المراهنات في لبنان.. هكذا تغلغلت في أوساط الشباب
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
ما إن تبحث عبر الإنترنت على مواقع المراهنات في لبنان، حتى يظهر لك العديد منها، أشهرها"Betway Sports"،"22 BET"، "Bet Winner" إذ تمثل المراهنات جزءاً لا يتجزأ في لعبة كرة القدم الأكثر شعبية، وغيرها من أنواع الرياضة، لكنها أخذت حيزاً أكبر في لبنان ليصبح لها سماسرة ومروجون في أغلب المناطق، كمحال الحلاقة، والمقاهي، وغيرها من أماكن استقطاب الشباب.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية، باتت المراهنات المخرج الوحيد لأغلب الشباب في لبنان لكسب مصدر مالي، إذ يتألف جمهور المراهنات من مراهقين، وبالأخص من طلبة المدارس، من دون أن يسلم منها كبار السن، كما أنها لا تنتشر فقط بين محبي كرة القدم ومتابعيها، بل بين أشخاص لا يتابعون اللعبة حتى.
سماسرة المقاهي
ومؤخراً، صارت تُلحظ في المقاهي فئة متنوعة الأعمار ، حتى من كبار السن، تشاهد كرة القدم فقط لأجل المراهنات، إذ يدير السماسرة المراهنات من مكاتبهم أو مقاهيهم، ومحالهم، وحتى عبر الهاتف"، لسبب أن المراهنات غير شرعية في لبنان، وتحتاج الى واجهة تكون في الغالب مقهى أو صالون حلاقة وغيرهما.
ويبدأ الأمر"مع السمسار بفتح حساب للمراهن على الموقع، إما بالليرة اللبنانية أو بالدولار، إذ تراجع الرهان عبر البطاقات الائتمانية بشكل كبير مع أزمة الدولار، ليحل محلهم السماسرة الذين سهلوا العملية كثيراً لاسيما على أبناء المناطق الشعبية، وبعد فتح الحساب وتعبئته بمبلغ مالي يختار الشخص المباريات في أي منطقة، مثلاً الدوري الإنكليزي حالياً، ويبدأ الرهان ليس فقط على فوز فريق بل إنما على عدة أمور.
أنواع الرهانات تختلف الرهانات بين طريقة وأخرى إذ يمكن للمراهن أن يجني أضعاف ما دفعه في حال أصاب خمسة توقّعات في المباراة نفسها، مثل أن يسجّل كلا الفريقين هدفاً واحداً على الأقل، وأن يشهر الحكم أكثر من ثلاث بطاقات صفراء، أو الرهان على فوز فريق على الآخر، وهذه أشهر الرهانات السهلة نسبياً، ويكون فيها هامش الربح صغيرا، لذلك يغامر المراهن بمبلغ أكبر كي يعوض خسارته. ونعود لدور السمسار هنا، حيث يلجأ بعض المراهنين إليه مباشرة ،عبر تحديد نوع الرهان على ورقة وتسليمها للسمسار، ويصبح للسمسار نسبة من الأموال وللوكيل الذي يسلم الأموال لكاسب الرهان نسبة أيضاً، إذ تتجاوز الرهانات 50 دولاراً وأكثر.
مهنة جديدة الدكتورة أديبة حمدان أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية خلال حديثها لـ"لبنان 24" اشارت الى "وجود سببين لهذه الظاهرة، أولاً الفراغ الذي يعيشه الشباب اللبناني اليوم وثانياً الحاجة المادية التي تدفع الناس الى أي طريقة لجني الأموال بغض النظر إذا كانت مبنية على أسس منطقية وغيرها"،معتبرةً" أن الجيل الحالي مغامر أكثر من الجيل السابق، يبحث عن مهنة جديدة تتطلب ذكاء ومهارات معينة، ونرى اليوم كم هي القيم تعزز هذا النوع من طرق كسب المال". وتقول:"أكثر رواد هذه المراهنات هم المراهقون لأنهم ينتسبون لجيل المغامرة وهم مغامرون أكثر، ويقبلون عليها باعتبارها مهنة حديثة، ومن هذا المنطلق يعتبرونها شرعية، إذ نلحظ هذا الانتشار وشيوع هذا النوع من طرق كسب المال من دون جهد، وتعتمد على سمات هذا الجيل الجديد، مما يزيد الإقبال على هذا النوع من هذه المصالح". الدكتورة حمدان ترى أن هذه المراهنات المنتشرة تلائم هذا الجيل الذي لا يبحث عن عمل ويريد عملا سهلا وسريعا من دون جهد يحقق له مكاسب مادية، محذرة من أنه في حال كثرت هذه الظاهرة فقد تؤدي إلى نقص في الطموح وتغييّر بشخصية روادها، من دون التفكير بالروادع الدينية والأخلاقية لكسب المال، مما يؤثر على العلاقات الرسمية والاجتماعية، أي المصلحة مقابل المصلحة لتأسيس العلاقات".
ماذا يقول القانون؟ في المقابل، لا يوجد نصّ في القانون اللبناني يجرّم المراهنات بالاسم، تحت خانة ألعاب القمار التي يحدّدها القانون بعبارة "الألعاب التي يتسلّط فيها الحظ على المهارة والفطنة". ويعاقب قانون العقوبات اللبناني كل مَن يقوم بإدارة وتنظيم هذه النشاطات بموجب المادة 633، بالسجن لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنتين، وبغرامة مالية.
أما المادة 634 - معدلة فنصت على أن "كل شخص اشترك باللعب في الأماكن المذكورة أعلاه أو فوجئ فيها أثناء اللعب يعاقب بغرامة من خمسين ألف إلى أربعمائة ألف ليرة. ويبقى السؤال، في ظل تطور العالم الافتراضي وظهور مهن جديدة غير قانونية لكسب المال كالرهانات، كيف سيصبح مجتمعنا بعد عدة سنوات؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
القات.. خطر صامت يُهدد شبابنا
سعيد بن بخيت غفرم
s.ghafarm@gmail.com
في ظل التغيرات الإيجابية التي تشهدها محافظة ظفار، يبقى القات خطرًا صامتًا يتسلل إلى مجتمعنا، مُهددًا عددًا كبيرًا من شبابنا، وهو نبات يُستهلك بهدوء، لكنه يترك آثارًا عميقة على النفس والجسد، ويزرع بذور الإدمان دون أن يُنظر إليه كخطر حقيقي.
يرى البعض أنَّ القات مجرد "عادة اجتماعية"، لكن في الحقيقة هو مادة مخدرة تسبب أضرارًا نفسية وصحية كبيرة، وتسرق من شبابنا أعمارهم وطموحاتهم. والأسوأ من ذلك، أنَّ هذه المشكلة تنتشر في الخفاء تحت أسماء مُضلِّلة؛ مما يصعب مكافحتها.
كثير من الشباب يبدأون تجربة القات بدافع الفضول أو بسبب تأثير الأصدقاء، لكن ما يبدأ كتجربة بسيطة قد يتحول إلى إدمان يصعب التخلص منه، خاصة مع غياب البدائل المفيدة. من أسباب هذه الظاهرة البطالة، والفراغ، وقلة الأنشطة التي تساعد الشباب على النجاح وتحميهم من الوقوع في هذا الخطر الكبير.
مواجهة القات ليست مسؤولية الجهات الأمنية لوحدها؛ بل هي مسؤولية مشتركة تشمل الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، ووسائل الإعلام، ودور العبادة. ونحن بحاجة إلى حملات توعية شاملة، صادقة، ومستمرة تشرح مخاطر القات وأضراره على الفرد والمجتمع، وتبني في نفوس الشباب مناعة فكرية ووعيا ناضجا.
ورغم الجهود الحكومية المشكورة، إلّا أن فاعليتها تبقى محدودة ما لم تتعزز بمشاركة مجتمعية فاعلة؛ فكُل فرد في هذا الوطن يحمل جزءًا من المسؤولية. وإذا لم يتحرك الجميع، ستظل المشكلة تتفاقم وتستنزف مستقبل شبابنا.
ومع حلول موسم الخريف وتزايد الزوار على ظفار، تتضاعف التحديات. لذا من المهم تشديد الرقابة وزيادة التوعية، ليس فقط لمنع انتشار القات؛ بل لترسيخ ثقافة مجتمعية ترفضه وتواجهه بالعقل والفعل.
الحل يبدأ بتوفير بدائل حقيقية تشغل طاقات الشباب وتوجهها؛ مثل: الفعاليات الثقافية، والمراكز الرياضية، والمبادرات المجتمعية. كما إن دعم برامج التوعية المستمرة وإنشاء مراكز علاجية متخصصة سيكون له أثر كبير في احتواء المشكلة ومساعدة من وقعوا في فخها.
ولا ننسى أن الشباب أنفسهم قادرون على أن يكونوا جزءًا من الحل، من خلال نشر الوعي وقيادة مبادرات ترفض القات وتدعو لحياة أفضل. فهم أمل الوطن وصوته الأقوى في التغيير.
مُكافحة القات مسؤولية وطنية تبدأ بوعي المجتمع وتصميمه على حماية شبابه. لا مجال للتهاون، فكل لحظة تأخير تعني خسارة جديدة. فلنتكاتف- حكومة ومجتمعًا وأفرادًا- لنبني مجتمعًا واعيًا، قويًا، ومحصنًا ضد هذه الآفة.
فلنكُن جميعًا شركاء في التغيير... ولنجعل من ظفار نموذجًا وطنيًا في مواجهة هذا الخطر الصامت.