ارتفاع جنوني في أسعار البالة.. ماذا يحدث بوكالة البلح؟
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
منذ ما يقرب من 30 عاما ماضية، كانت أسواق البالة هي الوجهة الوحيدة أمام المواطنين من محدودى الدخل، للبحث عن بديل يضمن لهم ارتداء ملابس ماركات (براندات) حتى إن كانت مستعملة، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية تحولت إلى سوق مفتوحة من أبناء الطبقة الغنية والمتوسطة لشراء الملابس المستوردة والمستعملة بقيمة لا تضاهي سعرها الحقيقي.
وكالة البلح أشهر مكان لبيع البالة، الوكالة هو أشهر الأسواق الموجودة في القاهرة، واللى يقصدها كل الفئات بعدما بات مصدراً للأستوكات الأوروبية ويعد سوق وكالة البلح من أقدم أسواق القاهرة أنشأ فى سنة 1880، تقع الوكاله بين حي بولاق أبوالعلا الشعبي والزمالك أحد أحياء القاهرة الراقية، وأصبحت الوكالة سوقا مفتوحة لبيع الملابس المستعملة والأحذية الرياضية والجلدية والمفروشات والأجهزة.
ويقاوم أبناء حي وكالة البلح في القاهرة زحف "البلوجرز" إلى سوق الملابس المستعملة (البالة) الشهير فيه، والتي يتسابق إليه أبناء الطبقة الغنية ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، من فيسبوك وتيك توك وإنستغرام.
وتحوّل الحي المصري المطل على النيل، قبل نحو سنتين، إلى ما يشبه الـ"تريند"، بعدما انتشرت فيديوهات المشاهير عنه، ويضم موقع "يوتيوب" نحو 3 آلاف فيديو عن سوق البالة في وكالة البلح، وكيف تشتريها منها ملابس كثيرة بأقل سعر، فضلا عن آلاف المقاطع عبر إنستغرام وتيك توك وفيسبوك والتي تدعو أبناء الطبقة المتوسطة والأغنياء للشراء من الوكالة بعد ارتفاع الأسعار الذي أصاب "البراندات" (الماركات الشهيرة) في مصر.
تحولت وكالة البلح من "مول الفقراء" وأصحاب الدخل المحدود إلى أرض جديدة للمعركة بين الأغنياء والفقراء في مصر. وكادت الوكالة تلفظ زبونها الأصلي، تاركة له بضاعة الأرصفة، مكتفية بهؤلاء القادمين من الفيديوهات المنبهرين بأسعار لا تقارَن بتلك الموجودة في أفخم المحلات التجارية، التي تبيع "ماركات" عالمية في القاهرة.
وبدلا من الدعوة إلى شراء الملابس من الوكالة، انتشرت دعوة أخرى إلى ترك الوكالة لأصحابها، بعدما شهدت محلاتها تغيرا كبيرا في مستوى الأسعار، إذ صارت فوق استطاعة أبناء الطبقة المحدودة الدخل.
وداخل شارع بولاق الجديد الشارع الرئيسى، الذى يكتظ بمئات الاستندات من ملابس البالة، ارتفعت أسعار الملابس الشتوى التي تبدأ من 150 حتى 450 جنيهًا، إذ ارتفعت أسعار الملابس المستعملة بنسبة 100% عن العام الماضي، إذ لم تعد الأسعار في متناول الجميع؛ وإنما لفئة محدودة فالملابس أصبحت مهرولة وفي حالة سيئة ويبيعها التاجر بـ 150 جنيه.
وأرجع المشترون في الوكالة سبب ارتفاع الأسعار في الوكالة إلى ترويج المشاهير من الفنانين والبلوجر والإنفلونسر لها، الأمر الذي ساعد على انجذاب شريحة كبيرة من مختلف الطبقات لها، واستغل المستوردون من البالة ذلك الأمر ورفعوا من الأسعار بشكل خيالى.
ومع الأجيال الجديدة التي تهتم بالبحث واعادة تدوير الملابس، أصبحت الوكالة وغيرها من أماكن البالة هي مقصد الشباب من جيل Z، وإعادة التدوير لا تتوقف عند الملابس، فيوجد معرض متخصص في عرض كل الأشياء التي يمكن إعادة تدويرها من البالة في وسط البلد، حيث يسعى بشكل أساسى إلى إعادة تدوير جميع العناصر لإعادة استخدامها في صناعة الملابس والإكسسوارات، حيث يقوم القائمون على المعرض أيضًا بتوجيه الزوار لتعلم مفهوم إعادة التدوير والاستفادة الأمثل من المواد المعاد تدويرها.
وتأتي الملابس البالة من دول أوروبا وتركيا وبعض دول الخليج، لأن ثقافة المواطنين هناك عدم الاحتفاظ بما يزيد عن حاجتهم، غير أن هناك شركات متخصصة عالمية تقوم بالتجميع والفرز.
حسب تقديرات منصة إعادة البيع عبر الإنترنت «ThredUp»، فمن المتوقع أن تتضاعف سوق الملابس المستعملة عالميًا تقريبًا بحلول 2027، فمن الممكن أن يصل حجم السوق إلى 350 مليار دولار بعد 4 سنوات، في وقت تقوم فيه الشركات بتكييف المزيد من نماذج الأعمال الدائرية، كما أصبح المستهلكون أكثر وعيًا بالبيئة.
ويشار إلى أن السلع المستعملة شهدت نموًا قويًا خلال العام الماضى، بنسبة 28%، لتصل إلى 177 مليار دولار، ومع بدايات 2024 من المتوقع أن يتكون 10% من سوق الملابس العالمية من الملابس المستعملة، كما أنه من المتوقع أن تصل تلك السوق في الولايات المتحدة إلى 70 مليار دولار بحلول 2027.
وفي حفلة يرتدى فيها الجميع أغلى الأزياء، دخلت سارة عبدالرحمن النجمة الشابة المتصدرة للأعمال التليفزيونية خلال الفترة الأخيرة بفستان خطف الأنظار، ومع ذلك فجرت الفنانة الشابة الأنيقة المفاجأة قائلة: “هذا الفستان من الوكالة”.
بأزيائها الراقية التي تخطف الأنظار غيرت سارة نظرة كثيرين إلى ملابس الوكالة والعتبة وأماكن بيع البالة والمستعمل الذين تواروا للقادمين من الخلف وأصحاب المرتبات المتدنية المقتصرة على الأكل وقضاء اليوم، حيث يوجد هنا درر الملابس والأزياء التي جعلت من فنانة شابة تريند مصر في الملابس وجعلت من هذه الأماكن «new brand» يرغب الجميع في الشراء منه.
ومن جانبها، قالت أستاذة علم الاجتماع، الدكتورة هدى زكريا، إن الظروف الاقتصادية لطالما كانت سببا لاختيار فئات بعينها أماكن شرائها ملابسها، لذا عرفت أماكن بيع البالة بشكل عام ومن مسماها تعنى الملابس الأقل جودة، حيث كان يشتريها بشكل رئيسى الفئات الأقل اجتماعيا أو المغتربون أو غير القادرين ماديا، نظرا لأسعارها الرخيصة بالمقارنة مع ملابس المولات والأماكن الراقية.
وأضافت زكريا حلال تصريحات لها، أنه خلال العامين الأخيرين تحديدا ومع التطور التكنولوجى ووسائل التواصل الاجتماعى، أصبح هناك بحث أكبر عن المختلف وعدم التقليد، وهو أمر بدأته فئات أكثر راحة اقتصاديا وذهبوا لعمل طرق مختلفة لما يقدمونه على وسائل التواصل الاجتماعى، ومنها أماكن أقل سعر لبيع الملابس، خاصة مع ارتفاع الأسعار في كل منطقة كما لم يتوقفوا عند السعر فقط؛ إنما ذهبوا لموضوع الجودة والشكل مع تجربة هذه الملابس في حفلات مهمة، ما جعل كل الأماكن متاحة لكل الطبقات في النهاية.
وأشارت إلى أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العالم كله، أصبح من الصعب اعتبار أماكن بعينها محصورة على فئات اجتماعية دون غيرها، خاصة أن أسعار الملابس تكون مبالغا فيها كثيرا داخل المولات وبعض المناطق، لا سيما في القاهرة الكبرى، وبالتالى بدأ الجميع اللجوء إلى البالة وهى البدائل الأرخص، وإعادة التدوير والبحث عن المختلف وهو ما أتاح فرصة ذهبية للعاملين في هذه المناطق للتطوير أيضا.
وتابعت: هناك تطوير واضح في هذه المناطق منذ فترة ليست بالقليلة مع اتجاه كثير منهم للترويج لمنتجاته بشكل مختلف من خلال الوسائل الجديدة لمواقع التواصل الاجتماعى، وهو أمر محمود في هذه الوسائل ويجب التأكيد عليه مع مزيد من التطوير سيؤدى إلى نقلة في هذه المناطق وتحولها إلى مناطق تجارية كبرى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البالة وكالة البلح الوكالة ارتفاع الأسعار وسط البلد الملابس المستعملة سوق الملابس فی القاهرة فی هذه
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في مثلث برمودا غزة؟
مر أكثر من شهر ونصف منذ التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وبموجب الاتفاق، كان من المفترض أن تعبر 600 شاحنة يوميا إلى داخل القطاع، تحمل الغذاء والدواء والخيام والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
لقد اعتدنا سماع التصريحات الرسمية تتحدث عن مئات الشاحنات التي تعبر الحدود كل يوم. تُنشر الصور، وتوثق عمليات العبور بعناية، وتُصدر الإعلانات في أجواء احتفالية.
ورد في تحديث أصدرته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 26 نوفمبر/تشرين الثاني أن: "4200 شاحنة تحمل مواد إنسانية تدخل غزة أسبوعيا منذ بداية وقف إطلاق النار. 70% من الشاحنات التي دخلت حملت مواد غذائية… أكثر من 16 ألفا و600 شاحنة غذاء دخلت غزة منذ وقف إطلاق النار. أكثر من 370 ألف طن من الغذاء".
قد يظن المرء عندما يسمع ذلك أن الفلسطينيين في غزة هم الأكثر تغذية في العالم.
لكن بالنسبة لكثيرين منا، ليس واضحا كيف تحسب إسرائيل "شاحنات الطعام"، إذ إن عددا كبيرا من الشاحنات التجارية التي يُسمح بدخولها تحمل أغذية منخفضة القيمة الغذائية؛ مثل ألواح الشوكولاتة والبسكويت، أو أغذية باهظة الثمن مثل الدجاج المجمد بسعر 25 دولارا للكيلوغرام الواحد، أو طبق البيض الذي يصل إلى 30 دولارا.
كما تبدو المنظمات الإنسانية غير مقتنعة بالعدد الرسمي؛ فبحسب برنامج الأغذية العالمي، لا يدخل سوى نصف كمية الغذاء المطلوبة. وتقدر الهيئات الإغاثية الفلسطينية أن ربع المساعدات فقط يسمح بدخوله فعليا.
وليس هذا فحسب، فجزء صغير من هذا الربع يصل في النهاية إلى النازحين والفقراء والجرحى والجوعى. لأن الكثير من المساعدات التي تدخل غزة تختفي داخل "مثلث برمودا".
المسافة الأقصر على الخريطة.. هي الأطول سياسيا وأمنياالمسافة بين المعبر وبين مخيمات النزوح- حيث يجب توزيع المساعدات- تبدو قصيرة جدا على الخريطة. لكنها في الواقع أطول مسافة يمكن تخيلها سياسيا وأمنيا.
إعلاننعم، العديد من الشاحنات التي تعبر لا تصل أبدا إلى العائلات التي هي بأمس الحاجة إليها.
الناس يسمعون عن الشاحنات، لكن لا يرون الطرود الغذائية. يسمعون عن أطنان الدقيق، لكن لا يرون خبزا. يشاهدون فيديوهات شاحنات تدخل القطاع، لكنهم لا يرونها تصل إلى مخيماتهم أو أحيائهم.
وكأن المساعدات تدخل غزة لتتبخر.
مؤخرا، ارتفع الحديث في الشوارع عن المساعدات المفقودة، لا سيما بعد ظهور مواد غذائية فجأة في الأسواق المحلية، لا تزال تحمل ملصقات تقول: "مساعدات إنسانية- غير مخصصة للبيع". وقد رأيت بنفسي علب لحم دجاج تحمل هذا الملصق تُباع بـ 15 دولارا للعلبة الواحدة.
وحتى عندما تصل الطرود الغذائية إلى المحتاجين، فإنها غالبا ما تكون ناقصة. على سبيل المثال، تلقت عائلتي طردا كان يفترض أن يحتوي على أرز وعدس وست زجاجات من زيت الطهي، وعندما فتحناه لم نجد أرزا ولا عدسا، بل ثلاث زجاجات زيت فقط.
ليس فسادا فقط، بل إنه انهيار كامل في الحوكمةليس الأمر مجرد فساد. فبعد عامين من حرب إبادة ممنهجة، انهارت منظومة الحكم في غزة بالكامل، وتعرضت مؤسساتها للاستهداف المتعمد من الجيش الإسرائيلي. لا توجد سلطة موحدة، ولا توجد أي جهة قادرة على فرض النظام أو الأمن.
وبحسب آلية الأمم المتحدة لمراقبة المساعدات، بين 19 مايو/أيار و29 نوفمبر/تشرين الثاني: "8035 شاحنة وصلت إلى وجهاتها داخل غزة و7127 شاحنة تم "اعتراضها" إما "سلميا" أو "قسرا".
يفرض الجيش الإسرائيلي قيودا صارمة على الطرق التي يمكن للشاحنات سلوكها، وغالبا يجبرها على المرور عبر مسارات مليئة بالمخاطر. بعض الطرق لا يمكن استخدامها دون تنسيق مع عائلات نافذة أو لجان أحياء، وأخرى تخضع لسيطرة مجموعات مسلحة. وبسبب ذلك، تصبح رحلة لا تتجاوز بضعة كيلومترات رحلة هشة يسهل عرقلتها. هكذا تختفي المساعدات داخل "مثلث برمودا الغزي".
أما المنظمات الدولية، فهي عاجزة أيضا عن فرض الأمن. لا تستطيع مرافقة الشاحنات بسبب الخطر، ولا يمكنها الإشراف على التفريغ بشكل مباشر، ولا تملك العدد الكافي من الموظفين لمتابعة كل شحنة. واعتمادها على لجان محلية ومتطوعين، يعني أنها تعتمد على منظومة مليئة بالثغرات يسهل استغلالها من أطراف متعددة.
من المستفيد الحقيقي من اختفاء المساعدات؟هناك التجار الباحثون عن ربح سريع. وهناك المجموعات المسلحة التي تبحث عن مصادر تمويل. وهناك- بالطبع- الاحتلال وحلفاؤه الذين يريدون استمرار استخدام الجوع كسلاح ضغط سياسي. جميعهم يستفيدون من معاناة الفلسطينيين.
العالم مطمئن.. ويشيح بوجههالمشكلة أن الاهتمام بما يحدث في غزة تراجع منذ وقف إطلاق النار. الرأي العام العالمي يشعر بالاطمئنان- وكأن الإبادة قد انتهت- ولم يعد يسأل لماذا لا تصل المساعدات إلى الشعب الفلسطيني؟
وفي أروقة السياسة وصنع القرار، يجري التعامل مع اختفاء المساعدات باعتباره أمرا طبيعيا ينتج عن الصراع. لكنه ليس كذلك؛ إنه أزمة مُفتعلة، تُستخدم كشكل جديد من أشكال العقاب الجماعي للفلسطينيين.
وبينما يختار العالم مرة أخرى أن يغض طرفه، فإن ما يختفي داخل "مثلث برمودا" في غزة ليس الشاحنات وحدها.. بل أيضا قدرة الفلسطينيين على الصمود.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline