امتحان وزنها وتأثيرها.. حركة عدم الانحياز أمام تحديات السياسة والاقتصاد
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
كمبالا- تستكمل الاجتماعات التحضيرية لدول حركة عدم الانحياز عملها في أوغندا بلجان سياسية واقتصادية وجلسات لوزراء خارجية الدول الأعضاء تحضيرا لقمة القادة في 19 و20 يناير/كانون الثاني الحالي، وتنعقد القمة في خضم تحديات سياسية واقتصادية وتساؤلات عن جدوى وتأثير الحركة في عالم مشتعل بالأزمات.
وتأتي دول حركة عدم الانحياز إلى القمة محملة كل بأولوياتها وبما قد تقبل به أو ترفضه وما تريده وتحاول تمريره، ووفق هذه القواعد تسير الاجتماعات التحضيرية لقمة الحركة في العاصمة الأوغندية كمبالا في اتساق مع نهج رافقها منذ التأسيس.
لم يحدث أن صدرت عن حركة عدم الانحياز قرارات مفاجئة أو صادمة جدا، لكن سبق أن تخطت بعض المآزق السياسية، كالدعوة إلى "انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وكمبوديا" عام 1981، في وقت كان يُنظر فيه إلى بعض الدول الأعضاء على أنها تدور في فلك موسكو.
مرت تلك العقدة السياسية ولم ينفرط بقاؤها حينذاك، ولم تزدد قوة أيضا بمرور أكثر من 4 عقود على ذلك الموقف، بل وترى أن العالم بحاجة إلى أن يتذكر الأسس التي استندت إليها لحظة التأسيس.
ويقول وزير خارجية أوغندا أودنغو جيجي أبو بكر إن "حركة عدم الانحياز لا تزال منظمة مهمة، وبالنظر إلى الحالة الدولية متزايدة التعقيد فإن مبادئ مؤتمر باندونغ العشرة لا تزال ذات صلة اليوم".
وتعلم أوغندا -التي تتسلم الرئاسة الدورية للحركة ومعها 93 دولة من أصل 120 تشارك في الاجتماعات- أنها تعاصر واقعا معقدا من حيث التوترات السياسية المتصاعدة، ابتداء من المحيط الإقليمي لأوغندا المستضيفة لقمة عدم الانحياز إلى انقلابات تطيح بنفوذ فرنسا، ويشتعل السودان في أزمة داخلية.
كما تبدأ بوادر خطر نزاع جديد في شرق أفريقيا بين إثيوبيا والصومال على خلفية اتفاق يتيح لأديس أبابا منفذا بحريا في أرض الصومال.
ونظريا، لا يمكن لدول عدم الانحياز التغاضي عن ملفات أفريقيا، إذ تستضيف كمبالا أيضا -وبالتوازي مع انعقاد قمة قادة دول حركة عدم الانحياز- اجتماعا لمنظمة شرق أفريقيا (إيغاد)، والسودان والصومال وإثيوبيا هي جدول أعمال الاجتماع.
وفي شرق أوروبا يتنافس الغرب وروسيا في ملف أوكرانيا، وسط صراع صيني أميركي على النفوذ في طرق التجارة بأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، حيث الأزمة الأخطر والتحدي الأكبر للحركة، كما تشكل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لحظة مفصلية في تأثيراتها وتداعياتها على التطورات الجيوسياسية عالميا.
ولهذا، برزت الحرب على غزة ملفا أول في الاجتماعات التمهيدية، وطالبت المجموعة العربية والوفد الفلسطيني بإدراج القضية ضمن "وثيقة كمبالا" انسجاما مع قرارات دول عدم الانحياز في قمة أذربيجان عام 2019 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
بدوره، دعا مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة السفير رياض منصور حركة عدم الانحياز إلى تبني نقاط الوثيقة بدعم الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال ونيل حقه في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين، كما طالبها بتضمين الوثيقة الختامية للقمة "دعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار".
لكن الحركة بحاجة إلى موقف أعلى سقفا وأشد تأثيرا من مجرد الدعوة إلى وقف الحرب، فعدم اتخاذ موقف أو الاكتفاء بآخر منخفض السقف سيكون بمثابة إقرار بانعدام الوزن السياسي والثقل الدبلوماسي للحركة والتوقيع على شهادة وفاتها.
لكن موقفا يرتقي إلى مستوى ما يتعرض له القطاع منذ أكثر من 100 يوم قد لا يكون متاحا قبل قمة القادة والرؤساء.
وقال الأمين العام للخارجية الأوغندية فينسينت باجيريا إن "قضية فلسطين والموقف مما يجري في غزة لم يطرحا للتصويت في اجتماعات كبار المسؤولين، وإن آلية عمل الحركة تستند إلى اتخاذ قرارات بالإجماع".
تحديات اقتصاديةوعلى المستوى الاقتصادي، ثمة مفاصل أفلتت من يد دول عدم الانحياز بوصفها كتلة وتفرعت دول فيها لتحالفات سياسية اقتصادية، ويقر أعضاء في الحركة بأنها تواجه تحديات "انعدام الأمن الغذائي، والهجرة، والبطالة، والأوبئة الصحية، وتغير المناخ، والإرهاب، وتمويل التنمية وعبء الديون"، بحسب وزير الخارجية الأوغندي أودنغو جيجي أبو بكر.
ويعزز تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذه التحديات، حيث تعاني 40% من الدول النامية من ارتفاع أساس وتكلفة ديونها التي تصل إلى نحو 4 أضعاف تكلفة استدانة الولايات المتحدة.
ولا يغفل رئيس الوفد الأذربيجاني يالشين رافييف عن هذا التحدي، ويرى أن بقاء حركة عدم الانحياز موحدة "يمكن أن يحرز تقدما نحو نظام عالمي عادل ومنصف".
وبينما تستخدم واشنطن سلاح العقوبات والشطب من الاتفاقيات التجارية كما فعلت مع أوغندا تتمدد الصين في أفريقيا حيث يمر "طريق الحرير" الجديد، وتنتظر بكين انتهاء أعمال قمة عدم الانحياز لتترأس بدورها "قمة الجنوب" أو "مجموعة 77 "+ الصين في المكان نفسه حيث تجتمع الحركة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حرکة عدم الانحیاز
إقرأ أيضاً:
مظاهرة أمام البرلمان الإيطالي للمطالبة بإنهاء الحرب على غزة
تجمع المتظاهرون في العاصمة روما للمطالبة بإنهاء الحرب على غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني. اعلان
تجمع عشرات المتظاهرين أمام البرلمان الإيطالي يوم الأربعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غزة وللمطالبة بوقف الحرب على القطاع. ورفع المحتجون الأعلام الفلسطينية ولافتات تدعو إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
واتهم العديد من المتظاهرين الدولة العبرية بارتكاب إبادة جماعية وتدمير المستشفيات والتسبب في كارثة إنسانية في القطاع، مثل المجاعة المنتشرة على نطاق واسع.
وقالت المحتجة جيورجيا بروسبيري: "هناك جريمة ضد الإنسانية مستمرة، إبادة جماعية حقيقية، لذلك أعتقد أنه من الصواب أن نصرخ ونعرب عن ألمنا مما نشاهده حتى تتوقف هذه الحرب الوحشية".
وقالت فرانشيسكا بيري، وهي مسعفة وعضو في مجموعة تدعى "مسعفون من أجل غزة": "تجوّع شعبًا وتحاصره ولا توفّر له الرعاية الصحية، بل تدمّر المستشفيات - كان هناك 36 مستشفى في غزة والآن لم يتبق منها سوى أربعة مستشفيات بعد أن تم تدميرها جميعًا".
Relatedالأمم المتحدة: المساعدات لم تصل بعد إلى الفلسطينيين رغم دخولها إلى غزةقصف على مدار الساعة في قطاع غزة: عشرات القتلى بينهم أطفال في غارات جوية إسرائيليةإدانة أوروبية واسعة بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على وفد دبلوماسي في مخيم جنينالأمم المتحدة تحذّر: 14 ألف رضيع في غزة مهددون بالموت خلال 48 ساعةوأضافت بيري: "لديهم إمكانيات محدودة للمساعدة، حيث لا يوجد لديهم أدوية ولا حتى ضمادات، لم يتبق لديهم أي شيء، وزملاؤنا يقومون ببتر الأطراف دون تخدير - كل هذا بالنسبة لنا ألم كبير".
وعلى الرغم من تصاعد الغضب الدولي من اتساع نطاق الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يوم الأربعاء، إلا أن الغارات استمرت في قصف القطاع المحاصر.
وأسفرت الهجمات عن مقتل 82 فلسطينيًا على الأقل، بينهم عدة نساء ورضيع عمره أسبوع، وفقًا لوزارة الصحة في غزة ومستشفيات المنطقة.
وبدأت إسرائيل بالسماح لعشرات شاحنات المساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة يوم الثلاثاء، لكن الأمم المتحدة تقول إن العملية الأمنية لنقل الإمدادات إلى مستودعات التوزيع، والتي وصفتها بأنها "طويلة ومعقدة وخطيرة"، تحول دون وصول المساعدات بسرعة إلى المحتاجين.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة