الجزيرة:
2025-10-16@08:39:13 GMT

تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق

تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT

تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق

دمشق – تشهد السياسة الأميركية تجاه سوريا تحوّلا كبيرًا تجلى في تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي دعا فيها إلى تولي الحكومة السورية مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، تزامنًا مع توقيع أمر تنفيذي برفع جزئي للعقوبات عن دمشق.

وتعكس هذه الخطوة توجها لإعادة رسم أولويات واشنطن وموازين القوى في شمالي شرقي سوريا، وتوجهًا جديدا في مقاربة الوجود الأميركي هناك.

ويهدف الأمر التنفيذي الذي وقع عليه ترامب والذي يتضمن بقاء العقوبات على الرئيس السابق بشار الأسد ومساعديه وبعض الفصائل المدعومة من إيران، إلى دعم الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع بما يعزز استقرار سوريا، ويعيد ترتيب الأولويات الإقليمية مع التركيز على مكافحة الإرهاب.

كما يهدف رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أيضًا إلى إزالة العقبات أمام التعافي الاقتصادي للبلاد، ودعم وحدة البلاد، وأن لا توفر ملاذًا للإرهابيين.

الرهانات الأميركية

أوضح الباحث محمود علوش للجزيرة نت أن هذا التوجه يعكس أهمية دور الدولة السورية الجديدة في "مكافحة الإرهاب"، ويتقاطع مع المصالح التركية التي تطالب بأن تكون الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المسؤولة في هذا الملف، مما يسحب ورقة مهمة من يد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي استثمرت في ملف مكافحة الإرهاب للحصول على الدعم الأميركي والغربي.

وأكد علوش أن الولايات المتحدة تراهن اليوم على الحكومة السورية الجديدة في رسم مستقبل سوريا ضمن رؤية إقليمية أوسع، مع تقليص الدعم لـ"قسد"، التي لم تعد تحتل مركز التحالف كما في السنوات الماضية.

وأشار علوش إلى أن واشنطن تدفع باتجاه دمج "قسد" ضمن الدولة السورية، وهو أمر يتعارض مع مصالح القوات الكردية وأهدافها، مما يخلق تحديات كبيرة للمرحلة المقبلة.

ويقول علوش إن الولايات المتحدة تسعى إلى تنفيذ اتفاقية الدمج التي تم التوصل إليها بين الرئيس السوري وقائد "قسد" مظلوم عبدي في مارس/آذار الماضي، والتي تعتبر الخيار الأفضل للحفاظ على وحدة سوريا، وتمكين الدولة من مواجهة الإرهاب، ويقول "رغم بطء تنفيذ الاتفاق، فإن واشنطن حريصة على إنجاحه سياسيا وعسكريا".

إعلان

وأضاف أن "معالجة غير صحيحة لقضية قسد قد تخلق فراغات أمنية تستغلها الجماعات الإرهابية، مما يعرض جهود سحب القوات الأميركية للخطر"، كما أكد وجود انسجام بين السياسات الأميركية والتركية في سوريا، أسهم في إنجاح اتفاقية دمشق-قسد، والتوافق في التعامل مع الوضع السوري بشكل عام، بما في ذلك التحديات الإسرائيلية.

مقاتلون من "قسد" في مناورة عسكرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2022 (الفرنسية) إعادة تقييم

ينعكس هذا التحول الكبير في السياسة الأميركية بشكل خاص على قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت الحليف الميداني الأساسي لواشنطن في شمالي شرقي سوريا، خصوصا مع دعوة ترامب دمشق لتحمّل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة، وبذلك تضع واشنطن "قسد" تحت ضغط غير مسبوق للاندماج في مؤسسات الدولة السورية.

وكشف مصدر عسكري داخل الجناح العربي لـ"قسد"، في حديث للجزيرة نت، عن وجود مهلة من دمشق حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل لتنفيذ اتفاق سياسي وأمني شامل، مع تحذير من فرض الاتفاق بالقوة إذا تأخرت "قسد" أو رفضته.

وأشار المصدر إلى انقسامات واضحة داخل قيادة قسد بين من يدعم التسوية السلمية ومن يفضل المواجهة المسلحة، كما ذكر أن مسؤولين أميركيين نقلوا للقيادة الكردية رسالة مفادها أنه لا بديل عن الالتزام بالاتفاق مع دمشق، وأن واشنطن لن توفر أي غطاء عسكري لقسد في حال نشوب صراع، مؤكّدين دعمهم الكامل للحكومة السورية باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة.

وأضاف أن المقاتلين العرب ضمن صفوف قسد سيلتحقون مباشرة بهياكل وزارة الدفاع السورية، في حين يُنتظر دمج العناصر الكردية في كيان عسكري مستقل داخل الجيش السوري شرقي البلاد، كما تحدث عن خطة لتسليم مدينتي الرقة والطبقة وحقول النفط للنظام خلال الفترة القادمة.

كما أشار عضو منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة" الدكتور بكر غبيس، في حديثه للجزيرة نت، أن هناك توجهًا أميركيا لإعادة تموضع الدور العسكري في سوريا، مع احتمال انسحاب تدريجي من مناطق الشمال الشرقي بسبب تراجع مبررات البقاء المرتبطة بمحاربة تنظيم الدولة.

وبيّن غبيس أن العلاقة بين واشنطن وقسد لم تكن تحالفًا إستراتيجيًا بقدر ما كانت "ترتيبات مؤقتة لخدمة هدف محدد"، ومع تلاشي هذا الهدف بدأت إعادة تقييم دور قسد، مع توجهات لإدماجها ضمن مؤسسات الدولة أو تقليل دورها ككيان منفصل.

وأوضح غبيس أن ملف سجون تنظيم الدولة استُخدم كورقة ضغط من قبل قسد على المجتمع الدولي، مما أثار انزعاجا داخل دوائر صنع القرار الأميركي، وبيّن أن الطرح التركي لتسليم هذه السجون لدمشق يتقاطع مع رغبة أميركية وإقليمية أوسع لإنهاء هذا الملف بشكل نهائي.

يؤكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية فراس علاوي، في حديثه للجزيرة نت، أن تصريحات ترامب تعكس اعترافًا ضمنيا بشرعية الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، وسعيًا لدمج "قسد" في الدولة السورية، وأوضح أن هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين، رغم الوتيرة البطيئة بسبب رفض تيار قوي داخل قسد أي تقارب مع دمشق.

إعلان

وشدد علاوي على أن الولايات المتحدة تضغط على قسد لتسوية قد تؤدي إلى تسليم تدريجي للجغرافيا التي تسيطر عليها، وأن الحكومة السورية ستكون البديل الأبرز في حال انسحاب القوات الأميركية.

وعلى الرغم من نفي قسد وجود تحضيرات لحملة أمنية ضد فلول تنظيم الدولة، فإن أنباء التحركات العسكرية والتصعيد الميداني تثير تساؤلات عن مستقبل قسد المدعومة أميركيا، خاصة مع اقتراب تسوية محتملة مع دمشق.

الرؤية التركية

يقول الصحفي والباحث التركي إسماعيل جوكتان للجزيرة نت إن ترامب عبّر عن رغبة باستقرار سوريا، وأن البديل الوحيد للقوات الأميركية في المنطقة لمواصلة ملاحقة تنظيم الدولة هو تركيا، مضيفا أن الأخيرة طالبت منذ البداية أن تكون شريكا لأميركا في محاربة التنظيم بدلًا من قسد، التي تعتبرها منظمة إرهابية.

وذكر جوكتان أن التوجهات الأميركية الحالية تصب في مصلحة تركيا، خصوصًا مع استمرار مسار السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وأوضح أن واشنطن ترى في الحكومة السورية الجديدة شريكًا في جهود السلام وعدم مهاجمة الأكراد، بل ودمجهم في المجتمع والسياسة السورية.

وأشار جوكتان إلى أن هذا التوجه يتماشى مع سياسة ترامب، التي تركز على استقرار سوريا، مع إعادة توجيه الاهتمام نحو تحديات إقليمية وعالمية أكبر مثل الصين وحروب إسرائيل.

ولفت إلى أن لقاء ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع وقرار رفع العقوبات يعكسان اعترافًا أميركيا بالحكومة السورية الجديدة، ويفتحان الباب أمام حل العديد من المشاكل العالقة بين واشنطن ودمشق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة السوریة الجدیدة الولایات المتحدة الدولة السوریة تنظیم الدولة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

أردوغان: الدمـــج الســــريع للأكراد يعزّز وحــدة ســــوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الدمج السريع لقوات سوريا الديموقراطية في الدولة السورية سيسهم في تسريع تنمية البلاد وتعزيز وحدتها الوطنية، وفق ما نقل عنه مكتبه الثلاثاء.
وقّعت قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، التي تسيطر على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا الغني بالنفط، في مارس الماضي اتفاقا مع السلطات السورية الجديدة لدمج مؤسساتها المدنية والعسكرية، لكن بنود الاتفاق لم تُنفّذ حتى الآن.
وأعلنت سوريا الأسبوع الماضي وقفا شاملا لإطلاق النار مع القوات الكردية، عقب محادثات بين الرئيس أحمد الشرع والقائد الكردي مظلوم عبدي، وذلك بعد اشتباكات دامية في مدينة حلب الشمالية.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال عبدي إنه توصّل إلى «اتفاق مبدئي» مع دمشق بشأن دمج قواته في الجيش والأجهزة الأمنية السورية.
وشدد أردوغان الذي تقيم حكومته علاقات وثيقة مع القيادة السورية الجديدة، على وجوب تنفيذ عملية الدمج في أقرب وقت ممكن.
وقال لصحفيين على متن طائرته العائدة من قمة بشأن غزة في شرم الشيخ المصرية إن «الدمج السريع لقوات سوريا الديموقراطية في الدولة السورية سيسرّع أيضا جهود التنمية في البلاد».
وأضاف «نثني على الحكومة السورية لتبنّيها رؤية تشمل جميع المكوّنات العرقية والدينية في البلاد»، مؤكدا أن «ذلك يصبّ في مصلحة كلّ من سوريا وتركيا».
ويُذكر أن تركيا شنّت بين عامي 2016 و2019 ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد السوريين، الذين يشكّلون العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، وضد تنظيم الدولة.

سوريا تركيا

مقالات مشابهة

  • الرهان على التقارب قبل الانتخابات
  • لو ديبلومات: صراع نفوذ دولي على الصومال يقوض الرهان على استقراره
  • من ترامب ثم الجيش الأميركي.. رسائل "متناقضة" من واشنطن لحماس
  • أردوغان: الدمـــج الســــريع للأكراد يعزّز وحــدة ســــوريا
  • أردوغان يدعو إلى تسريع دمج قوات قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية
  • إردوغان يشيد بخطة دمج قسد في مؤسسات الدولة: خطوة ضرورية لتعزيز الوحدة في سوريا
  • سوريا: اتفاق مبدئي على دمج «قسد» ضمن وزارة الدفاع
  • بين الدفاع الجوي وصواريخ توماهوك.. زيلينسكي يزور واشنطن هذا الأسبوع ويسعى لتوسيع الدعم الأميركي
  • مظلوم عبدي: اتفاق "مبدئي" على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع
  • سوريا.. مسلحون يلقون قنبلة على عميد كلية الآداب بجامعة دمشق في مكتبه