد أن أزاح التأمل و اليقين و ضع محلهما الشك و النقد و ما زال الشيوعي السوداني في زمن الشك و النقد يتحدث بلغة المجرّب و لا يختلف عن أي معراقي يحدثك عن عرق المحبّة.
نقول أن بقية النخب قد أصبحت محصورة بين الكوز و الشيوعي السوداني يشرحها أن كثر يتحدثون عن الإشتراكية لأنها تتيح لهم التواطؤ مع الكوز و الشيوعي حيث يظن من له خطاب ديني يظن أن مكنون الإسلام إشتراكية و بالتالي يكون قد تواطى مع الكوز و الشيوعي و هذا القول نجده في طرح النور حمد في كتاب هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ و هو كتاب قام بتحريره الدكتور صديق الزيلعي و نجد النور حمد في مشاركته في هذا الكتاب يتحدث عن المؤالفة بين الإشتراكية و الليبرالية و دكتور النور الحمد نفسه في لقاء نيروبي كفخ نصبه لهم الكوز خالد التجاني النور نجده يتحدث عن المؤالفة بين العلمانية و الدين شأنه شأن كمال الجزولي و رشا عوض في إعطاءهم الكوز خالد التجاني النور شيك على بياض بأن الدين خارج التاريخ و يمكنه أن يحكم على التاريخ.
ذكرنا هؤلاء و هم من هم وسط النخب السودانية و لكن عندما ترجع لتاريخهم قبل ثورة ديسمبر فهم خاليي وفاض من أي فكر ينتصر للديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث و الآن بنفس النشاط و قومة النفس نجدهم في تقدم و يتحدثون عن التحول الديمقراطي و أخشى أن يكون بنفس فكرهم القديم الذي جعلهم يقعون في فخ خالد التجاني النور في لقاء نيروبي و أقصد هنا رشا عوض و النور حمد و هما خير من يمثلا حيرة النخب السودانية فيما يتعلق بمعنى الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث.
أما الدكتور صديق الزيلعي فهو جدير بالإحترام فيما يخص طرحه لسؤال هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ و في المستقبل البعيد لم يبقى من أدب الحزب الشيوعي غير هذا السؤال الذي يجبرك على إحترام دكتور صديق الزيلعي كمفكر يحترم عقله.
في هذا المقال ذكرنا قول جون استيورت ميل عن توكفيل و هو أول من تحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث و هذا قلب المقال و عبر نبضه نريد أن نقول للنخب السودانية مثلما قال داريوش شايقان أن الحضارة واحدة و هي الحضارة الغربية و أن النور يأتي من الغرب الأوروبي كذلك نقول للنخب السودانية يجب أن تدركوا عندما تتحدثون عن التحول الديمقراطي أنه لم يكن إلا عبر طريق الديمقراطية الليبرالية كما تحدث عنها توكفيل لا غيرها و لها نصاب لن يبلغه فكركم التوفيقي الذي يجاور و يساكن و يصادق فكر الخطاب الديني لأن الديمقراطية عند توكفيل هي بديلا للدين و فكره.
و أقول هذا الكلام و أعرف أن المجتمعات البشرية تحولها بطئ جدا مثلا أوروبا بين الحربين أدركت أن نهاية الليبرالية التقليدية كانت واضحة مثل حال نهاية الخطاب الديني الآن في السودان و العالم العربي و لكن تجاوز هذه النهاية إحتاجت لما يقارب الثلاثة عقود أي الى لحظة نهاية الحرب العالمية الثانية و كذلك اليوم في السودان قد إنتهى زمن الخطاب الديني و لكن نحتاج ربما لثلاثة عقود حتى يتحول المجتمع و يتخلص من حالة التشبع بسبب الزج و التعبية التي تعرض لها السوداني تحت حمل و أثقال الخطاب الديني.
و لكن أوروبا كانت الأقلية الخلّاقة تعمل كان الاقتصاديين و نذكر منهم كنز و الشعراء و علماء الاجتماع ماكس فيبر و فكرة عقلانية الرأسمالية و نذكر من ضمنهم ريمون أرون في فكره عن فلسفة التاريخ الحديثة و مدرسة الحوليات الفرنسية كلهم كانوا يشتغلون لرسم صورة المجتمع ما بعد الحربين العالمتين و كانت النتيجة نهاية الفاشية و النازية و بعدها أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بأربعة عقود سقطت الشيوعية و لحقت النازية و الفاشية كان كل هذا معروف لعلماء الاجتماع والإقتصاديين و الانثروبولوجيين و المؤرخيين غير التقليديين أن الشيوعية و النازية و الفاشية فكر جاء في زمن مؤقت و عابر و سرعان ما استعاد الفكر الحر مساره ليأبد تاريخ الفكر الليبرالي الذي لا يتوج بنهاية فهو مفتوح على اللا نهاية ممثل روح الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي.
و هنا لابد من أن نذكر حنا أرنت و جهدها الفكري في مكافحة النظم الشمولية أي النازية و الفاشية و الشيوعية. و الغريب في السودان نجح الشيوعي السوداني في إبعاد أي فكر يفضح و يوضح طبيعة النظم الشمولية لذلك يندر أن تجد فكر حنا أرنت في كتابات النخب السودانية و هي تكافح النظم الشمولية أي النازية و الشيوعية و الفاشية و يندر أن تجد أي إحالات من قبل النخب السودانية لفكر حنا أرنت و السبب أن الشيوعي السوداني كان يعرف جيدا كيف يحبس بقية النخب السودانية في كهف أسطورة الكهف و لا يترك أحد يخرج ليصطاد الحقيقة كما تقول حنا أرنت.
على العموم أن التحول الديمقراطي آت شاء من شاء و أبى من أبى و لكن ينبغي أن يأتي نتيجة عمل واعي من قبل النخب السودانية بعد أن تدرك أن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث قد أصبحت بديلا للفكر الديني و كل ما في الأمر تظل مسألة التحول الديمقراطي مسألة وقت كما تقول نظريات النمو الإقتصادي.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی الشیوعی السودانی النخب السودانیة الحضارة الغربیة الخطاب الدینی فی السودان فی زمن
إقرأ أيضاً:
رشيد جابر : فقدنا التركيز في الشوط الثاني.. وركلة الجزاء نقطة التحول
قدم مدرب منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم رشيد جابر اعتذاره لجماهيرنا الوفية في أعقاب الخسارة القاسية أمام المنتخب الأردني بثلاثية نظيفة لحساب الجولة التاسعة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم ٢٠٢٦ المقررة بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
وقال رشيد جابر في المؤتمر الصحفي الذي أعقب نهاية المواجهة : أهنئ المنتخب الأردني على الفوز وأعتذر في المقابل لجماهيرنا الوفية على الخسارة، كنا نرغب في إسعادهم ولكن قدر الله وما شاء فعل.
وأقر مدرب منتخبنا الوطني بأن ركلة الجزاء المحتسبة في الأنفاس الأخيرة من الشوط الأول قد ألقت بظلالها سلبا على مردود الفريق لاحقا، بحيث أربكت حساباته تكتيكيا وأدت إلى تقهقر مستواه وبعثرت أوراقه في الشوط الثاني، وفي هذا الصدد أوضح قائلا : لا شك أن ركلة الجزاء التي احتسبها حكم اللقاء خالد الطريس نهاية الشوط الأول قد غيرت مجرى المباراة بالكامل ويمكن القول بوضوح إنها مثلت نقطة تحول حاسمة في المباراة، أدت إلى ارتفاع منسوب الثقة والزخم المعنوي المضاعف لدى المنتخب الأردني.
واستدرك رشيد جابر قائلا : كنا نعي تماما خطورة ترك مساحات أمام لاعبي المنتخب الأردني، وقد سعينا جاهدين لإغلاق المساحات أمامهم قبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة وتفلت المباراة من أيدينا تدريجيا، وفي اعتقادي أنهم نجحوا في ضربنا بسلاح الهجمات المضادة والمرتدات الخاطفة.
وأردف قائلا: المباراة كانت تتجه للطريق الصحيح ونجحنا في إغلاق المساحات والمنافذ المؤدية إلى مرمانا، وخلقنا ثلاث أو أربع فرص للتسجيل ولكن لم نوفق في ترجمتها إلى أهداف في مرمى الفريق المنافس، وهذا هو حال كرة القدم فعندما تتفنن في إهدار الفرص فإنك تصبح معرضا لاستقبال الأهداف في مرماك.
واستطرد قائلا: كان كل شيء يسير على أحسن ما يرام إلى أن جاءت ركلة الجزاء التي سجل منها المنتخب الأردني أواخر الشوط الأول، والتي ساهمت في رفع منسوب الثقة والرغبة لديهم.
وتابع : سعينا جاهدين للعودة في نتيجة اللقاء بعد استقبال الهدف الأول ولكن سرعان ما باغتنا المنتخب الأردني بهدف ثان مطلع الشوط الثاني، واستطاع بعدها تعزيز تقدمه بهدف ثالث قضى على آمالنا تماما وأنهى المباراة.
وأضاف : فقدنا التركيز في الشوط الثاني ودفعنا الثمن خلاله باستقبالنا هدفين نتيجة استغلال عناصر المنتخب الأردني للمساحات التي تركناها في الثلث الأخير من ملعبنا نتيجة اندفاعنا لإحراز هدف التعادل.
واسترسل : لم نكن حاضرين ذهنيا بما يكفي ما مهد الطريق للمنتخب الأردني الذي عاقبنا وتفوق علينا في المساحات واستغل الأخطاء الفردية للاعبينا، وقد ذكرت سابقا بأن التفاصيل الصغيرة والجزئيات الدقيقة ستلعب دورا محوريا في حسم نتيجة اللقاء، وهو ما برهنه المنتخب الأردني جليا بإحرازه الهدف الأول من علامة الجزاء والهدف الثاني من هجمة عكسية سريعة.
وتمسك رشيد جابر بآمال وحظوظ خطف بطاقة الملحق، وفي هذا الشأن علق قائلا : سنصب جام تركيزنا في مباراتنا المفصلية القادمة أمام منتخب فلسطين، والتي نطمح من خلالها لحجز بطاقة الملحق وعليه لن نستسلم في المنافسة وسنقاتل حتى الرمق الأخير للحفاظ على حظوظنا في التأهل للملحق.