تتجه أنظار شعوب العالم صباح اليوم  الخميس 11 يناير 2024 إلى مقر محكمة العدل الدولية في قصر السلام بلاهاي لمتابعة إنعقاد جلسة الاستماع الأولى العلنية في القضية التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 فى قصفها العسكرى المسلح وقتل سكان قطاع غزة وتدمير بنيتها والمنازل والتصفية الجسدية والعرقية والتهجير القسرى لسكانها  عقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر2023، التى شغلت بال القانونيين حول العالم برؤاهم عن أهم قضية فى القرن ال 21 التى شغلت بال شعوب العالم أجمع وقاداته، خاصة وأن كلًا من إسرائيل وجنوب إفريقيا قد صادقت على اتفاقية منع الإبادة الجماعية مما يجعل المحاكمة لا تقل سخونة عن نار الحرب الدائرة حتى الاَن.

وفى سبيل الوعى العام العربى نعرض للجزء الثانى للدراسة الدقيقة والمهمة للمفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان:(التدابير المؤقتة فى فكر محكمة العدل الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية والسيناريوهات المطروحة فى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل) ولأن جزء منها يخص الأمن القومى المصرى فيما يتعلق بالتهجير القسرى كجزء من القضية والأمن القومى العربى عامة، يعرض فيها الفقيه المصرى للإجراءات الدولية وتوقعاته حول فكر ومنهج المحكمة الدولية من واقع السوابق القضائية للمحكمة فى قضايا الإبادة الجماعية والتدابير المؤقتة فيها.

ونعرض فى أول يوم لجلسة الاستماع صباح اليوم الخميس 11 يناير 2024 للجزء الثانى من دراسة الفقيه المصرى تعرف على ملخص أهم ما ورد بأصل لائحة الاتهام (84) صفحة والطلبات الختامية ضد إسرائيل، ومتى تتحقق الإبادة الجماعية ؟ وثلاثة أجزاء مضمون لائحة الإتهام و(8) محاور رئيسية تعرف عليها، وشعوب العالم تنتظر من العدالة الدولية إصدار قرار مؤقت بوقف القصف حتى نهاية الإجراءات القانونية.

أولًا: متى تتحقق الإبادة الجماعية ؟

يقول الدكتور محمد خفاجى الإبادة الجماعية يتم تعريفها وتقييمها وفقا للقواعد الدولية، ولا سيما في سياق اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1948،ووفقا لتلك المعاهدة، يتم تعريف الإبادة الجماعية عند استيفاء النقاط التالية:

1-يجب أن تكون أعمال الإبادة الجماعية  موجهة ضد مجموعة قومية أو عرقية أو دينية أو عنصرية.

2-ويجب  ارتكاب أعمال تدميرية  ، مثل القتل، أو الإصابة بجروح خطيرة، أو إلحاق أضرار عقلية ونفسية، أو خلق ظروف معيشية سامة، أو إدخال تدابير تحديد وقف النسل، أو النقل القسري للأطفال من مجموعة إلى أخرى.

3-ويجب تنفيذ أعمال الإبادة الجماعية  بشكل منهجي وعلى نطاق واسع  .

4-يجب أن تكون هناك  نية واضحة  للتدمير.

ثانيًا: ثلاثة أجزاء رئيسية لمضمون لائحة إتهام قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل

ويذكر ثلاثة أجزاء رئيسية لمضمون لائحة الإتهام ضد إسرائيل، ففي الجزء الأول تصف بالتفصيل الجرائم والفظائع والانتهاكات التي ارتكبها جيش الدفاع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين  في غزة  منذ 7 أكتوبر 2023 والضفة الغربية، متناولًا بالتفصيل أن  الموت والدمار ما يزال ينتظرهم، ويشمل مجموعة من الأدلة الجوهرية التي تثبت أن القادة الإسرائيليين لديهم نوايا إبادة جماعية تجاه الفلسطينيين، فضلًا عن شهادات وتعليقات السياسيين والجنود الإسرائيليين تجعل عرضها دليلًا على نية قادة إسرائيل

و في الجزء الثاني تركز القضية على إن تصرفات إسرائيل في غزة، مقترنة بإعلان نوايا قادتها، تثبت أن السياسة الإسرائيلية  تؤدي إلى تدمير الوجود المادي للفلسطينيين في غزة، وأن إسرائيل تعامل الفلسطينيين في غزة منذ سنوات عديدة بطريقة تجردهم من إنسانيتهم، مستشهدة بالعديد من تقارير الأمم المتحدة التي تصف معاملة إسرائيل القاسية والوحشية للفلسطينيين، وأن ما كان الإسرائيليون يفعلونه في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 هو نسخة أكثر تطرفًا مما كانوا يفعلونه قبل 7 أكتوبر 2023.

وفى الجزء الثالث تطالب إسرائيل التى ارتكبت إبادة جماعية،  أن تتوقف عن المضى فى هذه الجريمة وتطلب وقفا فورا للحرب، ورغم أن العديد من الحقائق الموصوفة في شكوى جنوب إفريقيا معروفة بالفعل لمنظمات حقوق الإنسان،ووسائل الإعلام  وقادة وزعماء العالم، إلا أن جنوب إفريقيا جمعت كل الحقائق معا، وقدمت وصفا دقيقا للقضية. على الإبادة جماعية

ثالثًا: أهم ما ورد بلائحة الإتهام لقضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وملخص 84 صفحة

ويشير قدمت جمهورية جنوب إفريقيا طلبًا مسجلًا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدوليةوفقا للمادتين 36 (1) و40 من النظام الأساسي للمحكمة والمادة 38 من قواعد المحكمة لإقامة دعوى باسمها ضد إسرائيل  بناء على المادة 41 من النظام الأساسي، يتضمن طلبًا بأن تشير المحكمة إلى التدابير المؤقتة لحماية الحقوق التي يتم الاحتجاج بها في هذه الوثيقة من الخسارة التى لا يمكن تداركها والتي لا يمكن إصلاحها

لقد قتلت إسرائيل ما يزيد عن 21.110 فلسطينيًا، بما في ذلك أكثر من 7،729 طفلًا - مع وجود أكثر من 7،780 آخرين في عداد المفقودين، ويُفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض - وأدى ذلك إلى إصابة أكثر من 55،243 فلسطينيًا آخرين، مما تسبب لهم في أضرار جسدية وعقلية خطيرة، كما دمرت مناطق واسعة من غزة، بما في ذلك أحياء بأكملها، ودمرت ما يزيد عن 355 ألف منزل فلسطيني، إلى جانب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمخابز والمدارس والجامعات والشركات ودور العبادة والمقابر والمواقع الثقافية والأثرية والبلدية ومباني المحاكم، والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك مرافق المياه والصرف الصحي وشبكات الكهرباء، وتواصل هجومًا لا هوادة فيه على النظام الطبي والرعاية الصحية الفلسطيني. إن إسرائيل حولت غزة إلى أنقاض، تقتل وتؤذي وتدمر شعبها، وخلقت ظروف معيشية مستحيلة لتحقيق تدميرهم الجسدي كمجموعة بشرية.

ووضعت جنوب إفريقيا في اعتبارها الطبيعة الآمرة لحظر الإبادة الجماعية والنطاق المطلق لطبيعة الالتزامات المترتبة على الدول بموجب الإبادة الجماعية الاتفاقية، وتقدم قضيتها لإثبات مسئولية إسرائيل عن انتهاكات الاتفاقية اتفاقية الإبادة الجماعية؛ وتحميلها المسئولية الكاملة بموجب القانون الدولي عن تلك الانتهاكات، طالبة من المحكمة ضمان الحماية العاجلة والكاملة الممكنة للفلسطينيين في غزة الذين ما زالوا معرضين لخطر جسيم ومباشر من استمرار أعمال العنف بالإبادة الجماعية.

رابعًا: الطلبات النهائية لجنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية

يمكن تحديد الطلبات النهائية لجنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية كما يلى:

1-يجب على دولة إسرائيل أن تعلق فورًا عملياتها العسكرية في غزة وضدها.

2- تضمن إسرائيل أن أي وحدات مسلحة عسكرية أو غير نظامية قد يتم توجيهه أو دعمه أو التأثير عليه، بالإضافة إلى أي منظمات وأشخاص قد يكونون خاضعين لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، ألا تتخذ أي خطوات لتعزيز الجيش العمليات المشار إليها في البند (1) أعلاه

3-يتعين على كل من جمهورية جنوب إفريقيا ودولة إسرائيل، وفقًا لشروطهما الالتزامات بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، باتخاذ جميع التدابير المعقولة في حدود سلطتهم لمنع ذلك الإبادة الجماعية.

 4-تقوم إسرائيل، وفقا لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالشعب الفلسطينى بالكف عن ارتكاب أي وجميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من الاتفاقية، على وجه الخصوص:(أ) قتل أعضاء الجماعة؛ (ب) التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء المجموعة؛ (ج) فرض ظروف معيشية متعمدة على المجموعة من أجل تحقيقها التدمير المادي كليًا أو جزئيًا؛ و(د) فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة.

5- يجب على دولة إسرائيل، بموجب البند (4) (ج) أعلاه، التوقف عن ذلك فيما يتعلق بالفلسطينيين، واتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها بما في ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة أو المحظورات لمنع: (أ) طردهم وتشريدهم قسرًا من منازلهم؛ (ب) الحرمان من (1) الحصول على الغذاء والماء الكافي؛ (2) الوصول إلى المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الوصول إلى الوقود الكافي والمأوى، الملابس والنظافة والصرف الصحي؛ (3) الإمدادات والمساعدة الطبية (ج) تدمير الحياة الفلسطينية في غزة.

6-تضمن إسرائيل، للفلسطينيين، أن يكون جيشها، وكذلك أي جيش آخر أو وحدات مسلحة غير نظامية أو أفراد قد يتم توجيههم أو دعمهم أو التأثير عليهم بطريقة أخرى من قبلها وأي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو التأثير، وعدم ارتكاب أي من الأفعال الموضحة في البندين (4) و(5) أعلاه، أو الانخراط في أعمال مباشرة وعلنية بالتحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية، والتآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أومحاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وبقدر ما يشاركون فيها، يتم اتخاذ الخطوات اللازمة نحو ذلك معاقبتهم بموجب المواد الأولى والثانية والثالثة والرابعة من اتفاقية منع وعقوبة جريمة الإبادة الجماعي.

7-على إسرائيل اتخاذ إجراءات فعالة لمنع التدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بالادعاءات المتعلقة بالأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها؛ وتحقيقا لهذه الغاية لا يجوز لإسرائيل أن تعمل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصي الحقائق الدولية الولايات والهيئات الأخرى إلى غزة للمساعدة في ضمان الحفاظ على ما ذكر والاحتفاظ بأى شهادة.

8-تقدم إسرائيل تقريرًا إلى المحكمة بشأن جميع التدابير المتخذة لتفعيل القرار بهذا الأمر خلال أسبوع واحد، اعتبارًا من تاريخ هذا الأمر، وبعد ذلك في الموعد المحدد فى فترات زمنية تأمر بها المحكمة، حتى صدور قرار نهائي في القضية من قبل المحكمة

9-تمتنع  إسرائيل عن القيام بأي إجراء وتضمن عدم اتخاذ أي إجراء مما قد يؤدي إلى تفاقم النزاع أو إطالة أمده

خامسًا: (8) محاور رئيسية لقضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل عن الإبادة الجماعية لقطاع غزة 

وتتلخص أدلة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل عن الإبادة الجماعية فى  (8)  محاور رئيسية:

المحور الأول: قتل الفلسطينيين في غزة بمن فيهم الأطفال، بأعداد كبيرة

المحور الثانى: التسبب في أذى جسدي وعقلي خطير للفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الأطفال الفلسطينيين؛ وفرض عليهم ظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم  

المحور الثالث: الطرد الجماعي للفلسطينيين من المنازل بقطاع غزة وإكراههم على التهجير القسرى

المحور الرابع: حرمان الفلسطينيين في غزة من الوصول إلى الغذاء والماء الكافي

المحور الخامس: حرمان الفلسطينيين في غزة من الوصول إلى المأوى الملائم والملابس والنظافة والصرف الصحي

المحور السادس:  الحرمان من المساعدات الطبية الكافية للفلسطينيين في غزة

المحور السابع: تدمير الحياة الفلسطينية في غزة فى كافة جوانبها مما يهدد بجعل استمرار الحياة الفلسطينية في غزة مستحيلًا بتدمير المنازل والمجمعات السكنية بأكملها؛ وأحياء بأكملها، وقصر العدل والمجلس التشريعي الفلسطينى، والمكتبات ودور النشر والمكتبات ومئات المرافق التعليمية ومحو عائلات بأكملها من الوجود

المحور الثامن: فرض إجراءات تهدف إلى منع الولادات الفلسطينية

سادسًا: شعوب العالم تنتظر من العدالة الدولية إصدار قرار مؤقت بوقف القصف حتى نهاية الإجراءات القانونية

يختتتم الدكتور محمد خفاجى أن شعوب العالم تنتظر من العدالة الدولية إصدار قرار مؤقت بوقف القصف حتى نهاية الإجراءات القانونية وتطلب عدلًا وانصافًا من المحكمة التى ناط بها القانون الدولى إرساء الحق للبشرية  إذا انتهكت دولة ما كإسرائيل أحكام الاتفاقية، خاصة وقد أجازت الاتفاقية الدولية للمحكمة في حالات الاستعجال، إصدار قرار مؤقت بتعليق مثل هذه الانتهاكات حتى نهاية الإجراءات القانونية بوقف إطلاق النار ووقف قصف الجيش الإسرائيلي وجميع العمليات العسكرية، فشعوب العالم تتعاطف مع بعضها من أجل البقاء لفلسطين والحرية لها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الدكتور محمد عبد الوهاب الإبادة الجماعية محكمة العدل الدولية رئيس مجلس الدولة التهجير القسري هجوم حماس على إسرائيل سكان قطاع غزة جنوب إفریقیا ضد إسرائیل محکمة العدل الدولیة الفلسطینیین فی غزة للفلسطینیین فی غزة جریمة الإبادة ا ضد إسرائیل الإجراءات ا ظروف معیشیة اتفاقیة منع شعوب العالم فیما یتعلق إسرائیل عن الوصول إلى بما فی ذلک فی غزة من

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل

دعا المسؤول الأممي السابق وكبير مستشاري القضية الفلسطينية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ليكس تاكنبرغ، قادة المجتمع الدولي إلى ضرورة "فرض عقوبات رادعة على إسرائيل، وأن يُشجّعوا على ىسحب الاستثمارات من الشركات التي تُمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقفعن شراء الأسلحة الإسرائيلية وبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى".

وأكد تاكنبرغ، مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل منذ بدء العدوان، قبل 19 شهرا، تُعد جريمة حرب تُستخدم كسلاح إبادة جماعية"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي التزم الصمت طويلا، مما منح إسرائيل غطاءً لمواصلة عدوانها، قبل أن يبدأ هذا الصمت بالتصدع مع تزايد الغضب الشعبي العالمي ووضوح مواقف الخبراء القانونيين".

ولفت المسؤول الأممي السابق، إلى أن "هناك تحوّلا في موقف بعض الدول الغربية التي بدأت تدين علنا الإبادة الجماعية، وتكشف الوجه الحقيقي للحرب على غزة"، مرجّحا أن السبب في هذا التحول هو "الخوف من أن يُنظر إليهم في المستقبل كمتواطئين في الجرائم المرتكبة".

وفيما يتعلق بمحاسبة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، قال تاكنبرغ إن "الحكم النهائي في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل قد يستغرق عاما أو أكثر، لكنه سيكون ذا أهمية قانونية وتاريخية بالغة، لأنه سيضع إطارا قانونيا واضحا حول طبيعة جرائم إسرائيل ومسؤوليتها كدولة".

وشدّد تاكنبرغ على أن "الاعتراف بوقوع الإبادة الجماعية في غزة يفرض التزامات قانونية على الدول، من بينها فرض العقوبات الرادعة ووقف الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل"، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية كخطوة أولى لوقف المجازر.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّمون عملية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة؟


لقد شاهدنا خلال الأيام القليلة الماضية أن الخطة الإسرائيلية-الأمريكيةالرامية إلى تجاوز النظام الإنساني المتعارف عليه منذ زمن طويل من المجتمع الدولي، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةفشل تماما، كما توقع العديد منا منذ أسابيع، منذ أن تم الإعلان عن تفاصيل الخطة الجديدة.

لقد شاهدنا الصور المروّعة لمئات الفلسطينيين الجائعين في غزة وهم يحاولون الوصول إلى ما يُطلق عليه "نقاط توزيع آمنة" أنشأها هذا النظام الجديد، مما أدى إلى فوضى مأساوية ومعاملة لا إنسانية للفلسطينيين، وإصابة العشرات ومقتل أحدهم، وهذا يُظهرالقصور التام في هذا النظام الجديد.

ما يُطلق عليه "مؤسسة غزة الإنسانية" ليست سوى ستار للتغطية على حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التطهير العرقي، واستخدام التجويع كسلاح حرب.

يبدو أن حكومة نتنياهو –وقد صرّحت بذلك أيضا- أدركت أن الحرمان الكاملمن الغذاء، ومواصلة الحصار التام على الغذاء، أمر لا يمكن تسويقهللعالم، لذلك حاولوا خلال الأشهر الماضية إنشاء نظام بديل، لكن كما أوضحتمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، فإن هذا النظام البديل لا يستوفي الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، مثل الحياد، والاستقلال، وعدم التحيّزولا حتى المعايير الأساسية للكرامة الإنسانية ومبدأ "عدم الضرر".

في ظل النظام القائم التابع للأمم المتحدة، كان هناك أكثر من 400 نقطة توزيع يتم عبرها تقديم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.

أما في ظل النظام الجديد، فلن يكون هناك سوى أربع نقاط توزيع كحد أقصىبالنسبة لهذا العدد من السكان. كيف يمكن لنقطة توزيع واحدة أن تخدم نصف مليون شخص؟،هذا أمر مستحيل وخطير وغير إنساني، كما ذكرت سابقا.

نعم، إنه كما قلت ليس سوى ورقة توت وستار للتغطية على خطط إسرائيل المستمرة لتطهير قطاع غزة عرقيا.

ما تقييكم لموقف الأمم المتحدة من آلية توزيع المساعدات في غزة؟

كما ذكرتُ في إجابتي السابقة فإن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةأو ما أسميه المجتمع الدولي الإنساني ككل رفض هذه الخطة للأسباب التي ذكرتها سابقا؛ فهي لا تلبي الحد الأدنى من المعايير المهنية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتي تم تطويرها على مدى عقود إن لم يكن أكثر من ذلك، وهي في جوهرها أداة إضافية لمواصلةالتطهير العرقي، بل تسهيله، لأنه من أجل الحصول على المساعدات ضمن ما يسمى"مؤسسة غزة الإنسانية"، يجب على اللاجئين السير إلىواحدة من نقاط التوزيع الأربع، والتي يبدو أن اثنتين منهم فقط تم إنشاؤهما في الوقت الحالي.

ومن أجل ذلك يتم إبعادهم أكثر عن المناطق التي يريد الجيشوالحكومة الإسرائيلية تطهيرها وطرد الفلسطينيين منها.

لذلك، ناهيك عن كونه مجرد ستار للتغطية على استمرار الحرب، فإن النظام الجديد للمساعداتيُستخدم أيضا كأداة لفرض التهجير القسري على السكان الفلسطينيين.

ما هو موقف المجتمع الدولي من سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل في غزة؟ 

التجويع في غزة، واستخدام الحصار، واستخدام حرمان الناس من الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى والكهرباء والمياه والوقودفي سياق الحرب الإسرائيلية الجارية، بدأ تقريبا منذ بداية الحرب قبل 19 شهرا. وكما رأينا، فقد ظل المجتمع الدولي صامتا لفترة طويلة جدا ودعم في البداية إسرائيل بقوةبعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم استمر في التأكيد على "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" بشكل غير مناسب تماما ومُخالف للقانون الدولي، لأن الدفاع عن النفس لا يمنح إسرائيل الحق في الغزو وشنّ حرب إبادة جماعية ضد سكان أرض محتلة؛ فهذا لا يحدث في إسرائيل ذاتها، بل يحدث في أرض قالت محكمة العدل الدولية إن على إسرائيل الانسحاب منها هي والضفة الغربية.

لقد ظل المجتمع الدولي صامتا لوقت طويل جدا، وبالتالي مكّن إسرائيل من الاستمرار. مؤخرا فقط، مع تفاقمالمجاعة والتجويع في قطاع غزة وانتشار الصور المروّعةعلى شاشات هواتفنا وتلفزيوناتنا، ومع تصاعد غضب المجتمع المدني فيالعديد من البلدان والمدن الكبرى حول العالم، الذين خرجوا للتظاهر، ومع بدء وسائل الإعلام في الاعتراف بأن ما يحدث ليس مجرد حرب بين طرفين،بل هو بالفعل إبادة جماعية، ومع تصاعد وضوح الخبراء الدوليين في القانونوالإبادة الجماعية في إدانة ما يحدث، بدأنا نلاحظ أن هناك بداية تغيير في موقف المجتمع الدولي تجاه الحرب الإسرائيلية، وخاصة تجاه سياسة التجويعالإسرائيلية في غزة.

إسرائيل تقصي نفسها عن المجتمع الدولي الذي يجب ألا يتجاهل المجازر المروعة وشبه اليومية في غزة، ولا يمكن أن ننتظر أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يكون الوضع أكثر فظاعة مما نشهده الآن. نحن نشهد تطهيرا عرقيا خطيرا بحق المدنيين في قطاع غزة، والمشكلة هي الإرادة السياسية، ليست فقط الإرادة السياسية في إسرائيل، بل أيضا الإرادة السياسية في الولايات المتحدة التي هي الداعم الأكبر لتل أبيب، وكذلك الإرادة السياسية لدي باقي دول المجتمع الدولي، من أجل إجبار إسرائيل على وقف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة، وعلينا أن نقول بصوت عالٍ: يجب إنهاء تلك المأساة الآن وفورا.

هل تشعر أن هناك تحولا ملموسا في موقف الدول الغربية تجاه الجرائم الإسرائيلية في غزة؟

الضغط على القادة الغربيين للتخلي عن دعمهم الأعمى لإسرائيل في بداية الحرب كان يتصاعد خلال الأشهر والأسابيع الماضية، بالتحديد مع ظهور آثار الحصار الأخير ومنذ أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في بداية شهر آذار/ مارس، وضد سياسة التجويع التي تسببت في المجاعة الحالية، والتي تأتي في أعقاب 19 شهرا من حرب الإبادة المستمرة.

لذلك، بدأ القادة الغربيون يرون أنهم مُضطرون للاختيار بين الاستمرار في دعم إسرائيل من جهة، أو من جهة أخرى المخاطرة بالتعرض لاتهامات من إسرائيل أو منظمات مؤيدة لها بأنهم معادون للسامية.

لكنهم رغم ذلك، بدأوا يتحدثون علنا، بدأوا ينددون علنا بالإبادة الجماعيةوبسياسة التجويع. ورأينا عددا من الساسة الغربيينيخرجون أخيرا عن صمتهم بعد طول انتظار، ليعلنوا وصف وتسمية الحرب على حقيقتها.

وقد أشار عدد من القادة الأوروبيين إلى أنها إبادة جماعية، وقد رأينا أنه بمجرد أن خرج بعض القادة البارزين بمواقف واضحة، بدأ العديد من الآخرين يتبعونهم بسرعة، على ما يبدو خوفا من أن يكونوا في نهاية المطاف في الجانب الخاطئ من التاريخ، وأن يُنظر إليهم كمتواطئين في تنفيذ الإبادة الجماعية.

هذه خطوة مهمة، لكن الاعتراف بطبيعة ما تفعله إسرائيل فيقطاع غزة، وبشكل متصاعد أيضا في الضفة الغربية، يحمل معه مسؤوليات؛ فليس الحديثوحده كافيا.

بموجب القانون الدولي، جميع الدول مُلزمة بألا تكون متواطئة وألا تدعمأعمال الإبادة الجماعية، أو أيّا من الجرائم ضد الإنسانيةأو جرائم الحرب، ويجب أن تُتخذ خطوات فعلية لوقف ذلك، وهذا يعني أنه مع اعتراف القادة الآن بما يجري، فإن عليهم الآن واجبا قانونيايصعب عليهم إنكاره.

يجب عليهم فرض عقوبات رادعة وقوية على إسرائيل، وأن يشجعوا على سحب الاستثمارات من الشركات التي تمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والسماح والدعوة لمقاطعة تلك الشركات، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقف عن شراء الأسلحة الإسرائيليةوبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى، حيث تتورط أكثر من 100 دولة في شراء هذه الأسلحة والمعدات والأجهزة والبرامج من إسرائيل، وهو ما يسمح للاقتصاد الإسرائيلي بمواصلة الحرب.

هذه الآن هي الخطوة التالية التي يجب أن نراها، يجب على القادة الغربيين أن يستخلصوا الدروس من هذه الاستنتاجات ويتخذواإجراءات ملموسة لوقف التجويع، ولن يتحقق ذلك إلا بوقف إطلاق نار شاملوإنهاء الحرب ثم استئناف العملية السياسية.

هل تعتقد أن هناك تنسيقا أوروبيا - أمريكيا لتصعيد الضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟  

إنه مزيج من بعض الجهود المنسقة؛ فقد رأينا مثلا بيانا مشتركا بينبريطانيا وفرنسا وكندا يدين بشدة سياسة التجويع الإسرائيلية، ويُهدّد بعواقب إذا لم تتوقف تلك السياسة.

بالتوازي مع ذلك، نرى الأثر النفسي لتغيير عدد من القادة المؤثرينلهجتهم بشكل مفاجئ، مما دفع قادة آخرين كانوا مترددين أو متفرجينللشعور بالضغط وقرّروا الانضمام إلى أولئك الذين اتخذوا مواقف صارمة.

لذلك، هو مزيج من التنسيق والضغط النفسي، الضغط من أسفل لأعلى، من المظاهرات المتزايدة في دول الغرب، ومن أفراد المجتمع المدني لاستغلال القوانين والضغط بهذا الاتجاه.

إلى أي مدى تعتقد أن الضغط الأوروبي والأمريكي سينجح في إنهاء الأزمة الإنسانية والحرب في غزة؟

من الواضح جدا أن الضغط المباشر الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على التوقفهو أن تعلن إدارة ترامب، وتحديدا ترامب نفسه، بوضوح أنه "يجب أن تتوقف الحرب الآن"، وليس فقط أن يذكر ذلك ضمن منشور عابر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في أحد مقابلاته الإعلامية العديدة، بل أنيوجهرسالة واضحة لا تحتمل التأويل إلى نتنياهو، وهذا ما سيوقف الحرب فعلا.

والسؤال الآن هو: كيف نصل إلى هذه النقطة؟، وكيف يمكن للآخرين أن يلعبوا دورا في ذلك؟،أوروبا مهمة جدا؛ فالقادة الأوروبيون هم الكتلة التالية من القادة الذين سمحوا باستمرار الحرب، وما أعتقد أنه مهم للغاية أيضا، هم قادة دول الخليج.

ترامب كان مؤخرا في الخليج، حيث زار الإمارات وقطر والسعودية، وهو يرى أن هناك فرصا هائلة للاستثمار والأعمال.

لكن الحرب وصور الأطفال الجائعين لا تخلق المناخ المناسب لصفقات اقتصادية ناجحة.

أعتقد أن هذا ما بدأ يدفع ترامب لأن يكون أكثر انتقادا وأكثر نفادا للصبر وانزعاجا من مناورات نتنياهو المستمرة.

ومن المهم أن يقوم قادة الخليج بتذكير ترامب بمحادثاتهمخلال زيارته للخليج ويواصلوا الضغط عليه، جنبا إلى جنب مع القادة الأوروبيينلوقف هذه الحرب.

هل أعتقد أن ذلك سينجح؟، نعم أعتقد ذلك، لأن إسرائيل لا تمتلك رؤية ولا تمتلك استراتيجية، والسبب في استمرار الحرب هو اعتباراتسياسية داخلية، وتهديدات أحزاب ورموز اليمين المتطرف المستمرة لنتنياهو بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال رضخ للضغط الأمريكي والضغوط الأوروبية، ووافق على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، لأن ذلك لن يؤدي فقط إلى إسقاط الحكومة، بل سيؤدي إلى نهاية مسيرة نتنياهو السياسية؛ إذ يواجه نتنياهو عدةقضايا فساد داخلية وهي جارية حاليا، إضافة إلى مذكرات اعتقال صادرة عنمحكمة العدل الدولية.

لذلك، فإن سقوط حكومته يعني على الأرجح بداية محاكمتهوسجنه في النهاية. ومن المؤسف أن هذا الخوف الشخصيوهذه الاعتبارات الشخصية هي على الأرجح السبب الرئيسي الوحيد الذي حالحتى الآن دون إجبار إسرائيل على وقف الحرب المستمرة.

ما توقعاتكم بشأن الحكم المرتقب من محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة في غزة؟ ومتى سيصدر؟ 

فقط للتذكير جنوب أفريقيا رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل بموجباتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية مُتهمةً إسرائيل بأن ممارساتها خلال حربها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023تُشكّل ممارسات إبادة جماعية ينطبق عليها تعريف الإبادة الجماعيةبموجب الاتفاقية، حيث القتل العمد وتشويه سكان غزة، وكذلك فرض ظروف معيشية تجعل من بقاء المجموعة مستحيلا، وهذه عناصر أساسية ضمنتعريف الإبادة الجماعية في الاتفاقية.

محكمة العدل الدولية، في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي أصدرت بيانا يفيد بأن جنوب أفريقيا أثبتت احتمال انتهاك حقوق الفلسطينيين بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعيةأي أن هناك قضية أولية وأدلة أولية على ارتكاب إبادة جماعية، وذلك في انتظار تقدم إجراءات المحكمة. كان هذا قرارا مؤقتا يتضمن أوامر فورية للحكومة الإسرائيلية لوقف ممارسات الإبادة فورا. أوامر مُلزمة قانونيا، وهذه الأوامر تم تكرارها وتوسيعها في أحكام لاحقة، إذا لم أكن مخطئا، في آذار/ مارس وأيار/ مايو من العام الماضي، لكنها كانت أحكاما مؤقتة، والقضية ما تزال جارية.

جنوب أفريقيا قدّمت أدلتها، والآن إسرائيل ستحصل على الفرصة، بما أنها قضية بينها وبين جنوب أفريقيا، سيكون أمامها فرصة للرد وتقديم أدلتها المضادة إذا رغبت في ذلك، ثم سوف تُعقد جلسة استماع قد تستمر لأسبوع تقريبا بحضور الطرفين، وربما بحضور شهود وخبراء، وتقديم الأدلة، ثم سيصدر الحكم النهائي.

وأعتقد أن ذلك سيستغرق سنة أخرى على الأقل، وربما سنة ونصف قبل أن يصدر الحكم النهائي.

ما يمكننا قوله الآن هو أن هذه العملية القضائية مهمةكحكم قانوني على الحرب الإسرائيلية من أجل وضع إطار قانوني واضحلتقييم ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت فعلا إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وربما عناصر أخرى، لأن الإبادة مظلة تضم تحتها عددا من الجرائم الدولية التي تُرتكب بنيّة واضحة، وحتى إن ارتكبت كل واحدة منها على حدة، فإنها تظل مخالفة للقانون الجنائي الدولي.

وبالتالي فإن هذا الحكم سيُشكّل قرارا قانونيا، لكن الحقيقة أن هذا الإجراء يستغرق عدة سنوات من لحظة البدء وحتى صدور الحكم، ما يعني أنه ليس أداة من أجل وقف الحرب بشكل فوري؛ فهذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي.

ليست لدينا حكومة عالمية يمكنها محاسبة إسرائيل. لدينا أمم متحدة غير مثالية حيث لا يزال مجلس الأمن تحت هيمنة الدول الخمس الدائمة العضوية التي تمتلك حق الفيتو. لكن مع ذلك، الحكم سيكون في غاية الأهمية، لأنه سيقدم الجواب القانوني النهائي حول طبيعة سلوك إسرائيل، وسيكون لهذا أيضا أهمية حاسمة فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية، وكذلك مسؤولية دولة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض عليها واجب تقديم تعويضات، وهذا بطبيعة الحال أمر بالغ الأهمية.

توقعاتي بشأن الحكم مثلما ذكر العديد من الخبراء القانونيين وخبراء الإبادة الجماعية، أن المحكمة ستجد أن هذه الحالة تمثل نموذجا للإبادة الجماعية بكل عناصرها، بما في ذلك حقيقة أن غزة أصبحت غير قابلة للحياة، وأن البنية التحتية الأساسية التي تمكّن الناس من البقاء على قيد الحياة قد دُمّرت تماما.

وأيضا التصريحات الواضحة جدا من مسؤولين إسرائيليين، والتي تُظهر نية الإبادة بشكل علني حتى هذه اللحظة، وبدلا من التراجع أو الخوف من المساءلة القانونية، يبدو أن القادة والسياسيين الإسرائيليين أصبحوا أكثر حدة في التعبير عن نيتهم في الإبادة، والتهجير القسري، والقتل، وتشويه سكان غزة.

لذلك، لا شك لديّ أن محكمة العدل الدولية ستجد أن إسرائيل قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية.

كيف تقيّم مجمل المساعي الرامية لمحاسبة إسرائيل في المحاكم الدولية؟

الجهود موجودة وكانت قوية كما رأينا، جنوب أفريقيا استغرقت بضعة أشهر لجمع المعلومات الأولية وتقديم الدعوى. قدّمت الدعوى قبل نهاية عام 2023، بعد أشهر قليلة فقط من بدء الحرب. وفي نفس الوقت، كانت المحكمة الجنائية الدولية منخرطة بالفعل في التحقيق حول الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي والجرائم الدولية المحتملة بموجب نظام روما الأساسي، وقد أصدرت مذكرات اعتقال. نعم استغرق الأمر عاما كاملا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن على الأقل هناك عمل قد تم إنجازه، وآليات المحاسبة الدولية تم تفعيلها وتم استخدامها.

كما ذكرت سابقا هذه الآليات مهمة من أجل المساءلة القانونية مستقبلا وتقديم تعويضات. لكنها ليست كافية أو قوية بما يكفي لوقف الإبادة الجماعية بشكل فوري.

هذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تحمل الدول الفاعلة في المجتمع الدولي مسؤولياتها وأن تقول هذا يكفي، هذا يجب أن يتوقف فورا.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل تحقيق قضائي بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية بغزة في فرنسا
  • فرنسا.. تفاصيل تحقيق قضائي بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية بغزة
  • اللجنة الدولية لكسر حصار غزة: إسرائيل دولة مجرمي حرب
  • بمشاركة الجاليتين اليمنية والفلسطينية.. مسيرة في مدينة هامبورغ الألمانية ضد الإبادة الجماعية في فلسطين
  • مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل
  • حين تتحول الإبادة الجماعية في غزة إلى سياحة الصمود في إسرائيل
  • العدو الإسرائيلي يصعد مجازر الإبادة الجماعية بحق المدنيين بغزة في 3 أيام العيد .. فيديو
  • بعد انسحاب رواندا.. ماذا تعرف عن التجمع الاقتصادي لدول وسط إفريقيا؟
  • حرب إسرائيل الأبدية ومنطق الإبادة الجماعية في غزة
  • شاهد.. المدرب مانشيني يطالب بوقف حرب الإبادة الجماعية على غزة