دائمًا أنجح في إنجاز ما أحب فعله في اللحظات الأخيرة، ككتابة مقال ثم إلغائه وكتابة أخر قبل موعد تسليمه بساعة واحدة، أو تغير خطة كانت تنتظر تنفيذها واستبدالها بخطة مغايرة عمّا كنت أريد فعله، أو كما حدث مؤخرًا حين قررت التجهيز لزفاف شقيقتي الذي سيكون بعد أيام -من قراءة هذا المقال- بعد أن كادت والدتي أن تفقد أعصابها نتيجة هذا التأخير.
في الحقيقة هذا الأمر ليس نتيجة لإهمال أو كسل مني، إنما يعتمد الأمر بالنسبة لي على أهمية تقبُّل مزاجي له، فإن شعرت أني مستعدة لفعل هذا الشيء من عدمه أو استبداله ،فسأكون سعيدة حين الانتهاء منه ،ولهذا إتركه للحظات الأخيرة، لكن مع ذلك بحثت عن سبب هذه الصفة بي، لأنها بواقع الأمر غير حميدة، لكن كان نتيجة بحثي مرضيًا لي، حيث أن سبب هذه الصفة علميًا متعلق بالجينات، فهناك جينات القلق والمحارب، التي تتحكم بعمل هرمون الدوبامين الذي يفرزه الجسم في هذه الحالات، لذلك عندما تحين اللحظات الأخيرة لشيء ما وتضطر معه لاستعجال نفسك ، فإن الدوبامين الذي يحفزك لإنهاء مهامك في اللحظات الأخيرة ، هو ما يجعلك تنتهي منه بصورة مثالية أحيانًا، وفي تجربة للباحثيْن روي بوميستر ودايان تايس، قاما بإجرائها على طلاب جامعيين، وجدا أن تأثير المماطلة في إنجاز الأمور، له من الفائدة في التقليل من مستوى التوتر، بالإضافة إلى أنه يعزِّز الإبداع على حسب رأي البروفسور آدم جرانت الذي قال: “إن الأفكار الأولى غالبًا ما تكون أكثر تقليدية، فإذا انتظرنا وأعطينا الوقت الكافي لطرح أفكار أكثر، فسوف نصل لشيء فعلي أكثر”.
لكن هذا لا يعني أن أشجعك على ترك مهامك للحظة الأخيرة، بل العكس إذ لا فائدة من تأخيرها سوى أن تزيد من إرهاق ذهنك على المدى الطويل، فيما أنت في غنىً عنه، بالإضافة إلى شعورك احيانًا بالتعب نتيجة الجهد الذي تبذله في وقت قصير، فيأخذ منك كل طاقتك حتى تشعر بالصداع الذي لا يزول حتى تنتهي من مهمتك التي تأخرت بشأنها حتّى اللحظات الأخيرة.
ولو افترضنا أنك اعتدت هذه الصفة، فأفضل ما تفعله حتى لا تشعر بشعور الإهمال، أن تبدأ بتدوين خطة تساعدك على ترتيب أفكارك، وأن تجعل لنفسك وقتًا خاصًا بدراسة ما تودّ فعله، لأنه يساعدك كثيرًا في الإستغناء عن فكرة أو إضافة نقاط جديدة أكثر جدوى لما تودّ فعله، فعليك أن تقدر نفسك ما يمكنك مماطلته، أو أخذ كفايتك من الوقت والمزاج الرائق لإنجاز أفضل ممّا كنت تتوقعه من نفسك.
@i1_nuha
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: اللحظات الأخیرة
إقرأ أيضاً:
السيد القائد.. حكمةٌ وصمودٌ يوقظ أُمَّـة من غيبوبتها
في أكثر المراحل خطورة على وجود الأُمَّــة ومصيرها، وفي اللحظة التي اقتربت فيها شعوب المنطقة من حافة الفناء، بزغ صوتٌ مختلف، صادقٌ، وممتلئٌ بالبصيرة؛ صوت قائد الثورة وسيد الصمود السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “نصره الله”، الذي حمل راية الوعي قبل السلاح، وتقدّم من مترسه المتقدّم لأمةٍ تأخرت كَثيرًا عن مسؤولياتها ورسالتها.
من خطوط المواجهة الأولى، ومن خنادق المبدأ التي لم يتخلَّ عنها لحظة، برز السيد القائد مخاطبًا أُمَّـة رهنت سيفها وباعت بندقيتها وتنازلت عن قضيتها؛ فأعادها إلى أصل الطريق، إلى القرآن، إلى الهُوية الإيمانية، وإلى ما يعيد الحياة في أُمَّـة كادت أن تُدفن تحت ركام الهزائم.
ظهوره في كُـلّ اللحظات الفاصلة بمثابة إنذارٍ مبكر لسقوط السيناريوهات السوداء التي حيكت في الظلام؛ سيناريوهات مكشوفة اليوم، لم تعد تخفى على أحد، من مخطّطات التفتيت إلى مشاريع الإبادة التي أعدّ لها الطغاة لتدور رحاها على رقاب الشعوب دون تمييز.
ومن موقع الربَّانية والصدق، يدعو القائدُ الجميعَ إلى أن ينهضوا بداعي الله، أن يعودوا إلى ما يُحْييهم بعد مَواتٍ طويل، وأن يستعيدوا من تحت الرماد ذلك الإيمانَ الذي صُودر منهم لسنوات من التضليل والفشل.
وفي غمرة هذا الانزواء العربي، يتقدّم اليمن ليكون – رغم الجراح والحصار – رأس الحربة، في باب المندب كسر صنميةَ أمريكا، وفي البحر الأحمر هشَّمَ أساطيرَ الصهيونية، وفي البحر العربي زلزل عبوديةَ المتصهينين، ليعلن للعالم أن إرادَة الشعوب حين تتصل بالله أقوى من كُـلّ أساطيل الأرض.
واليوم، يواصل قائد الثورة ورُبّان الانتصار دعوتَه للشعب اليمني: دعوةً للنفير، للتعبئة، للإعداد، وللجهوزية، دعوةً لا تنطلقُ من فراغ، بل من بصيرةٍ ترى ما لا يراه الآخرون، وتدرك أن اللحظةَ التاريخية التي تمر بها الأُمَّــةُ لا تحتملُ التردُّدَ ولا الوقوف في المنتصف، إنها دعوة للمسؤولية والوعي.. دعوةٌ كي يبقى اليمن كما كان دومًا: السدَّ الأول في وجه الطغيان، والصوت الذي لا يخفت حين تصمت الأصوات.