تسليح المدنيين يطيل الصراع!
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
بعد مقال السابق عن خطورة ما يحدث فى السودان من تسليح المدنيين، كنت أنتوى الحديث اليوم فى شأن آخر، ولكن الأحداث المتسارعة هناك، والتى تُنذر بانفجار كبير، دفعتنى دفعًا للاستمرار فى التأكيد على الكارثة التى أوشكت على الحدوث على حدودنا الجنوبية.
فبعد التوقيع على اتفاق مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية فى أديس أبابا، الأسبوع الماضى، شددت قوات الدعم السريع التى يرأسها محمد حمدان دقلو، الملقب بحميدتى، على أهمية تلك الخطوة لحل الأزمة فى السودان من وجهة نظره.
وقال محمد المختار نور، المستشار لقائد قوات الدعم، التى تقاتل الجيش السودانى منذ أشهر، إن قواته ملتزمة بهذا الاتفاق الذى رفضه عبدالفتاح البرهان، ودعا بعده إلى تسليح المواطنين.
والحقيقة، أكرر من جديد أن دعوة الجيش إلى تسليح المواطنين هى أكبر خطأ لـ«البرهان» فى الفترة الأخيرة، لأنها قد تقود البلاد إلى حرب أهلية لا تُحمد عقباها. حيث إن انتشار السلاح فى أيدى المواطنين له خطورة مستقبلية، فالجيش نفسه لا يستطيع أن يسيطر على هذا السلاح الذى يوزعونه على المواطنين.
ومع كل هذا الضجيج فى السودان، يبرز صوت هادئ، وذلك مع إعلان «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» أنها تسعى لتوسيع جبهتها من القوى السياسية الهادفة لوقف الحرب فى البلاد، حيث قال العميد مبارك بخيت، القيادى فى «تقدم»، أمين شؤون رئاسة «تجمع قوى تحرير السودان»، إن التنسيقية تسعى إلى توسيع جبهتها المدنية لتضم أطرافًا جديدة، فى إطار الجهود الرامية إلى وقف الحرب بين الجيش السودانى و(قوات الدعم السريع)، وبناء تحول ديمقراطى حقيقى.
وقد أرسلت الحركة خطابات إلى جهات عدة، من بينها (الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عبدالعزيز الحلو)، و(حركة تحرير السودان)، و(الحزب الشيوعى)، و(حزب البعث)، كما أرسلت خطابات إلى كيانات أخرى، سواء كانت لجان مقاومة أو إدارة أهلية أو مكونات مجتمع مدنى، وغيرها من المنظمات، لكى يتم الوصول إلى حد أدنى من الاتفاق، الهدف الأول والأساسى منه هو إيقاف الحرب، ولكن للأسف، وحسب تصريح قيادى الحركة نفسه، لم يصلهم أى رد.
السودان ولاشك يريد مثل هذه التحركات الداخلية، كما أنه يحتاج إلى تحركات من الخارج فى محاولة لإيقاف الحرب، بل بالأحرى لإيقاف تداعيات تسليح المواطنين، والذى لاشك ستمتد آثارة السلبية والمدمرة إلى خارج حدود السودان.
وأكرر مرة أخرى أن بعض جماعات الإسلام السياسى حاضر فى الطرفين، فى أحدهما لأسباب عقيدية، وفى الطرف الآخر لأسباب قبلية. ومتأكد أن كل هذه الأبعاد حاضرة فى ذهن من يدير الملف.
عبداللطيف المناوي – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السودان.. اكتشاف جثث متحللة بأم درمان والجيش يشدد قبضته على الخرطوم
في تصعيد جديد للأوضاع الميدانية في السودان، أعلنت القوات المسلحة السودانية مواصلة عملياتها العسكرية الواسعة ضد قوات “الدعم السريع” في ولاية الخرطوم، في وقت عُثر فيه على جثث متحللة داخل صناديق بأحد أحياء أم درمان، مما أضفى بُعدًا إنسانيًا مأساويًا جديدًا على النزاع المستمر منذ أكثر من عام.
ووفق ما أفادت به مصادر عسكرية سودانية، تم العثور على الجثث في حي الصالحة جنوب مدينة أم درمان، حيث كانت مخزّنة داخل صناديق في ظروف غير إنسانية، ما يُرجّح أن أصحابها قضوا نحبهم قبل أيام أو أسابيع نتيجة القتال أو الاحتجاز.
في الأثناء، أكّد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد الركن نبيل عبد الله، أن الجيش يواصل “تصفية فلول قوات الدعم السريع في جنوب وغرب أم درمان”، مشيرًا إلى أن العمليات تشمل تطهير مناطق الصالحة والمناطق المجاورة.
وقال عبد الله في بيان رسمي: “ننفذ عملية عسكرية واسعة النطاق، ونقترب من تطهير كامل ولاية الخرطوم من عناصر الدعم السريع، وقد سطّرت قواتنا خلال الأيام الماضية ملاحم بطولية في مواجهة المجموعات الإجرامية”.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر قوات الدعم السريع وهي تطلق قذائف من مواقعها في حي الصالحة باتجاه منطقة كرري بأم درمان، ما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان من المناطق المستهدفة.
وردًا على ذلك، شن الجيش قصفًا مدفعيًا مكثفًا على مواقع الدعم السريع في المحور الجنوبي من أم درمان، ضمن حملة تهدف إلى استعادة السيطرة على كافة أنحاء العاصمة السودانية.
ويأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه المدنيون أوضاعًا إنسانية متدهورة بسبب استمرار المعارك داخل الأحياء السكنية، وغياب الخدمات الأساسية، إلى جانب حالات النزوح الجماعي من مناطق القتال.
وتعكس حادثة العثور على الجثث المتحللة حجم الانتهاكات والمعاناة التي يتعرض لها المدنيون في مناطق النزاع، وسط دعوات متزايدة من منظمات حقوقية ومجتمعية للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المحتملة.