عربي21:
2025-05-28@19:19:21 GMT

مسلسل الإحراجات مستمر

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

إن مسلسل الإحراجات لهذه الأمة، بعربها وعجمها، مستمر منذ أحداث غزة التي بدأت بطوفان الأقصى المبارك في السابع من أكتوبر العام الفائت. فمنذ ذلك التاريخ والأمة المسلمة تواجه مشاهد من الإحراج كثيرة، بل لا أظن أن هذا المسلسل له نهاية قريبة.

المشهد الأول أو أولى المشاهد المحرجة هو صمت القبور الذي ساد أجواء الرسميات الإسلامية ومنها العربية، القريبة من غزة والبعيدة، والذي أصاب الذهول كثيراً من دول العالم التي كانت تنتظر موقفاً إسلامياً أو عربياً على وجه التحديد من أحداث غزة، قبل أن تبدي آراءها ومواقفها.

فلما لم تجد موقفاً جلياً واضحاً، بدأت كل دولة ترى الأنسب لمصالحها، سواء مع النظام الفاشي الصهيوني أو الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فكانت اليابان الرسمية أوضح الأمثلة على ذلك.
صمت القبور الذي ساد أجواء الرسميات الإسلامية والعربية أصاب الذهول كثيرا من دول العالم التي كانت تنتظر موقفا إسلاميا أو عربيا من أحداث غزة
المشهد الثاني من مشاهد الإحراج ما شاهده العالم وتابعه الخميس الفائت، حين ترافعت جمهورية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية بدعوى ضد النظام الفاشي الصهيوني، واتهامه بارتكاب جرائم حرب متنوعة، بالإضافة إلى النية الواضحة والعزم على القيام بإبادة جماعية ضد أهالي غزة. وكانت مرافعات فريق جنوب أفريقيا القانوني مصدر إعجاب ملايين حول العالم، وفي الوقت نفسه مصدر إحراج كبير لكل الدول العربية والمسلمة، باعتبار أن مثل هذه المرافعة كان الأجدر أن تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي أو أي دولة من دولها الكبيرة ذات التأثير على المستوى العالمي.

لم نجد أحداً من الدول الكبيرة تلك في العالم الإسلامي والعربي. الكل ظل يراقب المشهد الغزاوي ثم بدأ يندد ويشجب ويستنكر، وصار البعض يتنافس مع غيره بالكلمات والتصريحات، دونما أفعال واضحات ملموسات على أرض الواقع أو ذات تأثير على سير الأحداث.

حتى تواترت الأنباء عن عزم دولة غير عربية أو مسلمة في أقصى أفريقيا لرفع دعوى ضد النازية الجديدة المحتلة لفلسطين، بعد أن تخطت كل قواعد الحروب، ودخلت عالم الإبادة وجرائم الحرب، فكان لابد من محاسبتها والتشهير بها أمام أعلى سلطة قضائية دولية.


حملت تلك الراية جنوب أفريقيا، ذات التاريخ النضالي ضد النظام العنصري الذي كان جاثماً على صدرها سنوات طوالا عجافا، وليست مكبلة بقيود غربية أو شرقية كالتي عليها غالبية دول العالم الإسلامي وللأسف.

وبالتالي لجنوب أفريقيا شرعية ومصداقية في القيام بهذا الإجراء، إذ لا يرضيها أن ترى ماضيها يتكرر الآن، لا في فلسطين أو غيرها من بقع جغرافية ما زالت تعاني من أنظمة عنصرية أو استعمارية، فكان موقفها من أنبل وأشرف المواقف على مستوى العالم، وبه أحرجت العرب قبل غيرهم من أمم الأرض.

المشهد الثالث قيام جمهورية ناميبيا الأفريقية أيضاً بالسير على خطى نظيرتها الجنوب أفريقية، لتعلن رفضها وتنديدها واستنكارها قيام ألمانيا بالدخول كطرف ثالث داعم للنازية الصهيونية ضد اتهامات جنوب أفريقيا، وتطالبها بالعدول عن ذلك بل وتقوم بتذكيرها والعالم بماضيها الاستعماري المتوحش حين قامت بارتكاب وتنفيذ إبادة جماعية ضد الشعب الناميبي أوائل القرن الفائت، لتقول لها اليوم بشكل غير مباشر بأن ما تفعلينه يا ألمانيا ودعمك غير المبرر للصهيونية وجرائمها في فلسطين، وصمة عار في جبينك.

لا يعني قيام النازيين بحرق اليهود، أن تظل ألمانيا تشعر بعقدة ذنب إلى ما لا نهاية، وتتودد للصهاينة إلى أجل غير معروف.. أما نقطة الإحراج ها هنا للعرب والمسلمين تكمن في عدم قيام أي دولة عربية أو مسلمة بعمل مماثل لناميبيا، ولو من باب أضعف الإيمان ورفع بعض الحرج عنها، وذلك بإصدار بيان رسمي عبر منظمة التعاون الإسلامي تعلنه أمام العالم برفض موقف ألمانيا السيئ وغير المبرر، والوقوف مع أعداء الإنسانية والحياة.. لكن حتى هذا الإجراء لم يتم !
نقطة الإحراج للعرب والمسلمين تكمن في عدم قيام أي دولة عربية أو مسلمة بعمل مماثل لناميبيا
المشهد الرابع يدور حول عزم خمسين محامياً من جنوب أفريقيا مرة أخرى للقيام بموقف مشرف ونبيل ورافض للظلم، عبر مقاضاة الإدارة الأمريكية والبريطانية بسبب التواطؤ بالجرائم التي ترتكبها الصهيونية في فلسطين. وتهدف مبادرة المحامين الجنوب أفريقيين إلى محاكمة المتواطئين مع الصهاينة في جرائمهم أمام محكمة الجنايات الدولية المتخصصة في محاكمة مجرمي الحرب من الأفراد.

والمثير أو الغريب أن المحامين يقومون بمبادرتهم تلك بالتعاون مع محامين أمريكان وبريطانيين، وكأنما الأمر لا يعني العرب والمسلمين البتة، في مشهد محرج رابع وكأنما لسان حال الأفارقة يقول بأنه لا فائدة تُرجى منكم يا أمة العرب والمسلمين في مثل هذه الأحداث الدامية المهولة.

هكذا تمضي الأيام والأحداث.. فبعد أكثر من مائة يوم على صمود المجاهدين في غزة أمام إجرام ووحشية ونذالة الصهاينة ومن معهم، وبعد تكرار مشاهد الإحراج، ما زالت الكثير من الرسميات العربية والمسلمة في سباتها.

لم يصدر عنها عمل يثير الانتباه، أو يوجع الصهاينة ومن معهم، فلا تجد تفسيراً منطقياً لهذا الخنوع وهذا الخذلان والتهاون من أكثر من خمسين دولة عربية ومسلمة، سوى أن قيوداً غليظة قد تم تكبيلهم بها من لدن أطراف عالمية نافذة.

لاسيما الولايات المتحدة، وأن مصالح أنظمة تلك الدول مرتبطة بمدى توافقها مع رؤى وسياسات الولايات المتحدة أو عموم الغرب، وشخصياً لم أجد أي تفسير مقنع آخر لهذا الخذلان، الذي لن تكون تبعاته سارة وحميدة، وشواهد من التاريخ عديدة تؤكد هذا المعنى، وإن دروس خذلان دويلات الأندلس لبعضهم البعض، ما زالت ماثلة أمامنا وقابلة للتكرار، وظروفنا الحالية مهيأة لذلك المشهد أيما تهيئة.

فاللهم سلم سلم..

الشرق القطرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة جنوب أفريقيا ناميبيا غزة جنوب أفريقيا الاحتلال ناميبيا العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

«تريندز» يناقش «مكافحة التطرف حول العالم» في مقر البرلمان الأوروبي

أبوظبي (الاتحاد)
شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في مائدة مستديرة بعنوان «استراتيجيات مكافحة التطرف حول العالم من خلال التعليم ونشر ثقافة التسامح والسلام»، والتي عقدها التحالف البرلماني الدولي، والبرلمان الأوروبي، وأنطونيو لوبيز، عضو البرلمان الأوروبي، وذلك في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل، بمشاركة نخبة من البرلمانيين والخبراء والأكاديميين والمتخصصين، وجاءت المشاركة في ختام جولة «تريندز» البحثية في المملكة البلجيكية.
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن هذه المائدة المستديرة تأتي في وقتها، في ضوء انتشار أيديولوجيات التطرف، وما يرتبط بها من عنصرية وعنف وإرهاب، في أنحاء مختلفة من العالم، سواء اتخذت شكلاً دينياً أو شعبوياً أو يمينياً متطرفاً.
وأكد أن أفضل الاستراتيجيات لمكافحة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة هو التخلص من الاقتراب النخبوي في المعالجة، والتركيز على مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بدءاً من الأسرة، ومروراً بالمؤسسات التعليمية والاجتماعية والدينية، وصولاً إلى وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، إذ إن هذه المؤسسات تمتلك إمكانيات هائلة لزرع أفكار وقيم التسامح وثقافة السلام في نفوس الأطفال والشباب، ما يحول دون تسرب أفكار التطرف إلى عقولهم. 
مأسسة التسامح 
وأشار الرئيس التنفيذي لـ «تريندز» إلى أن مؤسسات التعليم تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في ترسيخ قيم وثقافة التعايش والتسامح والسلام، وفي مقدمتها قيم قبول الآخر والحوار البناء، وهذا يتطلب تطوير المناهج التعليمية وتنقيتها من أي أفكار تحض على التطرف والعنف والكراهية، وتأتي هنا الحاجة إلى تدخل حكومي نشط يتصدى لمروجي التطرف، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل المظلة التي خرجت من تحت عباءتها معظم التيارات المتطرفة.
واستعرض العلي النموذج الإماراتي في التسامح الإنساني في مجتمع متعدد ثقافياً، ينتمي أفراده إلى أكثر من 200 جنسية، حيث عملت دولة الإمارات على مأسسة التسامح، عن طريق تشريعات داعمة وسياسات وقرارات واضحة، وأنشأت مؤسسات متخصصة وطورت مناهجها التعليمية، وفرضت منهج «التربية الأخلاقية» على طلاب المدارس كافة، وهو ما عزز من تجربة التسامح الإماراتي، وجعلها نموذجاً عالمياً. 
الاعتدال والتسامح 
بدورها، أوضحت اليازية الحوسني، الباحثة، ونائبة رئيس قطاع الإعلام في «تريندز»، خلال مداخلتها بالمائدة المستديرة، أن دولة الإمارات أمة شابة في العمر، ولكنها قوية في الفعل، فهي دولة مبنية على الاعتدال والتسامح والتطلع للمستقبل، وتعكس العدل والتوازن في كل جانب من جوانب الحياة، مضيفة أنها أمة متجذرة في التعايش، حيث احترام الآخر ليس مجرد مبدأ، بل قيمة راسخة بعمق في كل إماراتي.
وذكرت أن دولة الإمارات أنشأت عام 2016 وزارة التسامح والتعايش، لتصبح أول دولة تنشئ جهة حكومية مخصصة لتعزيز الاندماج والاحترام المتبادل بين المجتمعات، إلى جانب افتتاح «بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي، والذي يعد منارة ورمزاً للتسامح والتعايش، وهو عبارة عن مجمع ديني وثقافي يجمع بين المسجد والكنيسة والكنيس.

أخبار ذات صلة %80 من خريجي «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» يتوظفون خلال عامهم الأول حمدة البلوشي: «صغارية» منصة تعليمية ترفيهية مبتكرة

التعليم من أجل السلام 
أما شيخة النعيمي، الباحثة في «تريندز»، فتحدثت في مناقشات المائدة المستديرة عن الدور الحيوي للتعليم في تعزيز التسامح والسلام، مؤكدة أن التعليم ليس مجرد نقل للحقائق، بل هو تشكيل عقول تقدر التعاطف والاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية، ومن خلال التعرف على الثقافات والمعتقدات يطور الطلاب تفكيرهم ويكتسبون قوة ضد التطرف.
وأضافت أن دولة الإمارات جعلت التعليم من أجل السلام والتسامح أولوية وطنية، حيث يدرس الطلاب مواد التربية الأخلاقية التي تعلمهم الأخلاق والمواطنة والأخوة الإنسانية، وهذا يتجاوز المناهج الدراسية، حيث يتبع المعلمون مدونة قواعد سلوك وطنية مصممة لتعزيز القيم الإيجابية وحماية الطلاب من الأيديولوجيات الضارة.
وأشارت النعيمي إلى أن دولة الإمارات تدعم البيئات الشبابية وتدفعهم للتفاعل، من خلال مراكز الشباب والحلقات النقاشية والجلسات الحوارية التي تمكن الشباب من قيادة الحوار بين الثقافات والأديان، مبينة أن التعليم عندما يكون هادفاً وقائماً على القيم يمكن أن يوحد المجتمعات، ويحمي الأجيال من الكراهية والانقسام، مطالبة بمواصلة الاستثمار في التعليم، ليس فقط كطريق إلى المعرفة، بل كأساس للسلام.
وفي السياق ذاته، التقى فريق مركز تريندز للبحوث والاستشارات معالي أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، ومحمد السهلاوي، سفير الدولة لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، وذلك على هامش المائدة المستديرة التي عقدت في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل.
التسامح 
بينت الحوسني أنه بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية مباشرة، التي كانت نتيجة طبيعية لنهج دولة الإمارات في التسامح والاعتدال والسلام وقبول الآخر، يمكن توقيع اتفاق في أي يوم، ولكن لكي ينجح هذا الاتفاق، يجب أن تلتقي الشعوب وتتفاعل مع بعضها البعض، مبينة أنها حظيت بفرصة أن تكون أول باحثة إماراتية تتدرب في مركز «موشي دايان»، وهناك تمكنت من التعرف إلى الآخر والتفاعل مع المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • تسبب الإحراج.. اعرف أعراض غازات البطن وأفضل طرق علاجها
  • قيام الليل في العشر الأول من ذي الحجة.. اغتنمه هذه الأيام
  • آن أوان العقوبات على إسرائيل مثل جنوب افريقيا زمن الفصل العنصري
  • هل نحن أمام دولة اجتماعية حقيقية أم تصفية رمزية للفئات الهشة؟
  • هارتس ..لا يوجد أي دولة في العالم نجحت في اخضاع اليمنيين
  • أحمد موسي: الشعب الفلسطيني مستمر في مكانه ومش هيسيب أرضه ولن يسمح بالتهجير
  • جنوب أفريقيا تراجع قوانينها لجذب استثمارات ستارلينك وإرضاء إيلون ماسك
  • كينيا وغانا تدعمان مغربية الصحراء ونيجيريا في الطريق.. حلف الجزائر جنوب أفريقيا على حافة الإنهيار
  • مصر: كارثة غزة بلغت مستويات غير مسبوقة وحان وقت قيام دولة فلسطين
  • «تريندز» يناقش «مكافحة التطرف حول العالم» في مقر البرلمان الأوروبي