لم تحظ فلسطين وقضيتها بالاهتمام والدعم والمساندة والمناصرة من أي شعب، كما حظيت به من قبل الشعب اليمني، ولم تلق هذا الدعم من اليمن طيلة العقود السبعة، كما لاقته مع معركة طوفان الأقصى.
فلسطين هي قضيتنا الأولى كانت وما زالت وستظل، وهذا ما تجسد في موقف اليمن الداعم، والمشارك، في معركة الدفاع عن أبناء غزة، والذي تمثل بمشاركة القوة الصاروخية، والطيران المسير، الذي استهدف بعدة عمليات عسكرية مواقع وأماكن حساسة في ميناء أم الرشراش وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة.
بل إن اليمن استخدم ورقة الحصار البحري على الكيان الصهيوني، بمنع مرور السفن التجارية من البحر الأحمر وباب المندب، هذه الورقة لم يستخدمها اليمن طيلة سنوات الحرب والعدوان عليه، الذي شنها تحالف العدوان بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والسعودية والإمارات، فقد ظل البحر الأحمر وباب المندب ممرا للسفن الحربية والبوارج الأمريكية والتي تقصف اليمن ليلا ونهارا، تقتل وتدمر، فلم يمنع مرورها، ولم يغلق مضيق باب المندب أمامها ، وأمام السفن التجارية المتوجهة نحو دول العدوان، والذي كان بمقدوره أن يضغط على هذه الدول، ويجعلها تستسلم.
ولكنه مع فلسطين استخدم ورقة البحر الأحمر وباب المندب، ومنع السفن التجارية الصهيونية أو المتجه نحو الكيان الصهيوني، وهو ما الحق الضرر الاقتصادي الكبير عليها، وكبدها الخسائر الاقتصادية الهائلة.
أن الدم اليمني اختلط بمياه البحر الأحمر باستشهاد عشرة من أفراد القوات البحرية في مواجهة مع القوات الأمريكية، ومن أجل فلسطين تعلن اليمن الحرب المباشرة مع أمريكا، والتي طال أمد انتظارها.
كذلك المقاطعة الاقتصادية ورقة حرب أخرى لم يستخدمها الشعب اليمني إلا مع القضية الفلسطينية، فأصدرت حكومة الإنقاذ قرارا بمقاطعة الشركات الأمريكية والداعمة للكيان الصهيوني، ومنع دخولها إلى اليمن.
ومن أشكال الدعم، والتفرد مع القضية الفلسطينية هي المسيرات الجماهيرية الأسبوعية، والتي ظلت مستمرة كل أسبوع وخاصة يوم الجمعة، والتي شهدتها الميادين والساحات العامة في صنعاء والمحافظات والمديريات والعزل اليمنية منذ أول يوم لعملية طوفان الأقصى؛ بل إن ميدان السبعين لم يشهد مسيرات مليونية كما شهدها واكتظت بها جنباته في مسيرة «دماء الأحرار… على طريق الانتصار» والتي دعا لها السيد القائد عبد الملك الحوثي، عندما وجه نداء لأبناء الشعب اليمني للخروج الكبير والمشرف.
هذه المواقف، وهذه المحطات المشرفة سيسجلها التاريخ لأبناء اليمن في أنصع صفحاته، وستتناقلها الأجيال عبر العصور..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
من المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن إلى كبير المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى .... دلالات تغيير صفة ليندركينغ على الملف اليمني
فجأة ومن دون إعلان مسبق، تغيرت صفة تيم ليندركينغ من "المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن" إلى "كبير المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى" بوزارة الخارجية الأمريكية، في تحول يثير تساؤلات حول دلالاته السياسية، وكيف تنظر واشنطن للملف اليمني في المرحلة المقبلة.
عند تعيين ليندركينغ مبعوثا خاصا في فبراير 2021، اعتُبرت الخطوة مؤشرا واضحا على أن إدارة بايدن تولي أولوية لإنهاء الحرب في اليمن، انسجاما مع وعودها الانتخابية، لا سيما وأنها المرة الأولى التي تعيّن فيها واشنطن مبعوثا خاصا لليمن منذ اندلاع النزاع في 2014.
في الفترة الماضية، كان ملاحظا تغير صفة ليندركينغ في البيانات التي تنشرها وزارة الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية في اليمن، وآخرها ما ورد في بيان لقاء جمعه في 10 مايو الجاري بالسفير اليمني الجديد لدى واشنطن عبدالوهاب الحجري.
يُذكر أن موقع مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية يدرج تيم ليندركينغ حاليا كـ"كبير المسؤولين" في المكتب، مع تاريخ تولّيه هذا المنصب محددًا بـ20 يناير 2025، وهو اليوم الذي تولّى فيه دونالد ترمب ولايته الثانية رسميا. ورغم غياب أي إعلان رسمي بإلغاء منصب المبعوث الخاص أو تعيينه في موقعه الجديد، إلا أن سيرته الذاتية على الموقع تشير إلى أن دوره السابق كمبعوث خاص لليمن أصبح من الماضي، ما يعزز فرضية أن الإدارة الجديدة أعادت ترتيب أدواتها في التعاطي مع الملف اليمني دون ضجيج سياسي أو إعلامي.
وقد أثار هذا التغيير غير المُعلن رسميا تساؤلات حول مغزاه، وانعكاساته على مسار السلام المتعثر في اليمن.
1- تراجع أولوية الملف اليمني:
يعكس هذا التحوّل في صفة تيم على الأرجح تراجع مستوى الاهتمام الأمريكي المباشر بالملف اليمني مقارنة بعهد بايدن، ويتماشى مع تركيز ترمب على أزمة الملاحة البحرية التي استدعت تدخلا عسكريا أمريكيا، توقف مؤخرا بعد الاتفاق مع الحوثي.
2- دمج الملف اليمني ضمن مقاربة إقليمية أوسع:
قبل تعيينه مبعوثا خاصا، عمل ليندركينغ في مكتب شؤون الشرق الأدنى، ويتمتع بخبرة طويلة في شؤون المنطقة، وبالتالي فإن عودته إلى هذا المكتب تعني أن الملف اليمني لن يُعالج بمعزل عن القضايا الإقليمية، بل سيُربط بملفات ذات صلة، من بينها أزمة البحر الأحمر والتي تم حلها بالاتفاق مع الحوثي وقد يكون ضمن النقاش الجاري بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني في مسقط والذي يسعى الأمريكيون لحسمه سريعا ثم مناقشة الملفات الأخرى المرتبطة بالدور الإيراني في المنطقة مثل دعم الحوثيين في وقت لاحقا.
هذه الأولويات، تعني تقليص الزخم الذي كانت تضطلع به الوساطة الأمريكية المباشرة في اليمن خلال السنوات الماضية.
3. نهاية مرحلة "المبعوث الخاص":
لعب ليندركينغ دورا بارزا في الوساطات الأمريكية، خاصة في الوصول إلى هدنة أبريل 2022 التي لا تزال قائمة حتى اليوم، وتمثل أبرز اختراق دبلوماسي منذ سنوات. وكان وجود مبعوث خاص يعني انخراطا أمريكيا فاعلا ومباشرا في تفاصيل النزاع، من خلال زيارات ميدانية ولقاءات مع أطراف الصراع وتنسيق مع الأمم المتحدة.
ولذلك، فإن عدم تعيين بديل حتى الآن يفتح الباب لاحتمال أن تكون واشنطن قد تخلت عن آلية التمثيل الخاص والانتقال إلى نهج أقل انخراطا مباشرا، أو أكثر اعتمادا على القنوات الدبلوماسية التقليدية.
4- دور مستمر ولكن أقل تركيزا:
رغم تغيير صفته، لا يعني ذلك أن تيم ليندركينغ خرج من المشهد اليمني نهائيًا، بل ما يزال في موقع المسؤولية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد يواصل التأثير على السياسات المتعلقة باليمن ولكن بشكل غير حصري.
في المجمل، يعكس تغيير صفة ليندركينغ تحوّلا في مقاربة واشنطن للملف اليمني من التركيز المباشر والضغوط الدبلوماسية المكثفة، إلى دمج الملف ضمن أولويات إقليمية أكثر تعقيدا وتشابكا. ويأتي ذلك في ظل جمود المسار الأممي، وفشل الجهود الدولية والإقليمية في فرض تسوية شاملة، ما يدفع واشنطن إلى إعادة ترتيب أدواتها وتعويلها أكثر على النفوذ غير المباشر، بدلا من الانخراط العلني والمباشر.